الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القدس بين زيارة السجين وغطرسة السجان..

كمال احمد هماش

2012 / 6 / 24
القضية الفلسطينية


تحولت مقولة تشجيع الشعوب العربية لزيارة القدس تحت حراب الاحتلال، - وهنا قد لا تعجب البعض كلمة حراب لانها حادة ولا تتماشى ومصطلحات مرحلة ما فوق الوطنية – تحولت الى اشكالية اشتبكت فيها المواقف بعد ان اختلطت الدوافع المختلفة شكلا او مضمونا.....
ولو بقيت الاعلانات بين المواقف بعيدة عن اجتهادات التبرير لهذا الموقف او ذاك، فان الحديث سيمر عابرا وتطويه الايام كالكثير من الاحاديث العربية والفلسطينية والاسلامية
ان اصرار بعض القيادات الرسمية الفلسطينية على التعاطي مع زيارات العرب للقدس وفلسطين في الظرف الراهن،بمبرر ان زيارة السجين ليست تطبيعا مع السجان تبدو براقة ومنطقية وصحيحة الى حد كبير لأن للتطبيع بيئة وأمكنة، ليس السجن من بينها، لما يحمله من رمزية ..باعتباره خط المواجهة الاخير وربما الوحيد بين ابطال الحرية وكيان الاحتلال المتضمن كل مواصفات الوحشية.
كذلك القدس، التي تختلط في شوارعها ومبانيها ومقاهيها، الوجوه واللغات وهي تطوي وراء الهدوء الحذر روح العداء والكراهية ، بين فارس اعتى اشكال العنصرية والقسر وبين شعب بأحلامه تحت العقود المقوسة...وفي المدارس والمؤسسات الخدمية المهملة.
فرغم مرور العقود على جهود اسرائيل لشراء البيوت او احتلالها او شراء الذمم وتدمير نفوسها......فان الحياة ليست طبيعية ، والعلاقات لم تتجاوز شروط بنائها التي حكمتها قبل احتلال فلسطين، الا بقدر احتمالات زيادة الشواذ نتيجة للزيادة الطبيعية للسكان.
وللعودة الى جوهر موضوعنا فان الداعين لهذه الزيارات والرافضين لها وفي سياق نقاشهما، يمارسون تطبيعا فكريا للخطاب الفلسطيني، وتكييفا له مع مقاس الخطاب الثقافي ما فوق الوطني، سواء بتجاوز الاهمية الوطنية للقدس ، او بتضخيمها الى حدود العالمية الاسلامية التي تخرج المدينة من جغرافيتها واجتماعها...بعد ان اخرجها هذا العالم الاسلامي من مجاله الحيوي الذي يستحق النضال من اجله.
وحتى تتضح الامور فانه لابد من تناول كلا وجهتي النظر بحجمها ودوافعها.....فالموقف الرسمي الفلسطيني والذي يجهد نفسه في اثبات حسن النوايا للعالم الغربي وللولايات المتحدة باعتباره شريكا عقلانيا في عملية السلام ... تجاوز رمزية المعنى للمدينة..وهو رأس المال المتبقي.
وهو اهم من دولارات قد يصرفها الزائر العربي في فلسطين(الذي ما ان يعرف الطريق الى رامات جان حتى تصبح زيارته تساوي صورة يلتقطها في ساحة الحرم القدسي)، وهذا المعنى شبيه بما تتمسك به الولايات المتحدة الراعي الرسمي والعدواني للاحتلال الاسرائيلي عندما ترفض الافراج عن جوناثان بولارد......
وكما تقود النوايا الحسنة الى جهنم فان التسليم بمقولة (زيارة السجين ليست تطبيعا مع السجان) نتجاهل بان هذه الزيارة ستتم وفق شروط النفوذ والسيادة للاحتلال، الذي لا يضيع دقيقة في اذلال مئات الالاف من (ذوي الاسرى) واخضاعهم لشتى صنوف القهر في زيارتهم لابنائهم....نعم نحن ندفع ضريبة زيارة ابنائنا في المعتقلات من كرامتنا الانسانية....مما يستدعي التساؤل:
1- هل ستتم الزيارات العربية لفلسطين بدون موافقة السفارة والخارجية والامن في اسرائيل؟
2- هل هناك جهة ستمنع اسرائيل من اخضاع الزوار للتفتيش بمعايير الاحتلال الامنية؟.....مثل التعرية والتفتيش المهين للروح والجسد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
3- هل ستتم الزيارة عبر معبر (الكرامة)....ام مطارات وموانئ اسرائيل؟؟؟؟؟؟؟
مئات الاسئلة الجادة والسخيفة التي قد لا يملك احد عليها جوابا سوى الجندي الغر على حافة النهر او بوابة الطائرة......
4- هل ستكرس هذه الزيارة للقدس....لفلسطين....لداخل الجدار ...لخارجه...ام ستضم سياحة لتل ابيب ايضا....

وبالمقابل فان دعوات الداعية القرضاوي وفتواه بعدم جواز الزيارة....لا يمكن اخذها بالجدية المناسبة ممن التقى بقيادات الاحتلال...وفي اوضاع لم يكن مضطرا فيها لهذه اللقاءات...وبدون صفة سياسية (الا اذا كان الخليفة السري...لما هو اات.).
فالدعوة القرضاوية تاتي في سياق اندماج القرضاوي في الانقسام الفلسطيني ودعمه للانقلاب والتي انتصرت لحظيا على الشق الاخر لفصامه السياسي مع رب عمله وقوته ومأواه في قطر.. ولا تستحق اكثر من وصفها بنفاق مؤقت...
وحتى نستمع للروح الفلسطينية في القدس وفلسطين....فان مطلبها ان تنجو من عذاب وقهر وقتل يومي في سجن الاحتلال....نجاة يصنعها التحرير للارض والانسان سلما اوحربا، وليس بشراء زائر عربي لبعض التحف من شارع الواد...
وبالتالي فان تحقيق بعض المصالح الاقتصادية ودعاوى تفكيك ضائقة المقدسيين الفلسطينيين ،ليس بالضرورة ان يمر عبر حلم اسرائيل...لان بذلك مرورا للعروبة والاسلام من تحت سارية العلم الاسرائيلي ..وقبل قبول اسرائيل ...بمهزلة المبادرة العربية التي تمنحهم اكثر من ذلك.
ان الفلسطينيون قد يئسوا من جدية الدور العربي والاسلامي وامكانية اجتهاده لتحريرهم بالمستوى الذي يجتهد فيه للتدخل السلبي في بعض الاقطار العربية لصناعة ربيع كاذب،أو لعلهما مساران متوازيان للاجتهاد في خدمة مصالح الولايات المتحدة ... كما ان قناعة الشعب الفلسطيني بان الانظمة العربية الرسمية قد نظمت اوراق اعتمادها على اساس طبيعية وجود كيان اسرائيل كجزء من الخارطة الجيوسياسية وتحالفات الحاضر والمستقبل.
ومن هنا فان البوابة الكريمة لدعم المقدسي ومساعدة الفلسطيني يمكن ان تفتح لاي طريقة من الدعم عدا الزيارات العربية السابقة لانسحاب اسرائيلي من الاراض العربية المحتلة، واطلاق سراح القدس...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صنّاع الشهرة - تعرف إلى أدوات الذكاء الاصطناعي المفيدة والمج


.. ماذا وراء المطالب بإلغاء نحر الأضاحي في المغرب؟




.. ما سرّ التحركات الأمريكية المكثفة في ليبيا؟ • فرانس 24


.. تونس: ما الذي تـُـعدّ له جبهة الخلاص المعارضة للرئاسيات؟




.. إيطاليا: لماذا تـُـلاحقُ حكومة ميلوني قضائيا بسبب تونس؟