الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحراك الشعبي في الأردن

يوسف عكروش

2012 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


اللقاء الحواري الأسبوعي: الحراك الشعبي في الأردن ، يوسف عكروش
By Adeed Nassar and Yousef Akroush in يساري · Edit Doc
الحوار الأسبوعي رقم 15
عنوان الحوار: الحراك الشعبي في الأردن
ضيف الحوار: الرفيق يوسف عكروش
تاريخ الحوار: 20-5-2012
خاص مجموعة يساري

المداخلة

إن ثورة الشعب السوري البطل قد انعكست على وضع الحراك الشعبي إيما انعكاس ونعترف بالقول أنها قد أسهمت في زيادة تفتيت النخب وانقسامها مما أضرّ بشكل كبير في عملية تطوير الحراك وتوحيده.
لم ينقطع الحراك الشعبي والمطلبي في الأردن من سبعينات القرن الماضي وإن اتخذ أشكالا، تموجا صعودا وهبوطا منذ حراك الجامعات في أواخر السبعينات من القرن الماضي التي قادت الى زج عدد كبير من الماضلين في السجون مرورا بانتفاضة 1986 التى سقط فيها شهداء داخل حرم جامعة اليرموك، الى هبّة نيسان 1989 التي شملت الأردن طولا وعرضا وأسقطت الحكومة ونتج عنها حالة انفراج سياسي تبعه انتخابات نيابية تتسم بنسبة بسيطة من النزاهة ومشاركة شعبية واسعة. ومن نتائج هبّة نيسان اجراء بعض التغييرات كان أبرزها الغاء بعض القوانين في مقدمتها قانون مكافحة الشيوعية سيء الصيت والتراجع عن رفع الأسعار والدعم لبعض المواد الرئيسية وبعض القرارات الاقتصادية الهامشية. لكن هبّة نيسان لم تفرز حالة من المطالب السياسية المتبلورة باصلاح النظام أو تغييره ولم تسهم في منع انهيار العملة الأردنية. وقد جرى الالتفاف عليها في السنوات اللاحقة واجهاض كل مكتسباتها وصولا الى توقيع اتفاقية العار- اتفاقية وادي عربة. وقد تجدد الحراك وأفرز انتفاضة الخبز عام 1996 التي جائت عقب موجة رفع أسعار وتصرفت السلطات الحاكمة بهمجية لا مثيل لها وزجت الآلاف في السجون وأضطرّت تحت ضغط المطالب الشعبية الى التراجع عن القرارات والافراج عن كل المعتقلين. وفي هذه الفترات ولاحقا لم يتوقف الحراك وكانت المسيرات والمظاهرات تخرج بين الحين والآخر بشكل "مناسباتي" مثل مجازر قانا أو التضامن مع الانتفاضات الفلسطينية أو ضد حصار الشعب العراقي وكانت سمة هذه التحركات ليست سياسية بحتة بل كانت تشتمل على المطالب الوطنية المحلية مثل تحرير الأردن من التبعية السياسية والاقتصادية ورفع القبضة الأمنية والأسعار ورفض الخصخصة ووصفات صندوق النقد والبنك الدوليين والغاء اتفاقية وادي عربة.

وأستمرّ الحراك الشعبي وعلى نحو متواضع في النصف الأخير من عام 2010 متمثلا بتحركات المعلمين مطالبين باحياء نقابتهم التي تأسست في الخمسنات من القرن الماضي وجرى الغائها بعد فترة بسيطة، وعمال المياومة والكهرباء والموانئ خلال العام المنصرم، وقد تخلل هذه التحركات نشاطات بارزة مثل المسيرات والمشي الجماعي على الأقدام لمسافة 70 كم كما حدث في مسيرة المعلمين التي أطلق عليها مسيرة "أدما زريقات"- المعلمة الناشطة التى جرى فصلها ومعاقبتها.

ومع بداية الربيع العربي بدأ التحرك الشعبي يأخذ أبعادا جديدة من التضامن مع الشعب العربي الثائر في تونس وتوّج هذا الحراك بانطلاقة يوم السادس من كانون الثاني/ يناير 2011 بمسيرة التي أرّخت لبداية الحراك الشعبي الأردني في المرحلة اللاحقة التي لا زالت مستمرّة حتى اليوم. لقد رفع الحراك الشعبي شعار اصلاح النظام وهذا يتمثل بالمطالبة بنقلة نوعية على صعيد دستوري وتشريعي وبدأ الحديث عن صلاحيات السلطات وتوزيعها واعادة السلطة الى مصدرها وصاحبها الحقيقي – الشعب- والحديث عن اصلاح الدستور وغلى استحياء بدأ الحديث عن دستور جديد يكرّس فصل السلطات ، وحكومة منتخبة ومجلس أعيان منتخب وغيرها. لقد تصاعدت موجة المطالبات واستمرّت وبعد سقوط عصابة زين الهاربين في تونس ومن ثمّ سقوط مبارك في مصر أكتسب الحراك الشعبي دماء جديدة أسهمت في تعزيزه وتقويته واعطائه صفة الاستمرارية. ولا يزال الحراك الشعبي مستمرا ومتصلا حيث تقوم مظاهرات واعتصامات بشكل اسبوعي في كافة المحافظات.
واجهت الطغم والعصابات الحاكمة منذ البداية الانتفاضات والحراكات والمظاهرات والمطالب الشعبية بشن حملات شرسة وحشية قلّ نظيرها، تهدف الى كسر إرادة الجماهير االمنتفضة من خلال زج قوات دركية وبوليسية و عسكرية مجحفلة فاشية في المدن والريف والبلدات كما جرى يوم الخامس والعشرين من آذار 2011 على دوار الداخلية- عمان أو في تموز 2011 وأطلقت العنان لبلطجيتها وزعرانها ومجرميها في حرب تريدها أن تكون حاسمة. رافق ذلك حملات من التخريب الاعلامي وشراء الذمم ودفع الرشى المالية والوعود مختلفة الأشكال لأفراد وقوى ظلامية عرفت عبر تاريخها الطويل كأحتياطي لعصابات الحكم هذه والتي تتماهى بتركيبتها وبرامجها، حتى ولو أختلفت أيديولوجيتها ظاهريا وشكليا، مع عصابات الحكم وبعضها مندمج عضويا في بنية العصابات واستمراره مرهون باستمرار وبقاء هذه العصابات. و بالرغم من فداحة التضحيات إلا أن الحراك لا زال مستمرا ويتسع يوما بعد يوم وتتسع المشاركة فيه ويرتفع سقف مطالبه.

صحيح أن الحراك الشعبي الأردني لم يصلْ بعد في اتساعه وقوته إلى مستوى الحراك التونسي أوالمصري، وهنا تعود الأسباب لظروف تتعلق بالبنى الاجتماعية والارث التاريخي والجهد المبذول من عصابات الحكم على تفتيت هذه البنى والمحافظة عليها كبنى ما قبل مدنية والانقسامات العامودية للواقع الاجتماعي على نفسه على حساب الأفقية لكن الحراك الشعبي التونسي والمصري كان محفِزاً حقيقياً للحراك الشعبي الأردني الذي كان سيكون أقل بكثير مما هو عليه اليوم، ويحافظ على طابعة القطاعي الجزئي. لكن الظروف الموضوعية التي فجرت انتفاضتي تونس ومصر الشعبيتين تشبه إلى حد كبير الظروف الموضوعية في الأردن من أبرزها:
أ) بطالة الشباب وارتفاع مستواهم التعليمي في آنٍ معاً؛
ب) إفقار الشعب والارتفاع الفلكي للآسعار؛
ج) استشراء الفساد وتمتعه بالحماية السياسية وتحصينه على أعلى المستويات؛
د) التفريط بالثروات العامة وإخضاع البلاد متمثلا بالخصخصة؛
ه) التبعية للخارج ورهن القرار السيادي- السياسي والأقتصادي وحتى الثقافي- بقوى الهيمنة الخارجية؛
و) ممارسة التطبيع مع العدو الصهيوني والعمل على فرضه وتسويده؛
ز) - مصادرة الحريات العامة والقرار السياسي للمواطن؛
ح) اشتداد القبضة الأمنية وسيطرتها على كافة مفاصل الدولة دون استثناء.

مثلما حدث في تونس ومصر فان الحراك الشعبي في الأردن ارتبط الى حدّ ما بنشطاء منفردين من الشباب المدني المرتبط بالإنترنت عبر الفيس بوك وتويتر والمنتديات وقوائم الإيميل الشخصية غير المقيد بالقوى والأطر والقيادات التقليدية للمعارضة، وبأن ذلك الشباب سبق تلك القيادات والقوى في: 1 – اشعال شعلة الحراك 2 – مشاركة فاعلة وقيادية للمرأة في الحراك الشعبي، 3 – إبتداع شبكات ووسائل جديدة لتنظيم النشاطات والحراكات 4 – رفع السقف السياسي للحراك والمطالب في الشارع وداخل القوى المعارِضة نفسها، 5 – مشاركة مواطنين من خلفيات متنوعة وأعمار مختلفة في الحراك.

يتسم كذلك الحراك بوجود قوى وشخصيات انتهازية ما فتئت تحاول امتطاء ظهر الحراك الشعبي إما لتحقيق أجندات شخصية أو ضيقة، وإما لحرفه عن هدف التغيير الجذري، وكذلك غياب حركة ثورية منظمة تقود الحراك على هدي برنامج واضح للتغيير الحقيقي.، وكذلك غياب عمل جبهوي يوحد صفوف الحراكات بالرغم من أن هناك بوادر ولجان تنسيقية تعمل على ذلك في الشهور القليلة الماضية.

ان وقوف القوى الحزبية التقليدية مواقف لا أقل من القول أنها بعيدة كل البعد عن الشارع ومطالبه وتذيل تنظيمات "ديمقراطية" و "يسارية" الى جبهة العمل الاسلامي وشخصيات خرجت من رحم النظام وعدم اتخاذ مواقف جذرية واضحة وبرامج حقيقية لقيادة الشارع أسهم في تعميق عزلتها وحلّت محلّها قوى جديدة ولكنها ليست ناضجة وليست في مصلحة الوطن على المدى القادم وهي جهوية ومناطقية. صحيح أنها تتبنى مطالب شعبية محقة ولكن، إن لم يتم العمل على اعادة صياغتها وتوحيدها وصهرها في بوتقة جبهة وطنية عريضة فانها لن تقود الى ما نصبو اليه من اصلاح حقيقي للنظام ووضع دستور جديد يقود الى بناء دولة مدنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحلة مؤثرة تتهافت عليها شركات صناعة السيارات العالمية | عالم


.. عريس جزائري يثير الجدل على مواقع التواصل بعد إهداء زوجته -نج




.. أفوا هيرش لشبكتنا: -مستاءة- مما قاله نتنياهو عن احتجاجات الج


.. مصدر لسكاي نيوز عربية: قبول اتفاق غزة -بات وشيكا-




.. قصف إسرائيلي استهدف ساحة بلدة ميس الجبل وبلدة عيترون جنوبي ل