الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هلوسة العودة

علي غشام

2012 / 6 / 24
الادب والفن


أستوحده القلق من تلك الاحلام التي باتت تقض مضجعه ، فربما لم يألف تلك الوجوه التي استحالت الى اشياء هلامية تظهر على حين غرة في مناماته المتقطعة في زحمة الليالي الموجعة حد الغثيان ..
احتضنه الكابوس فجأة وهو بين النوم و اليقظة وغرس انيابه في مواجعه التي اذبلها التفكير المتواصل في كيفية الخروج من هذا المنزلق الذي وصل اليه ، تلك النخلة التي اصرت على الظهور في احلامه ، لم يكن يعتقد بوجود الجن اساساً ولا الغول او الوحوش التي اقلقت طفولته التي تهدجت في زحمة عالم الحروب ومغامرات اصحاب النياشين والانواط ، واختزلت سنين صباه ومراهقته حينما ألقي في اتون احداث الهيجان تلك دون ان يخطط لها .
كأنه ندم على تلك الافعال التي استقبحها حينما تكشفت لديه حقيقة الامر الذي انطوى عليه عمره الغض ، واستفاق بعد ان استفردته هموم المنفى في حمأة الاكتشافات المذهلة لأسرار وخفايا الصراعات أو حتى حقيقة اصحابه الذين وثق بهم ، فلقد تبين انهم ليس كما ضن بهم من قبل من نقاء سريرتهم وصفاء مقاصدهم فكل واحد منهم ذهب الى شرعته ومنهاجه ..!!
يا لغربتي عند اطراف مدينتي ، كانت البيوت تبدو وكأنها خرجت لتوها من زلزال ضربها ، كان يعلوها غبار ثقيل اصطبغت به واجهاتها ، الناس شخوص تستند على همومها التي بدأت مراحلها القصوى للتو.. أحس انه يدخل في حلمه الذي رافقه طيلة حياته ، بدت وكأنها نفس الصور التي يراها فهو يعرف جيدا تضاريس تلك الارض التي لم تطأها قدماه إلا باللاشعور الذي يطفح احياناً في عالم اليقظة ليومض في ذهنه بصور او لمحات صور على مقدار من السرعة في خياله ، كان يرغب باقتناص تلك اللمحات التي تغافله بالظهور والأفول فجأة في معرض الصور التي يتذكرها في خياله ..
كان اكثر ما يقلقه تلك القافلة التي لم تتوقف يوماً ، كان يكثر من الصياح في داخله عليها وكأنه يستعلم الطريق منها ، لكن الصمت سمّة العابرين في تلك القافلة ، حتى رواحلهم تكاد تخطو بخطوات (ريبورتات الكترونية) بإيقاعات منتظمة وعلى هذا النسق تختفي وراء تلال قريبة ، فيتبعها ويقترب من ضفاف التلال الاخرى فلم يجد شيئاً وكأنها تبخرت حتى اثارهم ..
تلك صورة من صور الخيال في اللاوعي لديه والتي يتذكر تفاصيل معالمها جيداً وكأنها واقع عاشه من قبل ..!
كان الدمار يعم المشهد الذي يلح عليه دائما عندما ينام متعباً او مهموماً ، وفي خضم كل تلك المناظر والصور ينبثق ما يعتبره لفحة نسيم بارد في هجير ذلك المنظر الكئيب ، كان دائما هناك وجه يتكشف له في زحمه الوجوه التي يراها والصور الملحة ، كان الوجه نقطته الدالة على معرفة اتجاهات المكان في لا شعوره فيعرف احياناً انه في عالم ليس حقيقياً فيحاول النهوض على تململ واضح رغبة منه في الاستمرار باكتمال مشهده الوهمي داخل منامه المثقل بكوابيسه ليكتشف اسراه ..!
طرق الباب بخفة صديقه الذي ادمن الحضور اليه في مثل هذا الوقت المتأخر من النهار ليذهبا الى المدينة ويمضيا بعض الوقت في شوارعها وأزقتها الجميلة..
- اضنك نائم يا صديق ..؟
- تفضل بالدخول ..
- اراك متعب اليوم .؟
- لا لا كنت انتظرك ولكني افكر كثيرا في هذه الأحلام التي تراودني يا صديقي وكأنها باتت جزءاً من طقوس النوم اليومية محولة حياتي الى اللغاز من الصعب حلّها ..!
يا صديقي انني اشعر بغثيان حينما افكر بها وكأنني خرجت تواً من غرفة العمليات ومازال اثر البنج يبعثر تركيزي .
تستهويني فكرة الموت احياناً لأجرب ذلك الحدث النهائي للحياة ، وكلما فكرت به بجدية تعلقت به اكثر من السابق ، بينما رفرف قلبي الى ساعات ود وصفاء مع حبيبه ، او اخوان صفا ، او دقائق هدوء مع نفسي .. شحيحة هي تلك الايام التي فرحت بها فلقد استوطن الالم والحزن في خلجات الروح التي سلبت صفائها وديمومة انتعاشها في غربة الوطن الممتد الى حيث محاريب الآلهة الطيبين في سومر وبابل او في ازقة البصرة التائهة على ضفاف شط العرب او شارع بشار.. البصرة التي اودعت سرها في ساكنها النادم وتاركها النادم فهو بين ندمين تشظت افكاره فعاد مهلوساً ومستغلا لغة اهل اقبور بعد ان وقف على اعتاب (مقبرة الغرباء) بدمشق حيث كان هوسه بالياسمين الغافي على حواف تلك القبور المتسائلة عن وطن ..؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا


.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب




.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز


.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم




.. أول حكم ضد ترمب بقضية الممثلة الإباحية بالمحكمة الجنائية في