الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر من جديد

يوسف غنيم
(Abo Ghneim)

2012 / 6 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


مصر من جديد
الإنتخابات الرئاسية في مصر قاب قوسين أو أدنى من الحسم، التكهنات عديدة لكن المؤشرات واضحة تحدد إتجاه الضربة لقوى الثورة المضادة، هل سيكون شفيق الرئيس المصري القادم؟ هل ستكون الإنتخابات الرئاسية المرحلة الأخيرة من ترويض إرهاصات الثورة والشعب الذي كسر حاجز الخوف وتحدى قوى الأمن الداخلي التي حكمت البلد طيلة العقود الماضية مطالباً بإسقاط النظام. لقد سقط وهم التغيير الثوري دون أدوات حزبية تعمل على إيصال الثورة إلى بر الأمان، حاول بعض مفكري الما بعدية وضع نظريات سياسية جديدة تقوم على الفوضى الخلاقة القادرة على تغيير الكون مستندين إلى فلسفة الجمهوريين الذين حاولوا نشر الفوضى بالوطن العربي تحت يافطة جلب الديمقراطية وتغير النظم الديكتاتورية بدءا من نظام طالبان في أفغانستان مرورا بنظام البعث بالعراق وصولا إلى نظام البعث بسوريا.
تولى الديمقراطيون إتمام المهمة بمساهمة النخب الليبرالية التي عملت على نشر مفاهيم المجتمع المدني وحقوق الإنسان والمشاركة السياسية على قاعدة إعادة إنتاج النظم السياسية التابعة لأمريكا من خلال مثقفين يخترقوا الوعي العام مشكلين فضاءا ثقافوياً متخارج ومتحالف مع العدو بما بات يعرف بأبناء هيلاري ولتحقيق هذه الغايات تم العمل على أكثر من محور لضمان النتائج فقد عمدت الإدارات الأمريكية على دعم المؤسسات المجتمعية وإغداق الملايين عليها من أجل نشر المفاهيم اليبرالية في المجتمع والعمل على تفتيت بقايا العمل الحزبي الذي عملت النظم السابقة على إفشال تجربته من خلال سياسة الحظر والملاحقة للقيادات والأعضاء الحزبين بإعلان قوانيين الطوارئ التي حظرت الحريات وعمقت دور المؤسسة الأمنية بالحياة العامة رافق ذلك آلاف المنح الدراسية بهدف إعداد دراسات حول المجتمع العربي لتحديد مواطن الضعف في النسيج العام تمهيدا لإختراق الحالة الجمعية وتذرير الدول القطرية بعد أن تم تقسيم الوطن العربي وما رافق ذلك من تعميق للمفاهيم القطرية، هل يمكننا فهم التوتر الذي نشأ بين مصر والجزائر بعد الخلاف على مباراة كرة قدم خارج هذا السياق؟ وهل يمكن فهم تنازل النظام في الخرطوم عن جنوب السودان دون التوقف طويلا أمام إستعدادية النخب الحاكمة بالتفريط في الوطن من أجل البقاء بالسلطة. المحور الأخير بلورة قيادات سياسية وإجتماعية في الخارج تعمل على تنفيذ الأجندة الأمريكية والتي يمكننا توصيفها بالخلايا الكامنة من أمثال غليون والبرادعي والغنوشي وعبد الحكيم بلحاج الذين أمتطوا الأحداث ونجح بعضهم في الوصول للسلطة بفعل الناتو كما هو الحال بليبيا أو من خلال أدوات العمل المجتمعي الهجينة كما هو الحال بتونس ومصر ومحاولات تكرار التجربة في سوريا بطرق تتقاطع بها التجربة الليبية والتونسية.
لقد نجح المشروع الإمبريالي إلى راهن اللحظة في إعادة صياغة التحالفات ضمن الرؤية الأمريكية للمنطقة وما يقف حائلا أمام تعميم التجربة عدم إمكانية الحسم في سوريا نتاج حالة الإصطفاف الدولي التي تلجم إمكانيات الناتو وتحييد قدراته التدميرية بفعل الموقف الروسي الصيني المعارض لأي تدخل عسكري في سوريا وفشل المرتزقة بتفتيت اللحمة الوطنية الداخلية والمعبر عنها إلى اللحظة بالتماسك ما بين السلطة السياسية والجيش والمواطنين الذين يؤمنون بأن الوطن أكبر من النظام الحاكم وبأن الإستقواء بالعدو الخارجي سيعيد الإحتلال المباشر إلى الوطن من خلال من يدعي الحرص على الديمقراطية وحقوق الإنسان من مثقفين يعملون في خدمة الأخر.
إعادة إنتاج الواقع السياسي في مصر نموذج سيتم تعميمه على العالم العربي نظراً للدور المحوري الذي تلعبه مصر، وقد بدأ بتحالف الإخوان المسلمين مع الجيش الذي عمل وفق منهجية متدحرجة تبدأ بإحتواء الحراك الشعبي تمهيداً لحصر المطالبة بديمقراطية سياسية محدودة بإجراء إنتخابات تشكل قاعدة لإقتسام السلطات بين الجيش والإخوان، بحيث يحافظ الجيش على إمتيازاته الإقتصادية ويهيمن الإخوان على الحياة الإجتماعية دون إجراء أية تغيرات على المستوى الإقتصادي نظرا للدور المحوري للإقتصاد في تحديد آفاق التغيرات الإجتماعية السياسية وما يوضح ذلك الرد العنيف للجيش على الإضرابات العمالية التي رافقت الإحتجاجات في مصر بدعوى المس بالإقتصاد القومي، هل تغيرت القوى الإجتماعية المهيمنه على الإقتصاد المصري حتى يكون التحرك العمالي مساً بالمصالح الوطنية؟ وهل إستمرار تجريف الثروة مؤشراً على نجاح أم فشل التحركات الشعبية في تحقيق الشق الإقتصادي في التغير؟
الكل يتحدث عن حل مجلس الشعب كإنقلاب على الثورة ولم يتحد ث أحد عن تماهي الدين السياسي مع الثورة المضادة من خلال عقد التحالفات مع الجيش بالوقت الذي كان شباب الثورة يقتلون في ميدان التحرير، لم يحدث إرتداد بل حسم من قبل قوى الثورة المضادة من خلال قدرتها على إحتواء الحراك الشعبي بفتح المجال أمام الجماهير الغاضبة بتفريغ غضبها عبر التظاهرات المليونية وفتح القنوات الإذاعية والفضائيات للتعبير عن قسوة المرحلة الماضية، تمهيداً لإعادة هيمنة القوى السياسية على المشهد العام بوجوه جديدة في عملية إنتاج للنظام القديم.
قد يطرح السؤال التالي، إذا كان هذا التحليل صحيح لماذا تم حل البرلمان؟
وهل تراجع الجيش عن التفاهمات مع الدين السياسي؟
الجيش لم يتراجع عن تفاهماته مع الإسلاميين لأن عرّاب هذه التفاهمات يعي تماما أن التراجع يعني إدخال البلاد في حالة صراع ستساهم بضرب مصالحه نظرا لحجم التأيد الشعبي لحمدين صباحي ذو التوجه القومي الناصري والمرشح مستقبلا للعب دور مركزي في الحياة العامة بمصر بحال عمل على تأطير الحالة القومية ودفعها للعب دور حقيقي في عملية التغير، ما تم هو تهذيب لطموحات الدين السياسي الذي حاول الخروج عن التفاهمات بفعل توهمه بأن رصيده بإنتخابات مجلس الشعب تؤهله لحسم الإنتخابات الرئاسية وبالتالي فرض نظام سياسي إسلامي بالكامل في مصر الأمر الذي قد يخرج عن السيطرة بالقادم من الأيام حيث تنقلب حركات الضد على منشئها بعد إستنفاذ دورها الإستخدامي وهذا ما حصل مع ما سمي بالمجاهدين العرب في أفغانستان بعد إنسحاب السوفييت إذ إنقلب هؤلاء على الأمريكان وحاولوا العمل بمعزل عن التوجهات الأمريكية الأمر الذي تطلب شن حرب أطلسية لإعادة ترتيب المنطقة تمشياً والمصالح الإمبريالية، لن تجازف أمريكا بتكرار التجربة وستعمل على خلق التوازنات التي تضمن لها الإستمرار بفرض علاقة التبعية من خلال مؤسسة رئاسية تابعة للعسكر وبقايا النظام القديم ومجلس شعب مرتهن للمؤسسة الرئاسية بذلك فقط تضمن الإدارة الأمريكية طاعة الدين السياسي المهيمن على الحياة الإجتماعية والمهيمن عليه من الجيش.
لم يحدث ثورة في مصر، التحرك الشعبي لم يرتق إلى ثورة كان إرهاصات أولية او بروفة لثورة قادمة ستحمل التغير لمصر وللوطن العربي إذا تحالفت قوى التغير الثوري في خلق حالة قطع مع الماضي وبناء مجتمع العدالة الإجتماعية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لا اتفاق بين زعماء دول الاتحاد الأوروبي على تقاسم المناصب ال


.. ما موقف الأحزاب الفرنسية ومقترحاتهم من الهجرة في حملاتهم الا




.. لتطبيع العلاقات.. اجتماع تركي سوري في قاعدة روسية| #الظهيرة


.. حارس بايدن الشخصي يتعرض للسرقة تحت تهديد السلاح




.. وول ستريت جورنال: لا وقت للعبث بينما يحرق حزب الله شمال إسرا