الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المدينة الفاضلة .

علي لّطيف

2012 / 6 / 24
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


المدينة الفاضلة .. حُلم ثورات الشرق الأوسط .

هل يُمكن أن تُوجد مثل هذه المدينة ؟ أم أنها حلم من أحلام البُسطاء و رجال الدين و الحالمين ؟

عُرفت هذه المدينة بالمُصطلح الفلسفي "Utopia" أي المكان او المدينة التي تحتوي علي كُل المثاليات فلا وُجود لأي من شرور العالم في طياتها و ثنايها . ظهر هذا المفهوم كأول مرة في كتاب " Utopia" للمؤلف الإنجليزي " توماس مور " الذي إستمد مُعظم أفكاره من كتاب " الجُمهورية" لأفلاطون .

ال"Utopia" تعني في اللغة اليونانية " المكان الغير موجود " .

المدينة الفاضلة وَهم من أوهامي المُفضلة , أن نعيش جميعاً في سلام و أمان و خير هو حُلم كل إنسان حقيقي يُقاوم شهوات و شرور الحياة , و لكن للآسف هذه المدينة لا يُمكن أن توجد علي وجه الأرض , لانها تُعارض الطبيعة الانسانية المفطورة علي كِلاَ الخير و الشر .

الإنسان يُوجد كنقيض لنفسه , يُؤكد وجوده بوجود نقيضه , أي أنه لا وُجود لإنسان بشرٍ مطلق فقط و لا وُجود لإنسان بخيرٍ مطلق فقط . و المدينة الفاضلة تحمل كل مثاليات الحياة , و لكن المثاليات تختلف من شخص إلي آخر , فالمثاليات و الأخلاق نسبية , و المدينة الفاضلة تنص علي أنها مُطلقة المثاليات و الأخلاق . لهذه الأسباب و أكثر لا يُمكن مهما حاولنا ان نصنع مثل هذه المدينة فلابد لمعاناة الإنسان لتستمر الحياة ..

كأن المدينة الفاضلة فكرة راسخة في عُقول الداعين للتمسك بالدين و أن الشريعة هي الحل و اننا بتطبيقها سينتهي الشر و يعم الخير سائر أرجاء البلاد , فكما نري الآن في جميع بُلدان ثورات الربيع أن أغلب الناس يؤمنون بهذا الظن أشد الإيمان و يسعون لأجله و يُصوتون للداعين إليه مُصدقين هذه الحملات الإنتخابية و الوُعود الصبيانية للمرشحين . و كأنهم يتناسون الطبيعة البشرية التي لا يُمكن أن توجد معها مثل هذه المدينة .

الإنسان مُتناقض بطبيعته و غريب بأفكاره , اليوم يُريد شيئاً غداً يريد شيئاً آخر , فلايُمكن نزع مثل هذه الصفة من الإنسان , و لا يُمكن أيضاً أن يظل علي شي واحد مهما طال الدهر , فكلما يُعطي الإنسان شيئاً يُريد منه المزيد . فالمدينة الفاضلة ربما يرضي عليها اليوم و يكره وُجوده فيها بعد فترة . فتتحول المدينة الفاضلة إلي المدينة الضالة .


و بما أن رغبات الإنسان تختلف من شخص إلي آخر , فلا يُمكن فرض نظام واحد ترضي به مجموعة و لا ترضي به مجموعة أخري في المُجتمع . فعدم الرضا للفرد في المُجتمع ينتج عنه السلبية في الأنتاج و صيام الفرد عن المشاركة في المُجتمع لان المُجتمع فُرض عليه نظام لا يرضي به كل الأفراد , فيُصبح الفرد فاسداً بلا قيمة و يُصبح هداماً لا بناءاً و مع الوقت تنتشر هذه السلبية و تُصبح المدينة الفاضلة مدينة لا يصلح فيها زرع أيٍٍ من الثمار .

و بما أن أغلب الداعين للمدينة الفاضلة في ثورات الربيع جهات إقصائية في فكرها لانها للآسف الشديد تظن أن هي بوحدها تستطيع بناء الوطن و تشييده و تحويله إلي بؤرة سعادة و خير و محبة , و لكنهم لا يعلمون أن السعادة و حُب الوطن لا يُمكن فرضه علي الفرد , بل إن الفرد هو من يفرض سعادته علي نفسه برضاه علي ما يحدث من حوله من بناء .

الخلاصة إن أي تيار دينيٍ كان ام غير ذلك لا يستطيع أن يُشيد " المدينة الفاضلة " لانها و بحزن شديد " غير موجودة " إلا في الأحلام . و لكن يُمكننا أن نُشيد علي الأقل "دولة" تحمي كُل رغبات الأفراد و تسعي لتحقيقها . فالفرد كالنبتة لديه رغبات و إحتياجات إذا وفرناه له سيُعطينا ما لذ و طاب من ثمار ..









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع


.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب




.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني