الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الوضع السياسي في بلادنا!

أحمد الناصري

2012 / 6 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


مقدمة للرد على التقرير السياسي للمؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي

أقصد بالوضع السياسي في بلادنا، هو، كل ما يتعلق بحياة وأحوال الناس والمجتمع والدولة ومستقبل الوطن بجميع تفاصيلها، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وما يواجهه الناس والمجتمع من مشاكل وقضايا ومتطلبات تخص حياتهم العامة في هذه المرحلة، وطبيعة الصراعات السياسية والاجتماعية والفكرية الجارية الآن. ولا أقصد بالوضع السياسي الهامش الضيق والمعزول المتعلق ب(العملية السياسية) القائمة في بلادنا، والتي ركّبها وفصلها وفرضها الاحتلال بكل تفاصيلها ومراحلها وفضائحها ونتائجها المرعبة، وكذلك ليس عما يدور من أزمة في الأزمة العامة وأطرافها والصراع على الحصص والتي وصلت إلى درجة من الغثيان والوضاعة لم تكن تتوقعها حتى تلك الأطراف المتصارعة والمتنافسة على المكاسب الضيقة وعلى السلطة، ضد وبعيداً عن مصالح الناس والوطن.
لذلك ومن منطلق الفكر السياسي الوطني والموقف الوطني وقدرتهما الكبيرة والدقيقة على رصد ومتابعة سير الأحداث حتى قبل وقوعها، فقد رفضنا وعارضنا منطق الحرب والغزو والاحتلال والخطوات والإجراءات (القانونية الشكلية) اللاحقة لتأسيس نظام طائفي تابع ومتخلف، لا نعتقد بإمكانية إصلاحه أو تعديله من داخله، أو الحديث عن تطويره ودفعه إلى الأمام كما يقول ويتوهم البعض، دع عنك الكلام الفارغ والدعاوى حول الديمقراطية وإعادة البناء التي تساقطت وتلاشت على أرض الواقع المرير، مع خفوت وتراجع الأصوات التي تراكضت في اندفاع غريب لتبني والدفاع عن مشروع وهمي، وكان أول الهاربين هم من عناصر لجنة المستشارين لإعادة الأعمار وجوقات الإعلام التي أختارها وعينها الاحتلال بأوامر خارجية مثل مؤسسات وقوانين وأشياء كثيرة أخرى لا زالت قائمة إلى الآن أو هي امتداد للأصل!
التوصيف الوطني والقانوني والسياسي لحالة بلادنا، كبلد شبة محتل تعرض للغزو ولاحتلال عسكري، ستبقى آثاره قائمة ومكرسة لأمد طويل تحول إلى (احتلال تعاقدي) من خلال فرض الاتفاقية الأمنية والاتفاقية الاستراتيجية، حيث يجري حماية وتامين ما يسمى بالعملية السياسية والديمقراطية والإدارة الموجودة في المنطقة الخضراء، أي الوضع القائم، عندما يتعرض للخطر والتهديد!. كما أن بلادنا كما هو معروف لم تزل تخضع للبند السابع الذي يسمح بالتدخل العسكري فيه وتطبيق القرارات الدولية بالقوة عند الحاجة، وهي بذلك منقوصة السيادة وغير مستقلة عملياً، علاوةً على أنه بلد تابع بسبب الاتفاقية الاستراتيجية الاسترقاقية، وهو بلد مدمر ومحطم بسبب طول وبشاعة المشروع الفاشي، والحروب الطويلة والمتعاقبة، الداخلية والخارجية، التي خاضتها الفاشية، ومحنة الحصار القاسية، ومن ثم استبدال المشروع الفاشي بتجربة طائفية بواسطة الحرب والاحتلال، وليس عبر مشروع وطني داخلي، وما رافق ذلك من تدمير الدولة والاقتصاد وانهيار الثقافة الوطنية وتهشيم المجتمع ودفعه إلى هاوية الحرب الأهلية وانفلات الإرهاب الأسود الدموي وانتشار وباء الفساد الذي صادر الأموال العامة بطريقة متسارعة مع تراجع وانهيار الخدمات الأساسية والبسيطة، مما جعله بلداً مهدداً وعرضه للتدخلات الخارجية الواسعة والمؤثرة. أذن علينا أن نعود إلى البداية كي نعرف تسلسل الأحداث وسيرها واتجاهاتها، وعلاقة ما يحصل الآن بالمشروع الأصلي؟ وهل هو امتداد طبيعي له أم خروج عليه؟ ومن هنا يكون موقفنا الوطني من الاحتلال وخطواته ونتائجه، ومن العملية السياسية، ومن السلطة والنظام السياسيين اللذين فرضاهما الاحتلال على بلادنا وطبيعتهما!
هذه محاولة وطنية لتحليل وقراءة الوضع السياسي الحقيقي في بلادنا، لا تتعلق بالأمنيات والحسابات الخاطئة التي تتعارض مع الواقع اليومي، وهذه مقدمة أولية لمناقشة التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر الوطني السادس بصدد تحليل طبيعة هذا الوضع وطبيعة العملية السياسية وآفاقها حسبما ورد في التقرير، وتفكيك التشوش والخلط بين الموقف الوطني والماركسي المطلوب وما يطرحه التقرير من لغة سياسية ملتبسة تعد أستمراراً لتقرير المؤتمر الثامن للحزب الذي أعتبر في مفارقة صادمة بأن (المشاركة في مجلس الحكم يعد شكلاً من أشكال الصراع ضد الاحتلال)، بينما الصحيح هو عدم المشاركة لخوض الصراع الطبقي والعمل الوطني والجماهيري الواسع والناجح، في مواجهة الاحتلال والطائفية والتخريب الشامل.
وبذلك تكون عبارة زائدة وإنشائية وتبريرية ولا محل لها من الإعراب، مثلما جاء في تقييم المؤتمر الرابع للتحالف مع البعث (لقد كانت الجبهة الوطنية معركة طبقية بحد ذاتها صلبت قوى شعبنا الثورية) ولا أملك أدنى تعليق على ذلك النوع من التصليب المعتاد والمتكرر من قبل قيادة الحزب منذ خط آب عام 1964 أو حتى قبله!
سوف أناقش هذه الفقرات التي تلخص وتعبر بشكل مكثف وواضح عن جوهر موقف الحزب الفكري والسياسي مما يدور في بلادنا منذ الاحتلال إلى الآن، حيث يبدأ التقرير بالقول... ( تضافرت طريقة إسقاط النظام الدكتاتوري البغيض مع تداعيات الاحتلال، وانهيار الدولة، والتغييرات العميقة في علاقات القوى السياسية والمجتمعية، والتركة الثقيلة للدكتاتورية، لتشكل بمجموعها أوضاعا استثنائية فريدة في بلادنا، ولتفجر تناقضات وصراعات متنوعة ومتداخلة، سياسية وقومية وطائفية واجتماعية، تراكمت عناصرها ومسبباتها على مدى عقود سابقة، واتسعت واشتدت بوجود القوات الأجنبية، وقوى الإرهاب القادمة من الخارج، وامتداداتها وحواضنها في الداخل، وبتأثير التدخلات الخارجية، الإقليمية والدولية).
والفقرة الثانية... (وقد وضعت هذه التطورات، وحقائق الأوضاع الجديدة التي نشأت بعد 9 نيسان 2003، شعبنا أمام مهمة أساسية مزدوجة، يتلازم فيها الوطني مع الديمقراطي، والسياسي مع الاجتماعي، أي إنهاء الاحتلال واستعادة السيادة الكاملة من جهة، وإعادة بناء الدولة العراقية على أسس دستورية ديمقراطية اتحادية وتحقيق تنمية اجتماعية – اقتصادية وضمان رفاه المواطنين، من جهة أخرى انطلاق العملية السياسية).
لنصل ببساطة ووضوح إلى الموقف التالي فقد (تم تدشين العملية السياسية في صيف 2003، وهي، في نظر الحزب، عملية تهدف إلى الانتقال بالعراق من الدكتاتورية ونظام الحزب الواحد، إلى نظام دستوري يضمن الحقوق والحريات لجميع أبناء الشعب، واستكمال سيادته كبلد ديمقراطي اتحادي موحد مستقل. وقد اعتمدت العملية السياسية، والقوى المشاركة فيها، الأساليب السلمية في تداول السلطة ومبدأ التوافق السياسي، في حل المعضلات التي تعترض تصفية مخلفات الدكتاتورية وإنهاء الاحتلال، وفي إعادة بناء الدولة ومؤسساتها، وصياغة وإقرار الدستور الذي يرسي الأسس والمبادئ العامة لعملية إقامة الدولة الجديدة)!
فهل هذا الرأي والتوصيف للعملية السياسية صحيحاً في ضوء المقدمات المعروفة التي عاشها الشعب والوطن، وكذلك النتائج القائمة الآن؟ هذا ما سأناقشه وأرد عليه في مادة قادمة.
هذه محاولة جادة لقراءة وطنية للوضع السياسي في بلادنا بعيداً عن الأخطاء والأوهام!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العزيز احمد الناصري المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2012 / 6 / 13 - 10:46 )
تحيه وامتنان
الوضع الحالي لا يمكن اصلاحه لا داخليا و لا خارجياً لان عناصره او مسبباته او حصيلة نتائجه اصبحت متمكنه من خلال النهب والسلب و من خلال التشضي و من خلال الضحك على الابرياء الفقراء ومن خلال تكدس السلاح والحقد والاوطنيه
وهو غير قابل للتطوير والتطور
الاحتلال نعم تغيرت صورته من ارضي ان صح القول الى تعاقدي خطير فالارضي يمكن ان تتعامل معه على الارض ولكن التعاقدي اصبح بيد المُشَوَهينْ والمُشَوِهين وهم اذناب سريعة الحركه و متغلغله وهذه الاذناب تبني وتضع خطط لاقامة بناء اساسه الاحتلال الارضي وستكون الجرائم بحق الوطن بايدي هذه الاذناب التي تحاول او تعمل على تداخل الامور عند العامه وتشويه العقول
ملاحظه:ورد في المقطع الثاني قولكم(المؤتمر السادس) واعتقد تقصدون التاسع
ننتظر القادم وسيكون لنا لقاء اخر
تقبل تقديري واعتزازي


2 - الثوري
Almousawi A. S ( 2012 / 6 / 13 - 10:54 )
اهلا بك ايها المتواضع في امر غاية الاهمية
والأهم هل سيطلع المعنيون على ذلك خصوصا ان موضوعة الديموقراطية والعدالة الاجتماعية المفقودتان هما من برامج احزاب عراقية كثيرة وضعف العراق بل افقارة يعرض سيادتة الوطنية للانتهاك المتكرر حتى من اكثر دولة مجاورة
واتصور ان عبارة وهذه مقدمة أولية لمناقشة التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر الوطني السادس تقصد بها رقما اخر
ولك فائق الاحترام لما قدمتة وتقدمة لخدمة الكادحين
وعلى المزيد النافع نلتقي


3 - أين إيران من مقالتك
سمير أحمد ( 2012 / 6 / 13 - 11:05 )
أخي العزيز تحية طيبة لك
يراد منك العيش في بلدك العراق لكي تدرك حينما تتناول موضوعاً حساساً كالذي تكتب عنه , عمق التدخل الايراني في السياسة الداخلية والخارجية العراقية وتبعية الأحزاب الاسلامية الحاكمة للنهج الايراني والذي يتوافق أحياناً مع ما يريده الأمريكان كما نشاهد ذلك جلياً الآن من الضغط على جلال الطالباني ومقتدى الصدر وغيرهما لعدم سحب الثقة من نوري المالكي..لذلك عليك وعلى أي كاتب أن تتعمقوا في التدخل الايراني في شؤون العراق الداخلية وفي كل صغيرة وكبيرة..حينما تتناولون الشأن العراقي في أية مقالة وشكراً لك


4 - الزميل احمد الناصري المحترم
وليد يوسف عطو ( 2012 / 6 / 13 - 12:06 )
اتفق مع كلام الاخ عبد الرضاواقول ان العملية السياسية على هيئة دائرة ليس لها بداية او نهاية الولايات المتحدة تخلق الازمة وتعمل على ادامتها لاحلها . اضيف الى مقالتك العميقة ان لاسيادة ولااستقلال للعراق حسب كلامكم عن الاتفاقية الاستراتيجية بالاضافة الى ان اموال العراقومدخولات نفطه توضع في بنك امريكي هو ( صندوق تنمية العراق ) وهو يضمن الحماية على اموال العراق من اي مسالة قانونية ويتم تجديده سنويا بتوقيع الرئيس الامريكي عليه وفي العام الذي لايوقع عليبه ستصبح اموال العراق واقتصاده في مهب الريح ولايمكن الخروج من الفصل السابع قبل الخروج من هذا الصندوق بعد حل كل اشكاليات التعويضات وغيرها وهكذا نرى ان الولايات المتحدة متحكمة بالعراق فعليا . ختاما لك مني خالص مودتي


5 - عزيزي عبد الرضا
أحمد الناصري ( 2012 / 6 / 13 - 13:12 )
لا بد من تطوير الموقف الوطني الواضح إزاء الكارثة الوطنية وعدم اللف والدواران وقول ربع او نصف الموقف والتردد امام ما يجري من كارثة وطنية! شكراً لك أقصد المؤتمر التاسع حيثما ورد وسوف أناقش تقريره.


6 - عزيزي الموسوي
أحمد الناصري ( 2012 / 6 / 13 - 13:20 )
هذه مقدمة لمناقشة تقرير المؤتمر التاسع وليس السادس الذي سقط سهواً، وتركيزي على الموقف الوطني الواضح والمتطور (وهذه قضية مركزية وخلافية رئيسية) مما جرى ويجري وعدم القفز على الحقائق وربط النتائج بالمقدمات على عادة الجدل الماركسي لكي نساهم في انقاذ الوطن المهدد. لقد عثرت على صورة جديدة لتمثال الرصافي (الشاعر الذي بمثابة نبي وطني) الذي تغطيه الزبالة والنفايات وهي صورة معبرة ومكثفة للحال الذي وصل أليه الوضع والبعض لا يزال يتحدث عن العراق الجديد وآفاق العملية السياسية تصور!


7 - عزيزي سمير أحمد
أحمد الناصري ( 2012 / 6 / 13 - 13:31 )
عزيزي أتفق معك فيما ذهبت أليه حول الدور والنفوذ الإيراني الكبير والخطير وقد ذكرت ذلك في فقرة واضحة وقلت ما نصه (مما جعله بلداً مهدداً وعرضه للتدخلات الخارجية الواسعة والمؤثرة.) وهذا يشمل جميع التدخلات الأخرى التي هي أقل حجماً وخطورة من التدخل الإيراني الشامل وهذه إضافة لما كتبت. أما ما يتعلق بالعيش في داخل الوطن فيا ليت وهذه أمنية شخصية غالية وعزيزة وصعبة في آن أتمنى أن تتحقق لكنني سأظل أكتب إلى أن تتحقق وشكراً لك..


8 - عزيزي وليد
أحمد الناصري ( 2012 / 6 / 13 - 13:34 )
شكراً عزيزي وليد والموضوع يحتاج الى مساهمات جادة ورصينة لتكوين الموقف الوطني إزاء الكارثة وها نحن نحاول ونحاول. مودتي


9 - الاصلاح المطروح
Almousawi A. S ( 2012 / 6 / 13 - 23:26 )
العزيز احمد
يبدوا انة لايوجد ما سقط سهوا
حيث اننا يظهر نسير للخلف ولا فرق نوعي واضح بين تقرير المؤتمر الرابع للتحالف مع البعث او تقرير المؤتمر الخاص بالمظلوميين
فالموضوع لم يعد تغيير بل لايتعدى سوى الاصلاح
مع اسفي لمثل هذا التكرار

http://www.youtube.com/watch?v=NwyEpYVYfxU&feature=relmfu


10 - عزيزي الموسوي
أحمد الناصري ( 2012 / 6 / 14 - 07:08 )
عزيزي الرفيق الموسوي أتفق معك تماماً فهي مدرسة وخط مستمر بقضايا السلطة والموقف منها والتحالفات والتحليل القاصر للواقع والوضع السياسي مع تراجع في اللغة والصياغات والمصطلحات. يبقى موضوع النقد والمراجعات الحقيقية وليس الشكلية هو العنصر الفعال في وضعنا الراهن على أن نساهم في طرح فكر يساري وطني واضح ومتطور عن الكارثة الوطنية التي يمر بها شعبنا. مودتي

اخر الافلام

.. تأثير مقتل رئيسي على المشهد السياسي في إيران| المسائية


.. محاكمة غيابية بفرنسا لمسؤولين بالنظام السوري بتهمة ارتكاب جر




.. الخطوط السعودية تعلن عن شراء 105 طائرات من إيرباص في أكبر -ص


.. مقتل 7 فلسطينيين في عملية للجيش الإسرائيلي بجنين| #الظهيرة




.. واشنطن: عدد من الدول والجهات قدمت عشرات الأطنان من المساعدات