الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


((ما بين المثقف والسياسي حلقة هامة لبناء الديمقراطية في العراق الجديد))

علي الشمري

2012 / 6 / 10
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


((ما بين المثقف والسياسي حلقة هامة لبناء الديمقراطية في العراق الجديد))
هل للثقافة المجتمعية دور في التغيير للمجتمع؟ ومن يقوم بنشرالثقافة بين شرائح المجتمع ؟المثقف لوحده ام سياسي السلطة؟
لابد في البدء أن نفرق بين مثقف سلطة مقيد دوره يتمثل في أنتاج القيود المجتمعية بأسلوب أكثر حداثة ومقبولية لدى المجتمع أرضاء لسيده الحاكم وبين مثقف حر مهمته كسر القيود التي تفرض على المجتمع من خلال تبصيره الآخرين بمخاطر القوانين والقرارات التي يتخذها الحاكم لاستدامة حكمه ويفسرها مثقفي السلطة للجماهير بأنها لصالح الشعب.
المثقف يخسر تاريخه وموقعه الاجتماعي وذاته عندما يصبح مثقف سلطة أو يصطف مع طرف سياسي ضد طرف أخر, بحسب من يدفع له أكثر ,عندها سيكون أحد مشعلي الحرائق في المجتمع ,ويصبح في هذه الحالة لا فرق بينه وبين أدعياء الدين الذين يعتاشون على جهد الآخرين ,أو من أمثال وعاظ السلاطين الذين يستخدمهم الحاكم لإطلاق فتاويهم عند الحاجة إليها .
المثقف يكون بين خيارين لا ثالث لهما ,أما له تأثير ايجابي على المجتمع من خلال خطابه التنويري ,وأما أن يكون سلبي من خلال خطابه الظلامي الملئ بالموروث الخرافي والمقدس.؟
الكثير من الأنظمة التي تشكلت بعد ثورات الربيع العربي حاولت استبدال الحكم الديكتاتوري بالفساد والأمن الاجتماعي بالفوضى ,كي تستعيد أنتاج نظام ديكتاتوري أخر بطراز مغاير,فقد أعطت الحريات بالتقنين وبمكيالين الاجتماعية منها والدينية والطائفية كي تعمل على إنتاج هويات فرعية تطغى على الهوية الوطنية لتبقي المجتمع بكافة شرائحه في صراع مرير مع الذات ومع الأخر ,(وعلى الشعوب أن تتنبه الى حجم المخاطر والأخطاء التي أرتكبت بحقها من قبل الدول الراعية للتغير حيث تعاملت مع الشعوب وفقا لقومياتها وطوائفها ودياناتها وليس وفقا لوطنياتها )ولن تستطيع أن تخرج من نكبتها التي تسببت بها الانظمة الديكتاتورية السابقة,كونها تعلم أن الحرية بمفهومها العام ديانة مجتمعية تقف بالضد من الديانة السماوية ,وأن الاغلبية من المجتمع لا زالت تستطيب شم رائحة الافيون وتفضله على الروائح الاخرى ,رغم معرفتها هو السبب الرئيسي لكل أمراض المجتمع المزمنة.أنه افة التعصب المزمن,والتسلط وأخذ الثأر وعدم التسامح والصفح عن الماضي وقبول الاخر المختلف ؟
ولأجل بناء ديمقراطية لابد من التفكير أولا بالسبل الكفيلة بتأمين مستلزمات صناعة الحرية التي تنشأ من رحمها الديمقراطية,وهل المثقف قادر على أن يكون هو أحد صناعها؟
أن الديمقراطية لم تبنى بعصا سحرية أو على أنقاض حكم ديكتاتوري او شمولي ,قبل أعادة بناء الواقع الثقافي والاجتماعي وغربلة الموروث بكلتا شقيه الديني والاجتماعي ,وفك القيود الفكرية التي ضربت على المواطن عبر سنوات القهر والإذلال والاستبداد التي فرضتها الأنظمة الشمولية,كي يستطيع المواطن ان يحسن أختيار من يمثله,وإبعاد المجتمع من تأثير ممن تمجدوا بفكر القائد وكتابه وشعرائه الذين أستطاعوا بعد التغيير أستبدال لبوسهم بقناع ديمقراطي متعدد الالوان ,والأدهى من ذلك فهم يشعرون بالغبن والحيف والتهميش أن لم يوسموا بالمثقفين متناسين كونهم اول المشاركين بتشييع نعش الثقافة بكل قيمها في عهد طاغيتهم المقبورفي سبعينات القرن الماضي..
المثقف يعمل لسنوات طويلة من اجل بث المعرفة المجتمعية لبناء ثقافة قادرة على التغيير وتحقيق نجاح التغيير يتطلب تفكيك منظومة الاستبداد التي خلفها النظام الديكتاتوري ووضع بدلا منها أليات وتصورات وطنية جديدة للانتقال نحو بناء الديمقراطية,وتحصين المجتمع من محاولات ازلام النظام المستبد لبناء أستبدادية جديدة تقوم على الاكراه وتقليص الحريات والتهميش وأحتكار وسائل السيطرة الاقتصادية والادارية والرمزية وتقديس الاشخاص وتأليههم.
اما السياسي المتصف بالغرور والنفاق فيكون دوره متعارض مع دور المثقف الذي يبشر بالمعرفة والقيم الايجابية بعيدا عن الرياء والدجل ,السياسي يمكنه تغيير الواقع السياسي للبلد وبصورة اسرع ويلعب دور خطير في تقرير مصير الشعب ويحمله تكاليف باهضة الثمن يدفعها من روحه ودمه ثمنا لهذا التغيير الذي سرعان ما يفشل لعدم أكتمال عوامل النجاح المتمثلة بتغيير البنية الفكرية والقيمة للمجتمع,
اما لماذا يتراجع دور المثقف أمام صعود دور السياسي فله الكثير من الاسباب .فمنها عدم قيام المثقف بدوره بصورة صحيحة ,أو عدم السماح له من قبل أزلام السلطة بالتحرك جماهيريا من خلال وضع القيود والعراقيل بوجهه,أو عدم الاعتراف أصلا بدوره في التغيير من قبل السياسي,أن البيئة الاجتماعية والسياسية حاليا في حالة عداء مستحكم ما بين السياسي والمثقف بمواصفاته المتمثلة بالمعرفة وموقفه من الحياة ضمن أطار أخلاقي يتناقض مع معرفة وقيم الغالبية ,مما جعل السياسي قويا في موقفه أزاء الثقافة والمثقف ومتمتعا بشرعية الغالبيه,فهل يستطيع المثقف الان ان يفكر ويكتب ويمارس قناعاته وأيصال أفكاره الى الجمهور وفي نفس الوقت يعمل لاجل كسب قوته ؟
ان العلاقة النموذجية بين المثقف والسياسي يجب أن تكون وفق فهم الطرفين لدورهما في التغيير وعدم تقاطعهما وان لا يتضادان في العمل ولم يستغني الواحد عن الاخر ,وأن يتخذ السياسي من المثقف كمرجع فكري له.لان السياسي يستطيع الوصول الى عقل المواطن بخطب رنانة معتمدا على ما متيسر له من وسائل أعلامية,
اليوم المثقف في محنة كبيرة لا تقل عن محنته السابقة,حيث كان تحت رقابة وقمع السلطة ,واليوم تحت رقيب الجهل العام والجموع التي تحركها الخطابات الطائفية والمتعصبة التي أصبحت اليوم هي الاكثر وقعا على مسامع الكثير من المتخلفين.
التغيير بأتجاه بناء دولة ديمقراطية ,دولة القانون والحريات المدنية والعدالة الاجتماعية ,كل ذلك يتحقق أذا تظافرت جهود المثقف والسياسي,وبمصداقية خالصة لخدمة الشعب والوطن وبعيدا عن المصالح الشخصية الضيقة,والاتفاق على أبعاد المؤسسة الدينية من الساحة السياسية لما لدعاتها من تأثير سلبي على عقول المجتمع ,ومحاولاتهم العودة بالمجتمع الى عصور الظلام والتخلف , فهي تحارب المفاهيم الديمقراطية بكل ضراوة لانها غير مؤمنة بها ,ولا تحبذ مغادرة المستنقع الطائفي الذي وجدت فيه ضالتها من حيث الكسب الغير مشروع واستعباد الاخرين والمتاجرة بأرواحهم ودمائهم عبر أطلاق الفتاوي التحريضة والتكفرية التي تؤدي في نهاية المطاف الى شرذمة البلد وأهله.................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في البدء كان الكلمة
عدلي جندي ( 2012 / 6 / 9 - 23:32 )
معادلة صعبة ...تكاد أن تكون مستحيلة التنفيذ في بلادنا ..السبب أننا لا نفكر جديا في مستقبل الأجيال... بل المثقف يريد أن ينقش علي الماء و يعتقد في حفظ الماء ما كتبه والسياسي لا يهمه النقش علي الحجر خوفا لئلا يكون شاهدا علي ما تقترفه يداه بحق الوطن.... مشوارنا هو عمر أجيال لم تولد بعد وربما ساعدتها الظروف علي تلقي ثقافة الإنفتاح و المساواة و الصراحة والوضوح وعندها يمكن لبلادنا الإستيقاظ من غفلة الكهوف.... رسالتكم خطوة في مشوار الألف ميل ...لعلهم يتعقلون.. تحية لك أخي


2 - وعاض السلاطين
موسى شكر ( 2012 / 6 / 10 - 07:37 )
اخ علي في كل زمان ومكان هناك مثقفين وكتاب صنفوا بخانة وعاض السلاطين ولا تنسى اخي بان الدولار لعب لعبته وغير كثير من المفاهيم التي كان يتبجح بها الكاتب تراهم يتلونون كالحرباء بين القائد الضروره واصحاب المحابس لكن المجتمع الواعي كشف نواياهم
وسوف يصنفهم بخانة الخائن الذي يخون وطنه وقلمه تحياتي


3 - الشمري الكريم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2012 / 6 / 10 - 07:38 )
تحيه ومحبه وسلام
السياسي المتيبس كمن يتقرفص داخل مكعب منزوع وجهه العلوي والسفلي ان رفعت المكعب الناقص عنه يبقى متسمر في الارض و تعَّود على وضع القرفصاء وان نهض سيظهر اعلى جسمه حسب ارتفاع اضلع المكعب
الجالس متشبث في قرفصاءه وتيبسه والذي نهض اما ان يضرب ليعود الى ما كان او ينفلت وتاخذه الريح والقله منهم من يتوازن متحملا الضرب وشده الريح ويقاوم المثبطين لانطلاقته
هذا الجزء هو النافع وهم قله
والمشكله ان السياسي محسوب على الثقافه ويصطحب المثقف في كل اوضاعه سواء بالاغراء او الغصب او القناعه وكلها ملموسه
سياسي السلطه مثقف عاهر يمتلك قابلية التلون والبطش والتخوين والانتقام والتشبث
يصفق له في كل الحالات من هم من اعداد المثقفين
نعم اخي علي الحريه دين مجتعي تُحاربه كل الاديان الاخرى ويحاربه الذين يدخلون فيه لمصلحه ذاتيه وحالها في ذلك حال الاديان والافكار
اعدائها كثر ولكن اخبثهم من انتسب اليها بطمع وغباء واندهاش
تقبل تحياتي اخي الكريم ودمتم بخير وعافيه وسلام


4 - داء التغييب
علي الشمري ( 2012 / 6 / 10 - 20:55 )
الاخ الفاضل عدلي جندي المحترم
أستمرار داء التغييب الفكري في مجتمعاتنا تكاتفت عليه كل قوى الردة والتخلف والتعصب الديني لابقاء المجتمع بما هو عليه ,حفاظا على مراكزها السياسية والاجتماعية وبعكسه فلا مكان لهم في المجتمعات
شكرا لمرورك وتقبل تحياتي


5 - مقايضة المبادئ بالدولار
علي الشمري ( 2012 / 6 / 10 - 21:01 )
الاخ الكريم موسى شكر المحترم
هناك الكثير ممن كانوا في ستينات وسبعينات القرن الماضي ممن يحسبون على القوى الوطنية ,تراهم اليوم وقد أنتزعوا كل قيمهم ومبادئهم مقابل حفنة من المال وأصبحوا من المطبلين للكثير من الرموز التافهة التي لا تستحق الذكر ,فهناك مثل يقول (حسن العاقبة)فهل مثل هؤلاء يمكن ان نطلق عليهم نفس التسمية؟؟
تقبل تحياتي


6 - أستاذي الجليل
علي الشمري ( 2012 / 6 / 10 - 21:10 )
الاستاذ الفاضل عبد الرضا حمد جاسم المحترم
كنا نطمح بعد التغيير أن تتغيير عقول المتلونين ويتعظوا من الامس القريب بما سببوه من ويلات وكوارث لشعوبهم من خلال تأليه القائد وتأييده بكل ما يصرح به ويتخذ من قرارات ولو أضرت بالجميع مقابل بقاءه احد المقربين من الحلقة المحيطةبالقائد .
لكن الطمع الدنيوي والسلطوي على ما يبدوا زادهم تلونا وخبثا واضرارا بالواقع الثقافي العراقي .
شكرا جزيلا لمرورك وتقبل فائق مودتي وأحترامي

اخر الافلام

.. اعتداء واعتقالات لطلاب متظاهرين في جامعة نيو مكسيكو


.. مواجهات بين الشرطة الأميركية وطلاب متظاهرين تضامناً مع غزة ب




.. Colonialist Myths - To Your Left: Palestine | أوهام الاستعما


.. تفريق متظاهرين في تل أبيب بالمياه واعتقال عدد منهم




.. حشد من المتظاهرين يسيرون في شوارع مدينة نيو هيفن بولاية كوني