الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انقذوا عصافير وزهرات غزة من الجزارين

عبير عبد الرحمن ثابت

2012 / 6 / 6
حقوق الانسان


رحلة من العذاب يعيشها أهل غزة حينما يفكروا فى الذهاب لمستشفيات غزة الحكومية للعلاج .. ليقابلوا طواقم طبية لا تحمل من مهنة الطب إلا لباسها الأبيض والذي يشاركوا به الجزارين.. ولعل الجزارين يقوموا بمهامهم أفضل منهم .

تجربة شخصية عشتها بابنتي الصغيرة ... مسلسل من الأحداث المؤلمة تبدأ منذ دخولك قسم الاستقبال للأطفال .. كانت حرارتها 39.5 وتأن بين يدي .. والموظف لا يسأل ما شكواها بل اذهبي واحضري تذكرة للطفلة .. ولا يهم تلك العصفورة الصغيرة التى تأن بصوت يمزق كل شئ جميل فى هذه الدنيا .. فالأوراق أهم من أنينها .. فأصبح كل شئ أغلى من الإنسان حتى الأوراق .

ففى كل مستشفيات العالم يعالجوا المريض .. وأنت تقوم بالإجراءات الإدارية .. إلا نحن المميزون حتى فى تخلفنا الادارى .. يجب أن ننهى الإجراءات ومن ثم نتعالج .. وإن مات المريض فقضاء وقدر .

وكَاتب التذكرة وما أدراك ما الكاتب لديه نفسية وزير .. يطلب أوراقك الثبوتية وكأنك على حاجز إسرائيلي .. ومن ثم يرميها عليك وكأنك فلاشا لديك من الأمراض المعدية المعدومة العلاج .. وحينما تحاول أن تتحدث مع أحد يستنفر فقد تخطيت خطوطك الحمراء .. ويأتي وقت الجزار الأكبر (الطبيب) .. ممنوع أن تتكلم وإن حاولت وصف حالة مريضك فينظر إليك بتهجم وكأنك أخطأت فى ترتيل آيات قرآنية ... ويكتب الوصفة العلاجية بفحص سريع وبتأفف وعنجهية وكأنه هو المندوب الصحي الالهى .. فنحن فى زمن مندوبين الله على الأرض .. فليس فى السياسة فقط .. بل فى كافة مجالات الحياة .. أصبح مندوبين للرب .

معاناة لا توصفها كل الأبجديات .. طفلك بين يديك ويتألم .. زهرة صغيرة تذبل ولا تستطيع أن ترويها ببعض دموعك .. عصفورة بريئة تأن .. لا تقوى من شدة الألم على الصراخ أمام وحوش بيضاء .. وهم يطلبوا بأن يرتفع صوت الأنين .. فأنينها موسيقى عذبة تطربهم .. سمفونية بحيرة البجع تشدوا على آذانهم المعجوفة .. ويرغبوا فى المزيد .. فى هذه اللحظات لا تقوى على أن تقول يا رب .. خوفا من أن تفهم بأنك تشكوهم لله .. فيرفضوا علاج طفلك .

ما ذنب هؤلاء الأطفال أن يحيوا هذه الآلام .. وما ذنبنا أن نقف عاجزين أمام أنين أطفالنا .. ومسؤولية مّن المحافظة على هؤلاء الأجيال الصغيرة .. التى ستحمل على عاتقها مشروعنا الوطنى برمته .. ونحن لا نمجد فى عدونا .. لكن الكثير ممن ذهب للعلاج فى المستشفيات الإسرائيلية .. عاد منبهر من المعاملة الإنسانية التى يتلقوها من الطواقم الطبية هناك .

فأين وزارة الصحة .. وأين دائرة الرقابة من هؤلاء .. أين مؤسسات حقوق الإنسان .. هؤلاء المرضى بشر وضمن مسؤولياتكم .. لما لا تشكل طواقم مراقبة على عمل المستشفيات ويتم تغييرها كل فترة حتى لا ينسجوا علاقات معهم ويصبحوا مع الوقت جزء منهم .. لماذا لا تهتم مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات حقوق الإنسان بالمستشفيات وما يحدث بها .. أين الكُتَاب والصحفيين وكافة وسائل الإعلام .. لماذا لا يسلط الضوء على عمل المستشفيات .. فكل يوم يموت مرضى نتيجة أخطاء طبية .. وتغلق الملفات ضد مجهول .. الجميع مشغول بالشأن السياسى .. وهؤلاء الجزارين متروكين يذبحوا ويسلخوا بأبنائنا بدون عقاب .. ونحن لا حول ولا قوة لنا .

لكل المسئولين عن القطاع الصحي والإعلامي فى غزة ... أنقذوا أهل غزة من هؤلاء الجزارين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ضحايا العروبة والاسلام ..
امير ( 2012 / 6 / 6 - 21:54 )
وم راضين على دولةاسرائيل ؟! لماذا لايقارنون انفسهم مع عرب 48!!


2 - صدقت يا استاذ امير
بشارة خليل قـ ( 2012 / 6 / 7 - 17:06 )
لولا التأمين الصحي في اسرائيل لكانت الاوضاع جد مأساوية بالنسبة لعرب 48 (وانا منهم) اولا لانهم الاقل ثقافة صحية والاكثر تزمت وعزة فارغة وثانيا لانهم الاكثر انجابا والاقل سماحا للمرأة بالعمل وبالتالي فان اوضاعهم المادية تبقى اقل من الوسط اليهودي بالرغم من تأمين الدخل للعاطلين عن العمل الذين يهرعون الى مكاتب المؤسسة((الصهيوني)) كل اخر شهر للحصول على حقوقهم بالتساوي مع المواطن اليهودي..ثم يعودوا الى بيوتهم يسبون ويلعنون ويبصقون بالصحن الذي اكلوا منه..هذه هي طبائع أخرى امة اخرجت للناس

اخر الافلام

.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة


.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 




.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط