الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أين المواطن من اقتصاد السوق؟

أيمن الدقر

2005 / 2 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


لم يعد من المخيف الحديث عن فشل أغلب مؤسسات القطاع العام، بل بات الحديث عن ذلك ضرورة ملحة للوصول إلى حلول ناجعة تنقذ هذا القطاع مما هو عليه من ترهل ومرض أوصله إلى حافة القبر..
كلنا يعلم أن هذا القطاع الذي تم إنشاؤه في العام 1958 كان استناداً لسياسة كانت في زمنها تحمل أهدافاً وتصورات وحلولاً لمشكلات قائمة وأهمها ما يتعلق بالوضع السياسي والإيديولوجي، فإنشاء القطاع العام ضرورة لابد منها من وجهة نظر مخططي السياسة في ذلك الزمن.
وبنظرة سريعة لأهم المشكلات هذا القطاع والتي أدت إلى هذا الوضع المزري الذي هو عليه الآن، نجد أن هذا القطاع نشأ دون وجود إدارات خبيرة تديره ودون أن يفكر أحد بضرورة وجودها، مما جعل الأداء متدنياً في أغلب الأحيان، إضافة إلى عملية ربط هذا القطاع بخزينة الدولة، وتحديد نجاح أو إخفاق أدائه (بالإيديولوجيا) مما أدى إلى استيعاب البطالة في ذلك الزمن دون محاولة خلق توازن بين العامل الاجتماعي من جهة والنمو والربحية من جهة أخرى، لأنه كان في أحسن الأحوال ينفذ سياسة الدولة دون النظر إلى تلك الربحية التي انخفضت مع مرور الزمن، ووصلت به إلى مرحلة عدم القدرة على استيعاب البطالة، وبالتالي تفاقمت المشكلة ومازالت تتفاقم حتى لحظتنا هذه.
أمام كل ما سبق وجدت الدولة الحل لمشكلة هذا القطاع أن يعمل بآلية اقتصاد السوق كي يستطيع تحقيق ربحية لانتشاله من الخسائر التي وقع بها خلال أكثر من أربعين عاماً، إضافة إلى ضرورة ترشيد نفقاته، وبدأت القوانين والقرارات تصدر تباعاً، ولكن، ورغم قناعتنا بضرورة دخول اقتصاد السوق، إذ لا يمكن لأحد في هذا الزمن أن يعيش منفرداً دون تبادل نفعي، إلا أن الحكومة على ما يبدو قد وضعت خططها الاقتصادية دون النظر إلى (الأجندة أو الخطة الاجتماعية) التي يجب أن تتوازى مع نظيرتها (الاقتصادية).
ما حصل الآن هو نتيجة لعدم وجود الخطة الاجتماعية، فقد بدأت تظهر وبسرعة كبيرة آثار هذه التحولات الاقتصادية على حياة المواطن السوري الذي أمل من دخول اقتصاد السوق انتشاله من وضعه المتردي ورفع مستوى معيشته ليجد نفسه وقد ازداد غرقاً في الهموم اليومية التي تورمت كالسرطان خلال أشهر قليلة مضت، ويتمثل هذا التورم بالارتفاع الحاد لإيجارات وأسعار العقارات، وارتفاع أسعار المواد التموينية والصحة والوقود والكهرباء والماء والاتصالات.. والقائمة كبيرة جداً..
إذاً، كيف نتلافى ما يحصل الآن؟.. هل ينتظر المواطن من جديد كي يحقق أحلامه الصغيرة؟.. ماذا أعدت الحكومة لمواجهة حال كهذه؟ الوقائع على الأرض تقول: ما ندر، وإلا لما حصل ما حصل الآن؟..
هل تفكر الحكومة بتأمين شبكة ضمان اجتماعي متكاملة (بطالة، صحة، تأمين على الحياة؟) إن كان هذا مستحيلاً في الوقت الحالي، هل فكرت بطرح إنشاء شبكة كهذه على القطاع الخاص كونها تعمل جاهدة لجلب الاستثمارات، وهل هيأت الأرضية التشريعية لذلك؟
هل قامت بوضع سياسات لدعم المواد التموينية بحيث يستفيد من هذا الدعم المواطن الذي يحتاجه؟.. فماذا يعني مثلاً (وليس حصراً) أن تستهلك المشافي والفنادق ذات النجوم الخمس أو الأربع مواداً مدعومة تكفي آلاف المواطنين وعلى (حساب من يستحقونها) لتبيعها (بأسعار الفندقة) العالمية؟ وو... والأمثلة أكثر من أن تحصى، ألم تلاحظ الحكومة أنها بعد أن رفعت يدها عن موضوع (التسعيرة) الذي كانت تقوم به اللجان التموينية، بأن الأسعار ارتفعت بدرجة جنونية بعيداً عن قوانين (العرض والطلب)؟ هل حاولت الحكومة أن تتساءل لماذا؟ وهل حاولت دراسة المشكلة؟
إن القوانين والقرارات التي تشكل مقدمة لدخول اقتصاد السوق تحتاج إلى قوانين اجتماعية تتساير مع القوانين الاقتصادية وتوازيها، لأن الغاية الأولى من التحول الاقتصادي وتقدمه هو المواطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي