الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يستحي من ما حل بتمثال معروف الرصافي

فرات المحسن

2012 / 6 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


عملية سرقة تمثال عبد المحسن السعدون كانت فكرة جهنمية لعصابة تحترف بيع مادة البرونز وقد تمت السرقة تحت أنظار قوات الجيش والشرطة الوطنية والقوات الأمريكية واقتلع التمثال من قاعدته برافعة ضخمة وقفت وسط الشارع لتحمله وتضعه فوق ظهر عربة حمل كبيرة بأرقام واضحة مع صرخات تهديد وإطلاق عيارات نارية. وفي ظلمة ليل وضعت عبوة ناسفة سقط أثرها رأس تمثال أبو جعفر المنصور وكانت الدوافع طائفية مثلما أعلنت عنها الجهة المنفذة باعتبار أبو جعفر المنصور أحد ألد أعداء آل البيت أثناء فترة حكمه مثلما تتحدث الروايات ، وبذات الأسلوب وجهت ضربة قوية لخصم أخر هو تمثال الشاعر أبو الطيب المتنبي ليسقط من فوق قاعدته وتختفي قطعة كبيرة من رأسه وجسده وفي هذه الحادثة ضاع دم الشاعر ولكن البعض يوجه الأتهام وتدبير هذه الفعلة إلى مرتزقة كافور الإخشيدي الزنجي حاكم مصر في غابر الأزمان الذي هجاه المتنبي بقصيدته المشهورة لا تشتري العبد إلا والعصا معه...،زما أكثر هؤلاء المرتزقة اليوم، وفي محافظة جنوبية وضعت عباءة سوداء لتحجب جسد تمثال لعاملة ترفع يدها عاليا عارضة بسالة وقوة المرأة حين تتحرر من قيود عبوديتها وهذه المرة جاء الحجب بسبب عري التمثال الذي يغري الرجال المؤمنين ويضع الرجس فس قلوبهم الطاهرة الزكية، هناك أيضا دعوات مستميتة من البعض تطالب بإزالة نصب الحرية وغيره من التماثيل كونها تبشر بالجاهلية الأولى.
تقابل هذه الأفعال والدعوات باستنكار وتحد من قبل بعض الناس وخاصة النخب المثقفة وهناك أيضا صحف تحذر وتفضح عمليات الإهمال والتخريب التي تطال تلك النصب واللوحات التي كانت ومازالت تشكل معالم حضارية وتراثية للكثير من المدن العراقية، وبوجود تلك الأصوات المعترضة وعدم اكتمال المشهد النهائي للدولة الإسلامية العراقية نجد الكثير من رجال السلطة وبالذات قادة الأحزاب الإسلامية يفضلون اليوم العمل بصمت والبعض منهم يتردد في فعله الساعي لطمس المعالم الثقافية ورفعها عن وجه المدن، ويؤجل نواياه لحين السيطرة الكاملة على الشارع العراقي عندها لا يترددون في قيادة الرافعات بأنفسهم وحسم الأمر باكتساح تلك التماثيل وإزالتها، فالتماثيل في أعراف الأحزاب الإسلامية تعد من النصب وهي بدع مخالفة للدين ومن الموجب على المسلم محاربة وجودها في دولة إسلامية محافظة مثل العراق، وعلى ذات المنوال تعامل اللوحات والرسوم والمسرح والغناء ومختلف الفنون التي من الموجب منعها دون تردد كونها بدع محرمة تفسد النفس البشرية وتبعدها عن فروض الدين وتدفع المجتمع لحالات من التفسخ الأخلاقي.
في صورة تجرح المشاعر وتنقل حقيقة ما أصاب العاصمة بغداد لا بل العراق من خراب على يد هؤلاء الكواسر وما حل بالكثير من الشواهد الجمالية التي كنا نفخر بها بنايات كانت أم شوارع وتماثيل ونصب كانت العين تستلذ برؤيتها وتنشرح النفس وتفخر بوجودها، فقد أرسلت لي صورة لتمثال الشاعر العراقي معروف عبد الغني الرصافي وقد وقف مرفوع الرأس تعلوه طبقة من غبار وسط نفايات أحاطت به من كل جانب لتصل إلى ما يقارب هامته الشامخة وغطت مساحة قاعدته وامتدت نحو تفرعات شارع الرشيد وأزقته. من الجائز أن يكون أصحاب المحال والبسطات العشوائية مع الانفلات الأمني وأصحاب سيارات الأجرة الذين جعلوا المنطقة مرأبا ومنطلقا لهم، سببا فيما حل بالتمثال. ولكن إلا يحق للمرء التساؤل عن مهام أمانة العاصمة وعن موقف وزارة الثقافة أو وزارة السياحة وصولا إلى رئاسة الوزراء والجمهورية والبرلمان وأعضائه ومنظمات المجتمع المدني وقوائم وتنظيمات الأحزاب غير الدينية عن السبب في ما آل أليه وضع تمثال معروف الرصافي وكيف أصبح بهذا الشكل المزر منظرا يفقأ العين ويدمي القلب، ونتسائل هل هناك في العراق منظمة أو هيئة أو مؤسسة لها علاقة بالحضارة والمدنية، وإن أحدا من منتسبيها شاهد حال تمثال الرصافي وباقي الشواهد والنصب وسارع للتنبيه والدعوة لعمل يحفظ هيبة وجمالية العاصمة ومنها تمثال الرصافي.أين وسائل الإعلام واتحاد الأدباء وروابط الفنانين والشعراء والتشكيليين من كل هذا.
وأنا أكتب موضوعتي هذه تذكرت أمر فزعت منه حين استعرضته في خاطري، فوضع تمثال الرصافي وسط كومة من نفايات يحمل الكثير من القصدية وهناك إصرار وترصد لأجل العمل على رفع التمثال وقلعه من مكانه ومن ثم صهره ليختفي أي معلم يشير لأحد فطاحل الشعر العربي ورمزا من رموز الثقافة العراقية، والسبب في ذلك يعود لكتاب ينسب للشاعر يتحدث فيه عن السيرة النبوية للنبي محمد ( الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدس) وهذا الكتاب يستنسخ ويطبع في إيران والعراق ويباع بكميات كبيرة، والكتاب يتحدث بتفاصيل جارحة تمس النبي محمد وسيرته الشخصية وتقذفه بالسوء وتدين الكثير من أعماله، ومن يقرأ الكتاب يجد إن كاتبه رجل دين من الطائفة السنية غير انتمائه وارتد عن سابق دينه ومقت النبي محمد، والكاتب لا يخفي طائفيته المقيتة. من الجائز أن هذا الكتاب كان سببا لنقمة رجال الدين من الطائفتين ولذا تراهم اليوم يشاركون على إهمال تمثال معروف الرصافي والتغاضي عما يحدث له وجعله مكب للنفايات ومن ثم العمل مستقبلا على اقتلاعه، ولا يوجد أي اعتراض من جميع منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام وهيئات ومؤسسات ووزارات الدولة إما بسبب انتماء الكثير من منتسبيها إلى الأحزاب الدينية صدقا أم نفاقا أو الخوف المستشري في الشارع العراقي من الأحزاب الإسلامية التي لا يتورع البعض منها على ارتكاب الجريمة إن وجدت من يخالفها الرأي حتى وإن كان في موضوعة مثل موضوعة تمثال معروف عبد الغني الرصافي.
ولأن الاعتقاد ينصب على كون الشاعر معروف الرصافي هو من أصول كردية وإنقاذا لحال هذا المعلم الجميل الذي شارك في وجوده شاعرية وتأريخ الشاعر نفسه وأزميل نحات رائع هو المرحوم إسماعيل فتاح الترك الذي أظهر شموخ واعتداد الشاعر بشخصيته، فأني أقترح على حكومة إقليم كردستان رفع تمثال معروف الرصافي ووضعه في أحدى ساحات مدينتي اربيل أو السليمانية لأبعاده عن الأيادي الآثمة المخربة التي تسعى لإفراغ العراق من أي معلم حضاري أو مديني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جميل ولكن!!!
محمد جميل ( 2012 / 6 / 14 - 20:44 )
وجدت مااختتمت به مقالك الرائع مثير للاستغراب ايها الكاتب الموقر!!!
الان الاعتقاد يميل الى كردية اصول الرصافي تقترح نقل التمثال الى اقليم كردستان؟ عجبي!!
ماذا استطيع ان افهم من ذلك؟؟
ان لم تكن اصوله كذلك اربما لم تتفضل بكتابة مقالك المسوول والحريص؟


2 - عزيزي الجميل محمد
فرات المحسن ( 2012 / 6 / 14 - 22:46 )
بمقدار ما يعتصر القلب من ألم ومع كل هذا الخراب والمواجع طلبت ان يحمى هذا النصب من يد العابثين قبل ان يصهر وتنتهي قصة وجوده كليا ولذا حبذت ان ينقل الى كردستان وحتى وان لم تكن اصول الشاعر كردية فاني ابحث له عن مكان آمن من أياد عابثة...عام 2008 وقف أتملى هذا التمثال بعد أن قطعت وقلبي يتمزق خراب شارع الرشيد..كان الغبار الأحمر وبراز الحمام يغطي التمثال بالكامل والبعض جعل من الفسحة أو الجزرة المحيطة التي سميت حديقة تواليت عام وفجعت حتى بعد أيام من افتتاح شارع المتنبي بحلته الجديدة حين وجدت ان الطبع غلب التطبع ورجع الشارع ليكون شورجة للكتب والقرطاسية ليس إلا وعدت ووقفت أمام الرصافي ضجر مبتأس مهضوم لمنظره والخراب الذي يحيطه...
اليوم ارسل لي صديق صورة لذات التمثال بحلة جديد بيضاء خط عليها اسم الشاعر وظهر التمثال بأكمل واجمل صورة وهو يقول ان صورة التمثال المحاط بالنفايات صورة كاذبة صنعت بالفوتوشوب ..ربما نحن الذين في الخارج تخفى علينا وقائع كثيرة ولكني استغربت الصورة الجديدة .. ا


3 - تتمة
فرات المحسن ( 2012 / 6 / 14 - 22:53 )
كيف فكر من أراد أعادة الروح للتمثال أن يطلي قاعدته بالجص الأبيض،وهل أن قاعدته المرمرية قلعت ليحل بدلها قاعدة بلون أبيض ..ياترى كيف فكر هذا الذكاء الخارق ومع موجات الأتربة الحمراء ودخان السيارات وووو ان يطلي قاعدة التمثال بالجص والبورك الأبيض..أذن يقول المثل أجه يكحله عماها...أليس من حقي أن اطلب حماية تمثال الرصافي من هؤلاء الأوغاد ونقله أمانة عند وزارة الثقافة لدولة بورناي..تقبل احترامي

اخر الافلام

.. هنية يؤكد تمسك حماس بدور الوسطاء للتوصل لاتفاق متكامل لإنهاء


.. قرار الجيش الإسرائيلي بشأن -الوقف التكتيكي- لأنشطته العسكرية




.. الولايات المتحدة .. قواعد المناظرة الرئاسية | #الظهيرة


.. في أول أيام عيد الأضحى.. مظاهرة قرب السفارة الإسرائيلية بعما




.. بسبب منع وصول المساعدات.. غزيون يصطفون في طوابير طويلة من أج