الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجه بيرس يستحق وسام الحرية..!!

شوقية عروق منصور

2012 / 6 / 17
مواضيع وابحاث سياسية



أحسد كل من يستطيع أن يدير ظهره للأحداث، أحسد هؤلاء الذين يعيشون داخل أغنية الفنان والملحن اللبناني فيلمون وهبي: "طلعت نزلت زاحت عن ظهري بسيطة", لأن عدم اهتمامهم قد يمنح الجسم والروح راحة البال والهدوء النفسي والتحرك في دائرة خاصة متخمة بألوان التفاؤل.
قد يسقط الواحد منا في حفرة الإحباط من الوضع السياسي، ويطالب أعصابه بالتوقف عن اللعب في ملعب التحديق والتأثر بنشرات الأخبار والتعليقات والصور, والتفتيش في الفضائيات عن نافذة تمد حبال الآمال وتنقذه من فكرة الانتحار البطيء.
لكن كيف يمكن أن تبقى الأعصاب سليمة والضغط في الجسم في حالة استقرار والقلب ينبض بشهوة الشباب والعافية، ونحن نرى رئيس دولتنا شمعون بيرس, بوجهه البريء الذي يشعرك أن وقار الشيخوخة السياسية مكفول على تقاسيم وجهه لمئة سنة من الانتصار والتحرك العالمي؟!. شمعون بيرس- من أكثر السياسيين اقدمية في العالم- يحصل على وسام الحرية، أعلى وسام تمنحه الولايات المتحدة لشخصيات قدمت مساهمة جديرة وهامة من أجل السلام العالمي..! "كلام جميل وكلام معقول مقدرش أقول حاجة عنه"- على رأي المطربة ليلى مراد. لكن إن عجزت ليلى مراد فنحن لم نعجز عن صب الشتائم فوق رأس النفاق السياسي والزمن العاجز. التقيا.. اوباما الرئيس الشاب, الذي أذهل الزعماء العرب حين تم انتخابه ووضعوا جميع بيض التعاطف والتغيير في سلته، ونادوا في القاعات والمؤتمرات: "لا يحل القضايا الا اوباما". لكن اوباما قام بعملية غسيل معدة للوجوه العربية, وبعد أن بلعها وجدها لا تستحق البقاء وهضمها، فقام بغسلها من معدته وذاكرته، واستسلم لسحر الدولة العبرية بشخصياتها وقادتها. فهناك الضمان والاطمئنان والفوز ومعانقة الكرسي بعد جولات الانتخابات.
اوباما يعتبر دولة إسرائيل ابنته وحفيدته وتواصل أجيال ولاياته وشباب أمريكا. وحين يقدم بيرس له الهدايا, رداً على وسام الحرية, لا يهديه طبقا من الذهب عليه كؤوس أيضاً من الذهب الخالص- كما قدم الملك السعودي لمرجريت تاتشر, رئيسة وزراء بريطانيا سابقاً، او سيفا من الذهب- كما قدم أيضاً الملك السعودي للرئيس بوش الابن. وكلنا لا ننسى الصورة التي ظهر فيها الملك السعودي وبوش وهما يرقصان معاً على صليل السيوف, قبل غزو العراق بفترة قصيرة.
نقول أن شمعون بيرس قدم هدية لأوباما عبارة عن مستند تاريخي. الرسالة التي أرسلها حايم وايزمان إلى الرئيس الأمريكي هاري ترومان, وتشهد على اعتراف الرئيس الأمريكي بإسرائيل، وفيها يشكر وايزمن ويشدد على توطيد العلاقات الأمريكية الإسرائيلية. وأيضاً أهدى بيرس لأوباما برقية قديمة وجهها دافيد بن غوريون, يشكر بها أمريكا على دعمها لإسرائيل..! هذه ليست هدايا, هذه مقطوعات عزف إسرائيلية على وتر الذاكرة الأمريكية، لكي يبقى اوباما على موعد مع العزف ولا يصيبه الملل. وأمام سجل شمعون بيرس الجرائمي, ومسيرته العسكرية والسياسية التي كتبت على أجساد الفلسطينيين والعرب من مجازر ومذابح، اختلفت العناوين والأسماء والجغرافيا والمواقع من بحر البقر إلى دير ياسين إلى صبرا وشاتيلا إلى قانا.. الخ, لكن لم تختلف طرق القتل والذبح والرصاص والقنابل والحرق. الرئيس بيرس حصل سابقاً على جائزة نوبل للسلام، فقلنا يخطئ التاريخ مرة. وقام بمشروع حضاري أطلق عليه "مركز بيرس للسلام"، فضحكنا وقلنا عن أي سلام يتحدثون؟! لكن أقنعوا العالم أن السلام يكمن في نظرات بيرس الحنونة وفي طيات سترته الدبلوماسية، وها هو يحصل الآن على وسام الحرية. لا نعرف على أية حرية يتحدثون, حين تلتقي حسابات البيت الأبيض وحسابات إسرائيل فوق بيادر العرب النائمة. هل هي حرية المضي في طمس القضية الفلسطينية وعرقلة قيام الدولة؟! أم حرية صنع أقفال خاصة للسجون والزنازين وعدم الإفراج عن الأسرى؟! أم إقامة المزيد من المستوطنات وترك سوائب المستوطنين تسرح وتمرح وتبني وتقتل وتقلع دون حسيب او رقيب؟! أم الحرية في تشويه التاريخ الفلسطيني عن طريق الهدم وتغيير الملامح وقلب الحقائق؟! أو أو ...؟! والشيء الذي يزيد من ضخ الأدرينالين ورفع الضغط في الجسم أن شمعون بيرس يشكر الرئيس اوباما على توقفه عن دعم الحكام الفاسدين في الشرق الأوسط. بالطبع يقصد شلة مبارك وبن علي والقذافي وعبد الله صالح. ونضحك هنا حين نعرف أن هؤلاء كانوا الفئران التي تعيش في أقفاص التجارب السياسية الأمريكية- الإسرائيلية. وعندما اهترأت أجسامهم من كثرة العقاقير والتشريح القوا بهم فوق مزابل التجاهل. ويأتي بيرس, الذي استفاد من تجارب هؤلاء الفئران, ويشكر أمريكا على عدم دعمهم. وهذه عبرة وصورة ناصعة البياض للملوك والحكام العرب، كيف يتحولون إلى ليمون للعصر، وكيف يرمون القشر..!
المصيبة أن لا أحد من الزعماء والحكام العرب انتقد "وسام الحرية" والرئيس اوباما. لم يتذمروا ويكشفوا غضبهم من هذا العهر الأمريكي، وحتى السلطة الفلسطينية لم تعلق, كأن التاريخ والمشاعر الفلسطينية تختفي, ولم يعد لها وجود أمام المرآة الأمريكية التي يقف أمامها الشعب اليهودي ويؤكد لها يومياً على طريقة القصة المعروفة (مرايتي يا مرايتي هناك أحلى منا، فتؤكد المرآة لا.. انتو أحلى البشر)..!
في كتاب "التجربة والخطأ" كتب حايم وايزمن: "أنا متأكد من أن العالم سيحكم على الدولة العبرية من خلال ما سنفعله بالعرب". وفعلاً كلما أذلت إسرائيل العرب كلما نالوا الأوسمة والدعم والسلاح والدلال..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمات إنسانية متفاقمة وسط منع وصول المساعدات في السودان


.. جدل في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الخلافات العلنية داخل




.. أهالي جنود إسرائيليين: الحكومة تعيد أبناءنا إلى نفس الأحياء


.. الصين وروسيا تتفقان على تعميق الشراكة الاستراتيجية




.. حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكانا