الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حبل مقتدى قصير

تيلي امين علي
كاتب ومحام

(Tely Ameen Ali)

2012 / 6 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


لا اعرف بالضبط علاقة مقتدى الصدر بالتيار الصدري ، بل لااعرف شيئا دقيقا عن التيار ، هل هو تنظيم سياسي او ديني ام مجرد اتباع من مقلدي العائلة الصدرية التي ظهر منها شخصيات كان لهم نفوذ وصيت كبير في الجنوب العراقي .
مهما يكن يشكل التيار الصدري قطاعا واسعا في المناطق الشيعية ، ولكتلة الاحرار التي تتبعه موقعها في مجلس النواب ، وهي تضم بعض الافراد الذين يبدو عليهم النضج السياسي .
لكن مقتدى الصدر وربما لحداثة سنّه لم يكن معروفا على الصعيد الوطني قبل سقوط النظام البائد ، وعندما دخل الساحة السياسية في اعقاب سقوط النظام ، عرف عنه الغلو والتشدد ونزعة الاستفراد وترهيب الخصوم وحتى القضاء عليهم وتهديد حياتهم ، فأتهم في البداية بقتل رجل الدين عبدالمجيد الخوئي ، وشكل ميليشيات مسلحة باسم جيش المهدي ، اتهمت من قبل البعض ولا سيما زعماء السنة بالتطرف المذهبي وممارسة سياسة التطهير العرقي واعتبرت مسؤولة عن قمع الحريات الفردية ، وفي اعقاب احداث سامراء ، اعتبرت ميليشيات الصدر مسؤولة عن حرق وتخريب جوامع اهل السنة وقتل افرادها والاستيلاء على ممتلكاتهم وتهجيرهم من مناطقهم ، وكان المنضوون اليوم تحت لواء القائمة العراقية من اكثر الجهات التي توجه هذه الاتهامات الى ميليشيات الصدر . كما اتهمتها الخارجية الامريكية بانها مصدر تهديد لاستقرار العراق في اعقاب انحسار تهديدات تنظيم القاعدة .
بالنسبة للتحالف الكردستاني ، كان التيار الصدري اكثر الجهات بعدا عنه ، وحتى عندما تم عقد ( تحالف) او اتفاق بين الحزبين الكردستانيين الرئيسيين والمجلس الاعلى وحزب الدعوة ، استبعد منه التيار الصدري مع انه مكون مهم من مكونات التحالف الوطني . وكان اعضاء كتلة الاحرار من اكثرالجهات معارضة لتخصيص نسبة 17% لاقليم كردستان ، واعتبروا في الكثير من تصريحاتهم ان الفدرالية بدعة ومؤامرة وتقسيم للعراق . ووقفوا بالضد من تنفيذ المادة 140 من الدستور وعارضوا عودة الشيعة الذين اسكنهم النظام البائد في مناطق كركوك الى مناطقهم الاصلية . وبمعنى انه لا رابط يجمع بين التيار الصدري والتحالف الكردستاني ، وهناك عوامل كثيرة تفرقهما .
الموضوع الوحيد الذي جمع التيار مع التحالف هو ما اظهره رئيس التيار مقتدى الصدر عن رغبته في سحب الثقة عن المالكي ، هذه الرغبة التي لا نظن انها جدّية بل نشك في حقيقتها ، جعلت التحالف الكردستاني يتجاهل كل تناقضاته مع الصدريين وبالاخص مع زعيمهم الذي حضر الى اربيل قبل آونة وجرى له استقبال رحب وفخم اشبع غروره ، جرى الترحيب به فوق العادة والى حد ان رئيس وزراء اقليم كردستان السيد نيجيرفان البارزاني بشخصه وعنوانه، رافقه في سفرته ( الميمونة) من طهران الى اربيل ، خلافا لاعراف البروتوكول ، وقيل فيما قيل ان السيد رئيس الوزراء وضع طائرة خاصة في خدمة مقتدى .
مع ذلك رمى الرجل الكرد بكل الاتهامات التي يوجهها اليهم اعدائهم ، ففي كلمته في مطار اربيل حرّم التعامل مع اسرائيل وشدّد على العراق الواحد الموحد، وكون النفط ثروة وطنية للعراقيين . في اشارة منه الى مزاعم الوجود الاسرائيلي في كردستان وكون الفدرالية تقسيم للعراق وادعاءات خصوم الكرد بتهريب النفط او بيعه من وراء علم الحكومة الاتحادية . ثم لم يمر وقت طويل على حضور مقتدى في كردستان والاحتفاء به حدّ انه احتل المقعد الذي كان يتوجب ان يجلس عليه السيد رئيس الجمهورية مام جلال في اللقاء الذي جمعهما والسيد مسعود البارزاني رئيس الاقليم . ومن ثم حضور سياسيين كرد كبار( رؤساء وزراء سابقين ) الى منزله الشخصي في النجف ، لم يمر وقت طويل حتى رددّ مقولة السيد المالكي ( هوية كركوك عراقية ) والتي اغضبت التحالف الكردستاني كثيرا .
امّا جوهر الخلاف او الاختلاف بين السيد المالكي وكتلته ائتلاف دولة القانون وبين مقتدى الصدر ، خلاف مفهوم لا تحتاج الى عبقرية او حنكة سياسية للكشف عنه ، يعرف اغلب اعضاء التحالف الكردستاني اكثر مني ،ان الخلاف بينهما لا يدور حول الدكتاتورية والديمقراطية ، فكيفما يتم قراءة الموضوع يظهر ان مقتدى ليس اكثر ديمقراطية من المالكي . والخلاف ليس بسبب المادة 140 أو موضوع النفط . ان الخلاف بينهم ، اي بين مقتدى والمالكي يتمحور في نقاط ثلاث . اولهما الصراع على النفوذ الشيعي وثانيهما مطالبة الصدريين بالافراج عن الارهابي اللبناني ( علي موسى دقدوق ) الذي تحوّل في الفترة الاخيرة من سجين الى ضيف على بغداد ، وثالثهما مطالبات التيار الصدري بالافراج عن عناصر ميليشيات الصدر وجيش المهدي المتهمين باعمال القتل والتفجيرات بحجة مقاومتهم للاحتلال وقد تكون مطالبة الصدريين بمنصب وكيل وزير الداخلية نقطة خلاف رابعة .
هذه المواضيع لا تخص التحالف الكردستاني ، ولا يمكن للمراجع الشيعية ان تقبل بتحول هذا الخلاف الى عامل لاجتزاء البيت الشيعي وتسببه في نجاح قائمة علاوي الذي يعدونه علمانيا .
لا نستطيع ان نقر ان مقتدى سياسي محنك او مقتدر ، ولكن نشك انه لا يفهم ان توافقه مع العراقية والكردستاني تعتبر ملغاة بمجرد تصويت الصدريين على سحب الثقة من رئيس الوزراء الحالي وربما عليه ان يواجه المحاكمة عن التهم الموجهة اليه اذا اختفت العوامل المذهبية في الصراع السياسي الحالي .
عليه لا نرى الاّ ،ان اي مشروع للتحالف الكردستاني يبنى على اساس اصوات الصدريين او الثقة في شخص مقتدى الصدر لا يكتب له النجاح . وان ثمار الجهود الحالية لاجتماعات اربيل والنجف ستسقط كلها في سلّة مقتدى باستجابة المالكي لمطاليبه . ولا يمر وقت طويل حتى يكتشف التحالف الكردستاني ان حبال مقتدى لا تصلح لتسلق الصخور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأميركي يستعد لإزالة الرصيف العائم بسبب سوء الأحوال ا


.. مسؤولون أميركيون: الضربات التي شنتها إسرائيل داخل لبنان قد ت




.. منتخب_ألمانيا يفتتح يورو2024 على أرضه بفوز كاسح على اسكلتندا


.. المستشفى العائم الإماراتي يجري أكثر من 600 عملية جراحية لمرض




.. مظاهرة في صنعاء تضامنا مع الفلسطينيين وقطاع غزة