الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكيم في المخيم .. بيننا ! إذا ... لماذا لا يأتون إلينا !

ابراهيم زهوري

2012 / 6 / 14
الادب والفن


الحكيم في المخيم .. بيننا !
إذا ... لماذا لا يأتون إلينا !


إلى ذكرى جورج حبش

نعم كنت مفّرطا , فرحا بعذراء نعمتي , غمرتني حتى الغرق غبطة الإنجاز الأول , حينما رأيته من مسافة قريبة جدا وتلك كانت المرة الأولى . كنت وحدي كعادتي أبحث كنيران همومي البسيطة التي تشبه تماما يفاعة سني عن مكان ملائم يسمح لي حرية المشاهدة من بين اكتظاظ بنيان مرصوص وحشد كبير هائل من الناس الذي لم يشهد مثيله المخيم إلا في حالات قليلة ونادرة , الجميع هنا دون استثناء لم يجد مناصا في خروجه للتعبير أن لا حدودا لمدى الوفاء الذي نكّنه , وأن لا ضفاف ألفتنا تمنعنا عن قول حب أزلي لا متناه , هو ذات الشخص الذي احترمناه طوعا وعنوة , وهو ذاته الذي أحببناه سرا وعلانية , فتح دهاليز قلوبنا بيسر مودتها ولطف مودته دون مقدمات تهليلية تذكر ودون عبء المقترحات الرسمية .
لّوح بيديه المرفوعتين ٳلى أعلى وكأنه ابتهال الخصب في اقتران الديمومة ومن مكانه الرفيع استقام واعتدل , وارفة كسنديانة خضراء ملامح دهشته , رفع شارة نصر ... نظر إليّ في حياء وأطلق القسم , شامخا يحيط به شوق الحناجر ومن حوله يسّوره مليون هتاف أحمر يهتز, لترتفع كريشه في هواء سيارته السوداء بمن فيها عن الأرض يحملها إصرار السواعد السمراء كعلامة ترحاب لجوئنا المؤقت وتسير بها كراية فوق رؤوس الأشهاد عدة أمتار قدما نحو الأمام .
وفي المرة الثانية , قبلناه فردا فردا وبدوره قبّلنا باليد اليسار ۥمرحبا , تخبئ شرارة محيّاه تعب آخر المشوار وتداعيات ٳنهاك لعنة مرض , بوحه الحميم بعد عجالة انكشف ... يكلله صراحة صدقه المعهود وهما كانا بحق حروف تعويذة جميلة تمكنت من تعب السفر وأطاحت منذ اللحظة الأولى بإشارات الخجل , أذهلتنا دقة التفاصيل وغنى تنوعها وكانت بحق صدمتنا العزيزة الأولى وخصوصا عندما شاركناه النقاش وكأننا شخصا واحدا نتبادل بين بعضنا البعض - دون سراديب تّحّفظ أو دون متاهة تخطيط مسبق- ثمار بناء الأفكار الواعدة , نضج الآراء ونور وعي المعرفة يحدونا قيامة الأمل ووحدة العمل , يتوجه إلينا مخاطبا دون تمييز , نحن الذين كنا مجموعة طلبة جامعيين من مختلف الإتجاهات الثورية القاطنة في مدينة حلب عربا وأكرادا , وقتها عزمنا على زيارته هنا في العاصمة دمشق يشدنا عنفوان روح الإنتفاضة الأولى ومرارة ذل تقصيرنا عن التضامن العملي مع ملحمة الشعب الثائر هناك .
أيتها الرفيقات ... أيها الرفاق , يرتجل أبجديته بصوت حاد لا تستطيع أن تتجاهله مسامعنا ولا خفة شرودنا تقوى في عصمتها أن تبتعد عما يريد توضيحه , يفيض بجود لكنته المميزة التي ۥتعّرفه وتعرفنا , منتشيا روعة وجودنا بالقرب منه ويبتسم من صميم ألقه اعتزاز تواضعه فينا , قادرا ينشد فلسطينيته دون مواربة ويشّد بنعومة الحر المألوف على أيادينا المعتادة على حمل الكتاب والقلم , مشجعا براءة شجاعتنا كمن ينبغي له أن يغادر يكتنفه وهو الغني بوفرة بنائه فقر حزن الغيم .. كالنبي مودعا أصحابه .
وفي الثالثة شاهدت ظلي واقفا أمامي مسمرا على جدار , غائما ممتنا كشبح بين الحضور يستمع ويطلق العنان , أنا وهو مجددا في صورة نعي واحدة توثق المشهد العظيم الأول وتدل بالفخرعليه دون جدال , وحدها دون غيرها ُتعلق لا يلتفت لها أحد في غرفة مكتب هجره أصحابه ولم يبق منهم ٳلا القليل فقط والكثير من رائحة عفن غياب الشمس ورطوبة الطابق الأرضي من بعد أن اعتلى ظهر بناء مقر جبهته الشعبية طوابق أخرى تكدس المقاعد بوحشة الصمت ويلعب بأرجائها مختالا صفير هواء أرعن , لست مريدا بل كنت طارئا على سطوة المكان , أجلس ليأسرني مرة أخرى قيد اللقاء , أنساب على سطح الصورة كقطرة ماء يتيمة يعجل سقوطها كثافة دخان سجائر شوهاء وتحفر تعرجاتها ببطء ذبول شفافية الألوان , أتحرك شوقا ومن جوف أعماقي الثكلى أقول بعد اشتعال باقة صمت في بريق عينيه لا لغبار التعب وأقول لا لأنين يأس لايأتينا ٳلا في عز الطلب ولا أيضا فاضحة قاطعة لربطة عنق الواشي في الصفوف الرسمية الأولى , أستمتع بفورة أنفاسي ونافورتها , يلم رحيقي المتيّم شذرات شذى عودة الحياة , أستأنس ملتاعا أبدية حضوره بحديث الملائكة ورهافة أجنهتها, فجأة ودون مقدمات تذكر يتكسر صوت صديقي إلى جانبي كلوح زجاج هش , متداعيا فطنته وهو يتعرف على من استطاع من وجوه ذلك الجمع في مجد ذلك الزمان قائلا بهمس غمزة المتأكد الواثق : أصبحوا كلهم حماس الآن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان درويش صيرفي: أعطيت محمد عبده 200 دانة حتى تنتشر


.. بأنامله الذهبية وصوته العذب.. الفنان درويش صيرفي يقدم موال -




.. د. مدحت العدل: فيلم -أمريكا شيكا بيكا- كان فكرتي.. وساعتها ا


.. مين هو أعظم مطرب قام بالتمثيل في السينما المصرية من وجهة نظر




.. عوام في بحر الكلام - مدحت العدل: من حسن الحظ أنك تقابل فنان