الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في مصر : اليـهــود لهم حارة ولهم احتفالية في أبي حصيرة

خالد محمد غازي

2005 / 2 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


لازالت صورة اليهودي ( شيلوك ) في مسرحية شكسبير الخالدة ( تاجر البندقية ) مطبوعة في الأذهان ، وهو يطلب من القاضي أن يأخذ له دينه من البطل وزنا من لحمه ، ولعابه يسيل في إنتظار الحكم •• ولكن القاضي الحاذق حذره إن زاد في الكيل أن يقتطع من جسده ، وعلي الفور تراجع شيلوك وقد أصابه الإحباط • هكذا استقرت شخصية اليهودي الجشع المراوغ الذي يدبر المكائد للآخرين ، والحقيقة أن شكسبير عندما جسد هذه الشخصية لم ينطلق من فراغ أو عمد إلي المبالغة ، فالتاريخ يؤكد أن شيلوك هو مئات أو آلاف من اليهود الذي انتشروا في البلاد وتجنسوا بجنسيات مختلفة •• لقد إمتزجت في شخصية اليهود نوازع متفرقة بين الإحساس بالغبن والاضطهاد والرغبة في السيطرة علي مقدرات العالم ، وكما يقول أحد علماء الحملة الفرنسية علي مصر وهو دي بوا إيميه : " إن اليهود لم يستطعوا أن يجعلوا من قوتهم أقوي من قوي الأمم التي أخضعوها ، أما عندما كانت تحيق بهم الهزائم فلم يكن بمقدورهم أن يختلطوا بالمنتصرين "• ويضيف إيميه : وتعود غالبية النقائص التي تعاب عليهم اليوم إلي حالة الإذلال التي انتهوا اليها في كل مكان وحيث أنه لا دور لهم في إدارة شئون الدولة ، كما أنه ليس بمقدورهم أن يتملكوا الأراضي ولا أن يتمتعوا بحرية العمل العقلي ، تلك التي تربي الروح والوجدان ، بل ولأنهم فوق ذلك يضطرون لأن يقيموا في أحياء منفصلة في داخل المدن ، تغلق عليهم بواباتها كل مساء ، وأن يعيشوا فيها مكدسين بعضهم فوق بعضهم الآخر ، وألا ينخرطوا في أي فن شريف ، فلم يعد يتبقي لهم من عمل يقومون به إلا أن يشتروا وأن يبيعوا • أما الذهب ذلك الذي يمنحهم الوسائل لإذلال قاهريهم ، الذهب الذي لا يزال يعطيهم بعض ضروب المتعة ، فقد بات هو الهدف الوحيد لطموحهم ، وليست هناك شهوة تستطيع أن تتلف الانسان في جسده وروحه أكثر من هذه •• وقد عاش اليهود هذا الشتات الناتج عن الفجوة الهائلة بين التميز العربي والغربة وتعميق الاضطهاد في ذواتهم ، لذلك فهم دائما يحاولون التغلغل في أجساد المجتمعات التي يقيمون بها ، لتنفيذ حلمهم بالسيطرة علي مقدرات العالم • الحاكم بأمر الله ويحكي لنا المؤرخ إبن إياس في كتابه ( بدائع الزهور ) عن أحوال اليهود في مصر أيام حكم الحاكم بأمر الله بقوله : > إن الحاكم بأمر الله أفرد لليهود حارة زويلة وأسكنهم بها ، وأمرهم ألا يخالطوا المسلمين في حاراتهم - وكان في وقت - أمرهم أن يدخلوا كلهم قاطبة إلي الاسلام فخافوا منه وأسلموا كلهم ، ثم أذن لهم بالعودة إلي دينهم ، فارتد منهم في يوم واحد نحو سبعة آلاف يهودي ، ثم أمر بهدم كنائسهم فهدمت - ثم أمر باعادتها إلي ما كانت عليه أولا " •• وتتطابق هذه الرواية مع ما جاء ذكره في كتاب " المصريون المحدثون •• شمائلهم وعاداتهم " للمستشرق الانجليزي اورادلين والذي جاء إلي مصر في العشرينات من هذا القرن وتدارس بعض الأمور الخاصة بيهود مصر حيث يقول : يبلغ عدد اليهود في هذا البلد " خمسة آلاف تقريبا " •• يسكن أغلبهم العاصمة في حي فقير مقفل قذر تقطعه أزقة عديدة •• يضيف اكثرها إلي درجة لا تسمح بمرور شخصين " ! وقد عرفت مصر أحياء عديدة لليهود ، خلافا لما ذكرها اواردلين فهناك الحي اليهودي الشهير بالقاهرة والذي يمثل أكبر تجمع يهودي في مصر حتي بداية الخمسينات ومنه خرجت أشهر العائلات اليهودية المصرية ، وكان به الكثير من المعابد والمدارس والجمعيات اليهودية ، ومازالت شوارع الحي تحمل نفس الأسماء منها شارع سوق الفراخ ، وحوش الصوف وحارة قاعة النضر وشارع كنيسة القرانين وشارع قطاوي وغيره • وفي مدينة الاسكندرية كان لليهود حارة بسوق السمك القديم يتوسطها معبد يسمي >زراديل تدمير المعبد المقدس التوراة < وعند الشفق من هذا اليوم •• كان الحاخام يخرج إلي الطرقات وأزقة حارة اليهود •• حافي القدمين منقب الوجه ومغطي الرأس تعبيرا عن الحزن ، حاملا بين يديه سفرا من أسفار التوراة وحوله رجال ينفخون في الأبواق ، وأطفال يترنمون ببعض الصلوات ثم يبكي الجميع يصرخون : لماذا أنت يا إلهي غافل ؟ لماذا أنت غائب يا إلهي ؟! ومن الطقوس الغريبة إمتناع اليهود عن أكل اللحوم فيما عدا يوم السبت وذلك إبتداء من شهر آب > أغسطس < وحتي ذكري تدمير آخر معبد يهودي في القدس < • والجدير بالذكر أن اليهود في مصر والبلاد العربية تمتعوا إلي حد كبير باقامة مثل هذه الطقوس ، علي عكس ما حدث لليهود الأوروبيين ، بل وبرزت نشاطاتهم في مجالات عديدة كالاقتصاد مثل عائلات شكورويل وسوارس وموصيري ، وكانت المفارقة هي أن معظم اليهود الذين إستفادوا من الجنسية المصرية قد أيدوا > الحركة الصهيونية < وعملوا علي تأييدهم بشتي الطرق ، خاصة بعد نكبة 8491 حيث خرجت قطاعات كبيرة منها للعيش في إسرائيل التي قامت علي أرض فلسطين المغتصبة • فنانون يهود وقد لمعت بعض الأسماء اليهودية المصرية في العديد من المجالات مثل الملحن داود حسني وزكي مراد وليلي مراد ، وكانت الأخيرة قد أشهرت إسلامها، وهي في قمة عطائها الفني عام 6491 وتزوجت من الممثل أنور وجدي ثم المخرج فطين عبد الوهاب ، وكذلك شقيقها الملحن منير مراد الذي أشهر إسلامه واقترن بالفنانة سهير البابلي • وهناك أيضا نجمة ابراهيم التي اشتهرت بآدائها للأدوار الشريرة في الأربعينات والخمسينات ، ومنها دور السفاحة ريا في فيلم > ريا وسكينة < للمخرج صلاح أبو سيف ، وقد عملت نجمة إبراهيم في فرقة الريحاني وتزوجت الفنان > عباس يونس < وتوفيت عام 8691 ، وربما لا يعرف الكثيرون أنها يهودية بقدر ما اشتهرت كفنانة بارعة في أدوار الشر ، وفي مجال التمثيل أيضا سنجد اسم الممثلة الكوميدية الراحلة نجوي سالم التي عملت في فرقة نجيب الريحاني واسمها الحقيقي " فينات سلام " • ولم يكن غريبا أن تبرز أسماء يهودية في مجال صناعة السينما مثل توجي مزراحي أحد رواد هذا الفن وأول من ادخل الانتاج السينمائي وأخرج العديد من الأفلام في فترة الأربعينات •• وفي مجال الموسيقي كان هناك اليهودي المصري داود حسني واسمه الحقيقي >دافيد حاييم ليفي <ومازالت الدوائر الموسيقية المصرية تحتفل بذكراه كل عام •• وقد تمتع هؤلاء بحب المصريين لأنهم لم يتنكروا لانتمائهم الوطني ، وتداخلوا في نسيج








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغدة تقلد المشاهير ?? وتكشف عن أجمل صفة بالشب الأردني ????


.. نجمات هوليوود يتألقن في كان • فرانس 24 / FRANCE 24




.. القوات الروسية تسيطر على بلدات في خاركيف وزابوريجيا وتصد هجو


.. صدمة في الجزائر.. العثور على شخص اختفى قبل 30 عاما | #منصات




.. على مدار 78 عاما.. تواريخ القمم العربية وأبرز القرارت الناتج