الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العمل الفني ، و الجمهور النشط .. حديث لإيهاب حسن

محمد سمير عبد السلام

2012 / 6 / 18
الادب والفن



تقديم ، و ترجمة: د. محمد سمير عبد السلام – مصر

أولا : مقدمة الترجمة :
يتناول المفكر و الناقد إيهاب حسن – في هذا الحديث الوجيز المكثف- العلاقة المعقدة بين العمل الفني ، و مجموعات الجمهور الفعال ، أو النشط في سياق المعارف الإنسانية المتنوعة ، و تطورها الزمني ، و الاجتماعي .
و فكرة الجمهور النشط مطروحة ، و تقسيم أنواعها يشبه أنماط المتلقي ، أو القارئ في النقد المعاصر ، و لكن إيهاب حسن يشدد هنا على علاقتها التفاعلية بالمنجز الثقافي الإنساني ، و مدى تفعيل علاماته في موقف التلقي المفتوح الذي يجمع بين المكون الإبداعي ، و الإنتاجية الفكرية ، و الاجتماعية التي يستمدها عضو المجموعة من المخزون الإنساني العالمي ، و مدى تفاعله مع الوجود الراهن .
إن الجمهور هنا يمثل مجتمعا ذي طبيعة خاصة ، و إن كانت أسئلتهم ، و مواقفهم تجسد معان إنسانية ، و فلسفية ذات اتجاه عالمي.
و أرى أن قيمة هذا الحديث تنبع من ثلاث نقاط رئيسية ؛ هي :
أولا : تجاوز الأبنية التقليدية :
تنفتح العلاقة القديمة – الحديثة بين كل من المرسل ، و النص ، و المتلقي هنا ، و تخرج عن الأبنية المغلقة ؛ فالعمل الفني ؛ مثل العرض المسرحي ، و القصة ، و اللوحة ، يتسع للإضافات التأويلية الممكنة بواسطة أعضاء المجموعة ، دون مركزية واضحة في كل مكون من مكونات نموذج التواصل التقليدي ؛ فبنية التلقي نفسها تنفتح على ما يتجاوزها من مجالات معرفية تداخلية ، و نماذج شعورية ، و أبنية اجتماعية ، و ثقافية ، و تتميز تلك المجالات بديناميكيتها في إنتاج دلالات تتجاوز استقلالية المتلقي في موقف التواصل ، و قد صار مولدا لعلاقات لامركزية عديدة للمعنى تقوم بتفكيك استقلالية الأطر الذاتية ، و كذلك التفاعل المحدود بين مجموعة من الأبنية المعروفة سلفا.
إننا أمام حالة من التعددية في نقاط الانطلاق لبناء المعنى في سياق البحث عن أصالة القيم ، و المعارف الثقافية ، و الإنتاجية الجديدة القائمة على تفاعل طبيعي بين التراث ، و الإبداع ، و آراء الجمهور ، و قضاياه الاجتماعية في نموذج مفتوح ، و متسع للتواصل.
ثانيا : الالتزام بالتقدم داخل مجال الحكمة البشرية :
يؤكد إيهاب حسن دلالة تجديد أصالة السياق الإنساني ، و الاجتماعي في موقف التلقي ؛ و هو ما يكسب علاقة المتلقي بالعمل اتصالا روحيا متجددا في الزمن ، و منتجا لخصوصية جديدة مضافة للمعاني الفنية ، و الذاتية ، و الثقافية المتضمنة في العمل الفني ؛ إنه التزام جدلي ينبع من النماذج الأصلية ، و المشتركة بين البشر ، ثم يضيف إليها ما تتطلبه لحظة التلقي من تفاعلية لا مركزية ؛ لبناء خبرة جديدة تتجسد في لحظة الحضور؛ و لهذا بدأ إيهاب حسن بالحديث عن مستودع الحقول المعرفية الإنسانية ، بما يحويه من قضايا ثقافية ، و تاريخية ، و قيم ، و معتقدات ، و أحاسيس جمالية ، ليعود إليه مرة أخرى بصورة دائرية في نهاية الحديث ، و كأنه يؤكد التفاعل بين الأصالة ، و إعادة الإنتاج ،حين تنجح مجموعات الجمهور النشط في استعادة التراث الإنساني ، و تشكله في حكمة اتصالية جديدة ، و مؤثرة في الوجود الإنساني بالمعنى الواسع ، و علاقته المباشرة بالمجتمع.
و رغم أن الاهتمام بالموقف الاجتماعي للجمهور يشترك مع مسرح بريخت الملحمي ؛ فإن الركيزة هنا هي الانتباه لفكرة التصديق ؛ لأجل ربط العمل بالنماذج الإنسانية ؛ أي أنه يتجاوز الإيهام من داخله .
ثالثا : الإنتاجية التوليدية للمعنى:
يتحدث إيهاب حسن عن (الاندماج أو التقمص) كموضوع لمناقشة مجموعة من الجمهور ، ثم يستطرد في الحديث عن التواتر الإنساني للفكرة في الأعمال الفنية بشكولها المختلفة ، و كأنها تؤكد الجمال المصاحب للعلامات الجزئية للفن في مواجهة النماذج الشعورية ، و الفكرية الأولى داخل المتلقي ، و في تراثه الثقافي معا ، ثم يناقش مسألة الثقة ، أو التصديق الذي يلجأ إليه المتلقي حين يؤجل فكرة تكذيبه العقلي لخوارق الفن وفق مفهوم كل من وردزورث ، أو كوليردج؛ و علاقة التصديق طبيعية ، و لكنها تكتسب بعدا جديدا حين يعاد إنتاجها في سياق المعارف الإنسانية ؛ فذلك المستودع الهائل من الرموز ، و الإشارات ، و المعاني يعاد تمثيله ، و بناؤه ، و توليده في موقف التلقي الذي يجسد علاقة خاصة ، و فريدة بين العمل الفني من جهة ، و الذات ، و الكون ، و المجتمع من جهة أخرى؛ و من ثم تذوب الحدود بين المعرفي ، و الواقعي ، و الفني لتكوين خبرة عالمية جديدة ، و متجددة.
و أرى أن حديث إيهاب حسن عن ربط الإنسانيات بالجمهور النشط يمثل حلقة في مشروعه الفلسفي ، و الإبداعي الكبير حول التقارب بين الثقافات في مستوياتها المحلية ، و العالمية ، و تعزيز للنزعة العالمية اللامركزية في المجال المشترك بين الفن ، و الحياة.
ثانيا : حديث إيهاب حسن
العمل الفني ، و الجمهور النشط
أعتقد أن المعارف الإنسانية تحدث أمرين مؤثرين ؛ إذ تشبه مستودعا ضخما لشركة تقوم على الائتمان ، و الخبرات الفنية. و هي أيضا مستودع ضخم من القيم ، و المواقف أو الاتجاهات ، و النزعات ، أو السمات الفريدة المتضمنة في شكل خاص من الثقافة .
و هي تمثل مصدرا ، أو ينبوعا مشتركا لهذه القيم و المواقف ، و الاتجاهات ، و الأحاسيس.
و لكنني أرى أيضا أنها تميل إلى تثبيت مبادئها بشكل أساسي يوميا أو سنويا في الاتصالية الزمنية المتمثلة في تعاقب المراحل التاريخية ، أو في الربط بين الفترات الزمنية المختلفة ، و اللحظات التاريخية ذات المغزى.
و يمكننا أن نطلق على هذا الاتصال (العمومية الإنسانية) ، أو النزعات الإنسانية المشتركة بين البشر ، و التي تبدو خلال وقت إنتاج الثروات البشرية رغم حدوث التحولات ، أو التبدلات خلال وقت ما.
هذا هو ما يجب أن نتحدث عنه ، و لكننا في الحقيقة بصدد الحديث عن قضية الجمهور النشط ، أو الفعال ، و كذلك بعض الأعضاء الآخرين من الجمهور هنا.
و هذه المجموعة تقدم لمناقشة فكرة الأداء ، و التقمص الروحي ، أو العاطفي الخاص بالممثل .
إن قضية التوحد ، أو الاندماج متضمنة في الأنشطة الفنية جميعها ، و هي تعيد تشكيل فكرة الثقة ، أو التصديق المصاحب للعمل.
و يبدو هذا واضحا في موقف المشاهد للوحات ، و الرسومات الفنية ، و مشاهد العمل المسرحي ، و المستمع للقطعة الموسيقية.
إن المتلقي يلج حالة الإرجاء هنا ، أو ما يعرف عند وردزورث بتعليق فكرة عدم التصديق بصورة مؤقتة ، و لحظية .
فثمة تصديق معتاد و مألوف بين الموضوع الفني ، أو الفنان من جهة ، و عضو المجموعة الفعالة من الجمهور من جهة أخرى.
و أعتقد أن المعارف الإنسانية تمثل السياق الذي يحوي هذا النشاط الإبداعي ، و هذه العلاقة.
و يضعف السياق المعرفي الإنساني كلما فقد جزءا من الاتصال الخاص بين البشر ، و المجتمع .
إضاءات و هوامش
1- المعارف الإنسانية (Humanities) :
الإنسانيات في (muohio.edu) مجموعة من المفاهيم ، و أفكار تسهم في تكوين رؤية حول الحياة الإنسانية ؛ و من حقولها علم الحضارات ، و الآثار ، و التاريخ ، و الأخلاق ، و اللغة ، و الفلسفة ، و الأدب ، و النقد ، و مقارنة الأديان ، و القانون.
2 – الجمهور (Audience) :
الجمهور النشط في ويكيبيديا الإنجليزية يوجد بشكل عام في العروض التي ترتكز على كسر الحائط الرابع ؛ مثل جمهور مسرحية (لغز إدوين درود) المبنية على نص روائي غير مكتمل لشارلز ديكنز ، و يطرح جمهور المسرح رؤى متباينة حول كينونة القاتل المجهول.
و من أنماط الجمهور ؛ الجمهور الحقيقي الذي يعتمد على خصوصية الأوضاع ، و الظروف ، و التعامل المباشر مع أفكار المتكلم ، و الجمهور المثالي الذي يعتمد على التوفيق بين وضعه المتخيل في النص ، و ما يتفق مع الواقع في المستقبل ، و الجمهور الضمني هو المستنتج من إشارات النص نفسه.
3/ نشر حديث إيهاب حسن بواسطة (University of Western Sydney ) و هو على موقع يوتيوب على الرابط :
http://www.youtube.com/watch?v=42AOz2sUPZ8








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في