الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الميليشات والحكم الديمقراطي: من يحكم العراق اليوم؟

ميعاد العباسي

2012 / 6 / 9
كتابات ساخرة


يبدو ان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد اخطأ في حساباته عندما سارع باخراج القوات الامريكية من العراق، معتقداً انه لم يعد بحاجه الى اسناد غربي، وجاره ذو الحضن الدافيء ايران مستعده للدفاع عنه وحماية منصبه في الحكومة--بالتأكيد مقابل تنازلات اخرى-- لكن حتى هذا الرهان لم يعد نافذ المفعول اليوم.

وشاءت الصدفة ان رئيس الوزراء الذي اطلق على ائتلافه اسم "دولة القانون" يكون هو اول من اخترق القانون عن طريق رعايته المستديمة للمجاميع الارهابية ومنهم الميليشيا الايرانية التابعه له "عصائب اهل الحق" المدفوعة من قبل المالكي والتي تستعرض اليوم في بغداد استجابة لنداءه، تحديا وردعاً للاحزاب والكتل التي يمكن ان توافق على الانظمام الى تحالف يسعى لاجباره على الاستقالة من منصبه الحالي. وهذه هي بالتحديد السياسة التي عودنا عليها المالكي كلما اراد تخويف وردع خصومه السياسيين.

الحكومة العراقية الجديدة منذ تشكيلها لاول مرة في 2003، وهي غير مستقرة. حيث باتت الساحة السياسية العراقية محفوفة بالصراعات والازمات وآخرها الازمة التي تفجرت خلال الستة اشهر الماضية، و مجملها اتهام رئيس الوزاراء العراقي نوري للمالكي بالتفرد بالسلطة فضلا عن تماديه في الحاق الضرر بخصومه.

حيث تصاعدت الازمة في الاسابيع الاخيرة مع مطالبة قائمة "العراقية" بزعامة اياد علاوي الخصم الاكبر للمالكي، ودعم غير متوقع من قبل مقتدى الصدر رئيس التيار الصدري، يسانده بقوة التحالف الكردستاني، لغرض التصويت في البرلمان على سحب الثقة من رئيس الوزراء. كان هذا تحصيل حاصل بعد علاقات متوترة بين الاحزاب والكتل السياسية بدأت وما زالت مستمرة منذ بداية التجربة الديمقراطية في العراق. فالمتابع للتلفزيون العراقي الذي يشاهد تبادل الانتقادات والاتهامات بين المسؤولين الجدد في الدولة، يعي ان مجمل هذه الخلافات طائفية في الاصل لها علاقة بالاطراف المعنية من السنة والشيعة والاكراد ومن يسبق غيره الى مقعد الحكم ليتمتع بالغنائم.

وماذا الان بعد 9 سنوات؟

في العراق الكفاح من اجل الغنائم تلهبه وجهات نظر محقونة بالدماء، الغرض منها زيادة الثروة الشخصية المستمدة من انتاج النفط والغاز. فالاكراد هدفهم التشبث في الاستقلال في الحكم وحيازة تامة لنفط كردستان وكركوك، اما السنة والشيعة فهم مجرد تابعين لسياسة التقطيب التي نجحت في تفريقهم الى جناحين احدهما لا يقل تزمتاً عن الآخر. فالسنة والشيعة اصبحوا ينظرون الى العملية السياسية من منظور القبيلة والثأر، الفوز معناه ان يخسر الطرف الثاني خسارة فادحة. اما من كان معتدلاً لا ينتمي الى حزب او طائفة فقد خسر صوته لانه لا يمتلك جمهور مشجع.
وبينما تتنافس النخب بشدة على هذه الغنائم، وعلى رأسهم ادارة المالكي، تضل احتياجات الشعب آخر ما يقلق الحكومة.

عندما تم تشكيل الحكومة الحالية في 2006 كان العراقيون يتوقعون خدمات افضل، وأمن افضل، وظروف اقتصادية افضل بكثير، لكن لبوث شخص ضعيف وقليل الخبرة كالمالكي في مكتبة لهذه الفترة الطويلة، قد انتج العكس عندما تفشى الفساد المالي والادراي في ظل حكومته الحالية الى اعلى مستوياته. وبدلا ان يخرج الشعب مؤيدا هاتفا باسم المالكي (كما يحب ان يراه المالكي) فقد حدث العكس في آذار 2011 وقت اندلاع ثورات الربيع العربي عندما عبر العراقيين عن سخطهم للواقع السيء وعدم توفر الخدمات الاساسية وغيرها من الوعود التي قطعتها لهم حكومة المالكي. من الواضح ان المالكي قد حاول تفتير ثورات الربيع العربي لكنه لم يستطع ان يجمدها في العراقيين.

ان المالكي بضعفه وقلة حنكه السياسي، الا انه شخض محظوظ مكنته الظروف المحيطه من ان ينتهز فرصة وقوع غيره في اخطاء ليظهر هو في الامام. مثال على ذلك عندما حوصر المالكي في البصرة من قبل ميليشا الصدر (جيش المهدي) في 2008، طلب المالكي النجده من القوات الامريكية التي استجابت للنجده وانقذته من الموت المحقق في عملية "صولة الفرسان" . فعندما ضربت القوات الامريكية جيش المهدي، كان المالكي مضطرا ان يوافق على الضربة رغم انه كان يحمي هذه الميليشيات بدافع الخوف والرعب، مدركاً ان هذه الميليشيات عنصرا اساسياً في وجوده في السلطة. وبالرغم من ان الجيش الامريكي كان المنفذ لهذه العملية فان المالكي تنصل استحقاقات هذا النصر وكأنه من انجز هذا النصر، موقعاً توقيع " القائد الضرورة"، في الوقت الذي اصبح فيه المالكي الراعي والحامي لهذه الميليشيات المحتشد اليوم منها لحمايته ومهاجمته في الوقت نفسه.

وكم هو غريب ان نسمع المالكي الذي يتحدث بثقة عن الامن والاصلاح ويقدمه كمشورة للنظام السوري، وحكومته نفسها الحامية لمصالحها الشخصية، بعيدة كل البعد عن مصالح الشعب.
عندما يفشل كبار السياسين والمسؤولين في فهم وتقبل حقيقة فشلهم في حل مشاكل الدولة، يصبحون هم المسبب الرئيسي لهذه المشاكل.

العراق اليوم لا يحتاج الى صانعوا مشاكل، العراقيون في حاجة الى ادارة كفوءة تساعد الجماهير الناخبة على ان تفهم ان ان الاصلاحات والتحسينات الحكومية لا يمكن تحقيقها عن طريق ادارة رجال الدين للدولة، ولكن عن طريق الادارة المهنية.

العراقيون في حاجة الى ان تبني وتشجيع سياسين من المدرسة الجديدة من الرجال والنساء المصممين فقط على انجاح العراق وتخليصه من مرحلة القبلية والادارة الدينية، قيادين يكونون اكثر سداداً وحكمة من ان يتأثروا بالفساد وروح القبيلة العصبية-- طليعة العراق الجديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي


.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء




.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان


.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي




.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء