الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحذية علمانية.. تُسرق.. بتهمة يوم الجمعة.

أم الزين بنشيخة المسكيني

2012 / 6 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


هل صرنا مخيّرين بين الصيد في الماء العكر.. و السباحة في المستنقعات .. و من يقدر حينئذ على الوقوف على الشاطئ ؟ وصار الواحد منّا يخاطب جنيّة تسكن في أعماق أحشائه.. و طفق آخر يستحضر أرواحا قريبة من قلبه.. و راح البقية يضاجعون الأشباح .. و عاد أحد شبابنا الى احراق نفسه في نوع من التذكير الخفيف بأنّا نسينا أنّ ثورة ما قد مرّت من هنا حرقا ..
و أحيانا "عندك في الهمّ ما تختار".. بوسعك أن تلتحق بالترويكا أو بقناة التنبير.. و بوسعك أيضا أن تشارك رأسا في برنوغرافيا الدستور حتى بلا أعضاء.. و ان شئت الوقوف بعيدا عن ركح القساوة ..فعليك بوقفة احتجاجية تكللها باجتماعات حزبية و انشقاقات ايديولوجية ..و ختامها جلسة خمرية ..و "مولاها ربّي" و" بقلة ليها" و" لمن تحرقصي يا مرة لعمى" ...و بينما أنت واقف على شاطئ البؤس و الفقر الذي صار موضوعا مفضّلا لبلاتوات امبريالية و علمانية ..و و طنية..و في نوع من الشماتة العبثية.. تتذكّر أحذيتك التي تحملك واقفا منذ الصباح .. و التي تحملت قامتك و فواتيرك و خيباتك و طوابيرك العدمية ..و حين تنظر الى نعليك في نوع من الاعتراف بالجميل أو حتى في نوع من الشفقة الالاهية ..ستتذكر لتوّك الحفاة ..العراة الذين يجوبون الفقر في عمق أريافك بلا أحذية و لا أغذية ..و تنسى كل ذلك فجأة ..حين تقف كل البلاد حذو صلاة الجمعة.. تحدق بسماء ملّت من التحديق بعيوننا البلهاء و بدعواتنا الكسولة ..و يسجدون على أرض تعبت من معاركنا المغلوطة و من حلولنا الهزيلة و من انفعالاتنا الكئيبة ..و يحدث لك أن تتوقف قليلا حذو احدى المساجد المقدسة و الذائعة الصيت ..فتفاجئك الأحذية.. ثانية في نوع من الاستعراض الجمالي المريع ..أحذية بأعداد غفيرة فاقت في العدد كل الأغلبيات الانتخابية ..مطروحة أمام السجّادات المزركشة الجميلة ..واقفة في أنفة و كبرياء..فاغرة الأفواه ..متحررة من كل التزامات حزبية ..لم تأت للاحتجاج هذه المرّة ..حملتهم بصبر جميل من أجل الطاعة ..لكنّها تبرّأت منهم فجأة ..لأنّها لم تصمم من أجل السجود ..و رغم ذلك وجدت نفسها تحتلّ مكان السجود ..انّها مورّطة مرّتين : لأنّها محرّمة من دخول المسجد ..و لأنّها علمانية الصنع و الأصل و الجلد ..فأيّ ورطة تجد فيها هذه الأحذية نفسها ؟ أحذية علمانية امبريالية كافرة الى حدّ النواجذ ..جاءت تعيّن لهم مكان القبلة ؟ أيّ كفر و أيّة وقاحة في هكذا أحذية ؟و يهرعون من فرط اسلامهم الى سرقة زوجين من الأحذية ..رغم تعدد الأزواج و الزوجات ..و ذلك بتهمة تعاطي هذين النعلين لصلاة الجمعة جهرا و من أعلى منابر الخطبة ..و حين تصير هذه الأحذية على ملك وزير في رتبة حداثي من نوع تركي يدافع عن خير الاسلام و المسلمين ..حينئذ يقع المحظور .. فيدرك سعادته بامكانية انتسابه الى العلمانية المشبوهة بالالحاد ..من فرط اسلامه المعتدل ..لكن حذار ..فهذه قضية سياسية محظورة ..و التجديف على "أبنائنا " أمر محظور ..فمن هو يا ترى سارق أحذية سعادته من المسجد ؟ و هل يسرق المصلّون من فرط اسلامهم ؟ حاشا و كلاّ ..عليكم بتكذيب الخبر و نسب المحظور الى سارق عادي جاء يصلّي الجمعة سهوا ..فسرق أحذية الوزير عمدا ..لابعاد شبح العلمانية عن الجمعة الاسلامية ..قصّة خيالية أبطالها أحذية الوزير ..و ضحيتها الشؤون الدينية في" حكومة ثورية" لم تجد بعدُ طريقها الى العدالة الانتقالية ..و ختامها .. لا أحد مات و لا أحد من الجرحى قد شُفي ..و الحلّ الذي أمرت به الحكومة الوقتية سريع و عاجل و مندوب اليه. .. فنشتري للتوّ للضحية حذاءا جديدا جدّا ..علمانيا جدّا ..مؤقّتا جدّا ..و ننسى واقعة سرقة أحذية الوزير و نذهب ثانية الى جمعة قادمة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة