الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشهد اللبناني بين المراوحة وعقم البديل هل يكسر التيار الوطني الحر الحلقة المفرغة؟

حسن عماشا

2012 / 6 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


لم تكن العناوين التي رفعت بوجه حكومة "الوحدة الوطنية" برئاسة سعد الحريري. من الموقف تجاه "المحكمة الدولية الخاصة بلبنان"، أو تمويلها، ولا ملف "الشهود الزور" . فضلا عن اصلاح النظام الاداري وخصوصا القطاعات الخدماتية الرئيسية من الكهرباء والماء والمحروقات. تشكل الهدف الأساسي من اسقاطها. أو انصاف الظباط الأربعة بعد الظلم الذي لحق بهم. كما تبين الأحداث حتى الآن لدى أي مراقب للأوضاع السياسية في لبنان.
لقد مر موضوع المحكمة الدولية بسهولة، سواء لناحية التمويل، أو لناحية تجديد التعاقد مع الأمم المتحدة. عبر حكومة الرئيس ميقاتي المكونة من أكثرية وزارية تنتمي للفريق السياسي الذي طالما كانت هذه العناوين تشكل عنده الأولوية السياسية بمواجهة سعد الحريري وفريقه السياسي. ولم يفتح ملف "الشهود الزور". ولم ينصف الظباط الأربعة. وحضرت على واجهة المشهد السياسي اللبناني عناويين اخرى أبرزها الأزمة السورية وتداعياتها على الوضع اللبناني وارتباطه بجانب منها.
شكل موضوع القرار الاتهامي عشية صدوره عن "المحكمة الدولية" بحق أربع كوادر من حزب الله الحافز الرئيسي لإسقاط حكومة الحريري. بإعتبار أن الأكثرية فيها بجانب رئيسها لا يخفون تماهيهم مع الأستهداف الأمريكي والغربي والعربي لحزب الله والمقاومة. من هنا كان بالنسبة لحزب الله اولوية مطلقة التخلص من حكومة تغطي التآمر عليه ولا يعنيه من البديل غير التزام حماية خلفية المقاومة. وإذا كان لحلفائه أولويات أخرى مثل الإصلاح الاداري والمالي أبرزهم التيار الوطني الحر. فإن من ضمن الأكثرية الجديدة التي تشكلت على خلفية اسقاط حكومة الحريري فريق تكون من رئيس الجمهورية والرئيس ميقاتي والزعيم الدرزي وليد جنبلاط. فهو من ناحية لا يشكل تغطية للإستهداف المباشر للمقاومة. لكنه وبجانب الركن الرئيسي في الفريق المتحالف مع حزب الله وهو الرئيس نبيه بري يشكلون اكثرية ضمنية تعطل أي إمكانية لتحقيق اصلاح حقيقي على مستوى الادارة أو على مستوى السياسات الداخلية. باعتبارهم الأكثر إفادة من الأوضاع القائمة.
من هنا كانت كل محاولة تسعى الى تغيير في نهج العمل الاداري والسياسي تصطدم بهذه الأكثرية. ما أدى الى تفاقم الازمات على اكثر من صعيد اقتصادي واجتماعي واداري. وهي مرشحة نحو المزيد من التفاقم في ظل غياب مشروع وطني موحد يشكل أساسا للإصطفاف السياسي. وبقاء الفرز الهلامي القائم بين القوى السياسية بما يسمى فريقي 8 و 14 آذار.
لا زالت القوى المتنازعة في لبنان تعاني حالة من العجز السياسي بسبب طبيعتها الطائفية المناطقية وانحسار كل منها في بيئتها الطائفية. وفي ظل عدم قدرتها على تحقيق الحد الأدنى من التفاهمات الوطنية تستمر حالة النزف في وزن ودور السلطة المركزية بكل تجلياتها. ما يجعل مؤسسات الدولة الوطنية تفقد كل يوم مساحة جديدة من الحيز الذي تحتله سواء لجهة مسؤلياتها او فعاليتها في الشؤون الوطنية. ويجعلها مرهونة للتوازنات الداخلية من جهة، والإقليمية – الدولية من جهة اخرى. من هنا نشأت فلسفة الحكومة الميقاتية لسياسة "النإي بالنفس".
لم تظهر حتى اليوم أية مؤشرات تبشر بإمكانية تغيير حقيقية في لبنان سواء لجهة حالة الانزلاق نحو المزيد من الانقسام السياسي- الاجتماعي. او لجهة تعزيز دور المؤسسات الوطنية في الدولة.
أو على الأقل حمايتها من التفكك والتحلل لصالح مؤسسات رديفة طائفية ومناطقية.
واذا كانت بعض القوى الفاعلة (من الاصطفافين) لا تجد في مسار تآكل المؤسسات الوطنية خطرا عليها باعتباره تعتمد أساسا على منظوماتها الخاصة فان الباقي ممن لا يملكون منظومات خاصة بهم خارج مؤسسات الدولة ومن ورائهم غالبية الشعب اللبناني مهددون بالمزيد من الازمات على كل الصعد.
رغم ان القوى الفاعلة عاجزة عن جعل خياراتها تأخذ بعدا وطنيا. ففي كل الظروف هي أقرب الى اعادة انتاج تفاهمات فيما بينها لتعيد تقاسم السلطة المركزية تبعا لما تفرضه موازين القوى ليس كما يراها اللبنانيون بأنفسهم بل هي مزيج من موازين داخلية – اقليمية – دولية. سواء رغبوا او لم يرغبوا بذالك.
أما البديل وبعيدا عن أوهام ما يسمى طرف ثالث خارج اصطفاف 8 و14 آذار. بإعتبار ان القوى التي تقف خارج هذين الاصطفافين هي في جوهرها لا تختلف من حيث طبيعتها عن قوى الاصطفافين وترفع شعارات واهمة لا اساس واقعي لها. ولا تملك مجرد رؤية لمواجهة التحديات الحقيقية لا على الصعيد الوطني ولا على الصعد الاقتصادية والاجتماعية. بجانب انها لا تملك أي وزن حقيقي لها مؤثر في مجرى الاحداث فهي تفترض من خلال رفعها لشعارات كبيرة مثل الغاء الطائفية بأنها تعبر عن غالبية الشعب اللبناني. وجل ما تطمح له هو الدخول في منتديات السلطة.
يشكل التيار الوطني الحر أحد أبرز القوى المتضررة من مسار التآكل المسيطر على الواقع اللبناني ومن ورائه في المرتبة الثانية يأتي حزب الله الذين من الناحية الموضوعية أصحاب المصلحة الحقيقية في اعادة احياء الدولة الوطنية وإذا ما قدمنا التيار الوطني الحر على حزب الله في هذا المضمار فلآن الأول في حالة الانهيار يفقد القدرة على مواجهة مقتضيات التحديات وتكون قاعدته الاجتماعية مهددة في بقائها الوجودي. باعتبارها تعتمد في اساس وجودها على وجود الدولة.في حين ان حزب الله يمكنه التعايش مع ظروف مختلفة. لذلك يترتب على التيار الوطني الحر صياغة المشروع الوطني بأبعاده المختلفة لتتكتل حوله الشرائح الاجتماعية الأخرى وممثليها الحقيقيين ولن يكون في الحالة هذه حزب الله بعيدا عن مواكبة هكذا مشروع بإعتباره يؤمن له الخلفية الأمنة والموثوقة. ولن يتحقق ذلك الا عبر تشكيك جبهة وطنية تقوم على أساس برنامج مرحلي يتضمن بجانب الاصلاحات السياسية والادارية برامج انمائية خاصة تجاه المناطق المحرومة بمعزل على التوزيع الطائفي للسكان. ويترافق مع تعزيز وتنمية مؤسسات الدولة التربوية والصحية والاجتماعية على حساب المؤسسات الرديفة التي الخاصة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم