الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة الى -وزير الثقافة -

أم الزين بنشيخة المسكيني

2012 / 6 / 22
كتابات ساخرة



عفوا سيّدي الوزير ..ما الذي يقلقك في أن يكون "الجميل ثوريا" و أنت تتكلم باسم حكومة "ثورية" ؟ و لماذا تخيفكم الحرية حتى لو عبّرت بلسان لوحة تشكيلية لا تملك غير الصمت الأبكم و الألوان المائية ؟ و لماذا تبرّأتم من كل معرض العبدلية و هو لا يحتضن على جدرانه غير لوحة يتيمة تتهمونها بالمسّ من المقدّسات ؟ و هل عُدنا الى معارك تحريم الصور الذي تجاوزته الانسانية منذ قرون من الزمن ؟
و ها أنت تعتلي منصّة الندوة الصحافية و تنتصب أمام مضخّمات
صوت حداثية و تحاذي وزير حقوق الانسان .. فأيّ انسان جئتم تنصفون ؟ و هل كفّ نوع الرسّامين عن الانتماء الى حظيرة البشريين ؟ و جمّعتم ممثّلين حكوميين من الطراز الرفيع ..جئتم الى شاشتي تلملمون حرائق و أعمال تخريب و تهديدات بالقتل و رصاص حيّ في الطريق الى الأرواح ..أحداث حارقة و أرواح ترتعد ذعرا و دماء تُهدر و رقاب تهدد بالضرب ..وراءها لوحات يتيمة و ألوان بكماء و نمل يسري بين المحفظة و السماء ..سيّدي وزير الثقافة أنا من الأشخاص الذين اطمئنّوا في البداية الى اعتلائك صهوة الوزارة..فأنت زميلي في الجامعة و أنت ابن جيلي درسنا في كلية الآداب بمنوبة في نفس الفترة ..وانتمينا الى نفس انتفاضة الخبز في ثمانينات القرن الماضي ..لكنّي حينما رأيتك اليوم كيف تتنصل من الثقافة و تتبرّأ من اللوحات و تغلق قصر العبدلية ..بدأت أغيّر رأيي ..و ها هم يهدرون دماء الفنّانين في المساجد و يكفرون المبدعين و أنتم لا تحركون ساكنا ..رأيتك تجهد نفسك لتبرير أحداث ملفقّة كما في مشهد كاريكاتوري ..و أشفقت عليكم ..لأنّكم كنتم في وضعية لا يقدر على التماسك فيها لا الشياطين و لا الملائكة و لا حتى الوزراء الثوريين ....و انّ أشدّ ما أثار عجبي يومها و أنا أحدّق في شاشتي الشخصية هو قولكم "ليس على الجميل أن يكون ثوريّا " ..فكيف تريدون للجميل أن يكون ؟ مضادّ للثورة .؟؟؟.لكنكم ليلا نهارا منزعجون من الثورة المضادة ..سيّدي وزير الثقافة ماهي يا ترى نظريتكم الخاصة في الفنّ ؟هل تسمّون فنّا ذاك الذي لا يصلح الاّ لتجميل الواجهات ؟ فبقدر ما يشتدّ القبح في الطبقات السفلية و في الكواليس السياسية بقدر ما ينبغي على الفنّ أن ينقذ الواجهة ؟ سيّدي الوزير ..انّ فنّا متواطئا مع النسق و مع السياسات ليس فنّا بل هو تهريج ايديولوجي و تملق سياسي رخيص ..هذا بعض من النظريات في الفنون الحديثة التي قضّيت جزءا من عُمري الجامعي في الاشتغال عليها و التخصص فيها..
سيّدي الوزير ما كان يجدر بسعادتكم و أنتم مسؤولون على قطاع ثقافة شعب في حالة ثورية أن تتبرّؤوا بهذه الطريقة الايديولوجية المتسرّعة من لوحات في حالة اضطهاد ..لوحات عبّرت بالصمت كآخر معاقل التعبير . و انّه لمن العجب المذهل ألاّ تكون بعض اللوحات معروضة أصلا في ذاك المعرض ...لوحات تشكيلية و أخرى دخلت الى المعركة على سبيل الخطأ أو الخطّة السياسية ...و ماذا فعلتم ؟ قابلتموها هي و أصحابها بالتنديد و التهديد و الوعيد بالقتل و المحاكمة .. سيدي الوزير ..لا لوم على أيّ طرف آخر خارج حقل الثقافة .. لأنّ من يهمّه الشأن الثقافي عليه أن يقف من جهة الثقافة لا من جهة الحكومة ..و من جهة الابداع لا من جهة المعتقد ..ليس ثمّة حزب للفنّ ..و انّ فنّا يروّج لمعتقد بعينه أو لايديولوجيا بعينها ليس فنّا حقيقيا بل هو فنّ رديء و فنّ سيّء..
و يصعب عليكم مواجهة المخرّبين الحقيقيين الذين يهدّدون أمن تونس بل و لا تريدون حتى تحديد هويّة هؤلاء الذين يحرقون و يدمّرون و يكفرون و ينشرون الفتنة و العداوة و يهدّدون تحت راية الاسلام المتطرف وحدة الشعب ...أليس أمن البلاد و حياة أبنائه و سلامة مؤسساته الأمنية من المقدّسات أيضا؟ أليست حرية الشعوب الثورية من المقدّسات أيضا ؟ و يسهل عليكم تحميل المعارضة مسؤولية كل الأزمات ..و تعلقون على اليسار خاصّة كل خلل في المكنة السياسية الكبرى ..و تنسون أن لا ديمقراطية بلا معارضة ..و أن كل حكومة تقمع المعارضة و تغتال الحريات سريعا ما تتحوّل الى استبداد و طغيان لا أحد من أبناء هذا الشعب مستعدّ للسكوت عنه ..سيّدي الوزير ..أيتها الحكومة المؤقتة ..عفوا ..لا أحد بوسعه كشخص أن يهدد حكومة بأجهزتها و سلطتها و شرعيتها ..حتى لو تعلق الأمر بلوحات تشكيلية يتيمة معلقة على جدارأبكم ..فالحكومات لا تتزعزع بأمزجة الأشخاص بل بتراكم الأخطاء و سوء تقدير ارادة الشعوب في تسيير مصيرها في كنف الكرامة و الحرية و الحقوق المدنية الكونية ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس