الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في مفهوم الواقعية السياسية..الموقف من المقاومة والديموقراطية نموذجاً

سامي حسن

2005 / 2 / 5
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


كي يفهم تماماً ما أرمي إليه أحدد مباشرة فهمي للواقعية السياسية بأنها الممارسة السياسية المستندة إلى القراءة الموضوعية للواقع - مكوناته ، حقائقه، عناصر القوة والضعف، السلبيات والايجابيات- موضوعة في السياق الاستراتيجي لنظرية سياسية ما .
إذا كان من السهولة بمكان التمييز بين تياري العدمية السياسية و الانهزامية ، نظراً لكونهما ينطلقان من مواقع مختلفة ويبدوان في الظاهر على طرفي نقيض – عملياً يؤديان في الفعل السياسي إلى نفس النتائج- فإن الصعوبة تكمن في التمييز بين الاتجاهات العديدة في الواقعية السياسية – تقترب بعض الاتجاهات وتكاد تلامس العدمية وكذلك الأمر بالنسبة لبعضها ولكن بالاتجاه الآخر أي الانهزامية- نظراً لكونها جميعاً أي مختلف الاتجاهات تدعي استنادها إلى القراءة الموضوعية للواقع.

في الموقف من المقاومة العراقية نجد من يؤيد المقاومة بكافة أشكالها ووسائلها ودون أي ملاحظة أو تحفظ وبغض النظر عن برنامجها منطلقين من أن المهمة المركزية بل والوحيدة الآن هي طرد الاحتلال، وفي الموقع النقيض نجد من هو ضد المقاومة بالمطلق بل ويصفها بالارهاب منطلقاً من أن هناك مشروعاً ديموقراطياً يجري تنفيذه بالعراق وبدعم الأمريكان؟ ويجب عدم إعاقته وحرفه عن مساره، وانسجاماً مع موقفه نجده يبرر الممارسات القمعية لقوات الاحتلال أو الحكومة المؤقتة ، بل يصل به حد تبرير الجرائم والمجازر والفضائح المشينة( فضائح سجن أبو غريب، قصف المدن وقتل العراقيين.......) والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: أليس بالامكان أن يكون موقفنا من المقاومة أكثر علمية وانسانية و توازنا وأكثر تعبيراً عن مصالح غالبية العراقيين من المواقف السابقة؟؟
أعتقد أن الموقف الصحيح هو المقاومة المسلحة لجنود الاحتلال، المترافق مع وسائل المقاومة الأخرى (الاحتجاج، الاعتصام، التظاهر، العصيان المدني......) وبذل أقصى الجهود، والتعامل بمسؤولية لتجنب المدنيين العراقيين، وهنا تظهر المسألة الشائكة والأكثر تعقيداً وهي الموقف من عناصر الشرطة والجيش ، حيث يجب الأخذ بعين الاعتبار أن معظم هؤلاء ينتمون إلى الشرائح الفقيرة من الشعب العراقي، وأن دوافع معظمهم للانخراط في هذه المؤسسات هي على الأغلب سوء أوضاعهم المعاشية وانغلاق إمكانية عمل آخر، وبالتالي لا بد من التعامل بانسانية وذكاء مع هذا الموضوع وبوسائل مختلفة( الحوار معهم، مساعدتهم لتحسين ظروف حياتهم، التوجه إليهم برسائل تتضمن مفاهيم الاخاء والوحدة الوطنية والانتماء للعراق.....) بحيث تستطيع المقاومة كسبهم إلى صفها أو وضعهم على الحياد وفي كلا الحالتين نصر للمقاومة وهزيمة للاحتلال

في الموقف من المقاومة الفلسطينية بنفس طرق التفكير السابقة تم التعامل مع الانتفاضة والمقاومة في فلسطين، فهناك من رفض المقاومة المسلحة ويرى أن المفاوضات هي الطريقة الوحيدة لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني، ووصل به الأمر حد اعتبار الانتفاضة خطأ أضر بالشعب الفلسطيني ؟؟!! وهناك من يرى أن المقاومة المسلحة هي الخيار الوحيد ودونها لا معنى ولا فائدة من أي شكل من أشكال المقاومة الأخرى، ويجب عدم الاكتراث بالرأي العام العالمي، ولا بوقوف الملايين في العالم إلى جانب الشعب الفلسطيني لأن ذلك كما يرى أصحاب هذا الرأي لم يفد القضية الفلسطينية بشيء، ولم يحم الفلسطينيين من جرائم الاحتلال الصهيوني
وفي ظل الانتفاضة وتطوراتها الدراماتيكية، ظهر على السطح حواراً حاداً حول الموقف من العمليات داخل الأراضي التي احتلت عام 1948 ، فالبعض رفضها تماماً والبعض الآخر اعتبرها استراتيجية للانتفاضة في مواجهة العدو الصهيوني
ما أعتقده هو أن الاستراتيجية التي كان يجب العمل بها في تلك المرحلة وربما الآن هي التركيز على المقاومة المسلحة للاحتلال الصهيوني في أراضي الـ67 بالترافق مع كافة أشكال المقاومة التي تعيد الطابع الشعبي لها( الاضرابات، الاعتصامات، المظاهرات، المقاومة بالحجارة....)، أما العمليات داخل ما يسمى بالخط الأخضر فيجب أن تكون تكتيكية ومدروسة بعناية وخاضعة للظرف السياسي ولطبيعة المرحلة التي يمر بها الصراع ، بحيث لا تكون هدفاً بحد ذاتها وإنما تخدم استراتيجية الصراع. إن وحدة القضية الفلسطينية تعني وحدة النضال الفلسطيني، ولذلك لا بد من استمرار تمسك اللاجئين داخل وخارج فلسطين بحقهم في العودة إلى الأراضي التي هجروا منها، وتطوير وتفعيل حركة الدفاع عن حق العودة، ولا بد من استمرار الفلسطينيين داخل الأراضي التي احتلت عام 1948 في التمسك بوجودهم فوق أرضهم والدفاع عن هويتهم وانتمائهم العربي الفلسطيني.

في الموقف من الديموقراطية مما لا شكك فيه أن تحقيق الديموقراطية في المنطقة العربية ( بما يعنيه من الغاء للأحكام العرفية وقوانين الطوارئ واطلاق سراح المعتقلين السياسيين وحرية تشكيل وعمل الأحزاب والصحافة.....) هي المهمة المركزية في ظروفنا الحالية وهي المفتاح لتطور مجتمعاتنا
إن طرح أمريكا لمشروعها التغييري الديموقراطي في المنطقة؟؟!! والذي بدأته في العراق، ونتيجة لعجز المعارضة في المنطقة العربية عن انجاز التحول الديموقراطي قد دفع بالبعض إلى الترحيب بالديموقراطية المزعومة القادمة مع الدبابة الأمريكية. إن ما جرى ويجري في العراق بكل تفاصيله يجب أن يكون درساً للجميع بزيف الديموقراطية الآتية من الخارج واستفزازاً للجميع للعمل من أجل انتزاع الديموقراطية بجهودنا الذاتية، إن انتزاع الحريات الديموقراطية، ومقاومة الاحتلال أو التدخل الخارجي هي معركة واحدة، لا يمكن فيها فصل الواحدة عن الأخرى كما يرى البعض
وبالرغم من أن الديموقراطية السياسية هي المدخل لاحداث التحولات الايجابية الأخرى في المجتمع(تطوير الاقتصاد وتحسين الظروف الحياتية.....) إلا أن النضال من أجلها يجب أن يترافق مع النضالات الأخرى المتعلقة بالدفاع عن لقمة العيش ومواجهة السياسات الليبرالية الجديدة، فلكي يكون الخطاب السياسي لقوى التغيير خطاباً واقعياً لا بد أن يرتبط بمصالح وهموم وطموحات المواطن العربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بيسان إسماعيل ومحمود ماهر.. تفاصيل وأسرار قصة حبهما وبكاء مف


.. إسرائيل تتوغل في جباليا شمالا.. وتوسع هجماتها في رفح جنوبا |




.. واشنطن: هناك فجوة بين نوايا إسرائيل بشأن رفح والنتيجة | #راد


.. الكويت ومجلس الأمة.. هل أسيء -ممارسة الديمقراطية-؟ | #رادار




.. -تكوين- مؤسسة مصرية متهمة -بهدم ثوابت الإسلام-..ما القصة؟ |