الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلنا بابا عمرو

بدرالدين حسن قربي

2012 / 6 / 10
مواضيع وابحاث سياسية



كلنا بابا عمرو، كانت صرخة الأب باولو دالوليو في اللحظة التي اقترب منه طبيب بابا عمرو محمد المحمد، يقدم إليه أغلى ماعنده، منظاراً لفحص الأذن وسماعة طبية من بقية متبقية، كان قد أخذها معه إلى بلدة القصير بعد تدمير عيادته ومشفاه الميداني مع مادُمّر من الحي، وهو يخاطبه: لن أجد خيراً منك لمثل هذه الهدية، ولعلّ الله يعوضّني عنهما الشهادة أو النصر.
يتقبل الأب باولو الهدية قائلاً: أنت بطل هذا الحي. ولكن الطبيب لم يفوّتها له منوّهاً أن أبطاله هم أطفاله، وأنه ليس إلا خادماً لبابا عمرو، وجندياً من جنود ثورة الحرية والكرامة، مبيناً له أن زيارته له ولمن معه من العاملين من المسعفين والممرضين، بأنها رسالة سلمية إنسانية لكلّ الصاميتن من كل الأقليات، نقابلها بأنه ليس بيننا من يعاديكم لأننا أخوة الوطن.
إن في زيارة الأب باولو الشاب الإيطالي المهاجر من ثمانينات القرن الماضي، والذي أقام في دير مار موسى الحبشي في أحد جبال القلمون قرب مدينة النبك بعد أن رممه بنفسه، لبلدة القصير/حمص في الرابع من الشهر الجاري بعد كل القصف والتدمير والمجازر التي كانت فيها، ولقائه طبيبها والعاملين معه في الإسعاف والمعالجة، وتبّرعه بدمه وهو صائم لأرواح الشهداء وتضامناً مع المعتقلين، وجلوسه معهم على مائدة طعامهم، وبكائه الأطفال والشهداء وكأنه أب حقيقي لكل شهيد، فأبكى ببكائه الجميع. إن في كل ماكان من الفعل الإنساني البحت للزيارة، وردة فعل النظام عليها بالطلب إليه مغادرة سوريا، يؤكد حقيقة هذا النظام المحتضِر مهما قيل عنها مذهباً وطائفة وإعلاماً، بإنها لاتخرج عن الطبيعة المافياوية التي لاتمتلك ممنوعات ولا مقدّسات، ولاقيماً ولا محرمات، بل هي علاقة الآلهة التي تطاع دون تردد أو تذمر من العبيد والشبيحة، أو حتى في عدم تقبل عمل إغاثي إنساني أو أي شكل من أشكال التعاطف من أيٍ كان مع ضحايا جرائمه ومجازره.
وإنما للانصاف نذكّر بأن هذه ليست المرة الأولى من الفعل الإنساني للأب باولو بشأن الثورة السورية، بل أظهر موقفاً ناضجاً ومتفهماً لها، عندما لفت عناية من يهمه الأمر في نداء الميلاد الذي نشره في كانون الأول/ ديسمبر الماضي مقترحاً على النظام صورة خروج له من أزمته مع شعبه اعترافاً بالتعددية وإقراراً للحريات، واللحفاظ على سلامة كلّ المواطنين وكرامتهم، محذراً أن تجاهل ذلك سيأخذ سوريا إلى أيام أليمة للجميع، قد تتهدد وحدتها مالم يحصل الشعب على ديمقراطية تعددية ومدنية وتوافقية تحترم الجميع على تباين صفاتهم وهوّيّاتهم. وقد كان الرد في حينها على هذه المقترحات الإنقاذية بالطلب إليه مغادرةَ سوريا بحجة خروجه عن نطاق مهمته الكنسية والرعوية، وهو أمر عُولج في وقته على مايبدو بخيار الصمت.
النظام السوري من يوم يومه يحتضن الشبيحة في كل مجالات الفكر والدين والسياسة والإعلام ممن يقف في صفه ضد شعبٍ خلقه ربي حراً، يريد مقاومته خالية من الذل والعبودية، ويريد ممانعته خلواً من المهانة واللصوصية. ويأبى النظام إلا أن يسقينا إياها مغموسة بكل أصناف القمع والاستبداد والفساد وبكل معاني التوحش ترويعاً وتعذيباً وقتلاً وتنكيلاً، ومعه كل الشبيحة من كهنة الاستبداد والقمع، من إعلاميين وسياسيين ومحللين وإعلاميين ورجال ثقافة ودين، يبرّرون ويرقّعون ويخوفون ويشطّفون، ويشعلون المباخر تغطيةً على روائح فسادٍ، ونتنِ استبدادٍ وعفونات نظام، استوجب الدفن والرحيل منذ أمد بعيد.
الأب باولو..!! أنت في بلدك سوريا وبين أهلك ورعيتك، وأنت في قلوب جميع السوريين الأحرار، لأنك الإنسان الذي رفض بما أنعم الله عليه من نعمة العقل والفكر والروح والشفافية وبعد النظر أن يكون شبيحاً، سنداً وظهيراً للمجرمين
http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=d3_W33xcur8
http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=mbwDARff8Ok
http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=UIVOWJrZ5fw
http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=v1MsZvLC844








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون