الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سم العنكبوت

حامد حمودي عباس

2012 / 6 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


ثمة خبر نشرته احدى الصحف العربية يقول ، بان الرئيس اوباما وحين زيارته مؤخرا لجامعة كولورادو ، ونتيجة لزحام الطلبة من حوله ، انسكب كوب من عصير الفواكه من يد احدى الطالبات على بنطاله ، حيث قام سيادته باستعارة منديل من احدهم لينظف البنطال بيده ، وكانت هناك صورة للرئيس ترافق الخبر وهو يبدو منحنيا ليقوم بالمهمه ، واخرى وهو يضم الطالبة صاحبة الكوب ، ليهديء من روعها قائلا ، بسيطه .. صارت لديك قصة ستروينها لوسائل الاعلام عن كوب اللبن الذي لطخ بنطال رئيس الولايات المتحدة الامريكيه .
أعادني هذا الخبر فورا الى تذكر حادثة انهال فيها أحد اقارب مسؤول حكومي في بلادي العامرة بمثله ، بالضرب على جسد رجل عجوز ، لكونه تسبب بخدش بسيط على هيكل سيارته .. العجوز كان يسير قرب الرصيف بعربته التي يجرها حمار ، فحدث تماس خفيف بين العربة والسياره ، فتوقف مارد الحكومه ليجري مهووسا وبيده هراوة غليضة ، ليهوي بها وفي عرض الشارع على رجل يمتلك عربة يتقدمها حمار متناسيا بان سيارته هو من صنع دولة اليابان ، وليس من ابتكارات عقول اجداده الخاوية .
كنت وانا التصق بعمود الكهرباء على الجهة المقابلة من الشارع ، خوفا على الفقير من مواطني الشعب ، ان ينفق تحت هراوة المتنفذ الميسور ، ينتابني احساس باحتقار النفس ... ولم يكن عجبي كبيرا حين لم المح احدا من المارة يعلن حمايته للرجل المسكين ، لأنني انا بالذات خانتني رجولتي المرتجفة حينذاك ، ان تثأر لفقير معدم ، كي اقف بينه وبين هراوة شاذ معتوه ، اعمته السلطة ، وابتعد عنه القانون الاعرج ، ذو العين الواحدة المسلطة على أجساد من ليس لهم سوى رب حلمه يمتد الى اربعين عام .
تحت هراوة صاحب السيارة المستوردة من دولة اليابان ، وليس من اسواق عكاظ ، ولا من سوق الحميدية ، ولم يجري صنع هيكلها ولا احشائها في مصانع العروبة المتفككه في نجد والحجاز ، ولا في اي بلد ينطق اهله باللغة العربية المجيده .. تحت تلك الهراوة البغيضة كان ينزف جرح تمتد اعماقه الى مسافات لا يطالها بصر عادي ، سوى البصر الحديد ، بصر يمكنه النفوذ الى أعماق تستقر في قاعه البعيد ، حقيقة ملونة بلون أسى العالم كله ، انها حقيقة أخالها مغلفة بنسيج من خيوط العنكبوت ، من يجرؤ ويمد يده لفك طلسمها المرعب ، سوف تطاله لدغة تحمل سم الارض والسماء معا فلا يرتد له بصره .
يطيب للبعض منا ، ان يخالف الشرع والعرف وحتى نصوص الدستور ، فيضع نفسه في مقامات تبدو يتيمة ، حين يعلو بهامته لسماع احدى سيفونيات بتهوفن أو جايكوفسكي .. أو اننا نتجرأ بلا حياء ، محاولين ارتقاء جدار مجد كاذب ، فتهوى نفوسنا للتمعن باحدى مسرحيات شكسبير ، متناسين بان ما نحن فيه من خواء حير العالم باجمعه ، كوننا اكثر أمم الارض اصرارا على امتهان سبيل الموت ، واشدها كرها للحياة .
لقد هوت امامي مرة واحده ، وتحت هراوة ذلك الشقي النتن ، جميع مباعث الاعتزاز بمجد الامة ، وسقطت ، مرة واحده ، كل دواعي الفخر والمباهاة بالماضي ( التليد ) .. وبدت لي جميع الاناشيد الحماسية التي قذفت باقدار الفقراء الى سوح الوغى المصطنعة ، وكأنها ركامات من قاذورات كانت تلقى على وجوه الناس ، استجابة الى شهوات المتسلطين على رقابهم من الحكام . .
ما هذا الذي يجري ؟؟؟ .. لماذا ياترى تصرخ الحناجر المتورمة ، وترتفع الايدي المصابة بسم عنكبوت التخلف ، من ساحات التحرير في العواصم العربية ، منتصرة لحكام يضحكون منها في السر ، وما ان تجلس مؤخراتهم على الكراسي الماسية ، حتى تهبط هراواتهم على هامة الشعب بلا روية ولا ادنى شعور بالخوف أو الندم ؟؟ .. مذا تريد تلك الجماهير المغفلة حينما ترفرف راياتها السوداء والخضراء والصفراء وبكل الالوان ، وهي تهتف معلنة رفضها لأي حكم غير حكم الله ، ولأي دستور لا يستند الى الشريعة السمحاء ، معتقدة بان الله تعالى لا زالت جنته مشرعة لغير رواد نافورة ( تريفي ) في قلب ايطاليا ، وابناء عمومتهم في العالم ، ممن تأسرهم باقة ورد ، وتفزعهم صورة خنجر ؟؟ !! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - طلقة الرحمة
الحكيم البابلي ( 2012 / 6 / 22 - 19:56 )
صديقي العزيز حامد حمودي عباس
يقول الأنكليزي توماس فولر : تغيير السرير لا يُشفي الحمى
كذلك يقولون : تغيير الأغطية لا تشفي الحمى
معناها علينا معالجة الحمى نفسها ، وليس ما حولها من أمور ، وهذا بالضبط ما يفعله الشرق للأسف ، يُعالج ما حول الحمى ، ولا يتجرأ على علاج الحمى نفسها
والأن علينا تعريف الحمى الشرقية التي تفتك بنا ، وتشخيصها وشرحها ومعرفتها وإمتلاك الشجاعة والصراحة والمواجهة لفضحها والكلام عنها ومعرفة مواقعها ومن ثم محاولة الكتابة عنها وتوضيحها لكل المبصرين والعميان حولنا في مجتمعنا الموبوء المشلول العاجز الأبكم الأعرج المجذوم بسببها الحمى والتي تعني بالضبط الدين !، وتحديداً هي الدين الإسلامي الذي يفتك بأوطاننا ويجعلنا نزحف في نهاية مسيرة الشعوب
فكر معي : هل كانت إسبانيا ستكون بمستواها الحالي لو كان الخلفاء مستمرين في نوعية دولتهم كما حدث لشرقنا المنخور الذي تتناوب حكمه كل أنواع العنكبوتات ؟
الإسلام ليس ( حلاً ) كما يتقيأ البعض ، بل هو السم والحمى في عالم متحضر لن يملك الإسلام في نهايته إلا أن يتنازع أو ينتحر أو أن تُطلق على رأسه ( طلقة الرحمة ) كي يرتاح ويُريح
تحياتي


2 - أعمارنا بالنسبة لهم مجرد مزحة
فاتن واصل ( 2012 / 6 / 23 - 09:37 )
الجهل آفتنا والتى سترمى بنا الى غياهب المتاهات.. نحن نستحق الهراوات لأننا أبدا لم نفهم معنى الحرية ، وحين لاحت بارقة أمل أهدرت على يد الجهل والتعصب والغباء فلا تلم رجولتك التى خذلتك ولا شهود الواقعة ، لا أمل قريب والمتبقى من العمر لا يكفى كى نشهد قدومه والعمر مجرد مزحة فى أيدى المجرمين وجهلنا ..أعجبتنى تلك الدفقة الفنية .. دمت لنا ودام قلمك المرهف.


3 - هو الجرح الذي وضعت يدك عليه
حامد حمودي عباس ( 2012 / 6 / 23 - 13:16 )
صديقي الحكيم .. ما قلته هو عين الحقيقه ، ولكن من اين لنا ان نضمد ما تحاول الجماهير فتقه وباصرار شديد ؟ .. انا مع فاتن واصل فيما ذهبت اليه ضمن تعليقها حيث تقول .. لا أما قريب والمتبقي من العمر لا يكفي .. تحياتي الخالصة


4 - سيدتي فاتن
حامد حمودي عباس ( 2012 / 6 / 23 - 13:24 )
لم يحدث وان نالت اهتماماتنا الانتخابات في العراق وبكل مراحلها كما تنال الانتخابات في مصر هذه الايام ، فانا واسرتي صرنا نتحرك وبعصبية ظاهرة لنراقب سير ما يجري في صناديق الاقتراع ، ونجري لاهثين وراء نسب الاقتراع وفي كل محافظات المحروسه .. واصبح الغائب منا يسأل الحاضر .. ترى من ؟ .. شفيق أم مرسي ؟ .. لو هوت مصر بيد دهاقنة التخلف فسوف اذهب لغسل يدي بسبع صوابين كما نقول نحن هنا في العراق .. وعلى الله العوض ومنه العوض .. تقبلي تحياتي مع خالص الود


5 - الأستاذ حامد حمودي عباس المحترم
ليندا كبرييل ( 2012 / 7 / 1 - 15:29 )
هكذا نفهم ما فعله البطل التونسي البوعزيزي عندما فجّر الحقد العميق الذي يكنه الشعب لمجانين السلطة
ما أكثر الحوادث اللاإنسانية التي نسمعها عما يفعله المتسلطون بالعبيد من الناس
ولِمَ تغسل يديك بسبع صوابين يا أستاذ حامد؟
إنها الفرصة لنا ولهم ، لهم ليكشفوا لنا عن مخططاتهم التي صرعوا بها أمخاخنا على مدى سنوات ، لنر ما سيفعلون ، إنها فرصتنا لنكشفهم ، وهذه مرحلة لا بد منها تمر بها كل الثورات
الشعب بدأ يعي وجوده وقيمة حياته ، والتنوير في صراع مع التخلف ، ولن يبقى الحال على ما هو عليه
منْ كان يحزر أن هذا ما سيؤول إليه مصير صدام وأولاده المجانين؟
أو القذافي الأكثر جنوناً أو ....لكن المؤسف أنه مهما غيرتنا الظروف فإننا لن نحظى بنفسية حكام متواضعين كما فعل الرئيس الأميركي
هي سوسة في دواخلنا ولدت معنا ويرثها الأبناء عن الآباء
لك أطيب تحية وشكراً

اخر الافلام

.. إسرائيل تحذر من -صيف ساخن- في ظل التوتر على حدود لبنان | #غر


.. البيت الأبيض: إسرائيل وحماس وصلا إلى مرحلة متقدمة فى محادثات




.. تشاؤم إسرائيلي بشأن مفاوضات الهدنة وواشنطن تبدي تفاؤلا حذرا


.. هل يشهد لبنان صيفا ساخنا كما تحذر إسرائيل؟ أم تنجح الجهود ال




.. بسبب تهديد نتيناهو.. غزيون يفككون خيامهم استعدادا للنزوح من