الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الملك داز.. جمعوا الطريق..!

هشام عابد

2012 / 6 / 17
العولمة وتطورات العالم المعاصر


عشرات الملايين من المال العام تصرف تحت ذريعة الاستعداد للزيارة الملكية ويتم اختلاس الجزء الأكبر من هذه الميزانية باسم الملك، ولا أحد طبعا يستطيع فتح فمه أو التفو بكلمة حول حجم النفقات التي صرفت من أجل ذلك..! فتصبح الزيارة الملكية بذلك فرصة لتغطية الواقع، وتزييفا للحالة الحقيقية التي عليها الوطن، وتوجد عليها المدن والقرى المغربية. كما وتصبح فرصة للاستفادة من المال العام، وتبديره بطريقة أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها إجرامية وبشعة.
فما أن تشتم الجهات المسؤولة في الأقاليم والمدن رائحة خبر الزيارة الملكية، حتى تبتدأ الهرولة والتخبط، ويظهر رجال كثر للأشغال العمومية بأدوات عمل كثيرة، وتبدأ عمليات واسعة النطاق مستمرة تحت ما يسميه المغاربة "العطش" يعمل فيها "العطاشة" دون توقف، تتداخل في هذه العملية عدة مهام وعمليات مختلفة، من تجيير جذران وصباغة أرصفة تتم في جنح الظلام لإخفاء الوجه الحقيقي البشع والقمئ والمخزي للمدن والحواضر المغربية استعدادا للزيارة الملكية، وصباغة جذران وتهيئة ساحات استعدادا للزيارة الملكية.
عمليات تجري بسرعة خيالية ووقت وجيز وبقرارات تلفونية فجائية ومستعجلة..! تضيع فيها مبالغ وهمية لتزفيت وتبليط وتجيير الحيطان وتشجير الشوارع وبستنة الحدائق..
هذه التدابير تتخد في الليل، والليل علامة الإجرام..! وتتخذ بسرعة، والسرعة علامة الفساد..! وتتخذ من الخوف، والخوف علامة عدم احترام الوطن..! وما يقع علامة على أن المغربي "كاموني" بطبعه. فاسد وغير مصلح، ومن تم نستعير بيت المتنبي الشعري في هجوه لكافور"لا تشتري العبد الا والعصا معه .. إن العبيد لأنجاس مناكيد" فنقول عن المغربي، "لا تكلف المغربي بمسؤولية إلا والعصا معه.. إن المغاربة لسراق شفافير"... "شعب يخاف ما يحشم" هو الشعب المغربي...
إنه دليل قاطع على أن الولايات والعمالات والبلديات في المغرب عبارة عن ماكينات عملاقة لتنظيم النهب ورعاية الفساد واستدامة واقع الخراب في البلاد والعباد، مؤسسات لا تفعل شيئا غير تكريس الفساد والنهب والفوضى...
ومعنى هذا أيضا أنه في غياب الملك، وفي غياب المسؤولين المعنيين بالأمر، وفي غياب المراقبة والمحاسبة، هناك مزابل، وخراب، وفوضى، ونهب، وتسيب، وظلم، وسرقة... منطق عجيب غريب في دولة يتبجح مسؤولوها وعباقرتها في السياسية والإقتصاد والإعلام أنها دولة في مصاف الدول المتقدمة والديمقراطية..!
ماذا نستنتج من كل لعبة القط والفأر هذه؟ نستنتج أن الفساد هو الأصل، هو القاعدة، وأن الإصلاح هو الاستثناء، ومرتبط بالتمثيل والتزييف والترقيع، ومرتبط بالخوف ومرتبط بالزيارات الملكية والوزارية.
إنها المهزلة المغربية في إطار "الخصوصية المغربية" و"الاستثناء المغربي"، نعم هذا هو الاستثناء المغربي الذي يتحدثون عنه، أليس استثناء يستحق الإشارة والتنويه...
إنه الزور العلني والدليل القاطع على التزوير والعبث والفساد، وعلى وأن الإصلاحات بالمغرب ليست "إرادة" نابعة من العقل المغربي المواطن الراغب في تحديث دولته والمضي بها إلى أعلى المصاف والمراتب، بل الأمر لا يتعدى كون المغاربة "كامونيين" و"شفارة" ولا يهمهم الوطن أكثر مما تهمهم جيوبهم وإفساد البلد، والدليل هو أن الإصلاحات تتم تحت التهديد والزيارات المفاجئة، وليس إصلاحات بنيوية مستدامة نابعة من قناعات، ومن إرادة مغربية جماعية للتغيير والإصلاح، وأن الجري وراء التجهيز والإصلاح على طريقة "الفاست فود" هو دليل على أن الإصلاح يتم عنوة وبالقوة مرتبط بالخوف وباللحظة وليس مهما أن يكون موجود طبيعيا ومستداما وحقيقيا، بل مرتبطا بالزيارة الملكية أو المسؤولين..!
مشاريع كثيرة دشنت ولم تكتمل، وأخرى دشنت واكتملت ولكنها كانت مضيعة للمال العام، إما لأنها لم تشيد في الأمكنة الصحيحة فبقيت خاوية على عروشها، أو تعرضت للسيول والفياضانات بسبب موقع تشييدها، أو تعرضت للتشقق والتلف بسبب رداءتها رغم أنها حديثة البناء، أو مشاريع تعرضت ميزانيتها للنهب والسرقة..
علاش حنا هكذا..؟ وإلى متى سنظل هكذا..؟
لقد أصبحت العملية برمتها مدعاة ومصدر سخرية عارمة من طرف الشعب المغربي، "سخرية مريرة"، تشهد على مرارة الواقع المغربي. ذلك أن الشوارع تبيت قرعاء مشوهة فتصبح بأشجار فارعة على جنبات الطريق، وحدائق جرداء تصبح مزهرة وتسر الناظرين، وأرصفة تبيت كالحة وممسوحة فتصبح مصبوغة بهية. ناهيك أنه بعد الزيارة الملكية تعود الأزبال إلى الشوارع، وتعود الحدائق إلى البول و ذبول الأزهار والامتلاء بالمتشردين، وتعود الشوارع إلى خرابها بعد أن ازدانت لبضع ساعات بالبهاء...
السؤال الذي يتبادر إلى ذهن الجميع الآن: ألا يعرف الملك كل هذا؟ وإلى متى من جهتنا سنظل نكذب على الوطن؟ ويظل بذلك إيماننا بالله ناقصا، لأن "حب الأوطان من الإيمان"..؟
وكيف سنقنع المواطنين بالثقة في الدولة، وهم يرون إصلاحات تتم في جنح الظلام، إصلاحات فجائية تتم ليلا، والمعروف أن من ينشط في الليل أكثر هم اللصوص والمجرمون..!
لماذا لا تتم الإصلاحات حين يكون هناك متسع من الوقت؟ وفي ضوء النهار الساطع وعلى مدد طويلة تسمح بتراكم مهم للمدن والقرى..؟
لماذا لا يكون الأمر كذلك لما يكون هناك متسع من الوقت لإجراء الإصلاحات والمشاريع المخصصة للمدن في وقتها ومع الوقت الكافي لإنجازها على أحسن وجه وعلى أجود صورة..؟
أليس ما يقع في الزيارات الملكية عنوانا على النهب والفساد وعلى غياب أية إرادة للتقدم والتحديث والمعاصرة والمضي بهذا الوطن نحو الرقي والسمو..؟
وهل من المعقول أن نظل على هذه الحال البئيسة ونحن نعيش الألفية الثالثة التي دخلها الغرب بالاختراعات والاكتشافات وندخلها نحن بخيبتنا وعقليتنا المتعفنة والنظر في الهموز والصفقات وفي الاغتناء على حساب المال العام، والتشبث بالفساد..؟
لماذا لا يصلح المغاربة ولا يختارون الإصلاحات إلا تحت الظغوط وفي توقيت خيالي وأرقام زمنية قياسية..؟ إنه غياب "الإرادة"، إرادة الإصلاح وخدمة الوطن، وحضور الإرادة، إرادة السرقة والغش والفساد...

هشام عابد - باحث في الفكر الإصلاحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في لندن تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة


.. كاميرا سكاي نيوز عربية تكشف حجم الدمار في بلدة كفرشوبا جنوب




.. نتنياهو أمام قرار مصيري.. اجتياح رفح أو التطبيع مع السعودية


.. الحوثيون يهددون أميركا: أصبحنا قوة إقليمية!! | #التاسعة




.. روسيا تستشرس وزيلينسكي يستغيث.. الباتريوت مفقودة في واشنطن!!