الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلبيات الديمقراطية التوافقية في العراق - التدخل الأجنبي

عبد الستار الكعبي

2012 / 6 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


سلبيات الديمقراطية التوافقية في العراق - التدخل الأجنبي
إن طبيعة المجتمع العراقي التعددية مذهبياً وقومياً ليست منعزلة عن المحيط الاقليمي المتعدد هو الاخر دينيا وقوميا ومذهبيا وبشكل مماثل للتعددية العراقية الى حد كبير فايران تتشكل مذهبيا من شيعة وسنة وقوميا من فرس وعرب وترك وكرد وتركيا تتشكل مذهبيا من سنة وشيعة وقوميا من ترك وكرد وعرب ومثلهما تقريبا سوريا اما الدول العربية الاخرى القريبة من العراق فانها تتشكل من السنة بشكل رئيسي مع جاليات شيعية تختلف بمقدار تاثيرها في مجتمعاتها وقد ولد هذا التماثل ارتباطات وتداخلات عميقة بين شعوب ودول المنطقة مع العراق فالشيعة العراقيون يرتبطون مع المجتمع الايراني بالانتماء المذهبي والسنة العراقيون يرتبطون مع الجوار العربي وتركيا بالانتماء المذهبي وكلاهما يرتبطان مع المحيط العربي بالانتماء القومي والديني. والتركمان يرتبطون مع المجتمع التركي بالأصول القومية واللغوية الواحدة ومع المحيط العربي بالانتماء المذهبي بينما يرتبط الكرد العراقيون مع الكرد الموجودين في دول المنطقة بالانتماء والطموح القومي ومع تركيا والدول العربية بالانتماء المذهبي. ومن جهة اخرى يرتبط المتشددون السنة (الوهابية) من مختلف القوميات بمنبع المذهب الوهابي ومؤسساته الافتائية في السعودية. بينما ترتبط قطاعات المجتمع الشيعي وبعض أحزابه المؤثرة التي تؤمن وتعمل بمبدأ ولاية الفقيه العامة بالقيادة الايرانية باعتبارها المرجعية الشيعية العاملة بهذا المنهاج.
وحيث ان التعددية العراقية باعتبارها العامل الاساسي للتمييز بين المواطنين في مختلف المجالات بعد سقوط النظام الدكتاتوري الصدامي كانت سلبية أي بمعنى انها المنفذ الذي استغل ليصير سببا للصراع بين المكونات من اجل مصالحها الفئوية بعيداً عن مصلحة العراق وطناً وشعباً حتى وصل الامر إلى الاقتتال بين الشيعة والسنة والى خط الشروع بالاقتتال بين العرب والكرد في كركوك ونينوى وان ايا منها ليس قادرا على فرض سيطرته الكاملة على الارض والسلطة بشكل حاسم فإن المكونات العراقية كانت احوج ما تكون الى تقوية ذاتها بهذا الاتجاه لتكون ندا للاخرين ولا تسمح بالتجاوز على ما تعتبره حقوقاً ومكتسبات لها فاضطرت الى الاستعانة بمن يدعمها من دول الاقليم لتحقيق اهدافها ولم يكن تدخل هذه الدول لغرض مساعدة العراق للخروج من أزماته الأمنية والسياسية وانما دعماً لمكون معين على حساب المكونات الأخرى، فكانت بذلك ايران داعمة للشيعة مالياً وسياسياً وعملياتياً بينما دعم العرب سنة العراق مالياً وسياسياً وعملياتياً ايضاً ومدوهم بمئات من الانتحاريين وضغطت تركيا سياسياً وعسكرياً على الأكراد لمنعهم من تحقيق رغبتهم بضم كركوك الى اقليم كردستان العراق وذلك دعماً للتركمان الذين يقطنون بشكل رئيسي في هذه المحافظة ويشكلون نسبة مؤثرة من مجموع سكانها ويرفضون الارتباط باقليم كردستان اما الكرد فان وضعهم الجيوسياسي يوفر لهم القوة والقدرة على التاثير في العملية السياسية وفي الوضع العراقي عموما من دون الحاجة – الا بشكل قليل – الى الدعم الميداني والسياسي والمعنوي الخارجي.
اضافة الى ذلك فان التدخل السوري والايراني في العراق كان له غاية اخرى تتمثل بافشال المشروع الامريكي في العراق لمنعه من الانتشار في المنطقة وذلك بايقاع اكبر الخسائر بالقوات الامريكية في العراق لارباكها وعرقلة تنفيذ خطتها بضرب سوريا وايران بعد استقرار الاوضاع في العراق حيث ان كلا من هاتين الدولتين كانت مرشحة للضربة اللاحقة حسب الخطة الامريكية التي كشفتها تصريحات الكثير من المسؤولين الامنيين والعسكريين والسياسيين الامريكان.
ومن جهة اخرى فان دول الجوار الاقليمي والدول الابعد وجدت العراق ساحة مفتوحة لنقل صراعاتها السياسية والامنية والمخابراتية اليها من اجل ايقاع اكبر الخسائر بالعدو من خلال التدخل بالشان العراقي وتحريك كل دولة لجيوبها والاحزاب التي تتلقى الدعم منها باتجاه تحقيق مصالحها واضعاف اطراف اخرى تميل الى دول اخرى.
وكذلك لم يكن هذا الدعم خالياً من المصالح الاقتصادية لتلك الدول فالعراق سوق كبير يستوعب المليارات استثمارا وتصديرا والتسابق لكسب هذه السوق قائم على اشده بين الدول الفاعلة في الشان العراقي من اجل الفوز باكبر الصفقات وهذا الامر يدفعها الى التوغل اكثر في الشان العراقي والتدخل بشكل مباشر في العملية السياسية.
واوضح مثال على تلك التدخلات هو صراع قوى المربع الامريكي العربي الايراني التركي وتدخلها في تشكيل الحكومات العراقية المتعاقبة بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في عامي 2005 و 2010 حيث سعى ويسعى كل طرف الى ان تكون الحكومة المنتظرة مقبولة منه وميالة اليه او على اقل تقدير توفر له الفرصة لاقامة علاقات سياسية واقتصادية جيدة والا فانه يعمل على عرقلة تشكيل الحكومة وعلى افشالها سياسيا وامنيا على وجه الخصوص.
اقدم هذه المقالة للقراء الكرام ضمن سلسلة مقالات تتناول العناوين المهمة من كتابي (الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا) الذي صدر قبل مدة في بغداد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من مسافة صفر.. استهداف دبابة إسرائيلية بعبوة -العمل الفدائي-


.. متظاهر يهتف -غزة- خلال توقيفه بنيويورك في أمريكا




.. إسرائيل تؤكد إصرارها على توسيع العملية البرية في رفح


.. شرطة نيويورك تعتدي على مناصرين لغزة خلال مظاهرة




.. مشاهد للدمار إثر قصف إسرائيلي على منزل عائلة خفاجة غرب رفح ب