الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتخابات مصر 2012- 7- الصندوق وكلمته الأخيرة للميدان مبروك عليك شفيق

محمد طلعت

2012 / 6 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


منذ يوم الخميس الماضى وحكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية عزل الفريق أحمد شفيق وحل ثلث أعضاء البرلمان. والمغزى من هذا الحكم الذى جاء بكل المقاييس فى عدم مصلحة الإخوان المسلمين رائدة التيار الإسلامى فى مصر جعل المنافسة أشرس وأقوى بين مرشحهم الدكتور محمد مرسى، مما قد يؤدى إلى سقوطه فى الانتخابات التى تجرى متزامنة الآن فى مصر مع كتابة هذه السطور.
مشهد التيار الإسلامى وردة فعله حتى هذا الصباح لا حس ولا خبر حتى لغة التهديد بدأت تلين من قبل التيار الإسلامي ومرشحهم فقد رفضوا انسحابهم من الصندوق الانتخابى، ولم يسمعوا لبعض القوى المعارضة مقاطعة الصندوق... فلا دهشة ولا اندهاش ولا انزعاج من الأقوال العنترية التى يطلقها مرشحهم بأن الثورة مستمرة فى حالة فوز أحمد شفيق، أو قول خيرت الشاطر الذراع الأقوى للإخوان المسلمين والداهية الأكبر للتيار الإسلامى المصري "إن الثورة القادمة في مصر قد تكون «أقل سلمية وأكثر عنفاً» فى حال فوز الفريق أحمد شفيق برئاسة الجمهورية، محذراً الدول الأجنبية من سرعة الاعتراف به حال انتصاره على الدكتور محمد مرسي في جولة الإعادة".

إن تاريخهم يقول لن يفعلوا شيئا، وهم الآن يقومون بعقد صفقة الانسحاب مقابل الحفاظ على رؤؤسهم وأبدانهم من السجون... وغدا الأيام سوف تثبت أن لغة التهديد هذه ما هى إلا بعض الرسائل التى تضمن لهم حفظ ماء الوجه فى العلن، فإنه حين يتحدث مرسى أو الشاطر ويحرضان على الملأ بأعمال عنف دموية، ففى ذلك الوقت يكون المرشد والجماعة والتيار الإسلامى ككل يعقد صفقة التعايش السلمى مع الدولة..!

هذه هى سياسيتهم منذ تأسيس هذا التيار بكل فصائله... هدوء على السطح مع عقد هدنة أو بالمعنى الأصح صفقة مع مخرج عرض عرائس الماريونت بالتزام الصمت وعدم التحريض مقابل الحفاظ على الرأس سليمة والسماح لهم بممارسة بعض الأدوار الهامشية داخل المسرح المصري..
ويختلف الهدوء والهدنة والصفقة باختلاف المخرج فمنذ المخرج الملكى فى عهد الملك فاروق إلى محمد نجيب إلى جمال عبد الناصر إلى السادات إلى مبارك إلى المجلس العسكرى، وتتوالى المهادنات والصفقات والمكاسب والمطامع والسجون والظهور.. كل هذا يفسر حالة هدوء اليومين السابقين منذ يوم الخميس حتى صباح السبت يومنا هذا.. إن الهدوء البادي على السطح يشي بغليان تحت السطح. ويكون الرمق قبل الأخير لهم ليضمن لهم الاستمرار ويرجعون إلى نقطة الصفر بعد كل صعود يصل بهم إلى تحقيق الحلم فى ركوب مصر وأمل السيطرة. وحتى نفهم معنى هذا الهدوء وقصة الحفاظ على الرمق قبل الأخير هذا يجب أن أفسر معلومة غائبة لحد ما عن الناس المندهشة من حالة التيار الإسلامى الآن.
ثمة هدوء على السطح يلجأ إليه الإخوان حين تتأزم الأمور وتصل إلى صدام حقيقى مع الدولة المصرية المتمثلة حتى الآن فى قوة المجلس العسكري والمجتمع المدنى، فحين تتعارض شؤون الدولة المالكة كل شئ والقابضة على مجريات الأمور مع شؤون الجماعة الطامعة فى الوصول إلى إدارة الدولة الإسلامية بمفهومهم الخاص مستخدمين "شرع الله" مفتاحا للسيطرة على العامة من الشعب المصري البسيط، وحين يتخيل لهم أنهم قد وصلوا مطمئنين لميل الشعب الدينى لهم، لم يجدوا شيئا يستندون عليه. ويجدون أنفسهم أمام الدولة بمفهومها الحديث الذى يناهض مفهوم التيارات الإسلامية لجذب مصر لهوة الخلافة والحاكمة بمفهوم ضيق يرجع البلاد إلى عصور ما قبل التحضر والمدنية. ولعل وجودهم وتحكمهم فى البرلمان المصرى تثبت ذلك، فما ناقشوا قوانين اقتصادية.. لم يقدموا مشروعات تنموية نهضوية بل نفروا الناس والعامة من فى أمور فقهية لا يصح أن نتناقش فيها ولا يتكلم فيها رجل دين محترم يحترم إنسانية الإنسان. نقطة ضعفهم خلط الدين بالسياسة فجاء كوكتيل كما يقال (برلمان قندهار). ومع ذلك مصممون على رفض الفصل بين أمور الدنيا والدين، الدين الذى يعد فى حد ذاته مشيئة خاصة يختارها الإنسان وفقا لمشيئة الله الذى يهيئ لإنسان اختيار هذا الدين عن غيره( إذن الرسالة السماوية واضحة قائمة على الاختيار)، وهم لا يعترفون بهذا الاختيار وحرية الإنسان فى المعتقد والملبس والمأكل والمشرب. عاجزون هم عن عدم التمييز بين الدولة كدولة بمفهوم الدنيا التى تتسع للجميع، وبين دولة تفرض على الكون رأيا موحدا وواحدا لا جدال ولا نقاش فيه.. وهذا أزمة فكرية دينية اختلطت بالسياسة ولا حل لها ولا فاصل لها إلا رب العالمين حين نقابله وسوف نرى ما حكمه.!

باختصار ومن خلال المشاهدات والسوابق التاريخية القديمة والحديثة لهذا التيار، أقول: الآن يتم الاتفاق على قبول شفيق رئيسا لمصر ولتنسحب الجماعة وأتباعها فى الظل وليس مستبعدا أن يخرج بيان تأييد ومباركة للرئيس الجديد ولمصر وشعبها من المرشد بعد إعلان النتيجة(التى سوف يحددها الشعب لصالح شفيق لأسباب الكل يعرفها، ألخصها بشكل بلاغى فى المقولة الشهيرة" ورقة التوت قد سقطت عن عورتهم فبانت خطيئتهم أمام الشعب).

مبروك لشفيق الذى جعلته الصدفة وغباء الكتلة الثورية والمتسلقين والأفاقين وعجائز الفرح رئيسا.. جميعا قد مارسوا على مر العام والنصف مراهقة صبيانية فى حماسة صبيان وبنات أضاعوا الوقت وشبابهم فى استمناء العادات السرية السيئة..!

مصر على مر تاريخها الأعجب والغريب والشاذ من قبول كل من هب ودب وكل من جعلته الصدفة أو الدم رئيسا لها.. تقول: مازال أمام أبنائى وقت طويل حتى يتعلموا كيف يزرعون ويحصدون ويحملون الجمال والبغال مهورا لعرشى وزفافى إليهم.. حمقى ورب النهر العظيم يزينوننى للغريب لـ"...." ويزغردون طربا على صراخى..!
إن الحاصل أن رجال مصر تعلموا فقط أن يزرعوا وأن يكونوا هم الجمال والبغال، منقادين للسيد الذى يحركهم كيفما يشاء. وهم ينفذون هذا بكل براعة وإخلاص وتفانى للسيد الجديد...

بصراحة مصر تقول: "داهية تاخدكم ملقتش فيكم رجل"

مصر باقية مهما رأت من خذلان وضعف العقول فى أولادها واستغلالهم واختلافاتهم.. مصر باقية وأشهر من شهرة أولادها المشاهير الذين استغلوا الدم والجرح المصرى واشتهروا على قفاها...!

مصر باقية رغم الوجوه الطيبة والخبيثة.. باقية رغم بيع أبنائها الأرض والعرض والصوت مقابل براميل الزيت واجولة المكرونة والمعونة.!

مصر أكبر بصبرها المرير على فقدان وليفها البصير منذ تم جمع أشلاء"أوزوريس" وبعثرتها كل مخنثة مختتنة الخصوبة والعقل فى الأيام الغابرة "المدروشة" بأفيون الرب.!

مصر باقية رغم هتكها وبيعها فى سوق نخاسة الصناديق الرئاسية، ولعل الصورة المعبرة لهذا المشهد صندوق صغير عديم اللون ويد ترمى فيه ورقة متسخة وفى باقى مساحة المشهد ككل تبدو يدين وخلفهما المدى المصرى الشاسع وبطول المشهد الأفقى بالصورة تحمل اليدين "علم" مصر ، ليفترش باقى المساحة ضوءا وحركة وحياة واستمرارية.!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا
عادل الليثى ( 2012 / 6 / 16 - 15:03 )
بصراحة مصر تقول: -داهية تاخدكم ملقتش فيكم راجل-

1 - هذى إهانة لا نقبلها تستوجب الإعتذار
2 - مصر لا تبحث عن راجل ... مصر أم لأبناءها رجال وسيدات وأطفال ولا تحتاج لغيرهم ... فمصر ليست عانس أو أرملة تستجدى أحداً هى صابرة ومثابرة علينا .
3 - ألا ترى أن هذه المقولة ذات طابع ذكورى ؟ يقصى نصف المجتمع ... لا تخرج إلا من أصحاب الفكر الظلامى إياهم .
4 - مصر تبحث عن الحداثة .. الخروج من حكم الفرد .. إلى الحكم المؤسسى الأتى بأغلبية عبر الصندوق .. فنحن لا ننتظر ملهم أو قائد أو فارس أو نبى .

تحياتى


2 - مصر .... و .... المصريون
رمسيس حنا ( 2012 / 6 / 17 - 18:53 )
شكراً الأستاذ محمد طلعت الرصين والمتفحص و المدقق ..... وأود ان تتقبل منى هذا التعليق البسيط ...... وهو عبارة عن ملاحظة عابرة و سريعة ..... وهى انه على مدار سبعة الاف سنة تتبادل أو تتعاون السلطتان الدينية و السياسية على إحكام الخناق على العقل المصري حتى تتم لهما السيطرة على الجسد والروح معاً مما قد يفسر لماذا يطلق البعض على حضارة الشرق بصفة عامة وحضارة مصر بصفة خاصة بأنها حضارة -ما بعد- الموت وليست حضارة الحياة..... واذ ثبت ان المخ وهو مهاد العقل والتفكير يتأثر بالبيئة تأتراً بيولوجياً... فلا غرابة ان يتجه التفكير الى كل ما هو ميتافيزيقى المصور لهم بريشة السلطة الدينية عندما تداهن وتتملق السلطة السياسىة علي أنه الملك أو الرئيس....وهكذا قبع العقل المصرى فى ظلام سجون السلطتين وتأقلم بيولوجياً على هذه الحياة التى لا يتخبل نفسه ان يعيش خارجها ومن ثم يخشى هذا العقل من الحياة اذا ما اطلق سراحه لأنه يعلم ان الحرية لها عبء مسئولية أعظم من أن يتحمله الان وهو غير مؤهل بيولوجياً للقيام بهذه الوظيفة وهى -التفكير الحر المستقل المبدع الخلاق المتكامل مع الاَخر ومن ثم يكون منتجاً فى الواقع

اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية تفرق محتجين اعتصموا في جامعة السوربون بباريس


.. صفقة التطبيع بين إسرائيل والسعودية على الطاولة من جديد




.. غزة: أي فرص لنجاح الهدنة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. دعوة لحماس من أجل قبول العرض الإسرائيلي -السخي جدا- وإطلاق س




.. المسؤولون الإسرائيليون في مرمى الجنائية الدولية