الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرهان على الوطنية السورية الجامعة

عبدالله تركماني

2012 / 6 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


يتفق الكثيرون على أنّ سورية تمر اليوم بمرحلة حساسة ومصيرية من تاريخها، وأنّ خريطة طريق كوفي أنان تسير نحو الفشل والإخفاق بعد تعليق المراقبين عملهم، مما يفتح الأبواب على احتمالات متنوعة وعلى اجتهادات شتى في قراءة آفاق الحالة السورية، ربطاً بما قد يستجد من تطورات داخلية ومن مواقف عربية ودولية مؤثرة.
وإذا كان من الصعوبة أن نجري حساباً لوقائع وتطورات الثورة السورية التي انطلقت في آذار 2011، لأنّ فيها الكثير من التعرجات والتعقيدات، فإنّ ما يميّز اللحظة الراهنة هو الحراك الشعبي السوري غير المسبوق الذي يمكن أن يبلور البديل الوطني الديمقراطي، الممكن والضروري، نحو الاستقلال الثاني لسورية. فالثابت أنّ حراكاً إنسانياً رائعاً جرى بحجم كبير وتضحيات كبيرة، يتجه نحو مواطن سوري جديد، ووعي سوري جديد، بما ينطوي عليه ذلك من تألق للوطنية السورية الجامعة ذات العمق العربي والإنساني.
وفي سياق ذلك يبدو، على ضوء اللقاءات المتكررة لأطيافها، أنّ ثمة قاسماً مشتركاً يجمع المعارضة السورية: الطابع السلمي العام للثورة، تغيير النظام، إقامة دولة مدنية - تعددية - ديمقراطية تصون حقوق الإنسان وحرياته وتساوي بين جميع السوريين. ويبقى أن وصول الدكتور عبد الباسط سيدا السوري/الكردي إلى رئاسة المجلس الوطني السوري خطوة ذات دلالة، قد تمهّد لتطوير المنحى الوطني الجامع، من خلال تهيئة الرأي العام السوري للعودة بنا إلى الحقبة الوطنية السورية إبان خمسينيات القرن الماضي، حين لم يكن رئيس الدولة أو الحكومة يُسألان عن قوميتهما أو دينهما أو مذهبهما.
وتبقى الثورة هي الفاعل الأساسي في سورية اليوم وهي أيضاً الصانعة لقيم جديدة على طريق الاستقلال الثاني: الحرية والكرامة والمساواة والعدالة، ولشرعية جديدة قائمة على المواطنة. ففي سورية الجديدة لن تكون مصادرة حرية الرأي مقبولة، ولن يكون سجن صاحب الرأي ممكناً بلا مقاومة، ولن يكون انتهاك حقوق الإنسان مقبولاً، ولن يكون السكوت عن الفساد والتسلط أمراً طبيعياً. وفي سورية الجديدة لن يقبل الناس بعدم المشاركة، بل سيتصرفون انطلاقاً من حقهم الطبيعي في الكرامة والعدالة والمساواة التامة في وطنهم.
لن تكون سورية بعد اليوم مزرعة لأحد، كما كانت لعقود طويلة، وإنما وطن الحرية والكرامة لجميع أبنائها. لن تكون بلد التمييز والظلم والإقصاء، بل وطناً واحداً لشعب سوري موحد، لا حديث فيه عن أكثرية وأقلية بل مواطنية ومساواة، لا يراعي في معاملته مع أبنائه أي اعتبار قومي أو مذهبي أو طائفي أو مناطقي، ولا اعتبار فيه إلا للكفاءة والإخلاص، والمقدرة على البذل والتضحية في سبيل المجموع. سيحمي دستور سورية الجديدة حقوق كل مكوّنات المجتمع السوري، حيث سينال فيها الأكراد والآشوريون والتركمان ما حُرموا منه من حقوق وما عانوه من تمييز. ستُفصل في سورية الجديدة السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية، وستحاسَب فيها الحكومة المقصّرة وستكون السلطة بيد الشعب يقرر من يحكمه عبر صناديق الاقتراع. ستكون سورية المستقبل دولة الحق والقانون، يتساوى فيها الجميع أمام القضاء المستقل، ويكون للجميع الحق ذاته في تشكيل المنظمات والأحزاب والجمعيات، والمشاركة في صنع القرار، مما يفتح في المجال لتألق الوطنية السورية الجامعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التنظير و هلوسات النخب السورية
ماجدة منصور ( 2012 / 6 / 26 - 07:02 )
هذا ما نصبو اليه حقاً و سترى أن السوريون سيعملون بلا هوادة لتأكيد و تفعيل هذه القيم و التي هي طبع أصيل من طباعنا ولكن هناك سؤال سأطرحه عليك حضرة الكاتب و أتمنى حقا الإجابة عليه.0
ماذا ستقول لطوائف سورية الكثيرة و المتعددة و هم يرون أخوتهم (من الطائفة السنية) و هم يذبحون ذبح الخراف و لن يرف لهم جفن فأشرفهم اكتفى بالصمت و الفرجة المجانية؟؟ و هل تعتقد (حقاً) أن الطائفة السنية ستظل تقول لهم ببساطة أقرب الى الهبل..أنتم إخوتنا؟؟
إخوتنا!!! أوكي بأمارة شو؟؟بأمارة صمتهم المهين الذي تحدى صمت الأموات؟؟ و بماذا سيبررون صمتهم الجبان؟؟ سيقولون كنّا خائفين؟؟
إننا قد دفعنا ثمناً باهظاً لحريتنا ..ثمناً لم يدفعه شعباً على وجه الإرض و لم نرى من الذين كن نظن أنهم أخوتنا سوى صمت الأموات و الذي ساهم و شارك في قتلنا.0
التنظير ..من أسهل الأمور ولكن الواقع يقول لنا قصصا تقشعر لها الأبدان..قل لي يا حضرة الكاتب..هل سمعت بكردي أو درزي أو مسيحي انشق عن جيش القاتل القرموط بشار؟؟
هل أعلن رجل دين أي طائفة في سوريا أنه سينضم _مع طائفته_الى أخوته الذين يذبحون ذبح النعاج؟؟
وبعد كل هذا ننادي بالمساواة و العدل؟؟


2 - التنظير و هلوسات النخب السورية
ماجدة منصور ( 2012 / 6 / 26 - 07:16 )
عندما يتساوى القهر و العذاب و الدم المسفوك بين كل طوائف سوريا _سواسية_يحق لك ساعتها أن تتكلم عن المساواة و العدل بين جميع طوائف ومكونات الشعب السوري في سوريا المستقبل التي تحدثت عنها حضرتك و إلا ما معنى أنك تتفرج على ألمي و خسارتي و قهري و عذابي..و لم تحرك ساكناً!!!!!!!!0
قد يظن البعض أنني أتكلم من منظور طائفي..أبشر هؤلاء كلهم أنني ملحدة أباً عن جد وما زلت أحس بالندم الشديد لأني قد صمت فيما مضى 3 أيام في رمضان.0
لا..لا سيدي الكاتب..لن و لن نتساوى في سوريا المستقبل طالما كان لون السما أزرق
حتى العلمانيين الذين لم يكفوا عن الحديث في كل وسائل الإعلام عن المتأسلميين و الإخوانجيين الذين يقودون الثورة في سوريا..حتى هؤلاء أقول لهم(تفضلوا جنابكم و أسسوا كتيبة لمقاتلة القرموط بشار و عصابته و سموها كتيبة جيفارا أو لينين أ ضرّاب السخن)0 هؤلاء العلمانيين الذين يستهزؤن بالمظاهرات التي تخرج من الجوامع أقول لهم ..أوكي نحن نقبل بمظاهرة تخرج من الخمارة ..تفضل و شارك واعتقنا من تنظيرك الذي لا يغير شيئاً في واقع مر أليم لا يقبله حتى أحط الحيوانات على نفسه
اعذرني سيدي الكاتب فقد أطلت عليك ولك احترامي

اخر الافلام

.. سيناريوهات خروج بايدن من السباق الانتخابي لعام 2024


.. ولادة مبكرة تؤدي إلى عواقب مدمرة.. كيف انتهت رحلة هذه الأم ب




.. الضفة الغربية.. إسرائيل تصادر مزيدا من الأراضي | #رادار


.. دولة الإمارات تستمر في إيصال المساعدات لقطاع غزة بالرغم من ا




.. بعد -قسوة- بايدن على نتنياهو حول الصفقة المنتظرة.. هل انتهت