الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امل

هناء شرف الدين

2012 / 6 / 14
الادب والفن


عندما تفتقد هويتك وتاريخك ووطنك عندما تصبح بلا عنوان بلا تاريخ بلا اسم. تلتفت من حولك فلا تجد أثرا لخطاك كأنك وليد اللحظة.
تفتقد إلى الأمان إلى الاستقرار، أن تجد شيا ترتكز عليه، أن تجد منصة صلبه تستطيع الانطلاق منها إلى الأمام تريد ان تأمل في المستقبل ولكن بدون ماض ولا حاضر فلا مستقبل.
أين الوطن وأين التاريخ أين الهوية بعد أن شـُرّدت و اإلـْقـِيت في أعماق صحراء قاحلة. سرت زاحفا ابحث عن موطن بين حبات الرمال التجأ إليه فلم أجده لان حبات الرمل كانت متحوّلة وكانت مثلي مشرّده.
ألغوا كلى ذكرياتي وأحلامي وصباي وطفولتي فحتى الطفولة اغتالوها فلم أجدها بحثت عنها في كل مكان فلم أجد هذا المكان الذي يجب أن أبحث فيه
أبعدوني عن موج البحر وعن غصن الزيتون وسنابل القمح وشجرة التفاح أمام باب بيتنا العتيق أحرقة المزارع واقتلعت الأشجار وانهار جدار الدار وشردنا الخوف في أعماق الظلمات وكان يصم أذاننا بكاء وليدة تركت ثدي أمها مطمور تحت الركام حتى صدر الأم الحنون لم ينجو من جبروت الطغيان يطمرونه وهو ينبض بالحنان.
تشردنا سرنا وسرنا حتى بليت أحذيتنا وأدميت أقدامنا وشاب شعرنا وضعف بصرنا ولم نجد وطنا ولم نجد هويتنا ولا حتى تاريخنا. حتى أسماءنا فقدت معناها. منذ ثلاث وستون سنة وأنا أبحث عن معنى لاسمي الهناء. فوجدته قد قهر في يافا واعتقل في حيفا وعذب في رملة واغتصب في القدس وسجن في بيت لحم وقتل في غزة ودفن في تل الربيع.
فأين أنا الآن. أبنية الوطن مشردة من بدء خيانة الوطن.
من ذا الذي حكم علي بالتشرّد؟ من كان مشرّدا من أصل الزمن. من كان ملعونا من الأزل. لقد جاء لوطني واغتصب تاريخي وهويتي واسمي و حطـّـم جداريّتي. أبكاني وأبكى جدتي.
ولكن لا تخافي يا حفيدتي يا أمل مستقبلي يا كل روحي ووطني وتاريخي. غدا لنا لقاء في المدينة العتيقة على أرض الزيتون.سوف نحفر الأرض معا يا طفلتي، يا صغيرتي. سوف نبحث عن آثار رسم رسمته في طفولتي لوطني على جدارنا القديم. هناك يا أمل حياتي نلتقي. نعيد الباب والجدار من جديد. نزرع شجرة التفاح أمام الباب والزيتون في الحقول ونعيد سنابل القمح لسيقانها الطويلة لترقص لنا رقص الخلود.
غدا يا مستقبل حياتي سننير السراج في البيت وأحكي لك ما حدث لي في سنين التشرّد والضياع والخوف. سوف أحكي لك عمـّا تحكيه التجاعيد التي خلـّفها الزمن على وجهي. فهي ليست كالتي كتبها على جبين جدتي. فكل خط من التجاعيد على جبين جدتي يحكي عن يوم الحصاد وعن جز الصّوف وجني الزيتون وجمع الأعشاب من الحقول وعن حفلات الأعراس.
أمّا ما كتب على وجهي فهو خط واحد وهو التشرّد والضياع.
أمّا أنت يا حفيدتي فالمكتوب على جبينك هو الحريّة الحريّة.
ليصبح كل ما عانيناه مجرّد تاريخ. ليصبح مجرّد تاريخ أسود أظلم حياتي وحياة كل الإنسانيّة المتفرجة والصامتة في زمن يستحق فيه الصراخ بأعلى صوت: لا للذل لا للقهر والمهانة.
فلنبحث عن الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية يا بني الإنسان.
الإهداء
إلى كل عذراء أحرقت جسدها نيران الوطن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اختيار الناقدة علا الشافعى فى عضوية اللجنة العليا لمهرجان ال


.. صباح العربية | نجوم الفن والجماهير يدعمون فنان العرب محمد عب




.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي


.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء




.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان