الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رفض سلطة النقل لاتعني حتما.. إغناء العقل!

قاسيون

2005 / 2 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تحت عنوان «سلطة النقل أعلى من سلطة العقل عند اليسار السوري» كتب الأستاذ كامل عباسيوم 23/1/2005 مادة نشرها في «الحوار المتمدن» العدد 1088، صب فيها جام غضبه على بعض اليسار السوري لأنه لم«يتعلم» الدرس، ولم ينخرط بعد في جوقة المؤيدين للاحتلال الأمريكي للعراق وللقائلين بأن العولمة التي تطرحها أمريكا ليست شراً مطلقاً.
لكن اللافت أن اليساري السابق الأستاذ كامل عباس لايدخل في «مقاصد موضوعه» مباشرة، بل يلجأ إلى كسب ود القارئ عبر مقدمة عن معاناته في المرحلة الابتدائية وكرهه لمادة «الاستظهار» ليجعلها السبب الأساسي في ضعف مناهج التعليم العربية ثم «يجزم» بأن الاستظهار كان ومايزال أهم مادة في مدارس الشرق فهو السند الحقيقي لحكامنا المستبدين وأعوانهم في الداخل والخارج، فبفضله يتعطل العقل ويصبح الناس مهيئين لتقبل واقعهم كقدر محتوم. كذلك يعبر الأستاذ عباس أنه لمجرد كون الشرق مهبط الأديان، فهو يتحول إلى «نقمة» تجلت في «سلطة النصو النقل على المتدينين.. بل تعدتها إلى اليساريين العلمانيين».
من خلال متابعة مايكتبه الأٍستاذ عباس من «مقالات» متواترة في «الحوار المتمدن» ومواقع أخرى في الأنترنت، نلاحظ مدى السرعة التي تخلى فيها عن المتراس اليساري إلى الموقع النقيض وبهذه الحالة يصبح السؤال مشروعاً: هل كان الأستاذ عباس يسارياً فعلاً؟
والسؤال هنا ليس صدفة، حيث يستشهد الأستاذ عباس بمثال من تجربة حزب العمل الشيوعي: «فقد كنا نريد أن نصنع ثورة في سورية بنقل النموذج الروسي إلى بلادنا عن طريق الاحتراف الثوري»! فعلى حدود علمنا أن النموذج الروسي لم يكن مقنعاً في حينها للاستاذ عباس والذي نعرفه أيضاً من رفاق له في الحزب وعايشوه في السجون ولازالوا على يساريتهم وأخلاقهم الثورية ضد الطاغوت الأمريكي، أنه تخلى عن «النموذج»و «النص والنقل» بسرعة ملفتة لاعلاقة بها بمادة «الاستظهار» والتي من وجهة نظرنا يمكن أن تكون حافظة للذاكرة الوطنية إذا كان النص له علاقة بقامات عظيمة مثل (أبي تمام وأبي القاسم الشابي وصولاً إلى محمد الماغوط وعبد المعين الملوحي، ورياض صالح الحسين وغيرهم المئات، الذين لايتسع المقام لذكرهم جميعاً).
نحن أيضاً نتابع مايجري في بلدنا ومن حولنا ونعرف بأن المئات ممن خابت ثقتهم بالتاريخ وارتجفت ركبهم جراء الهجمة الإمبريالية ـ الصهيونية، وتحولوا «بقدرة قادر» من «يساريين» إلى «واقعيين» لايرون عيباً في تلبية الدعوة إلى ولائم السفارة الأمريكية في دمشق لدرجة أن أحد الأكاديميين الأمريكيين من أصل سوري قال في محاضرة له في مركز الدراسات الاستراتيجية بدمشق: «إن ماأثار دهشتي هو حجم ونوعية بعض المثقفين السوريين الذين صادفتهم في إحدى حفلات السفارة الأمريكية خاصة أن معظمهم من اليساريين منذ فترة طويلة..» وكان الرد من أحد الحضور ـ وهو شيوعي ـعلى استغراب الأكاديمي الأمريكي بأنه بات من الضرورة بمكان إعادة النظر بمصطلح «اليسار» ومن تنطبق عليه هذه الصفة.
فالأستاذ عباس «اليساري السابق» يتهمنا في مقاله بالعجز عن رؤية حقائق العصر ويطالبنا بالكف عن عداء أمريكا كما فعلنا إبان الحرب الباردة لأن أمريكا من وجهة نظر الأستاذ عباس «تلتقي الآن مع مصلحة شعوب المنطقة في شرق أوسط ديمقراطي مستقل من أجل استثمار رؤوس أموالها...»!!
ويتضح التضليل المقصود والتشوش في الرؤية لدى الأستاذ عباس عندما يعتبر المقاومة السلمية للحزب الشيوعي العراقي ضد الاحتلال الأمريكي يجب أن تكون «نموذجاً يحتذى» للشيوعيين واليساريين في منطقتنا، كما يعتبر الانتخابات الفلسطينية «شفافة»، ويعتبر من حق المعارضة اللبنانية الاستفادة من المناخ الدولي الضاغط ضد سورية، ويؤيد الأستاذ عباس استنتاج رياض الترك «إن العراق انتقل إلى الأمام درجة بفضل أمريكا»!!
مع كل مايحمله خطاب كامل عباس من استفزاز لضحايا العدوان الأمريكي ـ الصهيوني في منطقتنا منذ عشرات السنين وصولاً إلى «سجن أبو غريب» وتدمير الفلوجة ومخيم جنين غراد ورفح ونابلس القديمة وقبلها سرقة متحف بغداد، سنبقى في إطار سلطة العقل ونحاور أولئك الذين لايرون من تاريخ أسلافنا في معارك ميسلون والمزرعة والساحل والغوطتين، ومقاومينا الآن في فلسطين والعراق وجنوب لبنان، إلا ذلك النفر القليل، الذين عن «وعي أو بدون وعي» جروا عربة غورو إلى دمشق وتنكروا لمأثرة الشهيد يوسف العظمة ورفاقه الذين أسسوا لفعل المقاومة الباسلة التي انتصرت في نهاية المطاف، وهنا لايمكن أن تتناقض «سلطة النقل مع سلطة العقل» في تفسير مأثرة المقاومة... وهنا نزعم أن سلطان العقل يحتم علينا ألا نورث الهزيمة للأجيال اللاحقة، وأن نرفع قبعاتنا احتراماً لنصب الشهداء في ساحات الوطن وإذا كان أمثال كامل عباس يترقبون ويضيقون ذرعاً بمن يطرح شعار المقاومة الشاملة دفاعاً عن كرامة الوطن والمواطن، فليذهبوا إلى كاتبي الحجب والتمائم ليصونوا مابقي لهم من حياة ـ إن كانت هذه يصح تسميتها بـ «الحياة».
ليس هناك في سورية أحد من الوطنيين واليساريين الحقيقيين يطالب بتعجيل المواجهة مع أمريكا، لأنها هي والكيان الصهيوني يتهيئان للعدوان علينا، وقد قلنا أننا أمام عدوان متسارع في زمن يتناقص خاصة بعد أن أصبح المارينز على حدودنا الشرقية، وأمام هذا الواقع نحن أمام خيارين إما الاستسلام وإما المقاومة. ومنذ أيام قالت كونداليزا رايس: «على أمريكا ألا تخجل من استخدام قوتها الخارقة ضد كل من يقف بوجه مصالحها» والمصالح الأمريكية أصبحت معلنة وتشمل المجال الجغرافي من موريتانيا غرباً إلى أندونيسيا شرقاً (الشرق الأوسط الكبير)، فهل ندفن رؤوسنا في الرمل أم يقتضي الواجب الدفاع عن ثوابتنا الوطنية الشاملة وتعبئة قوى المجتمع على الأرض لأن المخطط الأمريكي لاتنفع معه التنازلات، جوهره تفتيت الدول وليس قلب الأنظمة فقط(والعراق نموذجاً) ومن هنا لارهان إلا على الشعب، الذي لابد أن يتخلص من قيوده ومن الذين يدعونه للإحباط والرضوخ سواء كانوا في الأنظمة أم في المعارضة من نموذج السيد كامل عباس الذي تخلى عن «مشروع الثورة» وتعمق كرهه لمادة الاستظهار التي بينها:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة
فلابد أن يستجيب القدر
وبالمقابل نجد السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله يمجد المقاومة في يوم الأسير ويقول: «نحن قوم إذا اشتدت علينا المحن أدركنا أن الفرج بات قريباً جداً». فأيهما يساري أكثر: السيد حسن نصر الله أم اليساري السابق كامل عباس وأمثاله؟!
■ حمزة منذر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الثقة بين شيرين بيوتي و جلال عمارة ???? | Trust Me


.. حملة بايدن تعلن جمع 264 مليون دولار من المانحين في الربع الث




.. إسرائيل ترسل مدير الموساد فقط للدوحة بعد أن كانت أعلنت عزمها


.. بريطانيا.. كير ستارمر: التغيير يتطلب وقتا لكن عملية التغيير




.. تفاؤل حذر بشأن إحراز تقدم في المفاوضات بين إسرائيل وحماس للت