الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين -عدالتيْن-

محمد أبوعبيد

2012 / 6 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


"العدالة" في مصر لم تحاكم مبارك على قدْر الثورة. والثوار في ليبيا لم يحاكموا القذافي على قدر العدالة. مشهدان حتماً يقضان مضجع الباحثين حقاً عن عدالة ضمن دولة يشعر فيها المرء أنه مواطن لا أقل من اللازم ولا أكثر من الواجب.
لعله يحق للكثير من الثائرين المصريين أن يصابوا بخيبة أمل من الحكم الذي أصدرته المحكمة على الرئيس المخلوع حسني مبارك، خصوصاً أن الأحكام الأخرى برّأت أشخاصاً رافقوه حُكماً، واُسْرةً، وأسراً. فبدا، لهؤلاء الثائرين، كأن الثورة التهمتْ نفسها وانتحرتْ، في وقت تبلغ القلوب الحناجر لدى الكثير منهم خشية وصول أحمد شفيق إلى الحكم.
إذنْ، قد تخالج المرء أحاسيس بأن "العدالة" المصرية لم تحكم في قضية مبارك ونادِيه على قدر ما كانت من أجله ثورة 25 يناير، في ظل تخوفات لدى الكثيرين من أبناء مصر من أن يعيد النظام السابق أنتاج نفسه، وما قد يتمخض عن ذلك لاحقاً. ربما لو وقعت "العدالة" في أيدي "الثوار" لكان لها رَجْع آخر، لكنه قد يكون مخيفاً في الوقت نفسه خصوصاً أن فوران الدم، في العادة، يقود دفة الثائر، ما قد يوقعه في منزلق تأباه الثورة ذاتها مثلما حصل في ليبيا.

لقد تولى "الثوار" في ليبيا محاكمة معمر القذافي محاكمة لا تمت إلى العدالة بصلة، وهذا لا يعني أن القذافي لا يستحق أقسى الأحكام، لكن لا تصبح العدالة على مسماها إن وقعت في أيدي من لا يجيدون تطبيقها وأحكامها، خصوصاً أن هؤلاء ذاقوا الويلات من القذافي باستبداده وطغيانه، وهذا يبعث دائما الخوف من أن تتولى العاطفة والنزعة إلى الثأر دفة الأمور، وهو ما حصل تماماً.

إن اللوم يقع على من ثار ضد الظلم وانعدام القانون ثم يمارسه بدوره حين يتسنى له ذلك. لا ريب في أن القذافي اعتُبر، حينها، غنيمة دسمة في أيدي "الثوار"، لكن كان من الواجب، وفقاً لمبادىء أية ثورة، أن يُسلم للقضاء، ويمثل أمام قاض عادل وهو في قفص الاتهام، ثم يُتلى عليه النطق بالحكم وفقاً لما تكون عليه "عدالة ليبيا"، حينها ينجون أنفسهم من خطيئة منح القذافي تعاطفاً لا يستحقه بسبب المشهد الذي ظهر فيه العقيد قبل موته وبعده.

لعل المرء يتقبل حكم الإعدام على مذنب لكن من خلال القضاء، لكن لا يتقبل صفعة خدّ له غير قانونية. النتيجة أن "ثوار" ليبيا لم يحاكموا القذافي على قدر العدالة، تماماً مثلما "عدالة" مصر لم تحاكم مبارك وناديَه على قدْر الثورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل صغيرة منسية.. تكشف حل لغز اختفاء وقتل كاساندرا????


.. أمن الملاحة.. جولات التصعيد الحوثي ضد السفن المتجهة إلى إسر




.. الحوثيون يواصلون استهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل ويوسعون ن


.. وكالة أنباء العالم العربي عن مصدر مطلع: الاتفاق بين حماس وإس




.. شاهد| كيف منع متظاهرون الشرطة من إنزال علم فلسطين في أمريكا