الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملتقى بني وليد القبلي.. إستنساخ لثقافة هدامة

محمد عبعوب

2012 / 6 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


منذ قيام انتفاضة الشعب الليبي ضد حكم الطاغية في السابع عشر من فبراير 2011م و إسقاطه في أغسطس من نفس العام بتحرير العاصمة طربلس من بقايا أزلامه، كان شبح الفتنة القبلية والتعصب القبلي يلقي بظلاله المظلمة على ليبيا وينذر بشر مستطير يهدد بدفع البلاد الى اتون صراعات عبثية ملتهبة تأتي على ما تبقى من حطام هذا الوطن عجز الطاغية عن تدميره، لكنه فخخه بقنابل موقوته، يعمل اليوم بقايا أذنابه على إشعال فتيلها من خلال إقامة محاور وتحالفات قبلية تستهدف تفجير حروب قبلية وجهوية وعرقية في أرجاء البلاد، تلغي وطنا اسمه ليبيا من الوجود، تحقيقا لنبوأته التي أطلقها لحظة احتظار نظامه على يد الشعب ..

لقد لعب النظام المنهار ورقة القبلية ببراعة نادرة مكنته من تفكيك تلاحم المجتمع الليبي طيلة العقود الاربعة الماضية، وأحيا سلبيات الانتماء القبلي في النفوس ونفخ في كل جذوة خلاف بين القبائل كانت في مرحلة الاندثار بحكم التقادم، وأعاد اوارها من جديد مستخدما ضعاف النفوس والمرضى بالزعامة من افراد مغمورين في قبائلهم ليكونوا أدواته المنفذة لكل مخططاته الاجرامية لبث الفرقة والتطاحن و الخلاف بين القبائل، وكان ابن عمه خليفة حنيش المعروف بجهله وعقده القبلية أداته الفعالة في إدارة وتفعيل سلاح القبلية والتطاحن القبلي ليسهل لسيده حكم البلاد وتدمير بنيتها الاجتماعية وتحويل الشعب الليبي الى قطيع يتطاحن ولا يشعر بالأمان إلا في ظل وجود سيده الطاغية.

وإذا كان الطاغية قد تمكن خلال 42 عام من حكمه الفردي من إدارة سلاح القبلية القذر بما يخدم امنه ومصالحه، وتفكيك بنية الانتماء الوطني في وعي الليبيين، فإن آثار هذه الجريمة لم تندثر بعد ولا زالت باقية في وعي شريحة مهمة من الليبيين، خاصة بين القبائل التي كانت تحظى برعايته وتنعم بمشاركته في السلطة ولو بشكل رمزي. فقبل أيام أعلنت جماعات من القبائل التي تشربت مقالب الطاغية وتشبعت باطروحاته القبلية الهدامة ونافحت عنه الى آخر لحظة، أعلنت عن عقد ملتقى لها في بني وليد اليوم الخميس يستهدف تشكيل تحالف مغلق فيما بينهم تحت شعار براق يناقض حقيقتهم كقوى قبلية مفاده "توظيف اللحمة الاجتماعية لبناء الدولة المدنية". هذا النوع من التجمعات القبلية كان ينظمها الطاغية سنويا للمرضى بوهم الزعامة من ضعاف النفوس المتعصبين والمتشبعين بروح القبلية المتخلفة لاستخدامهم في فرض سيطرته على الشعب الليبي ووأد أية انتفاضة تقع ضد نظامه في اي منطقة.. هذا الملتقى الذي من المقرر انعقاده اليوم الخميس في بني وليد لن يكون إلا استنساخا لتلك السياسة الهدامة التي طالما استعمل الطاغية فيها القبائل لقمع اي انتفاضة فردية او جماعية تظهر هنا او هناك ضد نظامه.. والقبائل التي اعلن منظمو هذا الملتقى عن مشاركتها، وهي معروفة بوقوفها الى جانب الطاغية خلال انتفاضة 17 فبراير، يجب ان تكون في الصورة الحقيقية لهذا الملتقى المشبوه وتبادر الى إعلان موقفها الواضح من هكذا ملتقيات تجاوزتها الاحداث، وان تبادر للتبرؤ من اي فرد يمثلها فيه، إذا كانت قد آمنت فعلا كقبائل بالتغيير الذي أنجز لنقل البلاد من حالة اللادولة الى دولة القانون والمؤسسات.. فليبيا بعد 17 فبراير لن يكون فيها مجال للقبلية او العرقية او الجهوية التي طالما استعملها الطاغية لضرب تلاحمنا كشعب واحد تربطه اواصر الانتماء الى وطن اسمه ليبيا، لا مكان فيه للقبلية أوالعرقية او الجهوية ، وطن تذوب فيه كل الانتماءات الضيقة وتسموا فيه النفوس على كل الحساسيات التي كانت سلاح الطاغية الفعال في تفكيك تلاحمنا وانتمائنا الوطني الذي فقدنا الاحساس به طيلة العقود الاربعة الماضية..

إن هذا الملتقى القبلي المشبوه يجب ان يكون مناسبة لدفن ثقافة القبيلة المقيتة والمتخلفة وتعرية كل المؤامرات التي تنسج في الظلام من قبل بقايا اتباع الطاغية الذين لا زالوا يصادرون صوت قبائلهم ويجيرونه لإثارة الفتن والعنف القبلي بإقامة محاور جديدة للشر والفتنة تتخذ من بعض القبائل ستارا لها، مستغلة بعض الحوادث المعزولة التي تجد هنا او هناك للزج بقبائل بعينها في مواجهات يتم تجييرها لخدمة أجندات أجنبية ومحلية تستهدف امن واستقرار ووحدة ليبيا والحيلولة دون إقامة دولة مؤسسات ديمقراطية فيها..

إن الرد الحاسم والفاعل على هكذا مؤامرات يجب ان يكون في الشارع الليبي بخروج مظاهرات سلمية في كل المدن والقرى الليبية تندد بمثل هذه النشاطات المشبوهة، وقيام منظمات المجتمع المدني بتنظيم ندوات ومهرجانات لتوعية الناس بمخاطر السير وراء هكذا دعوات تستهدف تشويه انتمائنا الوطني وزرع الشقاق وعدم الثقة بين مكونات المجتمع الذي لم يشف بعد من مرض القبلية والانتماءات الضيقة التي زرعها فيه الطاغية ولا زالت تعيقنا عن الانطلاق لبناء ليبيا الجديدة .. ليبيا لكل مواطنيها دونما إقصاء على اية خلفية.. لقد آن الأوان للبدء في إعادة بناء الانتماء الوطني من جديد في وعي افراد مجتمعنا وتطهيره من أدران الانتماءات الضيقة التي يمثل هذا الملتقى أحد وجوهها الكريهة.. وهذا الهدف لن يتحقق في ظل وجود دعوات او تكتلات ذات مرجعيات وخلفيات قبلية او عرقية او جهوية لأن هكذا مرجعيات تتنافى وتتقاطع مع الانتماء الوطني الذي يسمو فوق كل انتماء ضيق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مخلطه
ليبي ( 2012 / 6 / 7 - 19:19 )
قلي بربك واصدقني في حديثك على اي اساس تريد بناء ليبيا الغد هل على اساس ديني وان كان كذلك فعلى اي مذهب سني اباضي سلفي اخواني ام على اساس عرقي فاي قبيلة ستحكم ام على اساس الحدود والثقافة الموروثتين عن الاستعمار الايطالي البريطاني الفرنسي


2 - رد الى الليبي
محمد عبعوب ( 2012 / 6 / 9 - 12:18 )
شكرا أخي الليبي على الإطلالة الكريمة.. وحول وجهة نظري في الاسس التي يجب ان تبنى عليها ليبيا، أقول لك وبصدق يجب ان تبنى على الاساس الوطني المتجاوز لكل الانتماءات الجهوية والعرقية والقبلية، بمعنى ان نعلن ونفتخر ونمارس حياتنا كليبيين، وان تكون مرجعيتنا وطن اسمه ليبيا وليس القبيلة مهما كان عدد افرادها او اتساع رقعة انتشارها، اما قولك عن الدولة الدينية فأنا شخصيا ارفض تسييس الدين، اي يجب ان يكون الدين بعيدا عن السياسة، فهو عقيدة ونص مقدس غير قابل للتغيير، فيما السياسة لا ثبات فيها بل تحركها المصالح ، واعتقد اننا كمسلمين يجب علينا الا نضع عقيدتنا في مهب الاهواء والمصالح السياسية.. اما القبيلة والعرق فلم اسمع انهما قد اقاما دولة على الاقل في التاريخ الحديث، والتنوع على اي صعيد يحسب كقوة إضافية لأي دولة، يثري الحياة فيها ويغني التنافس الاقتصاد بين مكوناتها ويثري الفكر ومن هنا أرى ان الحديث عن الاصطفافات القبلية والمحاور الجهوية لن يبني ليبيا بل سيدفعها للدمار .. بخصوص الحدود لا اعتقد أننا اليوم قادرين على تغييرها، بل نكون انجزنا شيئا عظيما لو حافظنا عليها وحلمك قد يحققه ابناءنا ..

اخر الافلام

.. لحظة سقوط صاروخ أطلق من جنوب لبنان في محيط مستوطنة بنيامين ق


.. إعلام سوري: هجوم عنيف بطائرات مسيرة انتحارية على قاعدة للقوا




.. أبرز قادة حزب الله اللبناني الذين اغتالتهم إسرائيل


.. ما موقف محور المقاومة الذي تقوده إيران من المشهد التصعيدي في




.. فيما لم ترد طهران على اغتيال هنية.. هل سترد إيران على مقتل ن