الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع طيف زوجتي انتهي بانتحاري

موسى أحمد عابد

2012 / 6 / 23
الادب والفن


أجلس وحيداً خلف مكتبي سجيناً له, أشعلت سيجارتي و ارتشفت القليل من فنجان النسكافيه الساخن, أمسكت قلمي و بدأت أكتب على صفحة ناصعة البياض كلمات مبعثرة , متنافرة لا صلة بينها .



لكن هذه المرة هناك شئٌ مختلف عن كل مرة , شئ ما ينقصني



أيعقل أنه غيابك هو الذي جعل كل شئٍ ناقصا؟؟!!



كنت دائما عندما أبدأ الكتابة تجلسين على حافة مكتبي تراقبينني أثناء الكتابة و أنا كذلك كنت أراقبك , و قبل أن أنتهي مما كتبته تأخذين القلم من يدي , كنت حينها أطاردك و أركض خلفك في أرجاء المنزل , فترفعين القلم بيدك عاليا و تمسكينه بقوة و تقولين جملتك المعتادة:



إذا ما أردت القلم عليك أن تساعدني في جلي الصحون و الأواني



كنت أنظر حينها إلى عينيكِ قليلا ثم أخضع لك و لكلماتك , ليس ذلك لقوةٍ منك أو خوفا منك , و لكن إن الحب هو سقوط الأشخاص (العاشقين) ضحية لعاطفة قلوبهم الحب هو الهزيمة التي نتمناها أبدا و دائما , خوفا من تمرد قلوبنا علينا نخضع لها.



الآن صوت الملل يدفعني إلى الجنون , يصيبني بنوبات غضب, أكره صوت الهدوء و السكينة الدائم الذي أصبح روتينا يوميا , الآن لا شيء يجعل حياتي تستحق البقاء , أجول في أرجاء المنزل .... أنفث الدخان من فمي .... لاشيء فقط صوت اللاشيء هو الذي يملأ كل شيء الآن.



ذهبت لقراءة ذلك الكتاب الذي أهديتني للمرة الثالثة لأقتل به الوقت , كل لكن التيار الكهربائي انقطع , و نظري لم يعد قويا كما كان سابقاً, لم أستطيع القراءة على ضوء الشموع على الرغم من أنها كانت هوايتي المفضلة , كانت تحمل طابعاً رومانسياً خاصاً بها.



جربت أن أتمدد على الكنبة, لكن ساعة الحائط كانت أمامي و صوت عقرب الساعة يقتلني , أشعر بأن دهراً كاملاً يمر بين كل ثانيةٍ و أخرى



آه ... نسيت اليوم عيد ميلادي ...... حسناً ها هي قطعة الجاتوه لا شموع عليها , لا أحد هنا ليحتفلَ معي, لا أمنية تخطر ببالي حتى أتمناها , كل ما تمنيته هو وجودك و الآن رحلت إذن ما فائدة التمني؟؟!!



كنتِ أنتِ من تعدين حفلَ عيد ميلاديِ و كان له طعماً و نكهةً خاصة ... خاصة بك



حسناً ..... سأجرب القليل من الويسكي



ها هي كأسي الأول ...شربته لم يحدث شيئا بعد



كأسي الثاني ... الثالث.... الرابع..... الخامس..... ها هي الزجاجة كاملة شربتها



هق..... هق ......... هق



كم أتمنى لو كنتِ هنا ...... أوه ها أنت لقد عدتِ أرى طيفك أرى روحك تقف أمامي



كم أنت جميلة هناك هالة من الضوء المشع تحيط بك تزيدك جمالاً و روعة



لماذا أنتِ صامتة هكذا؟؟



اكسري صمتكِ عزيزتي و تحدثي صمتك يقتلني , لا تنظري إليّ هكذا فقط.



أتذكرين كم كنت شقية؟؟



أذكرُ في إحدى المرات أثناء فترة الخطوبة اتصلت في الساعة الرابعة صباحاً و أيقظتني من نومي , ظننتُ شيئاً سيئاً قد حدث .. مكروهاً أصابك



سألتك عن سبب الإتصال في هذا الوقت؟



أجبت و أنت تضحكين بلؤمٍ و بصوت عالٍ : لا , و لكن أحببت أن أزعجك



أتذكرين ذلك ؟؟!!



آهٍ ... كم كانت لحظات جميلة , شقية, بريئة, أما الآن أصبحت مجرد ذكرى جميلة أعيش عليها



هق...هق .....هق .....هق



أتذكرين عندما سألتني : لماذا اخترتني ؟لماذا أحببتني؟ هل كنت أنا أجمل و أطول الفتيات؟



فأجبتك حينها: هناك الكثير الكثير من الفتيات أطول منك كثيراً و أجملُ منكِ كثيراً



حينها علت وجهك نظرة و تحولت للحظة تنينا يوشك أن ينفثَ ناراً



فأكملت حديثي قائلاً: و لكن أنت تمتلكين شيئاً يميزك عن كل الفتيات لا أعلم ما هو و لكنك تمتلكينه و هذا ما أوقعني ضحية غرامك.



هل تذكرين تلك المرة عندما سألتني : لماذا ترسم اللوحات ؟!! لماذا لا تقوم بتصوير الأشياء بكاميرا ؟ أليس ذلك أفضل بكثير من الرسم؟؟!!



أجبتك حينها: اللوحة حية أشعر بأنها تتحدث عن نفسها تخبرنا عن ماضيها كيف صارت و من رسمها و بماذا كان يشعر و ماذا يهدف من خلالها



حينها أخبرتني : إن الكاميرا أفضل وسيلة لإصطياد الذكريات صور الأشياء بالكاميرا لتحتفظ بالذكرى و من ثم ارسمها



لقد كانت إجابتك مقنعة إلى حدٍ ما ..... آه لقد كنت أنت الكاملة المكملة لحياتي الآن بعد رحيلك حياتي مليئة بالعيوب و الثغرات و النقصان.



هق...هق.....هق....هق



أتعلمين مرت سنة كاملة منذ رحيلك ,و لازلت حبيسا لهذا المكتب و هذا الكرسي و هذه الجدران , أشعرُ أحياناً لو كان المكتب أو الكرسي أو هذه الجدران تمتلك لساناً لقالت:



كن رحيما ... ارحمنا و ارحم نفسك ألم تمل منا بعد؟؟؟ ألم تكرهنا ؟؟!! لقد كرهناك



آهٍ ..... سنةً كاملة و أنا حبيس هذا المكان , أخافُ الخروج من منزلي, أخاف أن أمشي في تلك الشوارع و الطرقات التي مشيتها معكِ , أخاف أن تتسلل دمعة من سجن عيني , أخاف من مواجهة ذاكرتي , حينها أعلم أني لن أكف أبداً عن البكاء و عيني لن تتوقف عن ذرف الدموع.







لحظة إلى تذهبين؟؟ طيفك .. روحك ترحل بعيدا



انتظريني أريد أن أذهبَ معكِ ... لحظة إلى طريقك ؟؟ هل مكانك هناك أفضل من هنا؟؟!!!



أرجوكِ تحدثي اكسري صمتك .... سأتبعك الآن لا أهتم بما سيحدث لي لاحقا



طالما أنا معك هذه هي الجنة بالنسبة لي



أين وضعت مسدسي؟؟ أين ذلك الشيء اللعين؟



أوه.... ها هو



لحظة يا حبيبتي أنا خلفك مباشرة ..... وداعاً أيتها الحياة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب