الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات من هنا: حيث الأبد يعني اسمها

كمال شاهين

2005 / 2 / 7
الادب والفن


- المدينة الجامعية
انفجرت محطة تحويل كهرباء المدينة الجامعية الكهربائية للمرة الثانية هذا العام بسبب زيادة التحميل الناتج عن تشغيل السخانات ، فالشوفاجات لا تعمل ليس لأنها لا تعمل ، بل لأن لا موظف يناوب بعد التاسعة ليلاً وقبل التاسعة صباحاً ، هكذا قضت المدينة الجامعية نصف شهر الامتحانات على ضوء الشموع والقمر ولو أن القمر لم يكن كافياً لشيل المواد ، وهكذا أيضاً حمل صديقي أربع مواد بسبب عشقه لضوء القمر .
الموقف:
مات أبو علاء بالسرطان ، نعته اللجنة المنطقية لحزبه هكذا : اللجنة المنطقية للحزب الـ... تنعي إليكم رحيل الرفيق أبو علاء ، لم تعجب النعوة أهله فأنزلوا نعوة تبدأ بـ " إن لله وإنا إليه راجعون " هكذا لا زال الصراع الأيديولوجي مستمراً بين السرطان والحزب والأهل .
دوار الزراعة :
تتكاثر المطارح ، تتناقص الأمكنة ، بين المكان والمطرح مسافة الإنسان ، لا شيء يذكرك به ، هنا ولد ذات ليلة قمرية ، فيما كان الآخرون مشغولين بالعدم ، وهنا أيضاً بدأ سلسلة انحداره المزمن من إنسان إلى كائن ، ابتدأ الأمر بلعبة بسيطة من كان قادراً على الركض أكثر من غيره فليقف في الصف الأول ، رغم ذلك لا شيء يذكرك به ، ليس الأمر افتقاداً شاعرياً الأمر ببساطة أنه غير مكترث بما حصل له .
حدثت الواقعة واقعياً كالتالي وعلى محاور أربعة : جابي السرفيس طلب من الراكب الأخير في المقعد الأخير الأجرة مرة ثانية لأن السرفيس بدأ دورة ثانية ، فزعق به راكب السرفيس ليس بسبب الأجرة ، بل لأنه لم يقل له إذا سمحت !وابتدأ الضرب !
في الوقت ذاته وبنفس المكان عبرت سيارة مرسيدس ‘شارة المرور والشرطي واقف بقربها فكأنه لم ير شيئاً وبذات التوقيت اصطدمت بسيارة عسكرية أمامها وكذلك ابتدأ الضرب !
في المحور الثالث للمكان وقفت سيارة سوداء وصعدت فيها طالبة في الثالث الثانوي إلى مكان قد يكون مدرستها فيما أكمل المراقب سيره على اٌلأقدام ليس بسبب الأجرة وليس لأنه لا سرفيس يمر في المحور الرابع ، فقط لأن المحور الرابع منحدر باتجاه البحر !
دوار هارون :
تكتب لشارة المرور متسائلاً: ما فائدة الشرطي إذاًَ ؟الشارة تعمل، اليمين مفتوح، اليسار مغلق، الشارة تعمل وقد تتعطل، المدينة كذلك، لذلك كان الشرطي هناك،
الكراجات ــ
الموضة الدارجة هذه الأيام هي الألبسة الرمادية والجلدية، صناع الموضة هم الأكثر دراية بأحوال أيامنا . الرمادي يسكن تماماً بين الأبيض والأسود !
السجن ـ المالية ـ المحكمة ـ
حيطان أربعة بارتفاع ثلاثة أمتار تفصل بين هذه الدوائر الرسمية وبالترتيب. إعادة الترتيب تخضع لاعتبارات فكرية واقتصادية.
المرفأ ـ
ماذا تبقى منا هذه الأيام ؟
لا أصدقاء سوى قلَّة تستأهل الالتفات إلى روائحهم ، لا مدن تستأهل العبور إلى شمالاتها بدون نساء تفهم زقزقة روحك الليلية ، كنار هارب فوق المرفأ منذ أيام ، أغنيته الوحيدة : {كل سفينة ريحها ليست منها فقيرة }!!!


عصافيري ـ
في صورة تعود إلى الخمسينات كان مقهى العصافيري يطل مباشرة على البحر ، المسافة الآن بين المقهى والبحر طويلة ، على هذه الطريق أنت مضطر للاستراحة في المرفأ .
بعد المقهى مباشرة تقع نقابة المعلمين وشرقه تقع رابطة المحاربين القدماء .
شناتا ــ
بعد سنوات عشر على الحياة في هذه المدينة، لم أستطع أن أعرف ماذا يعني هذا الاسم والسؤال موجه للآن لم يعرف !
الفرع ـ الشعبة ـ
هناك مدرسة للمعاقين بين الفرع والشعبة تقع شرق الحديقة، مديرة المدرسة راهبة عمرها ألف عام، ربما كانت واحداً ممن حضر تدشين أول أبجدية في التاريخ.
المرفأ ــ البوابة الثانية
أحمل كل البحر إليك، من باب الرمل إلى باب اليقظة، أحمل موجته فوق الغيم وفوق الحزن، كي أكتب بالرمل وبالصخر أني أحبك، لا أرى تفسيراً قريباً من يدي لأرجع إلى عملي هذا المساء فأبقى هنا حتى الصباح.
الإشارة ـ
بين الإشارة والعبارة أوقفني ، وقال لي ياعبدي لا تخدعنك الإشارات ، عليك أن تسمع صوت روحك قبل أن تلتفت ، الإشارات خدّاعة ، كذلك العبارات .
كنيسة سيدة اللاذقية ـ
لم تخرج عشتار من المدينة ، و إن ارتدت ثوباً طويلاً يغطيها فلازالت تنبض بالقمح والحليب غير أن السور الحديدي بمنعها من الخروج للتسوق ، هناك حسومات مغرية تصل لسبعين في المئة .
المركز الثقافي القديم ـ
لا أعرف لماذا يفعلون ذلك يستبدلون أغلفة الكتب الأصلية بأغلفة رمادية أو خضراء ، هكذا لم أر قهوة احمد معلا مع سعد الله ونوس ، ولم أر محمد شكري وسط رغيفه الحافي ، تماماً الرمادي يسكن بين الأبيض والأسود .
السوق ـ
لا شيء أكتبه إليك قلبي متخم جداً ، طائر أسود يرف فوق قلبي هذا الصباح ، صديقي غاب في السماء هذا النهار منذ عام مضى ، ربما وصل السماء فأنا لم أتلق منه أية رسالة منذ ذلك اليوم ، هل عدم سقوط المطر دلالة على أنه وصل ؟؟ لقد ترك أغنية على الزجاج تحكي عن غيم ومطر ورحيل ، هربت الغيمة إلى تحت التخت ، واختبأت الريح في ثقب صغير يدعى القلب .
ساحة الشهداء ـ
قبالة المدرسة التقيته ، لم نكن قد التقينا منذ أعوام ، كان يبول من فمه ويأكل من مكان آخر ، سألته لماذا ؟؟ فسرد لي الحادثة التالية : دخلوا عليه في مكتبه البسيط ولما لم يوقع على طلبهم لأن فيه تخريباً للبيئة ، ألقوه على الأرض وبالوا في فمه ومن يومها وهو يبول من فمه و...
كان مثلي في زمانه الأول مهندساً ميكانيكياً .
الساحة ذاتها ـ
هو الآخر التقيته قرب النافورة ، يكتب قصاصات ورقية ويلقيها خلفه ولاأحد يقرأها ، التقطت ورقة وقرأت : هل البقدونس أخضر لأنه كذلك أم لأنه هو يريد ذلك ؟؟
كان في زمانه الأول مهندساً زراعياً .
الكراجات ( الثانية ليلاً ) ـ
طلب منها الشرطي الهوية للتأكد من الحجز ففتحت معطفها وضربت يدها في صدرها وأخرجت نهداً نائماً كحمامة في يدها ، صعدت إلى الباص وتابعت إلى مدينة أخرى .
المحطة ـــ
الريح تبقى الريح والمطر يتنوع على سجادة الأرض و بسنادا في الواحدة صباحاً تشبه امرأة ترمي عن رأسها غبار الروح . هل يمكن لشخص ما أن تسرق منه روحه وهو لا يعلم أو أن تسقط روحه سهواً على الأرض فيما يتدافع نحو السرفيس الساعة الثالثة ظهراً ؟؟
بسنادا ( الخامسة صباحاً )
لا أحد يفاوضنا غير غاياتنا البسيطة : شارة شرف أنا كنا نحلم بالزمن الأبيض والكرز الأحمر نقطفه من فوق شفاه الحب ، تفتق العمر ياصاحبي فخيط على مهل أيامنا القادمة ، لعلنا نخرج من ليلنا الأبدي إلى الدنيا من جديد ، لم نيأس بعد من الحياة ، فافتح روحك وخيًّطني عليها .
بسنادا (من جهة العاشق ):
أسلم نفسي لمقعد الكرسي ، إلى كتف الفتاة التي أحبها ، وأتخيل أنني أبتعد عن مدينة مؤلفة من بيوت قديمة قدم الحب ، على الشاطئ الآخر من المدينة أرى في انتظاري أرواح من سبقوني إلى الحياة ، هكذا أرى وجهك دائري يفيض على بحر المدينة بالحب " لم يكذب علي الحب ولكن كلما جاء المساء امتصّني جرس بعيد "
الرمل الفلسطيني ـ
يعجبني هذا التعبير ، إنه التعبير الحقيقي عن أحوال الشعب الفلسطيني ، يمكنك بكل سهولة أن تكتشف فلسطيناً صغيرة هناك ، الشيء الوحيد الذي لن تجده هو البرتقال والزعتر والاتفاقيات المذلة .
الكورنيش الجنوبي :
هكذا نبتلع المرافئ ..وهكذا كذلك أكتب إليكِ من مكان اهتدى إليه ذات زمان عيد ميلادك ..أكتب إليك من عيد ميلادك ...لا أعرف الآن أينك ..بماذا تفكرين ..أو كيف يمر الزمان عليك .. الزمان مسألة نسبية مرتبطة بحضور الأشخاص ... الأشخاص الذين ينتعلون ذاكرتهم ويكتبون على مؤخرات أرواحهم : لسنا قادرين ! وتضيع الذاكرة ... وتذهب في الصقيع ... صقيع الروح .. والكلام والرؤية ...
هوذا كلام قديم مجرد من الإحساس بالمكان والزمان ...هوذا جرح ينزُّ من سكين صاحبه ..لربما كان النبض شكله .. لربما كان دمه خشباً !
هكذا نبتلع المرافئ ..
وبيقى البحر حائراً بيننا ..
هل كنت الشواطئ ذات زمان ؟!
”أيا ريتا طويل هذا الشتاء طويلُ.... “
شمال الكورنيش الشمالي :
لم أقترب من البحر كثيراً ..وجوه من ضيعهم وطني تقفز بين البحر والصخور.. وجوههم تسألني عن الأحوال ..كان يوم ثلاثاء .. يومها قسّمتُ المدينة نصفين.واحدٌ أطعمته للريح
والثاني خبّأته في كرتونة الأحلام .. من يومها ومدينتي تطنٌّ في الكرتونة بضجّة هائلة ...
تلك الكرتونة كانت يوماً رأسي ....

اللاذقية 2/2/2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي