الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شفيق إستفزاز سليماني للشعب

أحمد حسنين الحسنية

2012 / 6 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


في عهد مبارك كانت السلطة حريصة على توجيه تهمة السرية لجماعة الإخوان المسلمين ، و كانت تستند - جزئياً - في توجيه ذلك الإتهام على سلوكيات الإخوان أثناء إنتخابات مجلس الشعب ؛ و من تلك السلوكيات : الدخول بأكثر من مرشح في نفس الدائرة ، أحيانا يكون واحد منهم على الأقل غير معروف بإنتمائه للإخوان ثم توجيه كل الأصوات الإخوانية بإتجاه ذلك المرشح .
سلوكيات إخوانية معروفة ، و الإضطهاد الذي كانت المعارضة تعاني منه في عصر مبارك يبرر ذلك ، و ليس في ذلك السلوك - على حد علمي - ما يخالف القانون ، و على العموم أنا في هذا المقال لا أريد تبرير سلوكيات جماعة الإخوان ، فهم قادرون على ذلك ، و صوتهم أصبح أعلى صوت في مصر حاليا بعد النظام الحاكم ، كما إنني لست بصدد دراسة الأساليب الإخوانية في الحملات الإنتخابية .
ما أبغيه من هذا المقال هو دراسة السلوك الإنتخابي للنظام الحاكم الحالي ، في الإنتخابات الرئاسية التي جرت في مايو و يونيو من هذا العام ، 2012 ، بإيجاز لأصل من تلك الدراسة إلى نتيجة .
من السهل ملاحظة أن النظام الحاكم ، الذي لازال البعض يدعوه بالفلول ، تبنى نفس السلوك الإخواني ، و بكفاءة أكبر ، و هذا يتضح في النقاط التالية :
أولاً : نزل النظام الحاكم بأكثر من مرشح ؛ إثنان من الواضح إنهم جزء منه ، و أعني شفيق و موسى ، و واحد من المعارضة التي صنعتها السلطة ، و الآخر على تفاهم جيد مع السلطة ، و أعني بالأخير أبو الفتوح ، لتفتييت أصوات المعارضة .
ثانياً : قامت السلطة بحملة تضليل محلية و إقليمية و عالمية ، من خلال وسائل الإعلام المختلفة و المنتمية للمستويات الثلاثة السابقة الذكر ، قدمت بها عمرو موسى على إنه مرشح النظام الحاكم الحالي .
ثالثاً : من نتائج الجولة الأولى إتضح أن أصوات مؤيدي نظام مبارك لم تتفتت بين موسى و شفيق ، بل صبت في أغلبيتها الساحقة بإتجاه المرشح الذي لم تسلط عليه الأضواء ، و أعتبره الكثيرون مجرد مشارك شرفي ، و أعني شفيق .
سلوكيات تدل على تخطيط محكم ، جرى على مستويات كبيرة ، لأننا هنا ندرس إنتخابات رئاسية على مستوى مصر ، و ليس إنتخابات في دائرة إنتخابية صغيرة ، و نتحدث عن وسائل إعلام محلية و إقليمية و عالمية كلها قدمت عمرو موسى على إنه مرشح أعوان مبارك ، أو النظام الحاكم ، كذلك أن تصب أصوات أعوان مبارك على مستوى مصر بإتجاه مرشح واحد ، في سرية تامة ، وبدون أن تفتت تقريباً ، بحيث يمكن أن يتقدم ذلك المرشح للمركز الثاني في الجولة الأولى .
تخطيط محكم بالفعل ، و لا يقل أهمية عن إحكامه هو أن تنفيذه جرى على مستوى ضخم ، هو مصر ككل ، من أقصاها إلى أقصاها جغرافيا ، و بكتلة إنتخابية كبيرة ، و في سرية تامة ، و بإلتزام و إنضباط تام .
فمن الذي يقف وراء ذلك التخطيط ، و ذلك التنفيذ ؟
التخطيط واضح إنه ليس من بنات أفكار المجلس العسكري ، فالمجلس العسكري من المعروف نمط تفكيره .
التنفيذ بضخامته ، و سريته ، و إنضباطه ، أيضا لا يمكن أن يكون من جانب المجلس العسكري الحاكم ، لأن ذلك التنفيذ يلزمه جهاز أخطبوطي ضخم ، تصل أذرعه لكافة أنحاء مصر ، و منذ زمن طويل .
وزارة الداخلية ليس هذا هو أسلوبها في العمل ، و لكن بالتأكيد شاركت فيه كأحد الأدوات التنفيذية ليس إلا .
الحزب الوطني المنحل أيضا ليس هذا تخطيطه ، و لا أسلوبه في العمل ، و كلنا نعلم كيف كان الحزب الوطني .
التخطيط هو تخطيط جهاز المخابرات السليمانية ، و التنفيذ أيضا من جانبها ، و لكنها بالتأكيد أستخدمت بعض الأدوات الأخرى مثل : الداخلية و الكوادر الموثوق بها في الحزب الوطني ، و أعوانها في الإعلام المحلي و الإقليمي ، و إتصالاتها بوسائل الإعلام العالمية الصديقة لنظام مبارك مثل قناة السي إن إن الدولية .
الآن يأتي سؤال لماذا كان كل هذا الجهد من أجل شفيق ؟؟؟
لقد كان بإمكان المخابرات السليمانية حسم المعركة الإنتخابية من الجولة الأولى ، بتوجيه الأصوات التي إتجهت لصالح شفيق لتصب لصالح أبو الفتوح ، فأصوات شفيق مجموعة مع أصوات أبو الفتوح ، لصالح أبو الفتوح ، كانت كافية لفوز أبو الفتوح .
فوز أبو الفتوح لم يكن ليشكل مشكلة لنظام أعوان مبارك لأنه على إتصال جيد بالمجلس العسكري الحاكم ، و بالتالي لا إعتراض عليه من المخابرات السليمانية كشخص ، و كذلك لا إعتراض خليجي عليه و لا غربي ، و كان فوزه سيسكت جزء كبير من أنصار التيارات السياسية الإسلامية ، و لن يثير ثائرة الكثير من التيارات المدنية بعد الجهد الذي بذلة لكسبها لصفه ، و لن يعد فوزه هزيمة مكشوفة للثورة كفوز شفيق أو مرسي .
فوز أبو الفتوح كان سيمر في هدوء ، و ربما إبتهج بعض الذين لا يعلمون الحقيقة بفوزه ، و كان بإمكان الجهاز الإعلامي التابع للسلطة أن يروج لفكرة أن فوز أبو الفتوح إنتصار للثورة و إستكمال لها و تتويج لإرادة شهداء الثورة ، كما سبق و أن أوهم البعض بأن الثورة أكتملت بسقوط مبارك .
لكن من الواضح أن الهدوء ، أو إستقرار الأوضاع ، ليس ما تريده السلطة الحالية ، و هذا الرأي يدعمه التصرفات الأخرى للنظام الحاكم .
لقد إختارت السلطة أحد أكثر الأشخاص إستفزازا للشعب لتقدمه للصف الأمامي .
نتائج شفيق في الإنتخابات الرئاسية إستفزاز سليماني متعمد للشعب ، و دليل على قوة المخابرات السليمانية و جبروتها .
ملحوظة : إنتهيت من هذا المقال في تمام الساعة التاسعة و ثمانية عشر دقيقة صباحا بتوقيت جرينتش ، و ذلك صباح يوم الأربعاء الموافق العشرين من يونيو 2012 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير تتوقع استمرار العلاقة بين القاعدة والحوثيين على النهج


.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطاب بايدن والمقترح الإسرائيلي




.. إيران.. الرئيس الأسبق أحمدي نجاد يُقدّم ملف ترشحه للانتخابات


.. إدانة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب توحد صف الجمهوريين




.. الصور الأولى لاندلاع النيران في هضبة #الجولان نتيجة انفجار ص