الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة مفتوحة إلى الرئيس المصرى الجديد

هانى جرجس عياد

2012 / 6 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


السيد الرئيس محمد مرسى
بما يليق من احترام واجب لمقام الرئاسة، وبما لا ينتقص من حق طبيعى لمواطن أصبحتم رئيسه، أكتب إليكم الآن، ولم تمض سوى ساعات قليلة على إعلانكم أول رئيس لمصر بعد ثورة 25 يناير العظيمة.
لا يخفى عليكم –سيادة الرئيس- أنكم الآن رئيس لكل مصر ولكل المصريين، بكل انتماءاتهم، وهو ما يتعارض مع كونكم رئيسا لحزب الحرية والعدالة، وعضوا فى جماعة الإخوان المسلمين، ولا يكفى فى هذا الصدد أن يعلن السيد محمود غزلان ما أسماه «انتهاء عضويتكم بالحزب والجماعة»، بينما لم يزل قادة ورموز الجماعة والحزب، يدلون بأحاديث لوسائل الإعلام حول خططكم المستقبلية، وما تعتزمون القيام به من إجراءات، يجب عليكم –سيادة الرئيس- التقدم باستقالة من عضوية الحزب والجماعة، استقالة مكتوبة ومعلنة وواضحة وقاطعة، وبالمقابل يجب أن يكف السادة المسئولون فى الحزب والجماعة عن الحديث باسمكم. هذه قضية لا تحتمل أى لبس أو غموض، ولا تقبل التأجيل أو التسويف.
كما أن علاقتكم بجماعة الإخوان المسلمين لا تقف –وحسب- عند حدود عضويتكم فيها أو استقالتكم منها، لكنها تستدعى بالضرورة موقفا رئاسيا واضحا من جماعة خارجة على القانون. لقد بقيت الجماعة (محظورة) طيلة حكم الرئيس المخلوع، لأن النظام القائم آنئذ اختار أن يحرمها حقها فى العمل الشرعى القانونى، وإن بقيت تعمل تحت سمع وبصر الجميع، لكن دون وضع قانونى. لكن هذا الواقع تغير منذ 12 فبراير 201، وأصبح بمقدور الجماعة أن تتقدم للجهات المختصة طالبة توفيق أوضاعها، واضعة نفسها تحت مظلة القانون، لكنها لم تفعل. وعلى مدى أكثر من عام ونصف العام تمارس الجماعة نشاطها بمعزل عن القانون، لا أحد يعرف ماذا تفعل، وما هى مصادر تمويلها وأوجه إنفاقها. والمطلوب الآن أن تنهى الجماعة هذا الوضع الشاذ، وتبدأ على الفور توفيق وضعها القانونى، إذ لا يليق أن يقال إن أول رئيس لمصر بعد ثورة يناير، سمح بانتهاك القانون مجاملة لجماعة (كان) ينتمى إليها، وأن الجماعة فى عهدكم بقيت فوق الدولة، أو دولة داخل الدولة.
ولأنكم أول رئيس بعد الثورة، فأظنكم تعلمون تماما أن عصر الرئيس القائد والرئيس الملهم والرئيس الضرورة قد انتهى إلى غير رجعة، فأنتم –سيادة الرئيس- لست زعيما ولا قائدا، لكنكم موظف رفيع المستوى بدرجة رئيس جمهورية، لا أكثر ولا أقل.
واستطرادا فقد انتهى أيضا عصر الوزير الدمية الذى لا يتحرك إلا بتوجيهات السيد الرئيس، وبناء على تعليمات السيد الرئيس، من حقكم أن تختاروا وزراءكم كما تشاءون، لكن مصر الآن تحتاج إلى وزراء حقيقيين، يفكرون ويقررون وينفذون فى إطار الخطة العامة للدولة، مصر لا تريد وزراء ينضمون إلى سكرتارية الرئيس. ومن حقكم أن تختاروا أيضا معاونيكم ومستشاريكم، لكن الناس –سيادة الرئيس- تعرف جيدا أنكم كنتم معجبون بشخصية زكريا عزمى باعتباره رمزا وطنيا، حسبما وصفتموه، ربما كان هذا قبل 25 يناير، لكن الآن وبعد 25 يناير لا يتوقع منكم أحد أن يكون بين حاشيتكم من ينتمى إلى تلك النوعية، أو يرتبط بها (على سبيل التذكرة فقط، وحتى لا تظن سيادة الرئيس أننى أتجنى عليكم أقول إن أخوكم فى الحزب والجماعة الأستاذ سعد الكتاتنى عندما أصبح رئيسا لمجلس الشعب بقى محتفظا بحاشية فتحى سرور ذاتها).
ثم اسمح لى سيادة الرئيس أن أضع نصب عينيكم حقيقة أن أقل قليلا من نصف من يحق لهم الإدلاء بأصواتهم، لم يكونوا معنيين ولا مهتمين بمن يأتى رئيسا لمصر، وأنكم وصلتم إلى منصب الرئيس بأكثر قليلا من نصف من شاركوا فى الانتخابات، أى بما يقارب ربع أصوات الناخبين، وهو ما يعنى بحساب الأرقام أنكم لا تتمتعون بقوة تصويتية كبيرة، وفى يدكم وحدكم أن تحيل هذا الضعف إلى قوة هائلة، فيما لو خرجتم قولا وفعلا من عباءة الجماعة والحزب الضيقة المحدودة إلى ساحة الوطن الواسعة الرحبة، وفيما لو استجبتم لمطالب الشعب المشروعة، وتجاوبتم مع أماله العريضة وتفاعلتم مع تطلعاته الإنسانية، وفيما لو تعاملتم بمسئولية وجدية مع واجبات وظيفتكم كرئيس للجمهورية.
الخروج من عباءة الجماعة لا يعنى ألا تستعين بمن فيها من كفاءات، لتولى مناصب فى الدولة، إذا ما كانت كفاءاتهم تتناسب مع المنصب، لكنه يعنى أن تستعين بالكفاءات والمهارات من أبناء الوطن جميعا، بصرف النظر عن انتماءاتهم الحزبية أو الدينية، ويعنى –أيضا- ألا تحصد كفاءات (الجماعة والحزب) على نصيب الأسد، كما ونوعا، ثم تلقى بالفتات للآخرين، ويعنى –ثالثا- أن مصالح الوطن مقدمة على مصالح الجماعة، بدون تفكير ولا تردد، والقوانين يجب ألا يجرى تفصيلها على مقاس الجماعة (تعرفون سيادة الرئيس المصير الحتمى لترزية القوانين)، ثم يجب أن تصدر لتنفذ، على أعضاء (الجماعة والحزب) مثلما تنفذ على أى مواطن فى البلد، وأن الثورة التى أسقطت إمبراطورية أحمد عز (السياسية والاقتصادية) لن تقبل أية إمبراطورية أخرى، حتى لو تلفحت بالدين. وفى الخروج من عباءة الإخوان أيضا مصير تلك الجماعة التى (كنت) عضوا بها، والتى لم تزل خارجة على القانون.
شعبنا –يا سيادة الرئيس- لا يريد المزيد من دور العبادة، لكنه يريد مؤسسات تعليم (مدارس ومعاهد وجامعات) تستحق اسمها، بدلا من مؤسسات التلقين التى أفرزها عصر مبارك، مؤسسات تعليم تخرج لنا أجيالا تستخدم عقلها فى التفكير والنقد، تناقش وتحاور، تقبل وترفض، بدلا من التقليد والنقل، والسمع والطاعة، شعبنا يريد مستشفيات تضمن له حقه الإنسانى فى علاج ناجع بدلا من مستشفيات (داخلها مفقود وخارجها مولود إن خرج) أو المستشفيات الاستثمارية ذات النجوم الخمس، التى لا تتحمل الغالبية العظمى من شعبنا تكاليف المرور من أمامها، مجرد مرور.
ثم عليكم –سيادة الرئيس- ألا تدعوا أحدا ينتقص من مهام منصبكم، مثلما عليكم ألا تسمحوا لنفسكم بتجاوز حدود ما يمنحه المنصب لكم من سلطات. انتقاص سلطاتكم أصبح واقعا ماثلا أمامنا على الأرض بعد الانقلاب العسكرى الناعم الذى نفذه عساكر مبارك، وأحالكم، قبل أن تدخلوا القصر الرئاسى، إلى رئيس شرف عليه أن يستأذن مشير مبارك قبل أن يفعل أن شيء، فهل ستغريكم أضواء قصر الرئاسة المبهرة، وتنسيكم مواصلة الثورة لانتزاع سلطاتكم كاملة؟
وبالمقابل –سيادة الرئيس- فإن تجاوز حدود سلطات الرئيس ليس أمرا مقبولا، وأظن أنه ليس من بين سلطاتكم إجبار الناس على الإيمان وإدخالهم الجنة قسرا، من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. طابور البطالة فى بلادنا –سيادة الرئيس- طويل جدا، وهذا أجدى باهتمامكم. سكان العشوائيات والمقابر يفتقدون الحد الأدنى من الحياة الإنسانية الكريمة، وهم أولى باهتمامكم، المرأة المعيلة تئن من مشاكلها وأزماتها، وأظنها أجدر باهتمامكم، الغلاء يتزايد بمعدلات جنونية، أطفال الشوارع والفقراء وانهيار البحث العلمى..... عفوا سيادة الرئيس، لا أريد أن أفسد فرحتك الرئاسية، لكن أزمات ومشاكل مصر أكثر من أن تعد وتحصى، وأظنها لن تدع لكم وقتا للتدخل فى حريات للناس، ومنها حرية الرأى التفكير والإبداع والتنظيم، والحريات الشخصية عموما. وبالمناسبة سيادة الرئيس حرية الرأى لا تعنى حرية الرأى المؤيد فقط، لكنها تعنى أولا حرية الرأى الناقد والمعارض.
سيادة الرئيس أظن أنكم لا تحتاجون من يذكركم بحقوق الشهداء ودمائهم التى فتحت لكم الطريق إلى القصر الرئاسى، ولذلك لن أفعل.
إن التاريخ لن يتوقف طويلا أمام النسبة التصويتية التى أوصلتكم إلى منصب الرئيس، لكنه سيتوقف طويلا ومليا أمام ماذا فعلتم بالمنصب؟ وكيف خرجتم منه؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ألأف مبروك يا مناضل
محمد بن عبد الله ( 2012 / 6 / 24 - 23:36 )
مبروك عليكم حكم مرشدكم يا متثاقفين


2 - لو كان مصريا
عماد عبد الملك بولس ( 2012 / 6 / 25 - 10:42 )
الرئيس يا سيدي هو رئيس -إسلامي- كمشروع جماعته التي لا تملك مشروعا مصريا و لا تهتم بمصر، و هو إن تنصل من هذه الجناعة في العلن لن يستطيع في الخفاء، أو سيلحق به متنصلون مثله

كفانا خداعا لأنفسنا

لنفكر في مصر، كيف ننقذها و نلم الشمل الوطني للدفاع عن الانتهاكات القادمة و التي بدأت من الخطاب الأول الذي تجاهل - المواطن- و خاطب الأهل و العشيرة، و تجاهل القانون و صار المقياس -طاعة الله- للسيد الرئيس و مرءوسيه

كل الاحترام


3 - أستاذ عماد عبد الملك
هانى عياد - الكاتب ( 2012 / 6 / 25 - 12:12 )
أعرف أن الرئيس إسلامى، لكنه أصبح أمرا واقعا، ورئيسا موجودا، فما العمل حتى نلم الشمل الوطنى للدفاع عن الانتهاكات القادمة؟ هل نبدأ من الآن محاكته على (انتهاكات قادمة)؟ لقد حاولت أن أضعة أمام التزامات رأيتها ضرورية من وجهة نظرى، فإن التزم بها، حسنا... وإن لم يلتزم عندها يمكن أن نحاسبه. وهذه وجهة نظر تحتمل الخطأ وتحتمل الصواب، فإن كانت لك وجهة نظر أخرى فأهلا بها، أما لطم الخدود وشق الجيوب فلن يجدى نفعا، والاكتفاء بترديد عبارات معروفة من قبيل أنه رئيس إسلامى وله مشروع، دون أن نحدد ما العمل، أو رفع شعارات براقة من نوعية يجب أن نلم الصفوف، دون تحديد كيف نفعل، فهو فى وجهة نظرى مجرد كلام فى الهواء لإراحة الضمير... لا قيمة ولا معنى له


4 - تحية للكاتب
ش م شلبي ( 2012 / 6 / 25 - 14:10 )
احييك لرسالتك المعبرة عن كثير ممن اعطوا اصواتهم لمرسي املا في انقاذ مصر والتطلع لمستقبل افضل ولكن هل ستصل الرسالة؟؟ نرجو ذلك وشكرا لك ..

اخر الافلام

.. تحذير دولي من كارثة إنسانية في مدينة الفاشر في السودان


.. أوكرانيا تنفذ أكبر هجوم بالمسيرات على مناطق روسية مختلفة




.. -نحن ممتنون لكم-.. سيناتور أسترالي يعلن دعم احتجاج الطلاب نص


.. ما قواعد المعركة التي رسخها الناطق باسم القسام في خطابه الأخ




.. صور أقمار صناعية تظهر تمهيد طرق إمداد لوجستي إسرائيلية لمعبر