الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موتوا بغيظكم

مجدي مهني أمين

2012 / 6 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


حكاية إن الإخوان والسلفيين فزاعة ما جتش من فراغ لكن من تاريخ ملئ بأحداث عنف وقتل وترويع، فكم كان مفزعا أن نشاهد السلفيين في برنامج الحقيقة لوائل الإبراشي، وهم يهجمون، في تونس، على عرض مسرحي، وكادوا يحطمون المسرح وهم يطلقون صيحتهم: "موتوا بغيظكم"..صيحة لا تعبر عن ورع أو تقوى، ذكرتني بصيحة صبحي صالح في الجماهير، بعد انتهاء عمل لجنة التعديلات الدستورية والاستفتاء عليها:"الإسلام قادم.. موتوا بغيظكم"، وهو نفس المعنى الذي ردده صفوت حجازي: "اللي مش عاجبه الإسلاميين يسيب البلد ويمشي.." أو الشيخ حسين يعقوب في إن "البلد بلدنا، ومن لا يعجبه يهاجر إلي كندا أو أمريكا" ..وتكرر في تونس نفس المشهد في استعراض للقوة يشبه العرض العسكري الذي قام به طلاب الإخوان في جامعة الأزهر، وروعوا وقتها به الطلاب.

يعني إحنا، مع أصحاب التيار الديني، إما أمام أحداث قوة، أو تعبير عن مشاعر كراهية كقول الشيخ ياسر برهاني "بغضنا للأقباط لا يمنعنا من الاعتداء عليهم"، أو الدكتور عصام العريان "النوبيون غزاة لمصر كالهكسوس والرومان"، أو صبحي صالح نفسه الذي وصف أي إخواني يتزوج من مسلمة غير إخوانية بعبارة قاسية؛ لتفاجئنا وسائل الإعلام بزواج إبنه من مسلمة مش إخوانية.. محاولات إقصاء، الحمدلله أنهم بيفشلوا في تحقيقها حتى داخل بيوتهم، وأقول الحمدلله لأن الحياة أقوى من الموت، والحب أقوى من الكراهية، كما أن نقاء الجنس اللي بيفكروا فيه، غير أنه بعيد عن روح الدين، لكنه أيضا يصعب تحقيقه رغم الأذى الذي يمارسه أصحاب هذه المعتقدات الضيقة.

لا يؤمن أصحاب التيارات الدينية بالديمقراطية، فلقد وصلت حركة حماس- المؤسسة على فكر جماعة الإخوان المسلمين- للحكم في غزة بقوة السلاح، معناها ها يستمروا بقوة السلاح، مش بالانتخابات ولا وارد عندهم حكاية تداول السلطة، الشيخ السلفي سعيد عبد العظيم، يرى أن "الديمقراطية وثن يُعبد من دون الله"، ما قاله مرسي في المؤتمر الصحفي في ختام حملته الانتخابية: "إرادة الشعب فوق كل القوانين، وفوق الدستور، وفوق الأحكام!!"- طبعا "إرادة الشعب" هنا معروف ها تكون إرادة مين، في دولة يحكمها القهر ويسود فيها الخوف.. إذن إحنا أمام نظام يرى أنه فوق الدستور والقانون والأحكام.. إزاي يكونوا بيؤمنوا بالديمقراطية وهم كانوا يزيفون إرادة الناخبين بالزيت والسكر، أو يخوفونهم بعذاب النار لو انتخبوا فلان أو علان؟.. الدكتور سليم العوا يصرح: "المطالبون بالدستور أولا شياطين الإنس"، والنتيجة إن العسكر والإخوان أدخلونا في نفق التعديلات الدستورية ومر 18 شهرا من غير ما يكون عندنا دستور، وأصبح لدينا برلمان ورئيس قادم بدون صلاحيات.. هم لا يؤمنون بالديمقراطية، استبدلوها بالسمع والطاعة.

الإخوان ورواد التيار الديني، اعتبروا السياسة لعبة مصالح، صبحي صالح في لقاء على قناة دريم يصرح: "ربنا موافق على المتاجرة بالدين"، ونجد أن كلمة "السياسة مصالح" أصبحت متداولة في كل وسائل الإعلام، كأن هذا هو العادي والطبيعي، وكأن الناس قد نسوا أن السياسة مبادئ وأنها عمل تطوعي لخدمة الصالح العام، هذا ما تعلمناه ورأيناه في رموز سامقة كالبرادعي ونيلسون مانديللا، وغاندي، وغيرهم.. طبعا لما تكون "السياسة مصالح"، تبقي ها تترجم لتحالفات تسقِط الناس من حساباتها..كنا نتصور أن دماء الشهداء قد عدلت هذه النظرة لدى هؤلاء الناس كي تعود لتبقى مبادئ ، ولكن قناعتهم بمشروعهم وأيديولجيتهم كان أقوى من أي مشاعر أو عواطف أو مثل أعلى، فساروا بفكرتهم وتحالفاتهم وحوارات حجراتهم بعيدا عن الشفافية والمشاركة ولم الشمل؛ حتى سدوا الطريق عليهم وعلينا.

سقط برلمانهم فخسروا مقاعدهم، وإحنا خسرنا خطوة البرلمان، وعلينا أن نبدأ من جديد ، خسروا اللجنة الدستورية وإحنا خسرنا كل الوقت اللي ضاع علينا بعد عدم الموافقة على "الدستور أولا"، كما خسرنا كل الوقت اللي ضاع في تكوين وإعادة تكوين اللجان التأسيسية للدستور، ولعل خسارتهم الأكبر هي خسارتهم لمكانتهم كشريك في الثورة، فلا شك أن كل ما قاموا به، وما أسقطونا فيه من غيظ، و ما أضعفوا به الثورة، قد أدى إلى تراجع فكرة أن الإخوان شركاء يسعون فعلا لاستمرار الثورة وتحقيق مطالبها.

للإخوان والسلفيين عذرهم في كل هذا، فهم يريدون دولتهم الدينية، لديهم مشروعهم الخاص بعيدا عن، وأكثر أهمية من، الثورة والشهداء والعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية، حلمهم في دولتهم أكبر من كل هذا، بل هم يرون أن كل هذا ليس إلا وسيلة أتت بها السماء إليهم كي يحققوا دولتهم، هم مش في حوار حقيقي مع ناس وشعب حول وطن، هم في حوار مع أنفسهم حول فكرتهم، وحوارهم مع الناس إما شكلي أو إضطراري، وفكرة ان الناس تسيب البلد وتمشي ستحقق لهم نظريا النقاء المنشود في شعب وحكومة وشعب يعيش هذه الدولة برضى وطيب خاطر.
يعني كنا في تعارض بين فكرالجماعة الذي يحمل في جعبته مشروع دولته الدينية، وفكر الثورة الذي يحمل في قلبه وروحه مشروع الوطن، وبالتالي كانت الحوارات مبتورة، فتناقصت الثقة، وأصبحنا جميعا في مأزق.

لا مخرج أمام الثورة إلا مقاطعة الانتخابات القادمة، أو انتخاب شفيق كي تكمل الصراع معه كممثل للنظام السابق.. صراع قد تشتد حدته لو تمسك-شفيق- بالنظام السابق وعمل على حماية مصالحه، أو تقل لو استطاع ان يتحرر من هذا النظام وتجاوب مع مطالب الثورة.

أما الإخوان فقد تجاوزتهم قواعد اللعبة، عليهم أن يعيدوا حساباتهم ويتحرروا من مشروعهم الديني، ويقبلوا بثقافة الشفافية واحترام عقل الآخر، أو أن تخونهم حساباتهم ويندرجوا في أعمال عنف وهو ما يكون بمثابة الانتحار السياسي بالنسبة لهم، وفي كلا الحالتين ستنفصل عنهم كوادرهم إن رغبت أن تلحق بالوطن والثورة.

ويبقى التاريخ كي يحاسب الإخوان على ما قاموا به كي يعطلوا مسيرة الثورة ، وكل ما لم يقوموا به كي يدعم الثورة. لقد جاءتهم الفرصة ولكن يبدو أنها جاءتهم قبل أن يكونوا قد استكملوا بناء وعيهم ليتناسب مع قوتهم، فبدلا من أن يجمعوا الشمل، كأخ أكبر، قالوا للناس "موتوا بغيظكم" وأخذ كل هذا من رصيدهم، وأضاع على الثورة الكثير من الوقت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيارة تقتحم حشدًا من محتجين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة أمري


.. -قد تكون فيتنام بايدن-.. سيناتور أمريكي يعلق على احتجاجات جا




.. الولايات المتحدة.. التحركات الطلابية | #الظهيرة


.. قصف مدفعي إسرائيلي على منطقة جبل بلاط عند أطراف بلدة رامية ج




.. مصدر مصري: القاهرة تصل لصيغة توافقية حول الكثير من نقاط الخل