الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنه تعديل طفيف لإتفاقية سليمان - العريان

أحمد حسنين الحسنية

2012 / 6 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


مرسي هو الفائز ، و لا حاجة لإنتظار النتيجة الرسمية ؛ رأي توصلت إليه مساء أول أمس الجمعة الثاني و العشرين من يونيو 2012 ، بعد أن أعلن مرسي إنه يوافق على أن يكون منصب رئاسة الوزراء من نصيب شخصية غير إخوانية ؛ و قد زاد يقيني بالأمس من صحة ذلك الرأي فور الإعلان عن مشاورات البرادعي مع بعض القوى السياسية لتشكيل الحكومة القادمة .
ما حدث منذ الإعلان عن حل البرلمان و إلى مساء أول أمس الجمعة ، ليس إلا عملية تعديل طفيف على الإتفاقية التي أبرمها عمر سليمان مع العريان في فبراير 2011 ، أثناء الثورة ، و التي تقوم على أساس مبدأ تقاسم السلطة بين الإخوان و السليمانية بنسبة تكون لصالح السليمانية .
الإتفاقية في نصها الأول كانت تنص على برلمان إخواني ، و بالتالي حكومة إخوانية .
كذلك كانت تنص على أن تكون كتابة الدستور مشتركة بين الإخوان و أعوان مبارك ، و هذا عين ما حدث في الإعلان الدستوري الذي أجيز في مارس من العام الماضي ، 2011 .
أما منصب رئيس الجمهورية فيحتفظ به أعوان مبارك ، و كان المرشح الأول له هو عمرو موسى ، الذي تم إرساله لميدان التحرير أثناء الثورة ، ثم أستبدل بطنطاوي الذي سبق له أيضاً زيارة ميدان التحرير أثناء الثورة ، و نتذكر جميعا محاولته - أي طنطاوي - تسويق نفسه ، عندما إرتدى حلة مدنية أثناء قيامه بجولة قصيرة في بعض شوارع وسط القاهرة الصيف الماضي .
بعد الفوز الإخواني الكبير في الإنتخابات البرلمانية بنوعيها ، يبدو أن الجماهير العريضة من أعضاء جماعة الإخوان و مناصريها و التي لا تعلم بتفاصيل الإتفاقية ، أو ربما لا تعلم على الإطلاق بأن هناك إتفاق تم بين قيادتها و المخابرات السليمانية على حساب الثورة ، مارست ضغوط على قيادتها لتنفرد بكاتبة الدستور ، و لكي تأخذ أيضا منصب الرئاسة .
القيادة الإخوانية إما إنها رضخت لتلك الضغوط ، أو دفعها الغرور لنسيان الإتفاقية التي أبرمتها مع عمر سليمان ، أو إنها رأت إنه من الضروري نفي وجود إتفاق مع أعوان مبارك لتقاسم السلطة ، فقررت أن تنفرد بكتابة الدستور ، و أن تكسب منصب رئاسة الجمهورية أيضا .
المخابرات السليمانية ، أو مؤسسة الرئاسة الحالية ، بالطبع قررت أن تقف وقفة صارمة - إن كان الأمر يحتاج إلى صرامة أو حتى وقفة - لترغم القيادة الإخوانية - إن كان الأمر يحتاج لإرغام - على أن تعود لإتفاقية تقاسم السلطة .
العودة للنص الحرفي الأصلي للإتفاقية ، و بعد أن خاض مرسي إنتخابات الرئاسة ، و وصل للجولة الثانية ، و إتضاح تقدمه على شفيق ، أصبح في حكم المستحيل ، لأن إلغاء الإنتخابات الرئاسية التي تمت بالفعل سيكون فضيحة محلية و عالمية لها دويها الكبير ، لكن يمكن تغيير توزيع المناصب ، و كذلك فاعلية المناصب .
ليكن مرسي رئيساً ، لكن بلا صلاحيات كبيرة ، و ليكن رئيس الوزراء من جانب السليمانية و في يده معظم السلطة .
لكي يتم ذلك يجب إلغاء نتيجة الإنتخابات البرلمانية جراء حكم قضائي ، و هو أمر لن تكون له عواقب وخيمة ؛ مع إضافة إعلان دستوري مكمل يقوض سلطة رئيس الجمهورية ، باسم المجلس العسكري الذي تعمل المخابرات السليمانية على تشويه صورته لأسباب تدخرها لوقت الضرورة و سبق أن ذكرتها في مقال : أحذر من إنقلاب عسكري تخطط له جهة أعلى من المجلس العسكري ؛ و كتبته و نشرته في السادس من فبراير من هذا العام ، 2012 .
الشخص الذي وقع عليه الإختيار ليكون ممثل المخابرات السليمانية هو البرادعي ، و هو إختيار قديم أيضا ، ففي أثناء الثورة حاولت المخابرات السليمانية بردعة الثورة ، و تصوير بردعيها على إنه سعد زغلول القرن الحادي و العشرين ، فأحضرته على عجل من فيينا ليقوم ببردعة الثورة ، و لكن وقتها كان ميدان التحرير ممتلئ بالثوريين الحقيقيين ، و لم يكن هناك صوت للخونة الكفايتيين ، و لا لعملاء مباحث أمن الدولة الإبريليين ، و لم نكن نسمع باسم إتحاد شباب الثورة ، أو بالأصح : إتحاد شباب خيانة الثورة ، و الذي روج في أوائل أكتوبر الماضي لفكرة العفو عن قتلة شهداء الثورة مقابل دفع ديات لأهالي الشهداء .
لم يكن هناك صوت في ميدان التحرير للكتاب الأسواني ، و مثيله الدستوري ، و لا لذلك الشاب الذي تريد السلطة و معها الغرب تصويره على أنه قائد الثورة ، و الذي يأتي كل فترة من الخارج ليدعم مخططات السليمانية ببياناته ، كما دعمها عندما نشر رسالة تويترية فور سقوط مبارك أعلن فيها أن المهمة إكتملت .
لم تفلح السليمانية في بردعة الثورة في يناير و فبراير 2011 ، عندما كان الثوار الحقيقيين هم من يحتلون ميدان التحرير ، و عندما كان ميدان التحرير صوت لتحرير الشعب من أغلال الإستبداد و الفساد ؛ و لكنها - أي السليمانية - لم تيأس ، فقررت إخلاء الميدان من الأبطال بإنهاك الثورة من خلال عملائها الشباب ، و أرجو القارئ أن يتذكر مقال : جُمع قتل الثورة ؛ و كتبته و نشرته في الثالث و العشرين من مارس من العام الماضي ، 2011 ؛ و بعد أن نجحت في إنهاك الثورة و إستفاذ زخمها حاولت من خلال عملائها الإبريليين بردعة منصب رئـاسة الجمهورية ، لتحقق جزء من الإتفاقية التي عقدها سليمان مع العريان ، و كانت مطالبة الإبريليين بمجلس رئاسي من ضمن أعضائه البرادعي ، و ذلك في خلال المذابح التي خططتها السليمانية مع الإبريليين في كل من نوفمبر و ديسمبر ، من العام الماضي ، و أرجو في هذا الشأن مراجعة مقال : لا للبرادعي ، و نعم للإنتخابات ؛ و كتبته و نشرته في الثالث و العشرين من نوفمبر من العام الماضي ، 2011 .
أن ما حدث منذ الإعلان عن عدم دستورية الإنتخابات البرلمانية و إلى هذه اللحظة ، بل و إلى أن يتم تنصيب مرسي رئيس للجمهورية بلا صلاحيات تقريبا ، و تنصيب البرادعي رئيس للوزارء ، ليس إلا عملية تعديل لإتفاقية تقاسم السلطة بين السليمانية و الإخوان ، و أرى أن القيادة الإخوانية شريكة في اللعبة الحالية من خلال ردها الفاتر ، أو البارد ، على قرار حل البرلمان ، فقد كان بإمكان الإخوان عقد جلسة برلمانية طارئة صباح الرابع عشر من يونيو 2012 ، و تظل جارية لحين الإعلان عن حكم الدستورية ، ليكون بإمكان الأعضاء الإخوانيين الإعتصام بالمجلس .
كما أن إعلان جماعة الإخوان تثمينها لتأييد الإبريليين المتأخر جداً لمرسي في إنتخابات الرئاسة ، مع علمها بحقيقة الإبريليين ، و كذلك موافقتها على تشكيل البرادعي الحكومة القادمة ، مع علمها أيضا بمن هو البرادعي ، يدلان على أن القيادة الإخوانية قررت العودة لإتفاقية سليمان - العريان ، مع الموافقة على تعديل مسميات المناصب التي تخص كل طرف ، و كذلك تعديل سلطات كل منصب ليكون كل شيء كما كان من حيث الواقع يوم إتفق سليمان مع العريان سرا على حساب الشعب .
الشيء الإيجابي الوحيد هو أن الشعب لم يبتلع قصة نزاع السليمانية مع الإخوان ، فلم يذهب لميدان التحرير أول أمس الجمعة سوى أقل من مائة ألف شخص في يوم كان يريد القائمون على تنظيمه أن يبلغ المشاركون فيه مليون مواطن على الأقل .
نعم إنتصرت السليمانية مع الإخوان على الثورة الحقيقية ، و إتفاقية سليمان - العريان لازالت سارية المفعول مع تعديل طفيف بها ، و لكنهما لم ينجحا في إستغفال الشعب و تسويق إنتصاراتهما على الشعب على إنها إنتصارات للشعب .
ملحوظة : إنتهيت من كتابة هذا المقال في الساعة الواحدة و سبع و عشرين دقيقة من صباح يوم الأحد الموافق : الرابع و العشرين من يونيو 2012 ، و ذلك بالتوقيت الصيفي للمنفى القسري : بوخارست - رومانيا ، و الذي يتقدم على توقيت جرينتش بثلاث ساعات .

أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين الحسني

حزب كل مصر - حكم ، شعار الحزب : تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر

24-06-2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة تعزز قواتها البحرية لمواجهة الأخطار المحدقة


.. قوات الاحتلال تدمر منشآت مدنية في عين أيوب قرب راس كركر غرب




.. جون كيربي: نعمل حاليا على مراجعة رد حماس على الصفقة ونناقشه


.. اعتصام لطلبة جامعة كامبريدج في بريطانيا للمطالبة بإنهاء تعام




.. بدء التوغل البري الإسرائيلي في رفح