الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا بين الأقليات والأكثرية

طيب تيزيني

2012 / 6 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


كثر الحديث عن الوضع الطائفي في سوريا، وعما إذا كان هذا الوضع هو الذي سيكون "بمثابة القشة التي ستقصم ظهر البعير"، بل إن حالة جديدة يسجلها الباحث المراقب لأهميتها وهي ارتفاع نبرة الحديث عن ذلك الوضع في سوريا بالتوافق مع أحداث عسكرية دامية تُقَّدم في الإعلام على خلفية صراع طائفي. وجاء من قبيل ذلك ما حدث بين سكان من مدينة السويداء الدرزية ومدينة درعا السنية، حين جرى اختطاف عدد معين من كلتا المدينتين، وحين راح البعض يسوقه بصفته حادثاً طائفياً، كان ذلك قبل ما يقرب من الأسبوعين. ولولا أن تصدى لهذا الحدث جموع من المواطنين العقلاء، حيث دفنوه كما دفنوا أحداثاً أخرى مماثلة سابقة في ذاكرة الموت المقيتة، لكان أحدث مذبحة بين أبناء المدينتين المذكورتين.

ما عرضناه يمثل إحدى الشرارات التي فجرها أناس أقل ما يقال فيهم إنهم أرادوا من ذلك إشعال النار في سوريا بين طوائف عاشت حتى الآن - بغض النظر عما حدث من أحداث مماثلة في عهد الانتداب - الاستعمار لسوريا، وكذلك في أحوال أخرى فريدة.

وإذا أخذنا بالاعتبار أن التاريخ الطائفي السوري كان - عموماً - تاريخاً قام على التوافق بين كل مكونات الشعب السوري، أي على مبدأ الإقرار بالآخر تحت راية العلم السوري والمواطنة السورية، فإن مسؤولاً كبيراً يطرح نفسه - بكل مرارة واستفزاز - وهو: لماذا يصعد خطاب الطوائف في سوريا الآن بلهجة طائفية خطيرة، إلى السطح، آخذاً صيغة يتضح منها الدم عبر القتل والاستباحة وتدمير كل ما يتحرك على الأرض السورية؟ واستتباعاً لذلك: لماذا تحدث المجازر الدموية المروعة الآن، وقد ودَّعْنا آخرها في الحولة والقبير وأخرى منذ ما يقترب من أسبوعين؟ مع العلم أن هذه المجازر تفوح منها رائحة لا تُخطئ بُعدها الطائفي، وأفقها التدميري.

الآن وبعد أن راح يحدث ما يحدث في سوريا من تصميم على تدميرها، خصوصاً عن طريق تصعيدها بوسائل متعددة تبرز الحرب الطائفية (وليس الأهلية) ضمنها، نستدعي الذاكرة التاريخية، التي يمتلكها جيل الهزيمة في العالم العربي والتي راح يضخها بالحياة، كي يقرأها من جديد وفي ضوء الراهن المشتعل: ألا تتضمن الصراعات الطائفية في سوريا دلالة تشير إلى مرحلة سبقت مرحلتنا هذه المحشوة بما يُعرف وبما لا يُعرف من قنابل يُراد لها أن تضع سوريا وجهاً لوجه أمام استراتيجية الشرق الأوسط الجديد أو الأكثر جِدّة: إن ما لم يتحقق قبل سنين، لا يُدفن في مقبرة التاريخ، خصوصاًِ إذا لم يفقد وظائفه الاستراتيجية المنوطة به! وهذا هو ما ينطبق أو ما قد ينطبق على المشروع المذكور، ونذكّر الآن بما كنّا نراه بعد سقوط بغداد، كان رأينا أن دور سوريا سيحل في اللحظة المناسبة، أي في اللحظة المحتملة، التي يكون أو قد يكون الإصلاح والتغيير والتحديث قد دخل مرحلة أخطر ما تتسم به هو الاضطراب والعنف ومواجهة الدعوة إلى تلك الأهداف الثلاثة بالحديد والنار، أو بنمط من المراوغة المسلحة بهاتين الأداتين.

وعلينا أن نذكّر بما طفح من رهانات واستراتيجيات واحتمالات سياسية (مع غياب السياسة في سوريا) وغيرها، بعد سقوط بغداد، كانت الرؤية التاريخية المستقبلية، كما رأيناها آنئذ، تقوم على أن الحلول المطروحة، أو التي ستُطرح كحل لما اعتبر أزمة بنيوية في سوريا، تتشعب إلى أربعة هي التالية: انفجار الوضع الاجتماعي الاقتصادي (الطبقي) يُسعى إلى تغطيته أو تزويره طائفياً. وتفجير الوضع الطائفي شافولياً وأفقياً ولولبياً. والعمل على استدراج الخارج لاقتحام الداخل السوري، وتحويل حُطامه التاريخي إلى حالة من صراع بين الجميع على نحو يجعل هؤلاء أطرافاً مسؤولة عن ذلك: المال الحرام يحفز اللصوص على "التدخل" بطريقة ما. وأما الحل الآخر والأخير، فهو الذي يستجيب لاحتياجات الإصلاح والنهوض والتحديث وفق حاجات مجتمع (هو السوري)، ظل أكثر من نصف قرن يحاول إنجاز حالة جديدة، لكن حيتان هذا المجتمع يقفون بالمرصاد لذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حافظ..يحكم سوريا من قبره
ماجدة منصور ( 2012 / 6 / 19 - 01:14 )
وجود هذه العصابة الدموية على سدة الحكم ..خراب على سوريا في الماضي و الحاضر و المستقبل..وماذا نتوقع من هذه العصابة غير الخراب على جميع المستويات ؟؟
هل سمعت يوماً ان طيور البوم ..تلد عصافير حب؟؟
ألم يقوي حزب البعث الطائفية و القبلية و العشائرية (استقوى بالقرباط)؟؟
ألم يفتت نسيج المجتمع منذ تأسيس حزب البعث البغيض ؟؟
ألم يحول الشعب السوري الى فئتين متضادتين (مع أو ضد )؟؟
ألم يفتت المجتمع المدني بلؤم تميز به السيئ الذكر حافظ الأسد؟؟
ألم يقوي الأقليات كلها_بدون استثناء_على الطائفة السنية التي تمثل أغلبية الشعب السوري؟
ألا ترى معي أن القرموط البائس حافظ الأسد ما زال يحكمنا من قبره؟؟
فكيف لنا أن نحسن الظن _كعادتنا_ و نقول أنه لا طائفية في سوريا!!0
لك احترامي


2 - تـحـيـة إلى : طـيـب تـيـزيـنـي
غـسـان صـابــور ( 2012 / 6 / 19 - 17:19 )
أستاذي الفاضل
في الماضي اعترضت على بعض كتاباتك... أما اليوم فإني أرفع لك قبعتي احتراما على هذا المقال التحليلي المبسط الكامل الصادق, عـن الوضع المأســاوي الذي تعيشه ســـوريــا منذ خمسة عشر شهر حتى هذه اللحظة...............
آمل أن يقرأه العديد من قراء هذا الموقع. أمـا أنا فـإني سأوزعه على العديد من أصدقائي, في كل مجالات التواصل الاجتماعي.. لأنه أعقل وأوضح وأصـح ما قرأت في هذا المجال المحزن الذي تتضارب فيه الآراء والمداخلات البريئة والمشبوهة.. الصديقة والقاتلة.. هذا اليوم...
ولك كل مودتي.. وأصدق تحية مهذبة.. حــزيــنــة.
غـسـان صـابـور ـ لـيون فـرنـسـا


3 - تحية إلى : طيب تيزيني ـ يرجى النشر
غـسـان صـابــور ( 2012 / 6 / 19 - 17:50 )
أستاذي الفاضل
في الماضي اعترضت على بعض كتاباتك... أما اليوم فإني أرفع لك قبعتي احتراما على هذا المقال التحليلي المبسط الكامل الصادق, عـن الوضع المأســاوي الذي تعيشه ســـوريــا منذ خمسة عشر شهر حتى هذه اللحظة...............
آمل أن يقرأه العديد من قراء هذا الموقع. أمـا أنا فـإني سأوزعه على العديد من أصدقائي, في كل مجالات التواصل الاجتماعي.. لأنه أعقل وأوضح وأصـح ما قرأت في هذا المجال المحزن الذي تتضارب فيه الآراء والمداخلات البريئة والمشبوهة.. الصديقة والقاتلة.. هذا اليوم...
ولك كل مودتي.. وأصدق تحية مهذبة.. حــزيــنــة.
غـسـان صـابـور ـ لـيون فـرنـسـا


4 - المرض الطائفي
ماهر السيد ، إيرلندا ( 2012 / 6 / 19 - 19:12 )
تقول [ وإذا أخذنا بالاعتبار أن التاريخ الطائفي السوري كان - عموماً - تاريخاً قام على التوافق بين كل مكونات الشعب السوري، أي على مبدأ الإقرار بالآخر ] أنا ارى بأن الطوائف المتعايشة في سوريا مند 1000 عام تتعايش مع حقد كامن ظهر أحياناً بالعلاقات الإجتماعية اليومية وكلنا نعرف دلك وأحياناً اخرى برفض الآخر المترافق مع العنف العنصري [مجازر 1860 ضد المسيحيين] المشكلة برأيي هي اولاً وأخيراً العنصرية الطائفية وخاصة بين السنة والشيعة لأن الأقليات [سيدة ماجدة] ليس لهم لاناقة ولاجمل ومن الطبيعي أحياناً نراهم يقفون وراء القوي او بالأحرى وراء [المستبد] مهما كان اتجاهه لتأمين استمرارهم في الحياة وإلاً فنائهم [ كونهم من الكفار ] أو ان يدفعوا الجزية او ان يغادروا البلد هدا من جهة ومن جهة اخرى [وهدا طبيعي] ان القوى الكبرى تسعى كي تحصل كل منها على قطعة لحم عندما تقع البقرة او تصاب بمرض هدا المرض الدي لم تستطع الدول العربية ان تجد له دواءً مند 1400 عام
تحياتي لكم جميعاً


5 - علامة استفهام
حسين صالح جبر ( 2012 / 6 / 20 - 06:59 )
الصديق طيب تزيني تحية كبيرة وبعد منذ ما يقرب على الخمسة وعشرين عام قرأت لك كتاب مشروع رؤية جديدة للعصر العربي الوسيط ومنذ ذلك الوقت اعتبرتك صديقي كان ذلك في سجن ابو غريب حيث قضيت احد عشر عام واليوم اتابع ما تنشره خاصة حول ما يتعلق بالوضع الحلي في سوريا ولا ارى وضوح في موقفكم هل انتم مع الانتفاضة بكل ما تحمله من صبغة طائفية ودعم غربي خليجي واضح الاهداف رغم بدايتها المشرفة والسلمية ونهايتها بأحضان القاعدة ام انك مع النظام القابع على صدور السوريين منذ خمسين عام لا يتزحزح ولا حتى بصيص امل بأجراء اصلاحات مزعومة ينتظرها البعض من السذج كان مجرد سؤال وارجو قبول صداقتي


6 - السيد ماهر
نبيل السوري ( 2012 / 6 / 20 - 07:17 )
من المفترض حين يستلم نظام حكم يصرعنا بتقدميته وحضاريته، من نظام سابق صرعنا هو برجعيته وعفنيته، أن يتقدم، وبعد 50 سنة ولو خطوة واحدة باتجاه حضاري لا طائفي و(بالمناسبة) تحرري للمرأة
ما تحقق عملياً هو تفاقم هائل للطائفية، وبعض الرتوشات السخيفة لحرية المرأة السورية، حيث أن وضعها كان الأفضل في العالم العربي بعد لبنان، ولا جديد فعلي في هذا المجال، إلا اللهم زيادة نسبة المحجبات بشكل غير مسبوق بظل نظام تقدمي للغاية، ومباركته، بل تشجيعه لظاهرة مرضية مرعبة كالقبيسيات
فارس الخوري صار رئيس وزراء حينها، والإخوان كانوا في البرلمان بحرية تامة، وللعلم استطاع نوابهم الحصول على 6 مقاعد بشق الأنفس، وكان يمكن علويين أكثر منهم، فما الذي فعله هذا النظام ليصبح الإسلاميون خطراً داهماً لهذا الحد؟
صحيح أن الطائفية لم تنم لكنها لم تكن خطراً داهماً إلا بعد استيلاء الغوغاء والدهماء على السلطة!؟
ألا يؤكد لك ذلك أن نظاماً قاد الدولة والمجتمع هذه إنجازاته، قد قدم هذه الأدلة على خيبته وحماقته، بل خيانته، يجب أن ينقلع بعد أن أثبت أنه لا يجيد غير اللصوصية والقتل والقمع؟
كفاكم تأويلات لاتفيد إلا هذا النظام الساقل الساقط


7 - نصف قرن لاتكفي للاصلاح ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فادي التوبة ( 2012 / 6 / 20 - 15:16 )
الاستاذ الفاضل الطيب تيزيني
نصف قرن والبعثيون يعيثون فسادا في المجتمع السوري
نصف قرن وحيتان الاسد يبتلعون خيرات سورية والشعب السوري يعاني من الفقر والجوع والجهل
ثم انه 52سنة لا تكفي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هل عجزت سورية عن ايجاد البديل اما الاسد واما حروب طائفية كا التي يحاول خلقها النظام للقضاء على النسيج الاجتماعي المتماسك في سورية
اعتقد ان ما قلته فيه ظلم كبير للشعب السوري
عندما قرأت مقالتك كدت لا أصدق انك من ابناء حمص التي عاثوا فيها فسادا وكأنك تكتب من كوكب أخر والشمس لا تغطى بغربال
اما با النسبة للحديد والنار ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
انت تعلم ان المظاهرات السلمية أحرجت النظام وهو من سعى جاهدا الى تسليح الثورة
هل كنت تجرأ الى الذهاب الى طاولة الحوار في دمشق لولا هذه الثورة التي قادها فقراء الشعب وعامته وكنا نتوقع منكم انتم المثقفون اكثر من ذلك وتحاورتم على كل شيئ الا اسقاط النظام ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
نرجوا ان ترتقي في مقالاتك الى مستوى يليق بدماء الشهداء ويرتقي الى مستوى التضحيات
فما ذكرته في مقلتك فيه ظلم كبير للشارع السوري
ولك محبتي واحترامي


8 - نصف قرن لاتكفي للاصلاح ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فادي التوبة ( 2012 / 6 / 20 - 15:17 )
الاستاذ الفاضل الطيب تيزيني
نصف قرن والبعثيون يعيثون فسادا في المجتمع السوري
نصف قرن وحيتان الاسد يبتلعون خيرات سورية والشعب السوري يعاني من الفقر والجوع والجهل
ثم انه 52سنة لا تكفي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هل عجزت سورية عن ايجاد البديل اما الاسد واما حروب طائفية كا التي يحاول خلقها النظام للقضاء على النسيج الاجتماعي المتماسك في سورية
اعتقد ان ما قلته فيه ظلم كبير للشعب السوري
عندما قرأت مقالتك كدت لا أصدق انك من ابناء حمص التي عاثوا فيها فسادا وكأنك تكتب من كوكب أخر والشمس لا تغطى بغربال
اما با النسبة للحديد والنار ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
انت تعلم ان المظاهرات السلمية أحرجت النظام وهو من سعى جاهدا الى تسليح الثورة
هل كنت تجرأ الى الذهاب الى طاولة الحوار في دمشق لولا هذه الثورة التي قادها فقراء الشعب وعامته وكنا نتوقع منكم انتم المثقفون اكثر من ذلك وتحاورتم على كل شيئ الا اسقاط النظام ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
نرجوا ان ترتقي في مقالاتك الى مستوى يليق بدماء الشهداء ويرتقي الى مستوى التضحيات
فما ذكرته في مقلتك فيه ظلم كبير للشارع السوري
ولك محبتي واحترامي


9 - ما كل من صف الصواني صار حلواني
سوري فهمان ( 2012 / 6 / 20 - 20:49 )
يقول المثل السوري ما كل من صف الصواني صار حلواني. الوضع في سورية واضح كالشمس ولا يحتاج لمفكرين ولا فلاسفة . نظام لص وراثي طائفي منذ البداية كل السورين يعرفون ذلك بنى قوته على الطائفية ولا يخفى على أحد أن

المقبور ثبت نظامه باستناده أولا على الطايفة العلوية التي حصلت على كل الامتيازات ثم الحثالات من باقي السورين وكلنا يتذكر من بداية السبعينيات إسم الألمان اللذي أطلق على المقاقين من النظام كونهم اتو من جبال العلوين.

نعم هاي حرب طائفية ولا يوجد أي سبب لوضع الراس في الرمال كالنعامة.

اخر الافلام

.. محمد الصمادي: كمين جباليا سيتم تدريسه في معاهد التدريب والكل


.. متظاهرون يطالبون با?لغاء مباراة للمنتخب الا?سراي?يلي للسيدات




.. ناشطة بيئية تضع ملصقاً أحمر على لوحة لـ-مونيه- في باريس


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يهتفون -عار عليك- لبايدن أثناء م




.. متظاهرون يفاجئون ماثيو ميلر: كم طفلاً قتلت اليوم؟