الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تكن من الباقين...

إيمار محمد سلوم
(Imar Salloum)

2012 / 6 / 24
الادب والفن


لم تستطع الدمعةُ المرور من القلب؛ أوقفها، فتشها، أغلق الطريق؛ لم تنزل تلك الدمعة، كان الله حينها مطأطئ الرأس، حافي القدمين...


ليس هنالك من شيءٍ أفصحُ الآن من التوابيتِ... فكل شيءٍ في هذه البلاد كاذبٌ إلا الموت، هو الوحيد الذي يعلو صوته أكثر، هو الوحيد الصادق هنا وفي كل مكان... لا تصدقوا إلَّاهُ... فهو لا يحتاج براهين ولا دلائل... إنه كالشمس حين يأتي، يأخذ مايشتهيه بلا حساب. كل شيء هنا كاذب حتى الله... لربما يكون الله الذي لا يعرفه أحد هو الموت...


التجار آخر من يموتون وهم آخر من يُحاسَبون، وهم أول الفارين بعد أن يحرقوا كل شيء... لكن مشكلتنا بصراحة ليست معهم... إن مشكلتنا هي نحن، تحديداً أنا وأنتَ وأنتِ...
مشكلتنا ليست معهم، لأنهم ببساطة هكذا يحيون، هذه حياتهم ومهنتم، ونحن حياتنا ومهنتنا أن ننتظر الموت ببرود أو بخوف أو بعصبية، غير مهم... ورغم أنه الأصدق إلا أننا نخشى سماعه، نتعامى عنه، عن مروره في حينا، في بيتنا، في قريتنا، في بلدنا!...


الشعب السوري اللي ما بينذل – وهذا الذي يحدث الآن، هذه المهزلة التي تتقاذفه يمنة ويسرى، أليست ذل. ألّا تكون قادرا أن تكون من أنت، وأن تكون أين أنت ما أنت وكيف ما أنت، لأن الجميع يضعونك على قائمة الحساب. لا مفرَّ لك، هنا أو هناك، أنت مطلوب. وهذا بعرف الكثيرين ليس ذل. الشعب السوري ما بينذل، لكن الشعب المصري أو التونسي أو الليبي أو السعودي بينذل!. أليست هذه هي المشكلة: أن الجميع بلا استثناء، علَّاكون، كذابون، منافقون، بارعون في رصف الكلمات والشعارات.


ليست الثورة إلا بداية لنهاية مقيتة؛ موتٌ كثيف يجهز موتا طويل الأمد، حار، ثقيل وجاف. الثورة لا تكون باتجاه واحد فقط، ليست عمودية ولا أفقية؛ الثورة تكون داخلية وخارجية. الحرية داخلية وخارجية. ومتى تم التركيز على الخارجي فقط وتم تأجيل الداخلي بانتظار النصر، ينتصر الفشل ويموت الكثيرون. ليس من الضروري أن تكون مع أحد، لا هذا ولا ذاك. فأنت تكون مع أحد ما حين لا تستطيع أن تكون مع ذاتك. هل عطلت قانون الطوارئ داخلك؟ هل حاسبت السجان داخلك؟ هل تقبلت الآخر داخلك، هل حاورته؟ هل نظرت إليك عميقا وعن كثب؟ أتراك لا تقوى أن تنظر فتضطر لأن تنتمي؟!..


ألا يعرف هذا النظام الذي ربانا خمسة عقود، تربيته؟ إنه يعرف، وها هو يحصد فينا مازرعه. ألا تعرف المعارضة أو "الآخرون" ما زرع العرب وما زرع الاستبداد والظلم وما زرع الله الصغير منذ مئات السنين فينا؟ إنهم يعرفون، وها هم كذلك يحصدون. المشكلة الوحيدة أن الحصاد رؤوسنا والرابح (أيا يكن) هو الرابح صدقوني، ليس من خاسر إلّانا: لأن دمار البلاد والإنسان والحيوان وكل شيء، آخر ما يفكر فيه الطرفان أو ما تفكر فيه الأطراف كلها. لم يعد السؤال اليوم أنت مع أو ضد؟ مع النظام، مع المعارضة، مع الحق، مع الباطل.... إنما هل أنت مع نفسك فقط (وليس مع نفسك ضد الآخرين) أم ضدها؟ للأسف لا خيارات كثيرة متاحة، ربما لأن هذه النفس منذ أن أيقظ اللهَ مجموعةٌ من المجانين، لم تكن يوما لنا. إنها لهم، للتجار. لديك عينان، جرب أن ترى، أن تعرف أنك الخاسر الوحيد دوما وأن لا شيء لك: لا نفسك، لا بلدك، لا مالك ولا شيء. جرب أن ترى وأن تفهم.


أخيراً أقول إن القليلين – القليلين جدا فقط – هم من سوف يرون ويعرفون، أما الباقون، فلتكن رحمة الآلهة عليهم!...
لا تكن من الباقين...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟