الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايفادات رسمية .. ام سفرات سياحية !؟

محيي المسعودي

2012 / 6 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


علّق احد المواطنين الظرفاء, ساخرا من الايفادات الرسمية, التي تجري في محافظة بابل ويذهب فيها المسؤولون الرسميون الكبار وبعض حاشيتهم الى اوروبا ودول العالم المختلفة بالقول : ( انهم لا يذهبون الى اوروبا من اجل الاطلاع والتعلّم وكسب الخبرات وتطوير المهارات, فان خبرات ومهارات مسؤولينا وحاشيتهم كثيرة وكبيرة ومتراكمة وهي اكبر واعمق وادق من خبرات الاوروبين في الميادين كافة, ان مسؤولينا يذهبون استجابة – لتوسلات - الاتحاد الاوروبي واستنجاده بهم وبكفاءاتهم وخبراتهم من اجل خروج هذا الاتحاد من ازماته المالية والسياسية التي تعصف به هذه الايام . وقد كان ذهاب آخر مجموعة برئاسة مسؤول كبير وبعض المسؤولين معه ووالعاملين في مكتبه من اجل عودة اليونان واسبانيا الى الاتحاد الاوروبي وبقائهما ضمن " اليورو" وانقاذ العملة الاوروبية من الانهيار... ومادمنا "خير امة اخرجت للناس" فعلينا انقاذ الأوروبيين من ازمتهم )
انطلاقا من هذه المفارقة المريرة اقترح ان تعلن الحكومة المحلية في بابل – مجلس المحافظة وديوان المحافظة – عن عدد الايفادات وموضوعاتها وكلفها المالية وغير المالية والاشخاص الذين ذهبوا فيها , ولا اشك ان هذا الاعلان هو حق للمواطن في بابل, لان الأموال هي امواله والمسؤولين هم مسؤوليه ,, وان كل ما يتعلق بهولاء المسؤولين من وقت وعمل , من حق المواطن ان يطلع عليه ويعرفه بالتفصيل . فهل يفعلها مجلس المحافظة ويصدر قرارا يعلن فيه بيانا مفصلا ودقيقا وحقيقيا عن عدد تلك الايفادات وكلفها والشخوص الذين ذهبوا فيها وموضوعاتها ! لكي يتناقلها الاعلام ويطلع المواطنين عليها . واذا لم يفعل المجلس على وسائل الاعلام وبحكم شرفها المهني ان تطلب هذه المعلومات وفق القانون الذي ضمن حق الوصول للمعلومة . وهل سنرى صحفيا شجاعا ومهنيا يصر - ومن ورائه مؤسسته - على الحصول على هذه المعلومات !!؟؟
وفي هذا السياق صنّف علي حسين كزار عضو مجلس المحافظة والذي سيترأس وفدا الى المانيا قريبا لاستكمال ما سبقته به وفود من المحافظة . صنّف الايفادات الى ثلاثة انواع حسب الالوان – اخضر, اصفر , احمر- ويقول عن الاخضر انه ايفاد رسمي حسب الاصول " طبعا لا نعرف ما هي تلك الاصول" ويقول عن الاصفر انه مبني على دعوات من شركات خاصة وضمن علاقات خاصة وهو ايفاد مشبوه حسب رأيه . اما اللون الاحمر فهي الايفادات التي تجري وفق مصالح شخصية وخاصة (وقد اسرني قولا في ايفاد احد المسؤولين الى شركة في لبنان يمتلك هذا المسؤول حصة فيها ) وهذا بعض ما يتدوله مراقبين لهذه الايفادات .
ويقول مراقبون : ان للايفادات شروطها التي افتقدتها ايفادات مجلس المحافظة وديوان المحافظة والدوائر التابعة لهما . ومن تلك الشروط حاجة المؤسسة الماسة الى خبرة لا تتوفر في البلد على ان تحدد تلك الخبرة والحاجة اليها ومدى القدرة على الاستفادة منها بعد العودة من الايفاد بشكل كامل, وعلى الموفد ان يدون ما حصل عليه من الايفاد ويشرع بالعمل فيه بعد عودته مباشرة وهذا ما لم يحصل في الإيفادات كافة . ويضيف احد المراقبين قائلا : ان الموضوعات التي يذهب فيها الموفدون , موضوعات لا تحتاج الى إيفاد لأنها موضوعات ضمن العلوم الانسانية تثقيفية في الادارة وتنمية القدرات والموارد البشرية والتربية والصحة وحقوق الانسان والحرية والديمقراطية والمجتمع المدني وغيرها من هذه الموضوعات التي يذهب فيها العشرات من الساسة والموظفين الى دول اجنبية وعربية وتكلف المحافظة اموالا طائلة , فمثلا ايفاد عشرة اشخاص الى ماليزيا او المانيا او اسبانيا او فرنسا يكلف المحافظة ما يزيد على الخمسين مليون دينار في السفرة الواحدة وذلك من اجل ان يتلقى الموفدون محاضرات في الادارة او حقوق الانسان او تنمية المرارد البشرية , في حين يمكن لمجلس المحافظة دعوة محاضرين محليين متخصصين في هذا العلم الى المحافظة . بمبلغ لا يزيد على الخمسة ملايين . او حتى دعوة نفس المحاضر في ماليزيا او غيرها من الدول الى بابل وبمبلغ لايتجاوز العشرة ملايين دينار . وان ينتظم في المحاضرات التي يلقيها المحاضر الاجنبي او المحلي بدل العشرة اشخاص ثلاثون شخصا . ويضيف المراقب : يجب ان تكون الايفادات الى الخارج محصورة في نقل تقنيات صناعية او تجارب ادارية او اجتماعية او سياسية لا يمكن نقلها الى العراق او الحصول عليها دون الذهاب اليها هناك في البلدان التي تمتلكها , فانت لا تستطيع نقل مصنع لتعرّف وتدرب عليه كوادرك ولكنك تستطيع نقل اية معلومات اخرى من خلال استقدام خبراء ومتخصصين . ومن يراقب الاهتمام بالايفادات وتداولها وكيفية تسمية الذاهبين فيها داخل المؤسسات الرسمية يدرك انها ليست ايفادات بل سفرات سياحية يستمتع بها المسؤولين وحاشيتهم على حساب المال العام وخاصة المتكررة كثيرا الى اسطنبول والتي بات يستنكف من الذهاب اليها بعض المسؤولين لتكرارها وتوفرها بشكل دائم . وفي انتباه متأخر شرع المسؤولون بغسيل ايفاداتهم غير الشرعية من خلال ايفاد بعض الموظفين المحسوبين اصلا عليهم , فاصبح كل مسؤول يأخذ حاشيته او بعضها معه ليغسل ايفاداته ويكرم ويغدق على حاشيته . حتى وصل الامر الى ايفاد (اجراء يوميين وحرفيين) الى دورات في علوم بعيدة عن حرفهم . ناهيك عن ايفاد مهندس زراعي (مثلا) في دورات ادارية واعلامية وتنمية موارد بشرية بدل دورة تنمية الموارد الزراعية والحيوانية .
وفي سؤال لمسؤول محلي عن هذه الايفادات وتعددها قال : ان مجلس المحافظة وديوانها لم يخصصا الايفادات الكافية , لاننا في المحافظة نحتاج الى الكثير منها في ظل حاجتنا لخبرات ومهارات يتطلبها بناء البلد . وقارن هذا المسؤول بين ايفادات مجلس النواب ومجلس المحافظة قائلا : ان عدد وكلفة الايفادات في محافظة بابل لا يقارن مع ايفادات مجلس النواب والحكومة المركزية , وان بعض النواب والوزراء المسؤولين يعيشون في دول اوروبية وعربية بشكل مستمر واستطيع القول ان حضوره الى العراق هو بمثابة ايفاد الى العراق لان فترة اقامته في البلاد عادة ما تكون محدودة ببضعة ايام ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجورجيون يتحدون موسكو.. مظاهرات حاشدة في تبليسي ضد -القانون


.. مسيرة في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية تطالب بوقف الحرب على غز




.. مضايقات من إسرائيليين لمتضامنين مع غزة بجامعة جنيف السويسرية


.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا




.. ديوكوفيتش يتعرض لضربة بقارورة مياه على الرأس