الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدل, هل يستعيد أمجاده مع أعاصير الربيع العربي ؟

علي شفيق الصالح

2012 / 6 / 11
حقوق الانسان


العدل, هل يستعيد أمجاده مع أعاصير الربيع العربي ؟
د. علي شفيق الصالح
توالت على شعوبنا كوارث ومحن نتيجة غياب العدل والحرية عبر عدة سنوات، ذاق الكثير خلالها أبشع أنواع الظلم والمآسي, وكان لا بد من ثورة للإصلاح, وكانت ثورة سلمية أطلق عليها "الربيع العربي" لاستعادة أمجاد العدل الذي قامت عليه حضارتنا وشرائعنا العريقة.
في الواقع أن كثيراً من مجتمعاتنا أصبحت, مع استمرار غياب العدل, تخضع للاستغلال والاستبداد, وتبع ذلك تدهور نظام القيم واشترعت مساطر جديدة لقياس الصح والخطأ, وزالت الطمأنينة في العلاقة بين الناس حتى داخل الحي الواحد, بل وداخل الاسرة الواحدة, ورافق ذلك مصادرة الحرية, و انتشار الجريمة.
والادهى من ذلك ومع غياب المحاسبة والردع, أصبحت السلطة في بعض الدول بيد مستبدين يعتمدون على القوة القاهرة وشريحة طفيلية ينفقون أموال الأمة كما يشتهون, واشترعت قوانين غريبة تعيدنا الى مجتمع الغاب, وبالتالي انتشر الفساد وتعمق التصدع النفسي والأخلاقي.
لا شك أن العدل ضمانة أساسية لنمو الحضارة وتقدم المجتمع, وبهذه المقومات ازدهرت عندنا أقدم الحضارات منذ أكثر من خمسة آلاف سنة, وظهرت أولى المدونات القانونية في التاريخ كشريعة حمورابي وما تبعها من تشريعات تدعوا لنبذ الظلم واقامة العدل.
وقد حثت الشرائع السماوية على العدل, لأنه أمان للبشر في الدنيا, ويشيع الحب بين أفراد المجتمع وبين الحاكم والمحكوم, وجاءت آيات كثيرة تأمر به, ومهد ذلك الى وضع أحكام ساهمت في تقدم العدل وحقوق الانسان.
والآن وفي الوقت الذي يتزايد فيه اهتمام العالم للتعرف على حقيقة الثورات السلمية للربيع العربي وقيمها العالية في الحرية والمساواة, تتطلع شعوبنا للخلاص من الظلم واستعادة أمجادها في العدل.
وتأتي استقلالية القضاء وعدله في مقدمة الاصلاحات المطلوبة, لأنه لا يمكن تحقيق التطور والتقدم في أي مجال من المجالات دون وجود قضاء عادل ومستقل يتيح للإنسان أن يشعر بكرامته وصيانة حقوقه, ولا غرابة أن تنص بعض الدساتير على أن نزاهة القضاة ضمان للحقوق والحريات.
واذا كان النظام القضائي المستقل مطلوباً ومؤكداً, فأن التعسف كثيراً ما يجد ملاذه في مشاكل تنفيذ الأحكام, وبالأخص النابعة من فساد أجهزة التنفيذ, والروتين الحكومي, وضعف الآليات والامكانيات.
لقد صدق عالم الاجتماع العراقي د. علي الوردي حينما قال "أن وجود المحاكم من غير وجود أجهزة قادرة على تنفيذ أحكامها يجعلها غير مجدية".
ولا ننسى قبل ذلك بأن هناك قوانين جائرة عديدة شرعت بمساعدة علماء سوء, تفتح الابواب للفوضى والفساد بلا ضوابط, وتسمح لأصحاب النفوذ الاحتماء بالشرعية في ظلمهم للأبرياء, والتستر على انتهاكاتهم الخطيرة لحقوق الانسان.
أن القانون يؤثر على المجتمع, وكلما ساءت الأحكام دخل الخوف في النفوس ودبت الفوضى في البلاد, وكما يقول جان جاك روسو: "أن القوانين السيئة تجر إلى قوانين أسوأ".
وبالعكس كلما ارتقت الجماعة البشرية ارتقت معها أفكارها, وسنت لها من الأحكام المتطور وما يحقق أمنها واستقرارها, وكلما تتجدد نظرتنا للقانون، نضع قانوناً متجدداً. لذلك أنا أؤكد على التغيير والعدل و"أن الذي لا يحب الظلم لا يخاف من القوانين العادلة".
أن الاتجاه العلمي الذي تسير عليه الحضارة الحديثة يقوم على منهج الشفافية والتفكير الموضوعي الذي لا تتدخل العاطفة والحماس فيه.
وعليه ولضمان المصداقية, أنا أدعوا شباب الربيع العربي الى عدم الاكتفاء بالوعود والشعارات, بل مطالبة المرشحين الذين يعدوا بالإصلاحات القانونية والقضائية, أن يبينوا بشكل واضح ومحدد ما هي برامجهم المقترحة, حتى تناقش بموضوعية لاختيار الأصلح, ويحاسب من يعد بها اذا فشل في تحقيقها.
وسنناقش معكم لاحقاً, بشيء من التفصيل, بعض الحلول للتوصل الى القواعد الأساسية اللازم وضعها لبناء نظام قانوني وقضائي عادل يضمن أمن الانسان وكرامته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار


.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم




.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #


.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا




.. هل كانت المثلية موجودة في الثقافات العربية؟ | ببساطة مع 3