الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن اي تبادل سلمي للسلطة يتحدثون ؟

مهند البراك

2012 / 6 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


اضافة الى المحاصصة الطائفية و العرقية التي فُرضت فرضاً كبديل للدكتاتورية، لأسباب متنوعة لايتسع لها المقال، على رأسها تخوّف الدوائر الكبرى من انفجار الاوضاع في العراق بوجه الدكتاتورية البائدة و قيام بديل شعبي راديكالي غير مسيطر عليه منها، يهزّ منطقة النفط هزّاً عنيفاً و يهدد توازن و تفاهم احتكاراتها النفطية الدولية السابق، بمجئ توازنات و حسابات جديدة لصالح شعوب المنطقة، او يؤديّ الى مجئ احتكارات جديدة الى معادلات المنطقة، غربية كانت او آسيوية . . تؤديّ بارباحها او تصيبها باضرار لاتحسد عليها . .
عملت دوائر القرار المتصارعة : الدولية من جهة، و الدوائر الإقليمية التي فرضت مشيئتها على اطراف معارضة صدام في سنوات كفاحها الدامي ضد دكتاتوريته، حين اضطرّت الى اللجوء الى دول الجوار، بعد ان ضاقت بها الارض و ضاقت بها القوى الدولية المشغولة دوماً بتحقيق ارباحها الفلكية سواءً من النفط او مايحققه لإحتكارات سلاحها نهج الدكتاتور الارعن من ارباح فلكية اضافية بسياساته الحربية، التي اعادت نتائجها العراق الى عهد ما قبل الصناعة، على يد تلك القوى ذاتها . .
و تستمر تلك الصراعات بوجوه و آليات كثيرة التعقيد يغلب عليها العنف الوحشي و التهديد به، رغم الاعلان عن تبني مبدأ " التبادل السلمي للسلطة " . . آليات تؤثر و تتفاعل و تركب اطراف معارضة صدام ذاتها، التي أُوصِلَت للحكم اثر الحرب الخارجية التي اسقطت الدكتاتورية، بالعمل على ادامة مشاعر المظلومية الطائفية ـ بعد مراحل المظلومية القومية الصدامية و الدينية، التي قد تعود اليهما ـ . . موظفة حال الحكومة و الحكم الطائفي القائم لذلك . .
و يتساءل كثيرون، لماذا انحصرت الخلافات في نخب و اشخاص و في دوائر مغلقة، دون مصارحة الشعب، و الاّ لماذا يخاف رئيس الحكومة الاتحادية ـ و رؤساء كتل متنفذة اخرى ـ من المساءلة البرلمانية الاصولية المفتوحة امام الشعب ؟ و لماذا يحذّر ناطقيه من احتمالات تقديمه الى المحاكمة الدستورية ؟ و تساؤلات عن ماهية القواعد المعتمدة في صفقات الحكم العليا ؟ و هل تعبّر المحاصصة الطائفية و العرقية عن تقسيم العراق سرّاً الى مناطق نفوذ دولية و اقليمية كما تقسّمت برلين و المانيا بعد الحرب ؟ و ان صحّ ذلك لماذا لا يُصرّح بذلك علناً ؟؟ و انما يعيش الشعب باطيافه ذلك و يقرأه بين سطور فترات الهدوء و يجتهد به و يراه علناً عند الازمات، لتزايد اسرار صفقات الحكم و معادلاته، بعيداً عن الدستور المعلن ؟؟
بل لماذا يُرحّل كل ذلك الى جهل و تخلّف الشعب باطيافه ؟ بل لماذا تجري البحوث و الندوات التي تبحث في اسباب وحشية الشعب و طائفيته و روحه القومية و الدينية المنغلقة و جهله (كذا) . . دون الاعلان عن حقائق ما يكرّس من اموال هائلة تعدّت مئات مليارات الدولارات ـ وصلت الى تريليونات ـ، و ما يكرّس من ميليشيات داخلية ـ من فلول صدام، الى الجديدة و المستحدثة، شيعية و سنيّة و مختلطة ـ اضافة الى فرق متخصصة دولية و اقليمية، كما تتناقل وكالات الأنباء و المنظمات الانسانية . . لإطلاق تلك الارواح الشريرة من مقابرها.
و اذا ما قارن البعض مايحدث قياساً على ما كان يجري على صعيد السلطة في زمان الدكتاتوريات العسكرية و دكتاتورية صدام . . يرى متخصصون بأن الواقع الجاري بنظر المواطن لم يعد يختلف كثيراً عمّا كان يجري في البلاد، الاّ في حدود الاستجابة المحدودة، لمطالب شعبية حين غلبت عليها العواطف المتأججة الجريحة، لتبرير عملية اسقاط الدكتاتورية . . و انه يوظف ما اوصلت الدكتاتورية به البلاد من دمار و تخلّف للحفاظ على كرسي الحكم، و انه ـ الواقع الحالي ـ اختلف عنها في تزايد انكشاف ما كان يجري سرّاً في السابق، عن حقيقة رجال السلطة و ماهيّاتهم و صراعاتهم على مغانم السلطة، بسبب تزايد العلنية في العالم بفعل العولمة و الانترنت.
و ان السلطة لاتزال تسير و ان بألوان جديدة، على نفس معادلات الحكم السابقة القائمة على ابعاد الجماهير عن السياسة و على محاولات منع تكوّن رأي عام حول قضايا الساعة . . بحصر دور الجماهير في تحشيدات لتأييد الحكم من جهة او تحشيدات لإحياء المناسبات الدينية و المذهبية و احياء مناسبات جلوس الحاكم على مقعد الحكم و مايتّصل بذلك، وصولاً الى العطاءات و الهبات . .
و اذا ما يتابع الناس حرب الملفات و التهديد بفتحها، سواءً من قبل رئيس الحكومة او من قبل قادة الكتل المتنفذة . . فانهم ـ الناس ـ يخافون من تحوّل التهديدات الى عودة احياء الميليشيات الارهابية(*)، و هم يعيشون قبول اعداد جديدة منها في العملية السياسية و تأهيل اخرى لمواجهة المنافسين و المعارضين . . في وقت يعبّر فيه قادة الكتل المتنفذة و في مقدمتهم رئيس الحكومة القائمة في مقابلته الاخيرة على قناة شابير الفضائية الجديدة قبل ايّام حين قال " في الحقيقة لايجري تبادل سلمي للسلطة في العراق " . .
و ترى اوساط تتسع ان مايجري في البلاد ان لم يجرِ ايقافه من قبل كل الاطراف الداخلية و الاقليمية و الدولية ذات العلاقة، و حلّه على اساس القضية الوطنية و الحكم المدني الاجتماعي التعددي بعيدا عن المحاصصة التي تتوضّح اكثر نتائجها المدمّرة . . فان ذلك سيؤديّ الى تحطّم السكة الجديدة التي وضعت عليها البلاد على اساس قيام دولة مؤسسات برلمانية خاضعة لدستور صُوّت عليه، و سيعني بانه حتى القليل الذي تحقق سيذهب هباء . .
و يرون في مسيرة الحكم القائم، بكونها تسير نحو بناء دكتاتورية انكوت بها البلاد في السابق، و جرّبت بدماء ابنائها طرقها و فنونها الشيطانية و ماهية ادواتها . . دكتاتورية عن طريق تهديد و نهش الكتل السياسية الاخرى، و الاصرار على الهيمنة الفردية و على مايحدث و اتباع سياسة ثابتة في كتم الافواه و الصحافة . . بدلا من الاستناد الى الطرق و الاليات الدستورية و الى الطرق المدنية المعمول بها في العالم المتمدن اليوم .
فيما يرى مراقبون ان استمرار تلك الصراعات، سيخل باستقلال البلاد و بموقفها الوطني المحايد في الصراع الاقليمي، اكثر . . و سيجرها الى اتون حرب تستعر اوارها بتفاقم الوضع السوري المهدد بتوسع الصراع المسلح في المنطقة جاراً اليه، اضافة الى ايران و خلافاتها الداخلية و صراعها حول المفاعل النووي، دول الخليج و تركيا، اسرائيل اضافة الى القوى الكبرى من الولايات المتحدة و الاتحاد الاوروبي، الى روسيا و الصين . .
ففي مقابل التعزيز المتواصل للقاعدة العسكرية الروسية في سوريا، اعلن قبل ايام عن نجاح المناورات العسكرية الكبيرة لفرق القوات الخاصة لدول الناتو و الغرب، في الاردن . . و يجري تعزيز القاعدة العسكرية الاميركية في الكويت بمزيد من الجنود و المخطط لأن تضم اكثر من اربعين الفاً من قوات المارينز الاميركية، وفق صحيفة ساينس مونيتور الاميركية في عدد 21 حزيران الجاري . .


23 / 6 / 2012 ، مهند البراك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) اضافة الى محاولات اقحام الجيش في السياسة . . بسعي الحكومة القائمة لدفعه الى حل الخلافات
السياسية، كما تتناقل وكالات انباء مستقلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات التشريعية في فرنسا : هل يمكن الحديث عن هزيمة للتج


.. فرنسا : من سيحكم وكيف ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. سائل غامض أخضر اللون ينتشر على أرضية مطار بأمريكا.. ما هو وم


.. فشل نظام الإنذار العسكري.. فضيحة تهز أركان الأمن الإسرائيلي




.. مقتل وإصابة العشرات من جراء قصف روسي على عدة مدن أوكرانية عل