الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا والوجه القبيح للعالم

جميل حنا

2012 / 6 / 22
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


ستة عشرا شهرا ليس كافيا للعالم لكي ينظر بجدية وواقعية لإنهاء مأساة الشعب السوري.وهذا الموقف من قبل العالم لا يظهر بالتأكيد الوجه المشرق للبشرية.بل بالعكس هو إنعكاس للنزعة العدوانية التي تخفيها الطبيعة البشرية.بالرغم من كل المجازر التي أرتكبت ومازالت مستمرة حتى اللحظة في العديد من المناطق مازال العالم يردد إسطوانته المشروخة, حول وحدة المعارضة السورية على أحقيته الذي يصب في صالح الثورة السورية إلا أنه حق يراد منه الباطل. وإتخاذ ذلك ذريعة بعدم إتخاذ قرارات حاسمة بدعم الثورة وإنهاء معانات الشعب والقضاء على نظام الإستبداد في سوريا وبناء الدولة الديمقراطية والتعددية السياسية وتداول السلطة بالطرق السلمية. وأمام هذا الواقع المرير يتساءل الكثيرين أين أصبح الضمير العالمي ؟ ألم يبقى منه إلا حفنة من النقود أيعقل بأن تكون المصالح الدولية لا تكرث بحياة البشر إلى هذا الحد الفظيع من العبثية بمصائر الناس.
أصبح المشهد السوري بصورته المأساوية أمرا إعتيادي بفضل الكثير من وسائل الإعلام العالمية ويشاهده الناس كما يشاهدون فيلما سنمائيا لا يحرك أي مشاعر إنسانية لدى غالبية ساحقة من الناس. ولا تكون ردود الأفعال من البشرإلا في إطارتدميرهذا الطرف أو ذاك وفقا لمواقفه من اطرف النزاع بدون النظرإلى أن القتل وإرتكاب المجازر وتدمير المدن والبلدات والتهجيرخسارة للوطن وخسارةمؤلمة للأجيال القادمة ناهيك عن ممن يعيشون هذه المأسي حاليا,بل أنها أعمال إجرمية ضد الإنسانية.
أمام هذا المشهد المروع ما هي المشاريع السياسية والخطوات الفعلية التي على أصحاب القرارات الدولية إتخاذها لكي تعيد السلام إلى ربوع سوريا وتحقيق مطالب شعبه في الحرية والديمقراطية والكرامة. أم أن هناك قضايا أهم من السلام وحياة المواطنين السوريين ألا وهو النفوذ المالي والعسكري والسلطة السياسية على حساب الدم السوري!
لغز مأساة سوريا يؤرق أصحاب النفوذ العالمي والإقليمي والمحلي والناس العاديين أصحاب الضمائر الحية والكل يريد خاتمة للمأساة حسب رغباتهم ومصالحهم. إلى جانب ذلك هناك قوى على مستوى العالم تريد لهذه المأساة ان تدوم أطول فترة زمنية ممكنة حتى يدمر الوطن في تركيبته الإجتماعية ووحدته الجغرافيا وتحطيم البنية التحتية والإدارية. حيث يكون من الصعب بعد ذلك بناء الشخصية الوطنية السورية على المدى القصير. والتأسيس لوعي جماعي وطني ينبذ الإختلاف العرقي والديني والمذهبي والسياسي والإجتماعي والجنس.وإن تنقية النفوس من التشويه والعقد والنعرات بكل أشكالها التي كرست على مدى عقود طويلة حتى اللحظة. والعمل بكل السبل القوية والمتاحة القضاء نهائيا وإزالة التفكير القمعي العنفي من المجتمع. والذي فرض بوسائل عديدة في المجتمع الحالي وكذلك على الجزء الموروث منه عبرالأزمنة. والعمل على تجسيد الأفكار والقيم الإنسانية في التطبيق العملي والإنحياز إلى جانب بناء مجتمع يسوده التسامح ,وأخلاقية قائمة على إحترام الأخر المختلف بإنتماءه العرقي والديني والمذهبي والسياسي.وتحقيق المساواة والعدالة بين الجميع على أساس دستور يراعي مصالح الجميع وخاصة في مجتمع تعددي قومي وديني والإلتزام بقيم الديمقراطية التي تمنح الجميع حقوقهم المشروعة وليس ديمقرطية الأغلبية التي تتحكم بها صناديق الإقتراع..
وإلا سيكون ثقل المعانات والألم والمآسي كارثيا على الشعب السوري في المستقبل.ولذا على القوى العالمية إنسجاما مع المعاهدات والمواثيق الدولية العمل على تجفيف منابع السلاح والقوة العسكرية للنظام التي تقتل المواطنين الأبرياء وتدمر الوطن وكل مصادر العيش الضرورية لحياة الإنسان.وهل قدر السوريين هو دفع الثمن الباهظ من أجل التغيير والمطالب المحقة المشروعة.منذ البداية قبل سته عشره شهرا شن النظام حملة عسكرية وإستخدام العنف بأبشع صوره في كل المناطق السورية من أجل كسر إرادة المواطن.ولكي يحافظ على السلطة السياسية التي سلبها بالضد من إرادة الشعب لتكون هذه السلطة في خدمة الفرد والعائلة والمقربين.وكذلك من أجل المصالح الإقتصادية والسيطرة على مقدرات الوطن.ولعب العامل الإيديولوجي والمستخدم في الدعاية الإعلامية للنظام المؤامرة العالمية التي تستهدف دور سوريا المزعوم في المنطقة وأمن سوريا ووحدة أراضيها. ولكن الحقائق على الأرض تثبت بإن هذا النظام هو من حول سوريا إلى بقعة يتم عليها وفيها تصفية الحسابات بين الأطراف الدولية.وهذا النظام هو من يدمر الحياة الإقتصادية , وأيضا هو من يرتكب مجازر يومية بحق المواطنين.هل النظام يخوض حرب الدفاع عن أرض الوطن أم أنه بطبيعته العدوانية رأى في الجماهير المطالبة بالإصلاح جماهير مندسة من خارج الوطن.وبالطبع سوف لن يدعي أي نظام ديكتاتوري إستبدادي في العالم بأنه يخوض الحرب على شعبه من أجل ذاته, بل سيدعي بإنه يخوض الحرب دفاعا عن الوطن والشعب.ولكن هل الرأي العام العالمي مغفل إلى هذا الحد لتمرير هكذا إدعاء باطل أم أن هذا الإدعاء يتفق مع مصالح وأهداف بعض القوى العالمية التي لا تريد لسوريا وشعبها التقدم والإزدهار والحرية والديمقراطية.
إن المبادرات الدولية ومهمة بعثة المراقبين الدوليين التي بائت بالفشل,والتي لم تقدم أي حلول, ولم تضع أي حد لمعانات الشعب السوري.تتداول في هذه الأيام بين قادة العالم المؤثر قضية لجنة الإتصال الدولية بعد فشل مهمة كوفي عنان, وعقد مؤتمر دولي حول سوريا بمشاركة دول الجوار وإيران في هذا المؤتمر. أليس هذا بحد ذاته إستهتار من قبل المجتمع العالمي بحياة أكثر من خمسة عشرألف إنسان قتلوا على يد النظام وعشرات الآلاف من المهجرين وعشرات الآلاف من المفقودين إضافة إلى الدمار الذي تعرض له الوطن.هل يريدون لهذا المؤتمر أن يكون على شاكلة لقاءات السداسية الدولية وإيران بشأن الملف النووي الإيراني.هل يريدالعالم أن يستمر النظام بإرتكاب المجازر اليومية حتى مالا نهاية.متى سيزيل العالم الوجه القبيح عن ذاته ويظهر الوجه الإنساني المختفي حتى الآن في الشأن السوري لكي يضع حد للمذابح وتجنيب الشعب السوري المزيد من الخسائر في الأرواح والممتلكات والتهجير القسري.
.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟