الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هانت

إكرام يوسف

2012 / 6 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


يتلقى المواطنون في المجتمعات المتقدمة التربية السياسية، ويتعلمون المشاركة، في المنظمات المستقلة عن الدولة؛ بداية من اتحادات الطلبة، حتى الأحزاب السياسية، مرورا بالنقابات العمالية وجماعات المجتمع المدني. أما في المجتمعات النامية أو المتخلفة، التي عانت من قمع المشاركة السياسية الجماهيرية عقودا طويلة، فليس أمامها سوى التعلم عبر التجربة والخطأ. وهوليس خيارا، وإنما واقعا مفروضا، لا مفر منه، سوف يستغرق وقتا أطول ويتطلب تضحيات أكثر. ويكون على الطليعة المطالبة بالتغيير أن تتحلى بطول النفس، مع التشبث بالإيمان بعدالة القضية، والتمسك باليقين من أنه لا يمكن أن يصح سوى الصحيح في نهاية المطاف.
لذلك لا أرتاح كثيرا لحالة جلد الذات ـ والغير ـ كلما تعرضت الثورة لعثرة او انتكاسة على الطريق. وأرى إجحافا في آراء البعض يكاد يصل إلى نتيجة مؤداها أن الثورة تواجه فشلا أو أنه تم اختطافها أو إجهاضها. وهناك من يصل به الشطط للقول أنها ماتت بالفعل!
ويتجاهل هؤلاء أن تاريخ الثورات الكبرى، لم يشهد ثورة شعبية حقيقية ـ وقودها جماهير عزلاء، يقودها ثوار مسالمون لا يملكون أدوات فرض التغيير بالقوة ـ حققت جميع أهدافها في عام ونصف العام أو عامين! كما يتجاهلون مكاسب عظيمة حققتها ثورتنا: حطمت تابوهات، وقفزت بوعي الجماهير والنخبة، فضلا عما حققته من مكاسب مادية تمثلت في الإطاحة بطواغيت، وخلخلة نظام راسخ، ينعم بتأييد قوى الفساد في الداخل وقوى خارجية ذات مصالح اقتصادية وسياسية تتشابك مع مصالح هذا النظام.
وعبر التجربة والخطأ ، ينضج الوعي السياسي، وتتراكم الخبرات النضالية، لتضم الجماهير صفوفها وتخلق تنظيمها الثوري، وتغربل الطليعة لصهر قادتها الطبيعيين، وتضبط بوصلة النضال الثوري وتصحح الاتجاه! ومثلما حدث في جميع الثورات المنتصرة، من الطبيعي أن ترتكب جماهيرها ونخبتها معا أخطاء تتعلم منها دروسا، تنير طريق النصر.
ومهما كانت العقبات أو الإخفاقات التي منيت بها ثورتنا حتى الآن، فليس من حق أحد أن يحمل الثوار المسئولية عنها، أو يشكك في معدن هذا الشعب الذي يصنع الأعاجيب في كل مرة يتعرض فيها لامتحان فعلي. والثوار الحقيقيون لا يتعجلون جني الثمار. ويدركون تماما أن أمامهم طريقا لن يكون هينا، وسوف تواجههم العقبات والعراقيل، وربما تعرضوا لعثرات أو انتكاسات وإخفاقات أو حتى انكسارات تؤجل تحقيق الأهداف.. غير أنه طريق بلا رجوع، مهما استغرق من وقت ومن تضحيات.. ولا شك أن هذا الطريق سوف يشهد ارتكاب أخطاء فادحة، نخرج منها بدروس عظيمة، تصحح المسار، وتضمن تحقيق الأهداف!
وأنا أكتب هذا المقال قبل ظهور نتيجة انتخابات الرئاسة، وأرى أن قوى الثورة الحقيقية لا تضع رهانها على شخص الرئيس القادم، وإنما على الدستور والقواعد القانونية التي ستشكل الكيفية التي ستدار بها البلاد. وأعتقد أن نسبة كبيرة ممن قاطعوا الانتخابات الرئاسية أو أبطلوا أصواتهم عمدا؛ فضلا عن نسبة كبيرة ممن قبلوا التكيف مع هذه الثنائية و"عصروا ليمونا على أنفسهم" واختاروا أحد المتنافسين ـ ليس اقتناعا به، وإنما خشية وصول منافسه للحكم ـ سوف يتحولون إلى خندق المعارضة بمجرد فوز الرئيس القادم. وسوف يواصلون طريق ثورة دفع فيها الشعب دماء تحت راية "تغيير، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية".
ولا شك أن الرئيس المقبل، عليه أن يتواضع أمام جماهير هذا الشعب العظيم. ويدرك أنه لم يرث هذا الوطن، وإنما هو موظف مكلف بإدارة شئونه والحفاظ على مقدراته وحماية سيادته، وتوفير حياة كريمة لكل أفراده من دون أي تمييز على أساس الدين أو العرق أو الجنس. وعليه ألا يتناسى أن فوزه على منافسه، لم يكن سوى بفارق يكاد يكون هامشيا. وأن قطاعات واسعة من الجماهير اختارت ـ عمدا وعن قصد ـ المقاطعة أو إبطال الصوت. ويجب ألا يستخف القادم الجديد بهذه الحقيقة. وعليه أن يعلم أن من عصروا على أنفسهم ليمونا لاختياره ـ وهم النسبة الأكبر في أصوات كل من المرشحين ـ سوف يتوقعون منه احترام تضحيتهم؛ عندما تغاضوا عن اقتناعهم الحقيقي بعدم جدارته، ويطالبونه بتقديم ما لا يدفعهم للندم على هذه التضحية.
وعلينا نحن ـ الحالمين بانتصار الثورة ـ الذين يستعدون لدفع ثمن معارضة الفائز حتى نبني مصر التي نستحقها، ألا نفقد إيماننا بهذا الشعب لحظة. فقد أثبت أنه يصنع المعجزات ويذهل من يستهينون بشأنه. ويكفي أنه حطم جدار خوف تجذر عبر تجارب تاريخية رهيبة، وأدرك أنه المالك الحقيقي لهذا الوطن، ولن يقبل أن يعامله أحد باعتباره عبيد إحساناته.. علينا ايضا ألا نستسلم لأي دعوى إحباط أو جلد للذات مع أي خطأ أو عثرة، فمازالت أمامنا أخطاء فادحة نتعلم منها دروسا عظيمة تأخذ بيدنا إلى تحقيق الأحلام.. وتذكروا دائما، أنه إذا كانت دولة الظلم ساعة، فقد مضى منها بعض الوقت، ولم يتبق سوى دقائق.. هــــــــانت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المقاطعون بئس الناس
محمد بن عبد الله ( 2012 / 6 / 24 - 15:45 )
كل من قاطع ساهم في سقوط مصر غنيمة للاخوان الذين سينتهكون عرضها

أرونا كيف ستتكلمون أمام جحافل الغوغاء يا سادة ..انتو كل اللي شاطرين فيه هو الجعجعة لكن الاخوان حيعلّموكم الأدب وحيعيّشوكو في ذل ورعب

لا استطيع إلا أن اتمنى لكم ما تستحقون من الذل والخزي الذي ستنالونه على يد من ساهمتم بغباء في تسليمهم مفاتيح الدولة


2 - هانت
محمد بن عبد الله ( 2012 / 6 / 24 - 18:02 )
عنوان المقال هو (((هانت)))

وأنا أوافق عليه تماما لأن مصر هانت على شعبها الذي سلّمها للخراب على أيدي خير الممثلين للاسلام الأصلي

اخر الافلام

.. متداول.. أجزاء من الرصيف الأميركي العائم تصل شاطئا في تل أبي


.. قطاع الطاقة الأوكراني.. هدف بديل تسعى روسيا لتكثيف استهدافه




.. أجزاء من الرصيف الأمريكي الذي نُصب قبالة غزة تظهر على شاطئ ت


.. حاملة طائرات أمريكية تصل إلى كوريا الجنوبية للمشاركة في تدري




.. طلاب فرنسيون يحتجون من أجل غزة بمتحف اللوفر في فرنسا