الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيدرالية الطائفية مجددا - ردٌ على أعتراضات بعض الأخوة

كامل السعدون

2005 / 2 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


إعترض الكثيرون على رأيي في ما طُرح من أمنيات بشأن فيدرالية للجنوب يُشتم منها نكهة طائفية مقيتة ، تعيدنا إلى المستنقع العفن الذي وضعنا صدام فيه منذ قرابة الأربعون عاما ، حين أبتلع هو وطائفته العراق كله فأحالوه إلى أسطبل لخيولهم وخيول العربان رفاقهم من أبناء ذات الطائفة الصحراوية التكفيرية الهمجية .
وقلت في مقالاتي أن ليس من الصحيح أن يكون رد فعل الشيعة على طائفية صدام حسين ، بأن يعتكفوا في جنوبهم العزيز الغني بثرواته ، في هذا الوقت بالذات والذي تتربص فيه إيران بنا الدوائر ، فالديموقراطية واللامركزية والدستور العادل ، هي ضمانات المستقبل ، وأمامهم العراق كله ليحكموه ، وليس الجنوب حسب .
وطبعا لم أغفل تأكيدي على حق كل هوية ثقافية عراقية بالحرية التامة في ممارسة طقوسها وشعائرها ، وهذا ما سيكفله الدستور العراقي القادم ويدعمه البرلمان الوطني كما والبرلمانات المحلية البلدية ، ولكني أشرت إلى نقطتين هامتين للغاية أولاهما ، الحضور الأمريكي في الداخل والإيراني في الخارج ، وخطورة الإنجرار إلى هكذا طرح في هذه المرحلة ، لما قد يضعه هذين الطرفين من برامج لجر الجنوب العراقي الشيعي إلى محرقة يعلم الله وحده الحجم الذي ستبلغه ، وقلت أننا لا ينبغي أن نأمن لكلا هذين الطرفين فقد يضعان لنا وهما في حومة الصراع المستتر بينهما ،يضعان فخاخا قد توردنا موارد التهلكة . أما الأمر الثاني الذي أشرت له فهو مسألة وعي الناس في هذه المرحلة التي يختلط فيها التاجر بالمغامر بالحرامي بالسياسي النظيف بالطائفي الوسخ ، بشكل لا يمكن أن تفرز من خلاله الغث من السمين في تلك الدعوات المشبوهة ، وتمنيت ( وأكرر التمني مع بعض الأضافات ) ، أن تأتي المطالب في توقيتها السليم بعد أن تشبع الناس وتغتني وتتفاعل مع بعضها ومع أبنائها العائدين من الخارج مع
جموع الوافدين والشركات الأجنبية والتفاعل الثقافي الواسع مع العالم ، وبالنتيجة ، أن ينمو ويطرد وعي الناس ، وحينها ستضعف الدعوات الدينية التي لن تعمر بضاعتها طويلا بعد سقوط الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأكيد والقريب إنشاء الله ( كجزء من الأستحقاق الحضاري الذي سينفذ الأمريكان أجندته في كامل المنطقة والذي سيقضي على الوهابية والأرهاب السلفي السني أيضا ) .
لو أننا أنتظرنا خمس أعوام أخرى حسب ، فأقسم أنك لن تجد من يريد تقسيم العراق إلى دويلات طوائف ، لأن هؤلاء التجار والمغامرين ورجال العشائر وصبيان الصدر والبعثيين ، سيكونون ساعتها ضمن بناة التغيير والمنتفعين من وحدة العراق وقوته وثراءه العريض الذي سيصيب الجميع بالعدل والقسطاس ...!
لقد كتبت عشرات المقالات عن مظلومية أهلنا الشيعة في الجنوب العراقي ، وتحدثت بأسراف عن طائفية وعدوانية الطائفة الأخرى ، وحين عرجت لموضوعة أزدواجية الولاء تحدثت بأسهاب عن أزدواجية الولاء لدى السنة قبل الشيعة ، ولأني على تماس بالسنة فأنا أعرف جيدا ما يخيفهم من أشقائهم الشيعة إلا وهو الحضور السياسي الأيراني في الشأن العراقي ، وفي هذا الجانب لا أستطيع أن أغبنهم الحق في هذا الخوف ، كما ولا أستطيع أن أغبن الشيعة رفضهم وأمتعاضهم من الحضور العروبي الكثيف في العراق بسبب السنّة وأزدواجية الولاء لديهم أيضا .
إذن فنحن أيها الأعزاء في الهوى سوى كما يقال ، عرب من هنا سرقوا العراق وأكلوا رغيفنا وشربوا بترولنا ، وعجم في الجانب الآخر حاربونا ثماني سنين لا ليحررونا من صدام ، بل لينشروا ولاية الفقيه على ربوعنا وصولا إلى نشرها في الشرق كله .
وكلانا ...سنة وشيعة في البلاء والمصيبة سواء ...!
ويعلم أخوتي وأخواتي القراء جميعا ، لم هذه الجهود الإيرانية في فلسطين وأفغانستان والعراق ولبنان والخليج ، أهي لمجرد حماية الثورة الإسلامية الإيرانية أم إن ورائها مقاصد أخرى ...!
أيريدون نشر الإسلام على طريقتهم الخاصة ، اللعنة ...أو ليس لدينا من الإسلام كفايتنا وما يفيض عن تلك الكفاية ، حتى أحترنا ما نفعل فيه ، فرحنا نبحث عن الأهداف في أندونيسيا والفلبين وأسبانيا واستراليا وروسيا ، ليموت رعاعنا بكل نذالة وغباء في رياض الأطفال ومدارس الرقص والحانات ...!!
هل يبذل الإيرانيون ملياراتهم يا أحبتي من أجل نشر العلوم النافعة أو أستزراع الصحارى لأشباع فقراء أفريقيا ، أم من أجل نشر عباءة فقيههم على الشعوب والأمم الأخرى ...!
لماذا يدفعون مئات الملايين لمقتدى الصدر وحزب الله اللبناني وحماس والجهاد والجهاد المصري والجزائري وغيره ....لوجه الله ...؟
لا أظن ...!
أنا لا أصادر ثقافات شعبي العراقي المتنوعة الجميلة الأصيلة ، سواء كانت ( ضرب الدرباشة ) لدى المتصوفة السنة أو ضرب القامة لدى الشيعة أو طقوس أخوتنا الصابئة أو الأيزديين ، لكني أنافح عن الوطنية العراقية الحقة ضمن جغرافيا العراق التي هي أقدس عندي من قم وطهران ومكة والمدينة المنورة .
هذه حصتي من الأرض وهذا هو شعبي الذي لا أستطيع أن أستبدله بأعراب أو عجم الخارج ، وبذات الآن لا أجيز لنفسي أن أعشق أعراب أو أعاجم الخارج نكاية بمن يتقلب في الولاءات بين هذا وذاك .
الوطنية العراقية الحقة ، وطنية التاريخ والجغرافيا المشتركة ولا شيء آخر ، لا دين ولا أيديولوجيا ، دون أن أعني بهذا أن أكره الآخرين أو أعاديهم ، إنما أن أعاملهم على قدر المساواة مع حجم تعاملهم معي وفي حدود مصالحنا الوطنية أولا وآخرا .
لقد كتبت في بحثٍ قدمته لهيئة أجتثاث البعث بعد أن وصلتني دعوتهم لحضور مؤتمر لم يعقد للأسف ، كتبت عن الفيدرالية الإدارية لكل أقاليم العراق مع استقلالية خاصة وأضافية للنجف وكربلاء بأعتبارهما مدنا مقدسة ، وأظن أن هذا الأمر هو ما سيقر حسب ما سمعنا من لقاء جون أبي زيد مع الحكومة العراقية دون أن يعني هذا أن رأيي له دور في هذا الأمر الذي سيحصل ، ولكن لأؤكد للأخوة الذين أعترضوا على مقالاتي ، أن هذا هو ما أؤمن به بشأن حقوق أهالينا الشيعة والسنة والمسيحيون وغيرهم .
مضافا لهذا فقد كتبت في مقالات عديدة عن مسؤولية الدولة في حماية ودعم المؤسسات الثقافية لكل طوائف شعبنا وأثنياته ، من معابد وكنائس ومكتبات وغيرها مع منح الطوائف المختلفة كامل الحرية في العمل والتثقيف والأدارة وبلا أدنى وصاية من الدولة المركزية ، لكن ما يأبى البعض وللأسف تصديقه ، هو أن أقول أن إيران هي عدونا الأول ، رغم إنهم ذواتهم يعلمون حجم التدخل الإيراني في الشأن العراقي .
هناك أيها الأعزاء وكما نعلم جميعا تدخل سلفي قومي إيراني ، بل وحتى عالمي من بعض الأطراف التي لا تريد للمشروع الأمريكي الشرق أوسطي أن ينجح .
هناك ممولون خليجيون للأرهاب وهناك المليارات العراقية التي هربها صدام حسين ، لكن الحلقات الرئيسية للأرهاب المناويء للخيار التحرري العراقي ، هي إيران الإسلامية وسوريا القومية الشوفينية العروبية ، وكلا الطرفين ينسقان مع بعض بقوة كبيرة جدا ، في لبنان وفي العراق وعلى الصعيد العالمي .
الكويتيون والسودانيون واليمنيون والباكستانيون والأفغان يأتون من مصدرين أما من سوريا أو من إيران ، والممول واحد يا أصدقاء لأن شركة الأرهاب شركة مساهمة ، وليس غريبا أن يمول الإيرانيون الشيعة إرهابيون من جماعة بن لادن ، فقد مولوا قبل ذلك الجماعة الإسلامية في مصر والجزائر واليمن ، فالهدف واحد وهو الأفلات من أستحقاق الديموقراطية والحرية للشعب الإيراني ، عبرتحقيق اختراقات في الخارج وتوريط الأمريكان وإفشال مخططهم في عولمة الشرق وتحديثه ( لينجون من الأرهاب أولا ولينتفعوا من ثمار الأمن والسلام فتستقر لهم الهيمنة الأقتصادية ليقصوا منافسيهم من الفرنسيين والصينيين والروس والألمان من الشرق كله ، أو ليشركوهم في الكعكعة حسب شروطهم لا شروط أولئك ) .
هناك تحالف ظلامي قومجي رأس الحربة فيه إيران وسوريا ، وإيران أولا لأن سوريا ليست بقوة إيران الأقتصادية ، لهذا فهي تقوم بالأدوار الثانوية أو العملية في الحقيقة من قبيل التدريب والتخطيط والتجهيز .
يقول بعض المعترضين ، وهل يمكن لإيران أن تقتل عز الدين سليم أو الحكيم أو أن تهدد مراقد الشيعة ، وأجيبهم ....ولم لا ؟ .
أتظنون أن عز الدين أو الحكيم أو حتى مليون شيعي أغلى على إيران من مئات الآلاف من صبيان المدارس الذين كان الإمام يدفعهم لتفجير حقول الألغام في الشلامجة وديزفول ونهر جاسم و...و...و...الخ .
أم إن المليونين من العراقيين والإيرانيين الذين قتلوا في حرب السنوات الثماني ، لم يكونوا من الشيعة ...؟
يا سادتي إيران لا يهمها الآن أن يتقاتل الشيعة والسنة في العراق بل أقسم لك أن هذا يسرها غاية السرور ، وكلنا يعلم ما فعله مقتدى الصدر وكيف كان هناك مخطط لأغتيال السيستاني ، بل وحتى عملية تخزين العتاد في مرقد الأمام علي ، كان وراءه أغراض كبيرة فشلت إيران في تنفيذها بسبب حكمة وحزم الحكومة والسيد السيستاني بذات الآن .
وإذا كان هذا دور إيران وسوريا ، في اللعب على الساحتين الشيعية والسنية ، ففي الداخل السني والشيعي ، هناك بيوت ومآوي للأرهابيين والقتلة ، أما المضيفون في تلك المآوي فهم أهلنا أو بعض أهلنا من ذوي الولاء المزدوج الذين يأوون هذا نكاية بمن يؤوي ذاك ، وهم لا يعلمون أن المصدر هو واحد في الحالين وإن الزرقاوي ومحسن عبد الحميد وضاري ، غير بعيدين عن إيران وإن قال بعضهم بذبح الشيعة ، فإيران لا يهمها اليوم من يذبح بقدر ما يهمها أن تفسد الطبخة الأمريكية ، كما وإن جواد الخالصي ومقتدى الصدر غير بعيدين عن سوريا والقاهرة وعمان ( الأخوانية ) وإن كانت كلتا العاصمتان ضد الشيعة أو الإسلام عامة ، فالمهم لدى تلك الأطراف هو أن يفشل الخيار الديموقراطي في العراق .
إنها السياسة يا سادة والسياسة ليس فيها للولاءات الطائفية او القيم الأخلاقية مكان .
يا أخوتي مرجعيتكم الشيعية العراقية ومنهجها السياسي لم يجز لها التدخل في شأن أي بلد طوال قرون وقرون عديدة ، رغم أن لمراجعها الهيمنة الفقهية على شيعة العالم ، لكن هذا ليس حال إيران ذاتها ، فالإيرانيون يؤمنون بولاية الفقيه وبعدم الإنفصال بين الدين والسياسة ، ولديهم طموح سياسي عالمي واسع جدا ، تتجلى ملامحه في لبنان وفلسطين والعراق .
الإيرانيون يريدون ولاء سياسيا من شيعة العالم وبالذات من العراقيين اولا ، وهذا ما يرعبنا جميعا سنة وشيعة ، فنحن لا نريد أن نستبدل العربان بالعجم ، ولا نريد لثرواتنا أن تضيع مجددا على مذبح الطائفة كما ضاعت لعقود عديدة على مذبح القومية .
وكما لمت ولا زلت ألوم هيئة علماء الأختطاف لولائها القذر للقرضاوي وبن لادن والزرقاوي ، فبذات الآن ألوم شيعتنا أو بعض الشيعة الذين يريدون عراقا يأتمر بأوامر الولي الفقيه .
ولهذا فأنا أستهجن بلاذع القول أي عمامة أو قلنسوة أجنبية حيث تجيز هذه العمامة أو تلك القلنسوة أو الكوفية الخليجية أن تتدخل في بلدي ، بغض النظر عن كون صاحبها حفيد محمد أو موسى أو نوح .
أنا أؤمن بما بين يدي وما أملك أو ما أفترض أن لي حصة فيه وهو عراقي وأهل عراقي وحسب .
ليحكم إيران من يشاء فهذا شأن أهل إيران وحدهم ، وليتركوا لنا شؤوننا وليحاربوا أمريكا وإسرائيل بعيدا عنا .
لماذا الإيرانييون يعتزون بعمائمهم ولا يجيزون لنا التدخل في شؤونهم ، بينما هم يفعلون ذات الأمر معنا ؟
لماذا لهم حساباتهم السياسية في شيعتنا وليس لشيعتنا حسابات سياسية على الأرض أو الشعب الإيراني ؟
كما إننا لا نريد فلا يجوز أن نسوغ للآخرين أن يريدون منا ما لا حق لهم علينا .
طبعا ، أنا أعرف أنه كانت هناك عبر العصور حساسية نفسية ورد فعل عاطفي ، لدى أخوتنا الشيعة من حيث وجود أنظمة سنية حاكمة في بلدانهم ومنها العراق ، مما جعلهم يرنون بالأبصار صوب إيران بأعتبارها الدولة الوحيدة التي يحكمها الشيعة ، علمانيين كانوا أو رجال دين .
هذا ما لا أنكره ولا أستنكره أبدا ، فالشيعة ظلموا عبر العصور ، وفي الواقع ظلمنا نحن جميعا كعرب وقوميات أخرى منذ مجيء الأسلام لغاية يومنا هذا ، ليس في العراق حسب بل وفي كل العالم العربي والإسلامي .
لكن مظلومية الشيعة كانت أنصع وأكثر تميزا من الآخرين ، وبالتالي فقد كان الهوى الإيراني غير مستنكر ، بل هو طبيعي جداً , وهو يماثل هوى الكاثوليك لروما إبان العصور الوسطى أو هوى اليهود لأورشليم عبر العصور ، إنما مثل هذا ما لم يعد له اليوم مبرر على الإطلاق لأن الشيعة اليوم هم أهل السلطة أو الشركاء الأساسيون في هذه السلطة وبشكل أرقى وأجمل وأقوى حتى من سلطتهم في إيران ، لأنها سلطة ظلامية قمعية لا تمثل حقا الشيعة الإيرانيون المعتدلون في غالبيتهم والمحبون لقوميتهم الفارسية ذات الأرث التاريخي والحضاري المجيد .
وبالتالي فأن من مصلحة الشيعة العراقيون أن يحافظوا على هذا الذي نالوه ويعززوه بالألتحام أكثر بوطنهم العراقي وبأن يعدلوا مع بقية الطوائف والأعراق ليتعزز السلام والحب والعدل وتدوم بركة الديموقراطية والحرية والرخاء الجميل المنتظر الذي سيعم العراق كله في القريب العاجل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا يتظاهر المعارضون لخدمة التاكسي الطائر في باريس؟ • فران


.. إسرائيل - حزب الله: أخطار الحسابات الخاطئة • فرانس 24




.. أحدها انفجر فوق شاطىء مكتظ.. لحظة هجوم صاروخي أوكراني على جز


.. بوريل يحذر من أن الشرق الأوسط على أعتاب امتداد رقعة الصراع م




.. روسيا تستدعي سفير الولايات المتحدة للاحتجاج على استخدام القو