الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوسادة

مزن مرشد

2005 / 2 / 7
أوراق كتبت في وعن السجن


قصصت ضفيرتي الطويلتين .تناثرت قصاصات الشعر في كل مكان من الغرفة ،انحنيت ألملمها ،وأودعها كيس وسادته.
قررت أن أصنع له وسادة من شعري الذي لا يزال عابقاً برائحة صدره، شعري الذي فقد معناه، منذ أن غاب حبيبه.
خبأت الشعر جيداً في كيس الوسادة الأبيض ،عطرته برائحتي التي يفضلها،رفوتها بخيوط حمراء وأودعتها الخزانة.
أصبح سريري بوسادة واحدة بعد أن كان بوسادتين ورجل يحمل داخله حب الدنيا ويعشق شعري الذي تعود أن ينثره فوق صدره العاري .
انتهيت من تحضير الوسادة وقررت أن أعطيها له عندما يسمحون بزيارته.
انتظرت طويلا ولم تأت تلك الزيارة المنتظرة عقابا له على ما اقترفه فهو أخطر من السارقين والقاتلين ومصاصي الدماء.
أخيرا، سمحت الزيارة وحدد الموعد ،غدا سأراه،غدا سنتحدث طويلا سأقول له بأنني لن اطبخ ورق العنب إلا عند عودته ، وسأخبره أن الوردة الجورية التي زرعها قد أزهرت و القطة البيضاء أنجبت خمسة صغار وأن ابن الجيران الذي ساعده باللغة العربية لم يذهب للامتحان .
سأقول له بان الإجازة التي طلبها من عمله، كي نزور والدته، قد وافق مديره عليها ثالث يوم من غيابه، لكنني لن اخبره أن والدته عندما اخبروها بنبأ اعتقاله، صمتت إلى الأبد.
وسأقول له، بأنني افتقده، أفتقدت الأماكن معه، أفتقدت رائحته وبرد الشتاء بجانبه، سأخبره كم اشتقت إليه ، سأخبره ان السماء تمطر كل يوم، ولكن دون معنى، دون أن أحس بطعم المطر ولا رائحته.
في الصباح ذهبت مع اخوته لرؤيته، كل واحد يحمل بعض الأغراض، إلا أنا، لم احمل له إلا الوسادة البيضاء، المطرزة ، بوردة جورية حمراء وحيدة.
التقيته، أستطيع الآن النظر في عينيه، أستطيع الآن الحديث معه، وسماع صوته، أستطيع الوصول إلى وجنتيه، وشعره ، أستطيع أن أضمه، أن انشج باكية حتى أموت بين ذراعيه، وارتاح من الانتظار ، لكنني لم افعل ،توقفت فجأة عن التفكير بأي بشيء، نظرت إليه، لوهلة لم اعرفه ، من هذا الغريب النحيف الذي أتوا به وقالوا لنا هذا هو. عانقه اخوته، أشبعوه قبلا وحضنا ،وأنا لازلت واجمة، انظر إليه ،انظر لعينيه المكسورتين ،أحسسته غريبا ،إلى أن نظر إلى عيني مباشرة،توقف قلبي ، تجمدت عيناي لم افعل شيئا مما هيأت، فقط حضنته لبرهة، قبلت خده الذي اصبح هزيلا، أعطيته الوسادة وذهبت ، شعرت أن لا مكان للكلام.
علمت فيما بعد أن وسادتي صنعت حالة فرح ،فقد كانت تدور على جميع رفاقه ليلة بعد ليلة، يخصصونها للقادم الجديد كي يستطيع النوم فقد كان لها فعل السحر في استبعاد القلق.
بقيت الوسادة ذات الوردة الحمراء حديث الخارجين، ولم استطع إلى الآن أن افهم سر تعلقهم بها، أهي المرأة الغائبة؟ أم عطر المطر المفقود؟
قالوا لي:أن وسادتي أزهرت شجرة ورد أحمر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا


.. هل كانت المثلية موجودة في الثقافات العربية؟ | ببساطة مع 3




.. Saudi Arabia’s authorities must immediately and unconditiona


.. اعتقال 300 شخص في جامعة كولومبيا الأمريكية من المؤيدين للفلس




.. ماذا أضافت زيارة بلينكن السابعة لإسرائيل لصفقة التبادل وملف