الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التفاحة الحكيمة

الحايل عبد الفتاح

2012 / 6 / 6
الادب والفن


05 2012

التفاحة الحكيمة

هذه تفاحة جميلة، طازجة وطيبة. رونقها يوحي بلذة طعمها، ولونها يوقظ في العين بشاشة النظرة وشوق الاصفرار. مستديرة الخد، شهية الفلج، جذابة الأطراف وساحرة التقويس. أما شهية أكلها فلا تنسى رغم بعدها عني.
في نفس الجائع غداء ولذة، وفي يد الشبعان ما هو فوق الجوع والشبع. ويستحيي لامسها بأن يفكر في شيئ من المطعم أو المشرب.
أعين الفنان لفرزها عارفة، ويضحى الجائع الملهف في أكلها زاهد.
لا نبش فيها ولا علا صفاء جلدها، سبحان من يخلق التفاح جميلا لذة للأعين، ويعدمه بأسنان حادة العض والنهم. فعجبت كيف يخلق التفاح بريئا فتلفق له بعد تهمة الجوع عقوبة الهضم والعدم؟
تتهافت الأيادي العارفة للمسها، ويقال أيضا أن اللمس محرم في تاريخ التفاح. وعيون أخرى بها شعرت وشوق لنظرتها لدى العشاق.
قالت التفاحة : يا معشر المحبين فلتعلموا، أنه لن يمسني إلا من صعبت عليه دلائل الحب ووسائل التبيان. في الجنة أنا ظهرت وفي حرية الإختيار خلقت. ويضيفون أنني أخرجت آدم وحواء من جنة الخلد بدون حق.
فليعلم من يلتهمني أو يتهمني بشقاء الخلق، أنني وجدت لينفذ في قطفي أمر وقضاء وقدر؛ ولست وحدي مسخرة في وقوع الخير والشر. فمن لا يصدق فليسأل العنب المعتق هل كان جده خمرا مسكرا أم أمه عسفت بها أيادي التخمير والطفح.
لا تلوموني في وضعي ولا تحسبوا أنني لابن آدم عداء. فالشر شر ما دام في الخير اختيار بين الجمال والقبح. وإن فتنت في الخلق فإن ربي بي عقل عالم، وإن غدوت جانية فالتفاح خلق للأكل.
فسمعت قولها بهذه المعاني، ففاض مني العقل فهما قبل النطق بالحكم.
فأطمعني الجوع بحسن رقتها، وحبسني الشبع ببهائها الرائع، وزادني في الإبهام حال العشاق، وأسقاني رحيق الحسرة حين شهدت هزمة المحبين الشجعان.
فقلت يا قلبي تمهل فإن للتفاح سيرة وتاريخ مشبوه في أعين الناس.
ففكرت وقدرت كم من تفاحة في السوق رأتها، فما أعجبني طعمها ولا راق لي بهتان حسنها. فرجع عقلي مخاطبا لعقلي : " إن التفاحة التي تراها كالأخريات في زمرة التفافيح المعتادة".
وقلت وقلبي عين مبصرة لبهائها: سلوك الوعر والأوحال من العواطف أخاف وأنا للشعر والزجل بالحب للرب أو الله قبل التفاح؟ وهل مثلي يهاب الجمال وأنا أعلم أن فوق التفاح يوجد الله الجميل؟
فقطفتها ثم هممت أكلتها برشفة قبل القبلة في النهد رغم النهي والتحريم. فأصبحت في أمرها مفتونا أنا الآن بقبلات التفاحة شارد في تحكيمي.

الحايل عبد الفتاح









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-