الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع على شكل النظام السياسى فى مصر

مجدى خليل

2012 / 6 / 16
مواضيع وابحاث سياسية



على مدى خمسمائة يوم تقريبا منذ سقوط نظام مبارك يدور الصراع الرئيسى فى مصر على شكل الإستبداد وليس على شكل الديموقراطية،فقد عمل نظام مبارك بشكل منهجى منظم على تدمير العمل السياسى ووتجريف القيم الأخلاقية ومطاردة كل ما هو نبيل فى مصر، وترك شعبا يحتاج إلى إعادة تأهيل سياسى وثقافى وفكرى وأخلاقى قبل أن يخطو خطواته الأولى نحو الديموقراطية الحقيقية، ولهذا جاء المشهد بعد سقوط مبارك كصراع بين الأوغاد وليس النبلاء، مع طيف باهت يظهر فى خلفية المشهد لبقايا الشخصيات المحترمة التى صمدت خلال عهد مبارك وتحملت الكثير لكى تحافظ على وطنيتها واخلاقها. المطروح على المصريين إذن هو الأختيار بين أنواع من الأستبداد منها ما هو سئ جدا ومنها ما هو اقل سوءا.
نعود إلى البداية حيث تصور العسكر أن تقسيم السلطة بينهم وبين جماعة الأخوان المسلمين سيضمن تهدئة الشارع وإستيعاب الفعل الثورى وبناء نموذج حكم مشترك على غرار النموذج التركى قبل أردوغان والذى يسمى فى الأدبيات السياسية حاليا (تركى1) بحيث تظل القوة الحقيقية فى يد قيادة الجيش ويؤول البرلمان بأغلبية مريحة للقوى الإسلامية ،ومع مرور الوقت يتحول نظام الحكم إلى ( النموذج الباكستانى) حيث يتشارك العسكر والإسلاميون فى السلطة وفى الفساد وفى تبادل المواقع وفى قهر الشعب ،ويتأسلم العسكر ويتعسكر الإسلاميون. وقد تحالف الطرفان لشهور لإيذاء الثوار وإجهاض الثورة ،ولكن هذا الأتفاق لم يكتمل نتيجة طمع الأخوان ورغبتهم الملحة فى التكويش على السلطة كلها من خلال عملية إنتخابية فيها من التضليل وشراء الذمم والمتاجرة بأسم الله أكثر بكثير مما فيها من نظام إنتخابى حر، وتصوروا أن ذلك يقودهم إلى طريقة أوردوغان فى التكويش على السلطة فى تركيا عبر الأنتخابات،أو ما يسمى فى الأدبيات السياسية حاليا نموذج ( تركى2)، ولكن لأن تركيا ترتكن إلى تاريخ طويل من العلمانية المتشددة فأن نموذج الأخوان كان سيتحول بعد عدة سنوات إلى ( النموذج الإيرانى) وليس إلى النموذج التركى.
فطن العسكر بسرعة إلى أن اللعبة الاخوانية خطيرة جدا وستطيح بالجميع، وستنقل ذاكرة مصر الأمنية والمخابراتية إلى مكتب الإرشاد، وستعيد تشكيل الجيش على غرار الحرس الثورى الإيرانى،وأنهم فى النهاية سوف يقعون ضحايا لهذا المخطط الأخوانى الخبيث الذى أظهر شبقهم السلطوى وطموحهم السياسى الذى يرغب فى إعادة تشكيل المنطقة كلها ،وليس مصر وحدها، لتكوين أممية أخوانية تحكم ما يسمى بالعالم الإسلامى.
عند هذه النقطة فاق الكثير من أبناء الشعب المصرى لمخططات الأخوان وجشعهم ونهمهم للسلطة وطريقتهم المتعجرفة وتهديدهم لمكونات وتاريخ وهوية المجتمع المصرى،وقد شجعت صحوة الشعب المصرى ضد الأخوان المجلس العسكرى لكى يبعد خطوات عنهم ويستخدم كل أدواته الناعمة والخشنة فى محاولة لإرجاعهم إلى نقطة البداية لكى يعيدوا صياغة الأتفاق من جديد أو إلغاءه كلية.
والسؤال المطروح هل سيتحول الجفاء إلى تصادم على غرار( النموذج الجزائرى)؟. كل شئ فى السياسة جائز، فإذا خسر الأخوان السباق الرئاسى وفقدو مجلس الشعب بقرار المحكمة الدستورية فقد يدفعهم هذا إلى إستخدام مليشياتهم السرية التى تشكلت وتسلحت بعد الثورة من الأسلحة المهربة من غزة وليبيا ، وهذا سيقودنا إلى النموذج الثالث المحتمل وهو ( النموذج الجزائرى) الذى نتمنى الا يحدث فى مصر.
والسؤال وماذا عن النموذج الرابع، وهو النموذج المصرى الخاص فى بناء نظام ديموقراطى عصرى؟،أعتقد أن هذا النموذج من قبيل الأمنيات وبعيد عن التحقيق فى الواقع فى ظل غياب الدافع الوطنى عن المنافسة والصراع السياسى الحالى، ويبقى فى تقديرى ترتيب النماذج الممكنة فى مصر هى حسب الترتيب: النموذج الباكستانى ثم النموذج الإيرانى ثم النموذج الجزائرى ثم النموذج الديموقراطى المصرى الخاص.
ترتيب هذا النماذج محسوب على اساس استمرار العملية السياسية عبر صناديق الأنتخابات ولا يدخل فيها السيناريوهات الأستثنائية مثل الإنقلابات العسكرية أو القفز على السلطة عبر الفوضى والعنف.
قد اكون متشائما فى قراءة المستقبل على هذه الصورة، وأتمنى من كل قلبى تحقيق رؤية المتفائلين، ولكن المعطيات الموجودة حاليا لا تشجعنى على تبنى النماذج المتفائلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هوجة 25 يناير
محمد بن عبد الله ( 2012 / 6 / 17 - 09:32 )
يبدو أنك فهمت أخيرا أن هوجة يناير لم تجلب إلا الخراب على مصر

اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا