الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن شبح التغيرات والحلف الأطلسي والإسلام السياسي 3

زكرياء الفاضل

2012 / 6 / 7
مواضيع وابحاث سياسية



الإسلام السياسي:
لا أريد، في هذا الجزء، اتهام أحد بالتواطئ مع مخططات الحلف الأطلسي، رغم الحلف التاريخي لهذا التيار مع الغرب بأفغانستان ضد السلطة الشعبية، لكن ما هو مؤكد أنّ تيار الإسلام السياسي إذا ما وقع بين خيارين أحلاهما مر بالنسبة له: التحالف مع اليسار الوطني أم مع الغرب؟ فالمرجّح أنه سيختار الغرب على اليسار، وذلك لاعتباره اليسار الوطني أشد كفر من الغرب. والمسألة هنا غير متعلّقة بالإيمان والعقيدة، وإن كان هذا الغطاء الديماغوجي الخارجي، بل هي قضية توجه اقتصادي-سياسي. فعداء تيار الإسلام السياسي لليسار الحقيقي ينبع من عداء طبقي مبني على الصراع من أجل البقاء. فالكل يعلم أن قاعدة هذا التيار تتكون أساسا من الطبقة البرجوازية الصغرى أو المتوسطة (تجار، حرفيين، أساتذة، أطباء، محامون..) أي من أولائك الذين لهم طموحات برجوازية شخصية صرفة، وتقودهم البرجوازية الكبرى التي تملك ما قد تفقده في حالة قيام سلطة شعبية تبني اقتصادها على دور المؤسسات العمومية. أما الدين فهو الدرع الواقي أو لنقل، بصراحة، الديماغوجية التي يستحوذون بها على مشاعر الناس قبل عقولهم. وممتلكات الإخوان المسلمين في مصر، مثلا، خير شهيد على هذا الطرح. فالإخوان المسلمون في مصر يمتلكون شركات ومدارس ومستشفيات وعقارات، وكلها ليست لله في سبيل الله، بل هي سلاح (تستقطب به المحتاجين والمعوزين على نهج المرشحين البرجوازيين في الحملات الانتخابية) خاضت به معاركها ضدّ السلطة المصرية بداية بجمال عبد الناصر، فأنور السادات، ثم حسني مبارك. وقد نستثني الأول لما حاول نهجه من اشتراكية، وإن كان فيها نظر، لكن بالنسبة للسادات ومبارك فإنه لا يمكن القول بأن الجماعة كانت تصارع النظام، بل كانت تتصارع مع منافسيها على السلطة داخل النظام، إذ هي لم تأتي بجديد، كعبد الناصر مثلا، بل تحاول تزيين النظام الرأسمالي بجبة الحلال. وقد بيّنت في مقال سابق، متواضع جدا، تحايل الأبناك الإسلامية على المواطنين مستغلة في ذلك قناع الدين. واختياري لهذه الأبناك لم يكن من باب العبث أو الصدفة وإنما جاء عن وعي وقناعة بأنها الوجه الذي يظهر حقيقة الرأسمالية من جهة،ويبيّن ماهية هذه المؤسسة المالية الطفيلية وغير المنتجة من جهة أخرى، وتكشف عن التوجه الجديد للمونوبول الرأسمالي العالمي نحو سوق الأوراق المالية أي الابتعاد عن الإنتاج.
بالطبع لست هنا موضع تشريح البنية الاجتماعية للتيار الأوصولي، ولا بصدد دراسة اقتصاده االإسلامي المزعوم، فهذه أمور باتت واضحة للكثيرين. بيت القصيد في هذا المقال المتواضع كشف الستار عن المسكوت عنه في الانتفاضات العربية ودور تيار الإسلام السياسي في مخططات الحلف الأطلسي.
لقد شهدت ميادين الربيع العربي في كل من تونس ومصر وسوريا و..المغرب (على خصوصيته واستثنائه) تواجد القوى اليسارية والعلمانية بقوة، كما تميّز الربيع بعدم مشاركة الإسلام السياسي فيه إلا بعد اشتعال ناره واشتداد لهيبه، وقد تكون ليبيا واليمن الاستثناءان الوحيدان لحد الساعة من هذه القاعدة. وهذا يعني أن الغرب بات أمامه ثلاث قوات أساسية على مسرح أحداث بلدان الربيع:
أ – اليسار وهو منبوذ أساسا من قبل الغرب وجهازه القمعي (الحلف الأطلسي) لتناقض الأسس الاقتصادية للنظامين وتضارب المصالح بينهما.
ب – العلمانية وهي شقّان: اليسار وتحدثت عنه؛ الليبراليون وهم وإن كانوا يعتنقون نفس الرؤية الرأسمالية الغربية لنمو المجتمع إلا أن توجّههم هذا سيشكّل عقبة صعبة المنال لتحقيق أهداف الحلف الأطلسي، إذ لن تكون له ذريعة يحتج بها كي يعطي مشروعية لاحتلال البلاد، ثم تقسيمها حسب مصالحه. لذلك فالليبرالية هي العائق في طريق وصول الليبراليين للحكم ببلدان الربيع العربي.
ج – الإسلام السياسي وهو لا يتناقض من حيث المذهب الاقتصادي الرأسمالي مع الغرب، لكنه يمتلك طموحات لإحياء إمبراطورية الخلافة وهذا يتناقض ومصالح الغرب الاقتصادية. لهذا وقع الاختيار عليه، حيث أنه سيعطي مشروعية لعدوان الحلف الأطلسي على هذه البلدان تحت ذريعة إنقاذ الديمقراطية والحرية، ثم افتعال تقسيم البلدان التي يرى أنه من صالحه فكّ وحدة ترابها الوطني. ولنتذكر تقسيم السودان في ظل حكومة العقيد البشير وهو ذو توجه أصولي، وكذلك العراق، ولو تحت سيناريو الإثنية، عمليا شماله (إقليم كردستان) منفصل عن باقي الدولة. ولننتبه لما بدأت بوادره تظهر باليمن، حيث أخذ بعض النشطاء يتحركون في اتجاه نزع بعض الأراضي السعودية الجنوبية، والحقيقة أنهم لعبة في يد الحلف الأطلسي الذي يطمح منذ عقود إلى تفكيك السعودية إلى ثلاث دويلات (بالشمال والوسط والجنوب وقد كتبت مقالا بهذا الخصوص منذ بضع سنوات نشر بهسبريس المغربية). لست هنا بصدد الدفاع عن السعودية الدولة التيوقراطية، فتوجهاتي السياسية معروفة لقراء الحوار المتمدن ولم تتغير بانهيار الاتحاد السوفياتي، كما هو الشأن للعديد ممن كانوا يدّعون الرفاقية، ولن تتغير ما حييت. كل ما في الأمر أنني أحاول التنبيه، قدر المستطاع، لمكائد المونوبول الرأسمالي العالمي وتحفيز اليسار الحقيقي على تحمل مسؤوليته التاريخية أمام الوطن. فنحن نرى كيف استطاع الغرب أن يحقق أهدافه الاستراتيجية في مصر بإفراز مرشحين، من نفس النظام، للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية حتى يفوز ممثل الإخوان المسلمين، لأنه من الواضح أن المصريين، في غالبيتهم الساحقة، لن يقبلوا بالفريق أحمد شفيق رئيسا لهم لارتباطه الوثيق بسلطة حسني مبارك. فهل فعلا للشعب المصري حرية الختيار؟ وحتى تتبدد شكوك البعض أذكرهم بالحرب على غزة. فوصول حماس للسلطة لم يكن صدفة، بل نتاج مخطط جهنمي نفّذ بعبقرية يحسد أصحابها عليها للحيلولة دون الاعتراف بالدولة الفلسطينية رسميا. ونحن اليوم نتيجة لهذا المخطط أمام فلسطينان: الضفة الغربية وقطاع غزة. فلمن نعترف؟ وهذه هي النتيجة المطلوبة لأصحاب تفكيك الوحدة الفلسطينية.
إذن وصول تيار الإسلام السياسي للسلطة مخطط إمبريالي يستهدف استقلالية شعوبنا وسيادتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات