الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش الثورة المصرية (53): الانتخابات الرئاسية وفرحة عبد السميع

عبير ياسين

2012 / 6 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


ذكرتنى تلك الفرحة المبكرة التى ظهرت أثناء عمليات فرز الأصوات فى الانتخابات الرئاسية من قبل جماعة الإخوان المسلمين وحزبها السياسى الحرية والعدالة برحلة عبد السميع "أحمد زكى- بواب العمارة" من مكانة المواطن المطحون للبيه عودة للمواطن المطحون مع كل الأحداث التى مرت به وبالعمارة وسكان العمارة. ورغم الفارق الكبير فى الأحداث وأبعاد الشخصيات ومكانها فى الواقع وفى الفيلم فأن الفكرة تبدو قريبة عندما نحاول أن نفهم بعض أبعاد سلوك الجماعة وحزبها والمحسوبين عليها أحيانا كثيرة، ومحاولة فهم مواقف البعض فى سياق المشهد.

وعلى الرغم من عدم تاييدى لفكرة تحميل الجماعة أو تحميل فصيل واحد بمسئولية التطورات التى شهدتها مصر ما بعد الثورة، وما حدث من عراقيل وتحديات كان يمكن تجنبها والسير فى مسار أفضل بدونها، ومع اقتناعى الكامل بأن الخطأ مشترك ويتحمل مسئوليته الجميع لأسباب مختلفة وبنسب متفاوته فأن سلوك الجماعة والمنتمين لها يظل أحد التحديات الكبرى فى المرحلة القادمة بأكثر مما كان فى المرحلة الماضية بحكم اللحظة وتحدياتها المتشابكة فنحن نقف بالفعل فى لحظة تاريخية تظهر فيها مصر فى منتصف ميدان له عدة تفريعات أو طرق، بعضها قد يكون طريق السلامة وبعضها قد يكون طريق الندامة وما بينهما أشباه طرق قد تصل بنا إلى طريق السلامة أو طريق الندامة ولكن بعد تفريعات كثيرة وتفاصيل مختلفة. وفى وسط تلك الصورة جاءت الأحداث بكل تطوراتها لتضع الجماعة -كما هو متوقع بحكم الواقع المصرى- فى واجهة الأحداث ولتحملها عبء تمثيل الثورة دون ان تختاره، ولتحملها عبء أخطاء من لم يستطع التوحد ففرق الأصوات من جانب وساعد على الوصول بالفلول إلى تلك المساحة من التواجد على المشهد.

وبعيدا عن الكثير من الأبعاد الخاصة باللحظة وتحدياتها وأسبابها يظل علينا النظر للأمام دون أن ننسى الماضى، واستهداف الغد دون أن ننسى الأمس، نظر يهدف إلى التعلم واستخلاص العبر وليس الشماته والتجريح كما فعل البعض عندما صدر قرار المحكمة الدستورية بحل البرلمان وبدلا من النظر للحدث على أنه استهداف لمصر الثورة تفرغ عدد لا بأس به للشماته من الإخوان خصوصا والإسلاميين عموما وكأن الحديث يتم عن دولة أخرى فى تدشين واضح لغياب الاحساس بالوطن ككيان مشترك والنظر له من باب الانتماءات السياسية والحزبية والمصالح الضيقة والمباشرة. تلك الشماته التى أوصلتنى للقول بأن هناك من يشمت فى نفسه بشكل غير مباشر لأنه لا يدرك أن ما يحدث يخصه على المدى المتوسط والطويل أن لم يكن على المدى القصير أيضا. لحظات شماته أسقطت أقنعة عن البعض قبل ان تبدأ فى التوارى كما يحدث دوما عندما تظهر قضية أخرى أكثر سخونه على سطح الأحداث.

ووسط أجواء الشماته الواضحة تركز جزء من التفسير على سلوك الإخوان تحديدا أثناء وبعد الثورة، وتفردهم بمساحات كثيرة من الصورة، وتراجعهم عن الوعود التى تقطع، والقيام بما تم نفيه، والتنافس دون مراعاة الآخرين. ومع تعاملى بحذر مع تلك المقولات التى تطلق دون تدقيق كاف ويتم تكرارها لتتحول لقناعة لدى الجميع دون النظر لعمق العمل السياسى والتنافس من أجل الوصول للسلطة بوصفه ابجديات السعى السياسى للأحزاب. وبعيدا عن حديث البعض المنمق عن حالة الثورة وضرورة احترامها عبر الاتفاقات والصفقات دون قيامهم هم أنفسهم باحترام تلك الحالة أو انكار الذات من أجل الثورة ومصر، أو مطالبتهم بما هو غير منطقى فى واقع الممارسة السياسية -كالحديث عن مناصفة منصب الرئاسة وفرض نواب لا يمكن عزلهم أو رئاسة مؤقتةـ فأن الساعات القليلة التى مرت خلال عمليات الفرز وأجواء الانتصار والاحتفال التى بدأت فى الظهور مبكرا استوقفتنى كثيرا.

وبداية لا أنكر ان قضيتى الكبرى فى الانتخابات الرئاسية بمرحلتيها تمثلت فى رفض نظام مبارك بكل ما يمثله، وبالضرورة رفض كتاب مبارك فى الحكم، وبشكل أساسى تمثلت فى جولة الإعادة فى رفض فكرة أن يكون رئيس مصر بعد سنوات طويلة من القمع تجسيدا لحالة القمع الفكرى حتى وأن كان فى صورة بلوفر مدنى حاول البعض دعمه باستخدام مقولات مباشرة أو غير مباشرة تلعب على كلمات فقدت معانيها فى الحالة المصرية لعقود وتحتاج لإعادة تعريف وخاصة ما يتردد حول الدولة المدنية والقدرة على اسقاط ديكتاتورية العسكر مقارنة بديكتاتورية الدين.... مقولات يقع فى القلب منها الحاجة لإعادة تعريف مفهوم النخبة وقيمة الكلمة والمسئولية ودور المواطن وقدرته وحقيقة الثورة وفاعليتها.

وفى هذا السياق كان تأييدى لمرشح الإخوان د. محمد مرسى فى الإعادة نابعا من حالة محسومة برفض منافسه لأنه يمثل فى ذاته شخصية ديكتاتورية أول ما تحدث فى أيام مبارك الأخيرة فى الحكم أهان الشعب المصرى وأكد على حق مبارك كأب للآسرة فى تشبيه غير حقيقى وغير منطقى وغير ممارس لا فى السياسة عموما ولا فى الواقع المصرى خصوصا، بالإضافة لما يمثله من نظام بيننا جميعا وبينه خصومة حتى لو لم يشعر بها البعض، نظام أجد أن بينى وبينه شخصيا خصومة فى كل الظلم والفساد والواسطة التى تسيطر عليه ولازالت.

وصلنا لتلك اللحظة التى كان غاية المراد فيها سقوط شفيق، ففى سقوطه رسالة رمزية بأننا رفضنا نظام مبارك وقمنا بتغيير شئ ما من الأشياء التى تعبر عنه. وفى نفس تلك الخطوة كان من الواضح أنه سيظل على الرئيس القادم وجماعته وحزبه، كما على الجميع تدارك أخطاء ما مضى وكتابة كلمات مفهومة على خطوط واضحة ولكن جاءت تلك الفرحة المبكرة لتعيدنى لعبد السميع وحاله مع العمارة التى تحول من بوابها إلى سيد من ساداتها عائدا بعد رحلة قصيرة إلى وضع أسوا مما بدأ منه لأنه لم يعد فقط لوضعية البواب ولكنه عاد بوضعية الانكسار.

ولا أقصد أن الإخوان هنا هم البواب أو أن العمارة هى مصر بكل تفاصيلها، ولكن يقصد ان بعض التغير فى المكانة -كما هو حال جماعة الإخوان حاليا- أن لم يتم على أسس متينة، وما لم يرسخ علاقات قوية بين أطراف المعادلة التى يعمل فيها لن يستمر كما حدث مع "البيه البواب"، ولكن المشكلة فى حالة مصر والإخوان ان العمارة لم تبدأ من وضع جيد كما كان وضع الأبطال فى الفيلم ولكنها بدأت من وضع سيئ بما يعنى ان الارتداد يمكن ان يسحب الجميع لتلك الطرق الملتفه التى تسير بنا فى مسارات دائرية دون أن نصل إلى أى مكان، أو تصل بنا إلى طريق الندامه... وفى النهاية لن نكون كما بدأنا، فمع الوقت لا يتعب الجسد فقط ولكن تتعب الروح أو تستلم.

لا أقول أن التطورات فى العمارة رهنا بسلوك الإخوان فقط لأنها لم تكن رهنا بسلوكهم فقط فيما سبق، ولا أنفى مسئولية السكان والشخصيات الفاعلة منهم. وأعتقد أن نقطة البداية الحقيقية لا تتمثل فى الوقوف عند كلمة فائز ورئيس ولكنها تنظر لحقيقة الموقف وعدد الأصوات التى ذهبت لهم وحجم العداء المتصاعد ضدهم. مع مطالبة الآخرين بالنظر لحجم الأصوات التى أتجهت للفلول ووضعت مستقبل الرئاسة على المحك لأن البعض لم يميز بين معركة مصر الثورة ومعركته ضد الإخوان- الإسلاميين أو مصالحه مع النظام وآلياته.

لا أرجو أن نعود لنهاية عبد السميع ففى النهاية عاد سادة العمارة إلى ممارسة دورهم مع التأكد من أذلاله تعويضا عما لحق بكرامتهم من اهانه، وفى مصر أن لم نمر من حالة التقاطع الحالية لطريق السلامة فالقادم يتجاوز عبد السميع وعمارته إلى صورة اكثر تعقيدا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف