الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر أمانة في عنق المجلس العسكري

سعيد علم الدين

2012 / 6 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


رغم كل أخطاء وحسنات، وفشل ونجاحات، وطموحات ومغامرات، وهزائم وانتصارات الرئيس المصري الكبير والزعيم القومي العربي التاريخي جمال عبد الناصر، إلا أنه يكفيه فخرا أنه ترك على العموم الأمانة بضمير مرتاح، أي مصر العزيزة:
دولة وشعبا وجيشا بخير لخلفه الرئيس الشهيد أنور السادات.
ورغم كل أخطاء وحسنات، وفشل ونجاحات، الرئيس أنور السادات، إلا أنه يكفيه فخرا هو الآخر أنه أعاد سيناء بعد حرب أكتوبر الموفقة وترك الأمانة بضمير مرتاح، أي مصر العزيزة:
دولة وشعبا وجيشا بخير لخلفه الرئيس مبارك.
ورغم كل الأخطاء وفساد نظام الرئيس السابق حسني مبارك، إلا أنه يكفيه فخرا أنه ترك الأمانة، أي مصر العزيزة:
دولة وشعبا وجيشا بخير لخلفه المجلس العسكري بقيادة المشير طنطاوي.
مصر تهمنا جميعا نحن العرب كما تهم المصريين. مصر هي العامود الفقري للعالم العربي. ان نهضت نهضنا من المحيط الى الخليج وان كبت لا سمح الله كبونا وتفرقنا. والدليل على ذلك انه بعد خروج مصر من الصراع العربي الإسرائيلي انتهى فعليا هذا الصراع متحولا الى نزاعات عربية متتالية وحروب اهليه متناسلة لا تريد ان تنتهي . واسرائيل اليوم ويا للاسف تنظر الينا بكل راحة واستراحة ونحن نتخبط في الانقسامات والصراعات من فلسطين الى لبنان الى العراق الى ليبيا الى السودان، أما سوريا فمأساتها على يد بطل الممانعة المزيف بشار قاتل الاطفال فاقت كل الأوصاف.
لو ان مصر لم يتراجع دورها القيادي العربي والافريقي تراجعا مخيفا في عهد مبارك لوفرنا على منطقتنا الكثير من المآسي، ولما ظهرت ملالي ايران بسياستها الاستفزازية العنصرية الاستعمارية لتغذي الحروب والمآسي بيننا بالفتن والسلاح وشراء العملاء.
ولهذا فمصر العظيمة بتاريخها وشعبها ووزنها وثقلها ومركزها الاستراتيجي هي اليوم أمانة غالية في عنق المجلس العسكري وعليه أن يسلمها بكل تؤدة وحرص وحذر الى يد أمينة صادقة مخلصة تحافظ برموش العيون عليها: دولة وشعبا وجيشا، وتعمل بصدق على تقدمها ورفعتها وعزتها ووحدتها وازدهارها واستقرارها وإعادتها كما كانت في أيام عزها، بل افضل، لتأخذ دورها الطليعي الإفريقي الريادي والعربي القيادي في منطقتنا المحاطة بأصحاب النوايا السيئة والمؤامرات الدنيئة، المتخبطة في المشاكل والأزمات والحروب المتنقلة من بلد الى آخر، التواقة الى الحرية والديمقراطية والعيش الكريم، والمتعطشة في هذه الظروف المصيرية الحرجة الى مصر الفاعلة في الأحداث وليس المنعزلة المتفرجة كما كانت ايام مبارك.
شيء طبيعي أن يسلم المجلس العسكري السلطة لمن ينتخبه الشعب.
ومع احترامي الكامل لذكاء شعوبنا وتوقها الى الحرية والديمقراطية. ولكن لا بد من طرح السؤال التالي:
هل شعوبنا الخارجة توا من أنظمة الدكتاتورية والقمع وتحالف الاستبداد السياسي والديني لعقود طويلة، وذات العاطفية الدينية المتجذرة والعميقة بالسليقة، والتي ممكن جدا أن تؤثر على خياراتها الشعارات البراقة، والتي لا تمر هذه الأيام بظروف طبيعية، جاهزة لانتخاب الشخص المناسب لقيادة البلاد بحيادية ومصلحة وطنية بعيدا عن تأثير الشعارات الدينية البراقة؟
مصر تمر في مرحلة انتقالية حساسة وخطرة على مصيرها ولأجيال قادمة، والحساد من نجاحها كثر، والشامتون بخراب البصرة لا سمح الله أكثر، والمصطادون في المياه العكرة هم أكثر من كثر.
ولهذا يجب على رجال الدولة من مجلس عسكري وقضاة وساسة حكماء ان لا ينقادوا لصخب المظاهرات والاعتصامات وما يسمى مليونيات تحركها أصحاب العقول الحامية المندفعة الى المجهول، وانما فقط العقول الهادئة العاقلة صاحبة النظر العميق البعيد والاستراتيجي السليم هي التي يجب ان تقود مصر في هذه المرحلة.
لأنها ان استلمتها أيدي تريد ادخالها في تجربة فاشلة، فعلى ثورة الشباب العصرية الأبية وعلى الديمقراطية المصرية الفتية السلام وسنعود متقهقرين الى قرون الماضي والتخلف والانحطاط والظلام.
يجب أن لا ننسى بأن الديمقراطية الناشئة تشبه حمل وديع لا بد من حارس قوي متيقظ لحمايته من الوحوش المفترسة، وإلا أكله الذئب ومزقه بأنيابه الحادة. تماما كما حدث للديمقراطية الألمانية الفتية في ثلاثينيات القرن الماضي عندما مزقها الذئب النازي بأنيابه وحولها الى دكتاتورية عدوانية شمولية عنصرية شرسة تسببت بتفجير أتون الحرب العالمية الثانية وما تبعها من ويلات وكوارث على الإنسانية جمعاء ومنها المأساة اليهودية التي ادت على يد النازيين الى حرق الملايين.
ولو ان الديمقراطية التركية ومنذ نشأتها في عشرينيات القرن الماضي لم تكن محروسة معظم الوقت من العسكر، لكانت تركيا اليوم أشبه بالدول الاسلامية المتخلفة الأخرى كباكستان وايران ومصر وسوريا والسودان بأنظمتها البالية المهزوزة وحكامها المستبدين.
وللاسف فإن تجاربنا مع الاسلام السياسي وليس الديني:
السني والشيعي، من السودان مرورا بلبنان الى ايران وباكستان، المتحفز دوما لاستلام الحكم وبشتى الوسائل ومنها العنفية الدموية، وبسط السيطرة الشاملة على الدولة والوصاية على المجتمع هي تجارب مريرة جدا وفاشلة ومحبطة بل ومدمرة.
أريد ان أركز قليلا على تجربتنا مع الاسلام السياسي الشيعي وليس الديني بقيادة حزب الله في لبنان. هي تجربة صبغتها شعارات الكذب والدجل والخداع والنفاق. وباسم ما يسمى مقاومة انتهت الدولة الى دويلة ورجالها الى دمى بين يدي نصر الله وايدي اسياده في ايران وسوريا. وهكذا اسقطوا حكومة الحريري ونصب نصر االله ميقاتي رئيسا لحكومة تابعة لمحور ايراني سوري لا يحمل بذور الخير، وانما الشر والحقد والتعطيل والفوضى والقتل.
ألا يكفينا موقف ملالي ايران الظالم والمشارك في قتل الآلاف من ابرياء الشعب السوري المسالم. حتى أن ذبح النساء والاطفال بالسكاكين يتم بمباركة ملالي ايران وفتواهم.
الا يكفينا تغلغل ايران في العراق الذي ادى الى تحويل حكام العراق الحاليين الى دمى تحركهم اصابع المرشد الايراني خامنئي.
على المصريين ان يعوا بـأ ن مصلحة ملالي ايران الاستراتيجية تكمن في تعطيل وتخريب الديمقراطية المصرية الفتية وبكل الوسائل الممكنة وخاصة المادية وبالمال الحلال المسروق من عرق الشعب الايراني.
نجاح التجربة الديمقراطية المصرية هو نجاح للديمقراطية في العالم العربي وضربة قاصمة للمشروع الايراني في الهيمنة باسم الدين والاكاذيب على منطقتنا العربية.
وعود الاسلام السياسي قبل الوصول الى الحكم كلها جميلة وبراقة وحالمة إلا أنها عند التطبيق بشعة وقاتمة واستبدادية ظالمة.
حرام ثم حرام أن تدخل مصر في تجارب الإسلام السياسي الفاشلة والمدمرة والماثلة أمام أعيننا في تجارب السودان التي أدت الى انقسامها الأليم والمحزن لنا جميعا، وتجربة الجزائر التي أدت الى سقوط وذبح اكثر من 150ألف انسان، وتجربة الصومال التي تحولت الى حقل تجارب، وتجربة لبنان مع حزب الله التي شلت الدولة وحولتها الى دولة فاشلة بعد ان افرغت الديمقراطية من قيمها والانتخابات من نتيجتها. وكل ذلك بقوة السلاح الغير شرعي.
أملنا كبير ان لا تضيع دماء شهداء ثورة شباب مصر الأبطال سدى وان يتكلل نضالهم بانتصار الديمقراطية الحقيقية التي تحرسها جنود مصر الأشاوس من سارقي الثورات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاموال أولا
عبد العاطي صاوي ( 2012 / 6 / 8 - 14:14 )
هل صحيح ان تجربة حزب الله هي السؤولة عن فشل الدولة ام ان فشل الدولة سلفا انتج ظاهرة حزب الله وجماعات القاعدة في الشمال الذي يديره جربوع السعودية سعد الحريري.هل ان حزب الله كان مسؤولا عن تبديد اكثر من ستون مليار دولار ام هولاء المتنطحين في السياسة من اذناب خسئيسة همها جمع المال.ثم ماهو معنى اي تغيير اذ كانت قطر والسعودية تمسك بزمام الامور في مصر وتونس ولبنان .ايران لها نفوذ لكن مامعنى ان ينحسر هذا النفوذ في حين تبقى دول العربان التي لم يتبقى اي نظام سياسي في العالم يشبه نظمها.الديمقراطية الوطنية هي وحدها من يسقط خيارات حزب الله او السعودية او قطر اوايران ولايمكن تصور ديمقراطية مع وجود الطائفيات واموال الطائفئيين.فسعد الحريري الذي يعيب على نصرالله خيانته وولاءه للفقيه الايراني هو ذاته من يدين بالولاء للفقيه السعودي الذي لايعرف هل هو ملك ام فقيه هل هو خليفة ام مالك الارض والبشر.الغريب ان 14 اذار كانت من اكثر المتعاونيين والحلفاء لحسني مبارك باسم معادته لحزب الله وايران وولاءه للسعودية فكيف نتصور ان مثل هذه النماذج تؤمن بالديمقراطية لبلدها او لمصر؟سعد الحريري=حزب الله ومفيش حد احسن من حد


2 - للمعلق الأول
نبيل السوري ( 2012 / 6 / 9 - 07:30 )
أنا لا أوافق على كثير مما أتى في المقال رغم اتفاقي أحياناً مع الكاتب
لكن أن تحول الموضوع إلى سجال لصالح حزب الله فهذه كبيرة شوي
يعني لماذا هذه الثنائية: إما السعودية الوهابية أو حزب الله وتوابعه، بالأحرى من يتبع الحزب لهم؟
هل يأتينا حزب الله بحل علماني؟
أليس هو امتداد واضح لنظام ملالي قروسطي أم لا؟
وأمينه العام قالها بعضمة لسانه والفيديو موجود على اليوتيوب لمن يستكبر، أن هدفهم النهائي هو انضمام لبنان تحت راية الولي الفقيه في إيران
أنا ضد كل دول الخليج
وأصلاً أنا لست قومياً ولا قوموياً ولا قومجياً ولاديني أيضاً
لكن من وجهة قومية عربية أليست السعودية عربية وإيران فارسية؟ أرجو ألا تهاجمني فأنا أصلاً خارج معادلة القوميات والأديان، لكن إن كنت عروبياً فهذه هي وجهة نظرك المتوقعة
أنا أزعم أنه يجب أن تكون هناك مواقع أفضل من ثنائيات تخيير بين الغائط البني والبني الغامق
لكن الخطوة الأولى هي أن نتخلى عن القوالب التي تم وضعنا فيها وبعد ذلك نقوم بعملية الاختيار الذي يجب ألا يقتصر على ثنائيات مقيتة

تحية للكاتب رغم أنني ضد المجلس العسكري ذنب مبارك الرسمي


3 - اختلف معك
محمد مختار قرطام ( 2012 / 6 / 11 - 17:45 )
تحياتي استاذ سعيد
انا اختلف معك تمام في كل ماقلته بالنسبة لحمال عبد الناصر والسادات والاخير المخلوعوسف ارد عليك بمقالة وهذا لا يعني اني اقدرك واحترم فكرك وقلمك انت استاذ كبير وله كل الحب والاحترام والحوار هو طريق العقل


4 - عزيزي محمد مختار قرطام
سعيد علم الدين ( 2012 / 6 / 12 - 05:53 )
تحمل الاختلاف في الآراء وقبولها هو دليل الاعتراف بالآخر. وهو المدماك الأول لبناء ديمقراطياتنا العربية والارتقاء بمجتمعاتنا وانساننا الى العيش المشترك في بيئة تعددية صحية.
أولا هدفي البعيد والواضح من المقالة هي مصر التي احب والتي هي امانة في اعناق حكامها. ثانيا انا لم ادخل في تقييم عهود عبد الناصر والسادات و مبارك ونوهت الى حسنات وسيئات كل منهم. ولكن مقاربتي للموضوع هو ما حدث ويحدث في بلادنا العربية من تضحيات هائلة ومآسي وحروب وتدمير لسيادة واستقالال دول على يد حكامها كما هي الحال في لبنان والعراق والسودان وليبيا واليمن والان سوريا. انا بانتظار مقالتك وارجو ان تعلمني عند نشرها وسيكون بيننا نقاش بناء. تحياتي

اخر الافلام

.. اجتياح رفح.. هل هي عملية محدودة؟


.. اعتراض القبة الحديدية صواريخ فوق سديروت بغلاف غزة




.. الولايات المتحدة تعزز قواتها البحرية لمواجهة الأخطار المحدقة


.. قوات الاحتلال تدمر منشآت مدنية في عين أيوب قرب راس كركر غرب




.. جون كيربي: نعمل حاليا على مراجعة رد حماس على الصفقة ونناقشه